.
.
صعدت للسياره ألقيت التحيه على أختي بشق الأنفس..
فقد كان يوم طويل ومضني…رميت جسدي المنهك في أحضان المقعد الوثير …
ووجهت كل مكيفات الهواء البارد جدا نحوي غير عابئه بنصائحها الطبيه اللاذعه(بييج ابو ويه وانتي مقابله المكيف) وانا (رافعه الجام)…
فأنا لاأطيق الحديث أو الاستماع إلى شئ بعد الدوام أوقبله…بدأ بحديث أختي وانتهاءا بالمذياع …لاشئ…فقد استنفذت كل طاقاتي الجسديه والذهنيه وكل ماتبقى فيني من رمق هناك ..في ذلك الصرح العملاق ..
أحب عملي كثيرا …ولكني أتساءل باستمرار هل أنا من الطبقه الكادحه أم الطبقه الارستقراطيه … ولاأجد جواب يشفي غل الإجابه!
أعيش في قصر فاره ونمارق مطروحة وزرابي مبثوثه…
مركبه ملكيه... وماركات عالميه... و مجوهرات... ورحلات بحريه باليخت ...ورحلات جويه بالمروحيه(هذي بهارات من عندي) بين شواطئ استراليا و أسواق أوروبا...أقمت في الهيلتون والشيراتون والبلازا كروان...ماذا بعد!
أليست هذه الحياه البرجوازيه بكل تفاصيلها الدقيقه وأبعادها الشهيقه.!؟
درست التاريخ والأدب والفن والأديان واللغات والعلوم...وتثقفت في كافة المجالات وحصلت على أعلى الشهادات...(فال طيب)
ولكن مهلا ليس فهذا ليس نمط حياتي اليومي... فحياتي كغيثاره لها سلم موسيقي وتعزفني على كل أوتارها بدرجات .. أصغوا سيمفونية الحياة ..
فأنا المدعوه /......
قد مررت على كل الساسكوات في السعوديه(جمع ساسكو) وأردى الاستراحات في الأردن وأرخص الفنادق في سوريا ... بل انني حتى نمت على الطرقات في أحد السفرات...(وإن لم تغمض لي عين )... سكنت الخيام بالأسابيع والأشهر ...شددت الرحال على ظهري ...وحطبت الخشب الشائك بيديي......وحلبت الماعز مع تباشير الفجر ... و نفخت النار بطرف ثوبي مع وقوب الغسق... وتوسدت يداي لأنام بأحضان التراب متلحفة السماء.. ببطنٍ خاوي!
أتعجب كثيرا حين أقلب صفحات الذاكره!!
صفحات كثيره مسطره ومزخرفه ومعطره تلفت انتباهي لأقرأ بين سطورها..
هاأنا ذا أحتسي كوبا من النسكافييه في أحد مقاهي الشانزليزيه على طاوله مزيينه بالورد وشراشف الدانتيل المطرزه ..أتنفس هواء الطبقة المخمليه ..أضم الكوب الساخن بأنامل قصت أظافرها بعنايه فائقه وصبغت على طريقه الفرينش مانكيير في صالون( لورانج)...وأعجب لتناغم أظافري اللامعه مع ساعة أوميغا الفضيه و فضيات الطاوله و بريق الالماس البلجيكي المعانق لخنصري الأيسر ...بكل سحر الحياة الخاطف...ولاأخفي عليكم استمتاعي بجذب الأنظار ولفت الرقاب وان كنت أصد الكثير..بكبرياء ودلال...
وصفحات أخرى منصعه البياض...ولا شئ سوى البياض...
أنا المدعوه/................
نفس الشخص ...باختلاف المكان والزمان..
أحتسي القهوه العربيه بفنجال أثري أبيض مزخرف بورود حمراء ووريقات خضراء بسيطه و باهتت اللون ... وقد افترشت الأرض ...وغطست قدماي في التراب الرملي الناعم ...أراقب اشتعال النار بهدوء... وتلظي الجمر بفتنه ... لاشئ يضاهي الجلوس بقرب الجمر المتلظي في ظلمة الليل البارد ومراقبة اشتعاله وخموده... اسند ظهري لوسادة من السدوالاحمر ..وأترك لنسمات الهبوب الغربي حريه اللعب بخصلات شعري المعكوف...وأطراف ثوب المشوح الأسود...
بريق النجوم في صدر السماء يأسر الألباب...أكثرها سحرا وبريقا نجم القطب الشمالي ...أو سهيل كما يسميه أهل الباديه... الطبيعه بكل ما فيها تشعرني بعظمة الخالق...فأسبح الله حتى تدمع عيناي...وأصلي قبل طلوع الفجر...وعلى صوت صياح الديك...و بعبة القطيع..
فمن أنا ...هل أنا تلك الفتاة الارستقراطيه الفاتنه...أم العامله الكادحه...أم البدويه المترهبه..
أم أنا مزيج من الحضارات والثقافات المتشابكه ببعضها الآخر...أم أن العولمه تغلغت فيني إلي هذا الحد...حتى أصبحت هي أنا وأنا هي؟؟!!
لا أدري ولكن يعجبني ما أنا عليه ...أقطف من كل بستان زهره ...ومن كل سلم موسيقي نوته...ومن كل لوحه لون...لأكون مزيج من هدير ماء الورد
الشفاف....
هذا أنا فمن أنت؟
