جواب تعيين أمرالدين المتين اللي مالوش في السمين
مقدمة
تدور أحداث الرواية عام 2106 في مدينة القاهرة ... كل شخصيات وأحداث الرواية من وحي الخيال . أي تشابه بين شخصيات الرواية وأحداثها وبين أي شخصيات وأحداث حقيقية غير مقصود من قبل المؤلف ويتحمل القارئ وحده مسئولية هذا التشابه
حسام عامر
( 1 )
خبرسار
..................
ألف شكر يا خالي .. مش هنسالك الجميل ده أبدا ... ياريت تشكرهولي بالنيابة عني .. لا بابا لسه في الشغل ... يوصل .. حاضر ...
وضعت سماعة الهاتف وسجدت لله شكراً ... لك الحمد يا الله ... إسمي أمير الدين إبراهيم الحسيني عمري أربعة وعشرين عام أنهيت خدمتي العسكرية منذ قرابة ثلاث شهور وها أنا ذا سوف أتسلم عملي غدا في مدارس الصفا الإسلامية بالمهندسين ... غالبية زملائي لم يحصلوا على وظيفة مثلي فقد توقفت الدولة عن تعيين خريجي كليات التربية كمدرسين منذ فترة طويلة وحاليا يتم التعيين بالمسابقة وككل شئ في بلدي لابد طبعا من وجود واسطة وإلا فلا أمل في العمل كمدرس .. ترتيبي الأول على دفعتي لكني أستبعدت من التعيين كمعيد لأن تقارير الأمن رفضت تعييني بسبب عمي رحمة الله عليه الذي إستشهد من جراء التعذيب في معتقلات النظام الحاكم مع كثير من خيرة علماء الدين بسبب تصديهم لشطحات حاكمنا وفضحهم له في واقعة نشرتها بعض صحف المعارضة منذ عشرة أعوام .. عملي سيكون مدرس لغة إنجليزية في مدرسة خاصة وبمرتب جيد .. ألف شكر لك يا رب .. جزاك الله خيرا يا خالي ... خالي مدرب رماية بنادي الصيد في الدقي وغالبا ما يؤم المصلين في صلاتي العصر والمغرب في النادي .. بعض رجال الأعمال يصلوا مع خالي في مسجد النادي .. أخيرا حصلت على وظيفة الحمد لله ... أسمع صوت باب الشقة يفتح ويتناهي لسمعي صوت محاولات السعال التي يتصنعها أبي كلما دخل الشقة لننتبه لحضوره .... أجري من فوري لأزف النبأ له
أنا : عندي خبر هيفرحك قوي
أبي : إيه حصل إنقلاب عسكري وطبقوا الشريعة في مصر وهيعدمو الظالم من غير محاكمة
أنا : ههههه .هههه .. لا .هههه .. هههه . لا مش هيفرحك قوي للدرجة دي ... واحد من معارف خالي عبد الرحمن شافلي شغل .. هتعين مدرس في مدرسة خاصة
أبي : ألف مبروك يابني عقبال ما أفرح بيك إنت و أخوك أحمد...
تخرج أمي من المطبخ على صوت أبي وتخرج معها روائح روائع الطبخ الشرقي الأصيل
أمي : بتبارك له على إيه
أبي : أخوكي عبد الرحمن جاب له وظيفة
أمي : مبروك يا أمير يابني
أبي : أخبار الغدا إيه يا أم أمير
أمي : نص ساعة يكون المحشي إتردد ..هعملكوالسلطة حالاً
أبي : طيب خدي حطي البطيخة في التلاجة
أمي من عمالقة الطبخ .. طوال عمري لم أتذوق طعام مثل طعامها حتى خالاتي وعماتي يشهدون لها بذلك .. تذهب أمي نحو المطبخ مرة أخرى ثم تلتفت على حين غرة
أمي : شد حيلك بقا وحوش عشان تشطب الشقة اللي أبوك بنهالك وتتجوز
أنا : ربنا ييسر
كان أبي قد أحيل للتقاعد وتمت ترقيته من ملازم أول إلى رائد بعد أن أصيب في حرب أكتوبر الثانية في عام 2073 بعد مائة عام من الحرب الأولى التي حدثت عام 1973.. أبي كان قائد سرية العريف محمد الذي رفع العلم فوق خط بارليف في سيناء ... أستشهد محمد وأصيب أبي بقذيفة في كتفه الأيسر وعدة شظايا في وجهه تبقت منها أثار طفيفة تشهد ببطولته حتى اليوم .. منذ عشر سنوات أحد قادة أبي السابقين أنشأ شركة أمن خاصة وعين أبي فيها بمرتب جيد وقد إستغل أبي معاش تقاعده الفائض عن حاجتنا في بناء شقتان عبارة عن حوائط طوب وأسقف فوق شقتنا التي نعيش فيها في بيتنا المتواضع بأحد حواري العجوزة ... بيتنا أربع طوابق ... دورأرضي به مسجد ومحل حلاقة صغير كان أبي قد تعلم هذه المهنة الغريبة من صول كان يتلقي تدريبات علاج طبيعي مع أبي الذي كان يعالج يده اليسرى في عيادة العلاج الطبيعي ... كل يوم بعد صلاة العصر يفتح أبي محل الحلاقة ليمارس عمله فيه ويدر عليه دخل مقارب لمرتبه في شركة الأمن ... الطابق الأول فوق المحل والمسجد به شقتنا التي نعيش فيها الآن ثم يعلوها طابقان آخران لي ولأخي الأصغر أحمد لكن الشقتان كانتا بدون أي أبواب أو شبابيك مجرد طوب وسقف .. أبي يقول أنه وضعنا على أول الطريق ويجب أن يقوم كل منا بالإعتماد على نفسه وتجهيز شقته بمجهوده الشخصي .
