نداء كفر شوبا: أغيثونا يا مسلمون قبل الثلوج
وقفتْ أمام سيارة الإسعاف تطلب من سائقها أي دواء لإنقاذ ابنتها التي تعاني من ارتفاع حاد في درجة الحرارة مند يومين ولم تجد لها طبيبا ولا دواء في القرية كلها، وبحث السائق عن أيه أدوية يحملها فلم يجد ما يسعفها به.
بعدها بدقائق ارتفعت نداءات المكبرات الصوتية في مسجد القرية معلنة أن الخبز وصل أخيرا، وكانت الساعة وقتها قد اقتربت من السادسة مساء.
وقال شيخ القرية: إن الخبز لم يصل مند الصباح وإنه يوزع من قبل بلدية القرية بالمجان بعد تلقيه من إحدى الجمعيات الخيرية.
تلك ملامح مأساة يعيشها يوميا 12 ألف نسمة في قرية كفر شوبا الحدودية بجنوب لبنان التي لم تصلها أي مساعدات حتي الآن، كما لاحظ مراسلا "إسلام أون لاين.نت" بعد جولة قاما بها الإثنين 29-8-2006 في القرية التي تبعد بضعة أمتار عن مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل.
وتعد كفر شوبا أحد المراكز السنية في الجنوب، واحتضن أبناؤها مقاتلي حزب الله وقدموا 3 شهداء في المعارك التي استمرت مع إسرائيل طيلة 34 يوما، كما يؤكد أعيان القرية لـ"إسلام أون لاين".
نقطة مراقبة إسرائيلية
ومن فوق أحد التلال بالقرية أشار محمد الجابرى -رئيس لجنة الأوقاف بكفر شوبا- إلى مركز مراقبة إسرائيلي في أعلي الجبل على حدود القرية، وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "لا أحد يهتم بتلك القوات الإسرائيلية فهي في أعلي الجبل ولا أحد يصل إليها".
ويقول الجابرى: "نُحن منكوبون منذ عام 1975، فقد تم تدمير ضيعتنا أكثر من مرة ولا نثق في مجلس الجنوب الحكومي الخاص بإدارة شئون ضيع جنوب لبنان؛ لأنه حتى هذه اللحظة لم يكمل إعمار ما تم تدميره منذ أكثر من 30 عاما".
وأضاف: "بقي منذ ذلك الحين أكثر من 300 منزل دون إصلاح ودون أن يتم تعويض أهلها، فكيف سيعمر الآن ما خلفته الحرب الأخيرة على لبنان، وهي الأشرس في تاريخه".
وأضاف: "لا أحد يقف بجوارنا، مجرد مساعدات بسيطة تصلنا من المؤسسات الخيرية للجماعة الإسلامية، وتتمثل في بعض الأطعمة والأدوية، وهي قليلة ولا تفي بالغرض".
وتدخل أحمد غانم -أمين صندوق الأوقاف بكفر شوبا- قائلا: "سمعنا أن حزب الله سيقوم بمسح الأضرار وسيعطي من تهدمت منازلهم أموالا ليتمكنوا من السكن لمدة عام حتى ينهي إعادة إعمار ما تهدم، ولكن حتى اللحظة، وبعد أكثر من 18 يوما على توقف القتال، لم يصلنا أحد، ولم يقل لنا أحد ماذا نفعل؟!".
قرى محرومة
وأضاف غانم: "الوضع هنا مختلف عن (بلدة) بنت جبيل التي سارعوا إلى تبنيها وجعلوها في بؤرة الإعلام، حتى إن دولة قطر تعاطفت معها وتبنت إعادة إعمارها، ونحن لسنا أقل صمودا منها، فلم يستطع الإسرائيليون أن يمروا من هنا، وكنا درعا للمقاومة، وقاتل أبناؤنا هنا واستشهد منهم ثلاثة، فكيف يسكتوا عنا؟!".
وأقر حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، في لقائه مع قناة "نيو تي في" الإخبارية اللبنانية الأحد 27-8-2006 بأن هناك بعض القرى الجنوبية لم تصلها مساعدات حتي الآن لا من قبل الحكومة ولا من قبل حزب الله.
وقال نصر الله: "هناك قرى في الجنوب قريبة من الحدود لم تصلها مساعدات بسبب وجود نقاط تحتلها قوات إسرائيلية، ولكن خلال أسبوعين ستكون كل القرى والمدن في الجنوب وصلتها الإعانات".
وأكد التزامه بما وعد به بمنح الأسرة التي دمر منزلها قيمة إيجار مسكن عام وثمن أثاث منزل، لحين بناء منزلها.
وشدد نصر الله على أنه لا فرق بين سني وشيعي ومسيحي في إعادة الإعمار، وقال: "كل مسيحي وكل سني وكل شيعي وحتي مقيم تهدم منزله سيحصل على هذه الإعانة".
نداء استغاثة
وينبه الشيخ محمد، وهو مصري مقيم بلبنان وإمام مسجد بكفر شوبا، إلى بعد أكثر خطورة للأوضاع قائلا: "المشكلة الحقيقية لم تحل بعد، ولكنها ستقع مع حلول فصل الشتاء، فهذه المنازل بما أصابها من دمار لا يمكن أن تصمد أمام قسوة الشتاء الذي عادة ما يغطي القرية بثلوجه".
وتابع: "هذا غير الأولاد ومدارسهم وترتيب أمور الدراسة التي لا نعرف كيف سنواجهها، لذلك أنا أقدم نداء استغاثة للعرب وللمسلمين لإعادة إعمار كفر شوبا قبل حلول الشتاء".
ووفقا لرواية محمد الجابرى، فإن الدمار في كفر شوبا جراء القصف الإسرائيلي كان موزعا كالتالي: "50 منزلاً تم تدميرها بالكامل و100 منزل لحقتها أضرار جزئية من حرائق أو سقوط بعض الحوائط أو سقوط بعض الأسقف، فضلا عن تضرر الأثاث وغيره، وبالمجمل 60% من منازل القرية لا تصلح للسكن".
وأعربت شخصيات سياسية لبنانية عن انتقادها لما وصفته بتباطؤ الحكومة اللبنانية في عملية إعادة إعمار ما خلفه العدوان الإسرائيلي، وذلك على خلفية استقالة رئيس مجلس الإنماء والإعمار التابع لمجلس الوزراء اللبناني "الفضل شلق" من منصبه نهاية الأسبوع الماضي؛ احتجاجا على عدم شفافية الحكومة، وتجاهلها عمل المجلس.
