المباريات الحصرية ساهمت في رواج الشيشة والمعسل
يقول المثل "من جاور السعيد يسعد".. ويبدأون من جاور المدخنين يدخن عاجلا، او آجلا..ولا نريد ان نعتمد على "الخيال" في هذه القضية "المكشوفة".. والواضحة للعيان فالواقع يؤكد ان هناك مجموعات من الشباب صغار السن ومعظمهم من طلاب المدارس يقعون فريسة للتدخين بسبب هذه "السهرات المشفرة" التي تعرض مباريات كرة القدم "المحلية والدولية" حصريا على بعض القنوات الفضائية والتي تتفاخر وتتباهى، وتتبختر بانها الوحيدة التي تملك حقوق هذا البث، وانه بدونها عليك أن تضرب رأسك في الحائط..واذا اعتبرنا هذه المقاهي، والكازينوهات متنفسا فعلينا ان نوفر فيها الشروط الصحية فلا نحشر سموما وسط سموم.كما يقول أحد رواد هذه المقاهي، والكازينوهات"، وكما يقول عدد من أصحابها، والعاملون فيها..ومن الواجب والضروري ان نحمي الشباب صغار السن من اقتحام مناطق السموم حينما لا يجدون مكانا غيرها يشاهدون فيها مباريات كروية أو يهربون من مدارسهم، وبيوتهم اليها فينضمون الى قافلة "العاطلين" ويتحولون الى قائمة "المشيشين، والمعسلين".. وبعد انتهاء المباريات، ومشتقاتها من العروض التلفزيونية المشفرة ينطلقون في قوافل سياراتهم المسرعة، والمزمرة، والمفحطة باتجاه العودة للبيوت، او للقيام باعمال استعراضية في الشوارع..ويصف أحد الصحفيين الظرفاء هذه الأماكن الدخانية في منطقة الورش الصناعية شمال جدة بانها مجموعة اوكار تعلوها لوحات النيون الجميلة حيث لا تقل الثعابين الموجودة بها، او فيها عن عشرة آلاف ثعبان "معتبرا ان كل لي شيشة جراك، او معسل عبارة عن ثعبان سام ولو لبس لباساً ناعماً..!!الساحرة، والخطوة الأولى لعالم التدخينصار الجري وراء "الساحرة المستديرة" نوعاً من أنواع "الهوس" و"الجنون" واصبح من مهام الجيل الحالي ان يسلم الراية للجيل الجديد الذي شهد بدوره انتشارا شاملا لهذه اللعبة الشعبية الأولى فهذه عشرات القنوات الرياضية تنقل مباريات كرة القدم من كل اطراف الدنيا، ثم خرجت علينا قنوات فضائية "امتلكت" حق نقل مباريات معينة وعدد من البطولات، وكل من لا يشترك يحرم من المشاهدة لهذه اللعبة الشعبية التي تشكل الطبقات البسيطة النسبة الأكبر فيها، وظهرت اصوات واقلام وآراء في الوطن العربي تطالب أجهزتها "المرئية" بأن تتدخل لوقف هذه السيطرة الكاملة على لعبتهم الأولى، او تسليتهم الأولى التي يمضون معها اوقات فراغهم.وبما ان المقاهي، والكازينوهات لدينا مفتوحة ليلا، ونهارا فان الاقبال يزداد عليها بشكل غير طبيعي عند عرض هذه المباريات بحكم اشتراكها، في القنوات الرياضية المشفرة فيأتي اليها الشباب من كل حدب وصوب، وتتعالى اصواتهم استهجانا او استحسانا اثناء مشاهدتهم للمباراة، وتنتشر سحب الدخان، في المقاهي، والكازينوهات، ويختلط المدخنون مع غير المدخنين، ويكون هذا الاختلاط بمثابة "الخطوة الأولى" في طريق التدخين.. وقد كشفت جولة قام بها رجال التعليم قبل موسمين عن اعداد "ضخمة" من الطلبة داخل المقاهي، والكازينوهات في منطقة الورش الصناعية شمال جدة خلال ساعات الدوام المدرسي، ولو ان رجال التعليم قاموا بزيارة ليلية لاكتشفوا اضعاف، اضعاف الاعداد التي اكتشفوها خلال الزيارة الصباحية، وخاصة عند عرض المباريات المشفرة، ولو أجروا كشفا طبيا على صدور الطلبة لاكتشفوا اعداد شيش المعسل، والجراك التي يلتهمونها داخل هذه المقاهي، والكازينوهات المفتوحة على مدار الساعة، والتي يفرح اصحابها بهؤلاء الشباب الصغار السن لرفع دخلهم، وتحسين أوضاع العاملين لديهم.مائة ألف في كل سهرة "مشفرة"ويبلغ عدد من يذهبون مرغمين الى "المقاهي والكازينوهات التي تعتمد التدخين شعارا رسميا لها" حوالي مائة ألف شاب يتوزعون على هذه "المقاهي والكازينوهات" على مستوى مدن المملكة الرئيسية لمشاهدة المباريات المشفرة لا يجلبها "الدش" بدون اشتراك شهري أو سنوي، والتي تحرص هذه القنوات المشفرة على حشد معلقيها، ومحلليها، ومذيعيها لتغطية الحدث الكروي المشفر قبل ساعة من البداية، وبعد ساعة من النهاية ليقضي هؤلاء الضيوف الجدد، او الوافدون الجدد حوالي اربع ساعات يصغون خلالها لكل التفاصيل، وكل التحاليل، وتكون صدورهم قد استقبلت "عصارة المعسلات والجراك، والسجائر".. وانتقلت هذه الخلاصة اليهم فأما ان ينضموا فورا لقائمة المدخنين، او ينتظروا حصصا أخرى ليدخلوا هذا العالم من ابوابه المختلفة، او ان يكونوا شجعانا فيصبحوا مدخنين درجة ثانية، ويلحقهم الضرر على مراحل، وعلى دفعات..