أمي : فين أبوك وأخوك .. ياله الأكل جاهز
.................................................. .....
خرجت من المسجد أسفل منزلنا بعد أن صليت العصر أشعر بثقل في رأسي من تأثير المحشي وصدر البطة وشوربتها الكثيفة التي لم يفلح الليمون في تخفيفها ... بكل أسف أنا ضعيف جدا أمام صدر البطة .. خاصة إذا طبختهاأمي ... طعام أمي للأسف ينسيني حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في تقسيم المعدة لثلاث أجزاء ثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للتنفس .. تستولي مائدتها غالبا على مائة وخمسون في المائة من معدتي
شهاب : السلام عليكم
أنا : إيه ياض فينك من إسبوع ما شفتش وشك إنت بطلت صلا ولا ايه
شهاب : ربنا يسامحك .. حتت إسبوع في مطروح يالا يا أمر كان عايزك إنت وإسلام
بنات شارعنا أطلقوا على إسم أمر تدليلا ً لإسمي الأصلي وهو أمير وعندما علم أصدقائي بذلك نشروا الإسم وأصبح هو إسم شهرتي في الشارع ... يخرج إسلام من المسجد ويقف معنا
إسلام : شهاب إزيك يالا .. كنت غطسان فين ... مال جلد وشك مهري .. إنت كنت بتسلقه ولا إيه
أنا : كان في المصيف يا عم ... مش تباركولي
شهاب : إيه .. كسبت شهادة المليونير ولا إيه يا أمر
أنا : إن شاء الله رايح بكرة هتعين مدرس في مدرسة خاصة
إسلام : ألف مبروك يا مان .. مش عايزين صيدلي في المدرسة .. أنا ممكن أدرس كيميا وكده
شهاب : دي كانت مسابقة ولا إيه
إسلام : يابني بيقولك مدرسة خاصة يعني أكيد متعين بواسطة
أنا : أيوة زي ما إسلام بيقول
شهاب : ما تيجي نعمل تقسيمة
أنا : أنا هقف جون .. مش هقدر أجري بطني مليانة شوربة
كانت هوايتنا الوحيدة التي تملأ علينا أوقات فراغنا هي الكرة .. وملعبنا هو فناء مدرسة البنات التجارية في الشارع الذي تتفرع منه حارتنا وبالطبع كنا نقفز من فوق السور ... تقريبا كل يوم بعد صلاة العصر تجدنا هنا حيث أن حارس المدرسة كان دائما ما يتغاضى عن وجودنا طالما إلتزمنا بالإتفاق العام الغير معلن في معظم مدارس مصر بين الفراشين وأبناء الأحياء المجاورة للمدارس وهو القفز من فوق الأسوار واللعب داخل الحوش وعدم الدخول لمباني المدرسة وعدم التشاجر بالأسلحة المحرمة دوليا .. مثل المطاوي والسنج وزجاجات المياة الغازية .. بالطبع لم تكن القواعد تطبق بشكل موحد في كل المدارس .. قد يسمح بواب للشباب بإستخدام دورات المياة .. وقد يفتح آخر أبواب المدرسة ليعفي الشباب من القفز فوق الأسوار رغم أن عملية القفز تمثل متعة ومغامرة لكل الشباب وقد يسمح ثالث بإستخدام الأسلحة في المشاجرات طالما أنه ينال نسبته من المراهنات بين هواة المراهنات واللعب على النقود أو السجائر أو المياةغازية .. منذ أن وعيت على لعب الكرة في هذه المدرسة لم تحضر الشرطة سوى خمسة أو ستة مرات وغالبا كانت إما بسبب شاب من غير أبناء المنطقة أثار حفيظة حارس المدرسة أو بسبب بواب تسلم العمل في يومه الأول وليست لديه أية فكرة عن بنود الإتفاقية المدرسية المصرية السرية في التطبيع مع شباب الأحياء الشعبية .. فناء هذه المدرسة مقسم لملعبان متساويان ملعب للكبار فوق العشرين وملعب لطلبة الثانوي والإعدادي لكن أحيانا كانت تتماهى الحدود بين الملعبين خصوصا لوتميز أحد فرق الشباب الصغير بالأداء الإحترافي .. وللأسف فقد تعرضت فرقتنا للهزيمة منذ فترة على يد فريق مكون من خمس شباب وحارس مرمى .. كان نصف الفريق المنافس من تلاميذ الإعدادي ونصفة الآخر من طلبة الثانوي وقد فازوا بالفعل بالدورة الرمضانية التي أقمناها العام الماضي في المدرسة
إسلام : باصي ياله .. يا شهاب .. باصي يازفت
أنا : إرفعها لإسلام .. إسلام فاضي يالا
فجأة تدوي صافرات سارينة الشرطة المزعجة
يتبع
..........
