لحن الحياة
كانت العادة قد جرت في عائلتنا العريقه عائلة( الشرقاوي) . انت تتم مراسم الفرح
ويحضرها جميع الاهل والاصدقاء . ويجب على العروسين ان يختارا لحنا معينا ليعزفاه
في ليلة زفافهما امام جميع الحضور. وهذا ما حصل مع ابي وجميع اعمامي . وا خوتي
الاكبر مني سنا. وجرت العاده ايضا ,ان يكون اللحن يخص العروسين ,حيث يتفق عليه
العروسان بعد عناء طويل. وعادة ما تتاخر الافراح بسبب عدم وجود خصوصيه للحن
الذي سيعزف . والخصوصيه تكمن في أي شيء يخص الزوجين. فاخي ضياء وزوجته
مثلا قاما بعزف مقطوعة( ضوء القمر) لبيتهوفن وذلك لان اسمه ضياء وزوجته اسمها
قمر بطبيعة الحال.
اما اختي رابعه وزوجها الاستاذ ربيع, فقد قررا ان يعزفا سمفونية( الفصول الاربعه)
لبافاروتي ..وذلك لان اسم زوجها هو احد الفصول بينما تاتي هي في الترتيب الرابع بيني وبين اخوتي .
تقدمت لخطبة فتاة خلوقة وجميله من نفس العائله, وتمت الموافقه على الخطبه من قبل
الفتاة واهلها ... وتم ترتيب جمع الامور المتعلقة بالزواج ,ولم يبقى الا امر اللحن الذي
سيعزف ليلة الفرح . اجتهدت كثيرا انا وزوجتي المستقبليه في البحث عن لحن مناسب
لنا. لكن الامر تعذرا علينا جدا لذا قررنا ان نؤلف لحن خاصا بنا .استشرت والدي في
الامر, لكنه رفض وعلل رفضه بان اللحن يجب ان يكون معروفا من قبل .وهو ايضا
يشك في قدرتنا على تاليف لحن رائع ,وكذلك والد زوجتي حيث كان هذا المرسم اهم
مراسم الزواج بالنسبة لنا . دار نقاش طويل بيني من جهه .وبين ابي ووالد زوجتي من
جهة اخرى . وقد اخبرتهما بان الحكمه من اللحن. هي ووجود رابط روحي اخر غير
رابط الزوجية ستبقى موجوده. بالاضافة الى ذالك سيكون هذا الرابط اقوى لاننا سنجتهد كثيرا في اللحن وسيكون دافعا نفسيا لنا للاستقرار والذكرى . اقتنعا في النهاية بعد شد
وجذب طويليين .
اخذت انا وزوجتي نجتهد في تاليف لحن خاص لنا . وقد كانت زوجني ماهرة جدا في
التلحين .اخيرا اتفقنا على لحن معين من بين مجموعة من الالحان التي قمنا بتلحينها .
وقد كان اللحن جميلا جدا حيث يخيل الى من يسمعه بانه احدى سمفونيات موزارت او
بيتهوفن .اسمينا اللحن ب ( لحن الحياة ) وذلك لان اسم خطيبتي هو حياة بينما اسمي
هو يحيى .. وقد تقرر كما تجري العادة في عائلتنا ان تقوم زوجتي بالعزف بينما اقوم انا
مقام قائد الاوركسترا كناية عن قيادتي للأسرة والبيت مستقبلا. تدربت انا وزوجتي على
اللحن حتى اتقناه ثم حددنا يوم الفرح يوم الخميس القادم في صالة كبيره تحوي على
مسرح روماني في احد الفنادق الكبيره.
جاء اليوم المنشود . وبعد اتمام جميع مراسم الفرح لم يبققى الى المرسم الاهم وهو
عزف اللحن
تقدمت انا الى المسرح ثم صعدت على المنصه الدائرية الموجوده في وسط الجزء
الامامي من المسرح . وكانت زوجتي في هذا الوقت خلف الستار .ازيح الستار وبدات انا
بالتلويح بالعصا الصغيرة وبدات زوجتي بالعزف ..وقد كان عزفا جميلا للغايه . وعند
انتصاف اللحن . دخلت( نينا الغرباوي) صديقة زوجتي المقربه . حيث وصلت الحفل
متاخرة بسبب تاخر رحلتها في المطار . ونينا هذه كانت زميلة زوجتي في العمل . الا
انها تزوجت وانتقلت للعيش مع زوجها في الخارج .. توجهت نينا وسط ذهول الحضور
الى زوجتي مباشره .. خارقة بذلك احد اهم عادات العائله لكن احدا لم ينطق ببنت شفه
لعلمهم جميعا بجهلها بعادات العائله . قبلت نينا زوجتي المرتبكه والمحرجه . ثم هنئتها
بالزواج وتمنت لها حياة سعيده . ثم همست لها لماذا تعزفين انت علىالتين بينما يكتفي
زوجك بالتلويح بالعصا ويكون التصفيق موجها له بينما انت تقومين بالعمل !!. اعتقد
بانك مقبلة على حياة جديد ويجب ان يكون ملئها المساواة لكي تتحقق العداله الزوجيه
بينكما . لاتتنازلي عن حقوقك منذ البداية فيتمادى زوجك اكثر .. احست زوجتي بانها
جاهله. وبان شيئا من حقوقها قد انتزع منها بحكم العاده و اقتنعت بكلام صديقتها .
واصرت ان اكسر العصا الى نصفين. وان تقف معي على المنصه وسط ذهول
الجميع .وافقت على مضض تفاديا للاحراج . وبدات انا وزوجتي بالتلويح بالعصي
المكسورة وقد كان لحن الحياة رديئا, او بالاحرى لم يكن هنالك لحن للحياة . .
التوقيعهنالك دائما مكان في القمه
