أهمية المادة الداكنة السوداء

أهمية المادة الداكنة السوداء:
تعتبر المادة الداكنة السوداء أمراً محيراً لعلماء الفلك .وهي مثار جدل كبير حالياً وموضع منافسة بين الدول في سباق لاكتشافها وتخصيص جوائز مالية كبرى لمن يسبق في اكتشاف سرها . ولقد كنت قد كتبت قبل عام في بعض الصحف عن هذه المادة وعن الثقوب السوداء فكان الأمر موضع نقاش واستفسارمن بعض المهتمين، مع قلة المؤهلين في هذا الحقل حتى في المواقع الفضائية الغربية . ولنأخذ مثلاً منظمة ناسا الفضائية ، فإن الأطلاع على مؤهلات المرشحين ودرجاتهم العلمية للدخول الى ناسا ، المؤسسة العلمية الفضائية الأولى في أمريكا ، تثير الإستغراب والتعجب في مضمونها لبعداختصاصات معظمها عن كل مايتعلق في علوم الفلك والفضاء ، والتي قد يقتصر بعضها على تخصصات في التاريخ والجغرافيا . ومع ذلك فإن بعضهم ينجح وتكون له الريادة في الرأي والأكتشاف العلمي في علوم الفضاء عن هؤلاء الذين يملكون الشهادات أو التخصصات الفلكية ، نظراً لما يملكون من ملكة البحث والفهم في هذا الحقل . أما هؤلاء المتخصصين في علوم الفلك فلا أطعن بهم أو اقلل من قدرهم أو شأنهم فهم الأساس دون شك ، ولكن المآخذ عليهم أنهم يكتفون بشهاداتهم ويتخلفون عن البحث والمجهود العلمي وزيادة المعرفة ولا يلاموا ، فالأمر يحتاج الى المتابعة المضنية المتواصلة والرغبة والموهبة ، وهذه لاتتعلق بالشهادات وإلا لما توصلنا الى معظم الإختراعات والإكتشافات . ولكن أكثر مايؤلم أن العرب يتتبعون الخطوات الغربية في علوم الفلك الذين يعتبرون بدائيين في معرفتهم حتى الآن في هذه العلوم . فكل ما اكتشفه الغرب هو اكتشافات بدائية بالنسبة لمعرفتنا في إسرار الفضاء وتكوينه . وهم يتفوقون علينا في أمر وحيد فقط هو توثيق المسيرة الفضائية بالصورة والصوت أحياناً ، إلا أننا أكثر منهم مقدرة في تحليل أي صورة ترسل من التلسكوبات والتعليق عليها بصورة صحيحة . وكم اختلفنا معهم في التفسير الفوري للصور المعقدة التي يرسلها تلسكوب هابل وننشر تحليلاتنا المغايرة لتحليلاتهم ، ثم يعودون بعد عام أو أكثر ليتبنوا صحة ما سبقناهم اليه بعد أن يحصلوا على المزيد من الصور . إن معرفتنا السباقة تأتي من التأمل في التصوير القرآني للكون والفضاء وخلق السموات والأرض مما يفسر الكثير ويعطي الأجوبة في نشؤ الكون ونهاياته . ولذا فأن الجهل الغربي وغياب الموهبة للعلماء الغربيين يضعهم في حيرة وعدم فهم للمادة الداكنةالسوداء المثارموضوعها حالياً، كما وضعتهم لعقود في تخبط لفهم الثقوب السوداء . وهذا التخبط هو نفسه يتردد اليوم في شأن المادة الداكنة الى حد اعتبار بعضهم ،حتى الأمس القريب ،أن المادة السوداء هي نتيجة تصادم بين مجرات أو كواكب !!مما يعني جهل هؤلاء المتطفلين على علوم الفضاء ولو كانوا من حملة الشهادات المتخصصة الذين تغلب عليهم الأمية لعدم الموهبة والقصور في المتابعة وبذل الجهد . إن المادة السوداء تختلف في تكوينها عن الثقوب السوداء لاختلاف موادها وكيفية تكونها. والأهم الأهم هو عمرها أي زمن تكوينها .ولابد من المقارنة للفهم ، فالثقوب السوداء هي عناية ومنة الهية كبرى لحفظ الكون وتنظيمه والمحافظة عليه من الإختلال ؛ ومع تبسيط الشرح ، فهي أشبه بالكناس الفضائي في مرحلة ولادته الأولى التي انبثقت عن الأنفجار الكوني الذي خلف غباراً كثيفاً وقطعاً صخرية وحجارة كثيرة ، ومن هذه القطع الحجرية التي خلفها الأنفجار تشكل بفعل الإيجابية المغناطيسة بدءاً ومن ثم السلبية المضادة ، المليارات من الكواكب والنجوم . وفي مرحلة لاحقة تطورت مهمات تلك الثقوب السوداء ودورها ، من كناس فضائي جاذب ، الى صائد للشوارد من النجوم المنفجرة أو الأحرى الميتة ، كما التقاط الحجارة أو الشهب المتفلتة عن الكواكب السيارة ، مع ابتعادها عن حافة الكون لإعادة تشكلها الى نجوم لامعة مضيئة جذابة . أما المادة السوداء فأن تكوينها يعتمد موجاتها الكهرومغناطيسية الضعيفة على التقاط الغبار الكوني فقط ، بعكس الثقوب السوداء . وبذلك تختلف وظيفتها عنها، مع أنها تواجدت في زمن متقارب مع ولادة الثقوب السوداء ، إلا أنها أكثر بطئاً منها في النمو لأنها أقرب الى حافة الكون في توسعه ، ولكن حجم المتوالد منها حديثاً يجب أن يكون دائماً اصغر حجماً من الذي سبقه مع تناقص قوة الإنفجار الكوني ورد فعله . وبذلك فإن المادة السوداء هي أقل عدداً من الثقوب السوداء الى أقل من الربع ، إلا أنها غالباً ماتكون أكبر حجماً. كما وأنها أكثر أهمية في المحافظة على حماية الكون وتوازنه. والواقع أننا نحتاج الى المزيد من الصور من داخل المادة السوداء ، ولكن من تلسكوبات أكثر تطوراً من تلسكوب هابل لأن محتويات المادة السوداء مكونة من جسيمات قليلة التفاعل مما يعني أن ولادة النجوم من خلالها قد لانتوقعها أبدأ ، إلا عند دخول بقايا ثقب أسود مستعر داخلها مما يغير من طبيعتها ويقلبها من حال الى حال مختلف تماماً عن حالتها الأولى،نظراً لأن ذراتها في معظمها خامدة .
محمد السويسي - لبنان