والحلول كثيرة في تجنب "الضيوف الجدد" خطر الالتحاق بركب المدخنين، ومنها العمل على عرض المباريات المشفرة في التلفزيون المحلي، وعدم احتكار مباريات المنتخب أو الدوري، واستقطاب محللين على مستوى، واصدار تعليمات لمنع صغار السن من ارتياد المقاهي، والكازينوهات، وتنظيم اوضاعها، والا فان اعداد المدخنين شئنا، ام أبينا ستزداد، وسنكون كمن ينفخ في "قربة مخرومة" في مشروعنا الوطني لمكافحة التدخين، وعشرات العيادات المجانية المفتوحة لعلاج المدخنين، وربما كان مناسبا ان نطالب بنقل هذه "المجمعات الدخانية" لموقع مفتوح نظرا لأن الموقع الحالي "ساحة ورش لحام وسمكرة، وحدادة، ونجارة" وكلها مصادر ضارة تضاف لمادة التدخين الضارة اصلا وفرعا، وجملة وتفصيلا وهذا لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة..هدر للوقت، ضياع للتحصيل تدمير للصحةاتفق ثلاثة تربويين على أن "تشفير السهرات الكروية" يساهم في رفع اعداد المدخنين "من المعسلين، والمشيشين، والمسجرين" حيث يقضي مجموعة من الشباب صغار السن أوقاتهم في المقاهي، والكازينوهات يتابعون المباريات المشفرة على وقتهم، وعلى حساب دراساتهم، وعلى حساب مسؤولياتهم الأسرية، وعلى حساب صحتهم.ويقول مديراحدى المدارس انه شاهد عشرات المرات عددا من طلاب مدرسته يحضرون للكازينو الذي يقضي فيه اوقات فراغه، وبدل ان يخجل هؤلاء الطلاب من مدير مدرستهم، فانه هو الذي يخجل منهم، ويحاول ان يتوارى عن انظارهم بينما هم يتهامسون، ويتغامزون ويشيرون اليه لكل زميل يأتي اليهم..ويقول مشرف اجتماعي انه غامر مرة وذهب لمشاهدة مباريات احد الفرق السعودية في بطولة عالمية فلم يشعر بالاستمتاع فالصراخ يطغي على التحليل والتعليق، والدخان الثلاثي يغطى مكان عرض المباراة ليكون هناك تلوث سمعي، وتلوث صحي.ويقول محمد رفاعي "مدرس" انه اكتشف ان نسبة الطلاب الذين يمارسون التدخين لا تسجل تراجعا بل تسجل تقدما، وان ما يصرفه الطالب على الدخان يفوق ما يصرفه على غذائه "اي ان ما يصرفه على تدمير صحته اكثر مما يصرفه على بناء صحته".وهذا السلوك لابد أن يكون قد استوحاه من البيت او الشارع والمقهى والكازينو واذا كانت نسبة كبيرة من هؤلاء الطلاب من هواة مشاهدة مباريات كرة القدم ولا يجدون فرصة لمشاهدتها في بيوتهم، ويذهبون للمقاهي، والكازينوهات، فاننا بذلك نقدمهم "هدايا مجانية" لسموم العصر، ونساعدهم على احمال دروسهم، ومذاكرتهم، بدل ان نحميهم من هذه السموم، ونعينهم على التحصيل، والمذاكرة، وأسوأ من هذا انني سمعت ان هناك "مقاهي نسائية" ولو كان ذلك صحيحا وارجو ألا يكون فان الكارثة أكبر، واشمل!!الحسنة الوحيدة ليست مبررا!واذا كان هناك من فائدة لتشفير الساحرة المستديرة فانها احيت العلاقات بين عدد من عشاق كرة القدم، واقاربهم، ومعارفهم، واصدقائهم من الذين يفضلون "المشاهدة البيتية" فكل من لديه مفتاح التشفير صار محط اهتمام هذه الفئة من المشاهدين، وبذلك أحيت، أو انعشت عمليات تشفير الساحرة علاقات قرابة، وصداقة كانت لا ترى النور الا في الأعياد، او المناسبات العاجلة، وكان يمكن للأندية أن تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين لها فتعرض المباريات المشفرة على شاشة كبيرة تبعد قدر الامكان الشباب الصغار عن المقاهي، والكازينوهات، والشيش، والمعسلات الذين "يتحججون" بان ذهابهم للمقاهي، والكازينوهات جاء بسبب "هذا التشفير" .. وانهم على استعداد للبقاء في بيوتهم لو ألغي او اتيحت لهم فرصة مشاهدة المباريات المهمة والحاسمة..وهم يخشون تشفير مباريات الدوري المحلي بالكامل اضافة الى تشفير المباريات العربية، والآسيوية، والاوروبية فلا يكون امامهم من حل سوى نصب مساكنهم بجوار هذه المقاهي، والكازينوهات ليكونوا جاهزين لكل مباراة في وقتها، وموعدها "اكثر من جاهزيتهم لمذاكرتهم، واسرهم، ومستقبلهم"!.ويقول "عبدالرحمن صالح" انه تعود على الذهاب للمقاهي، والكازينوهات منذ بطولة كأس القارات في المكسيك التي شارك فيها المنتخب السعودي، ومن يومها وأعمال التشفير تكشر عن أنيابها تريد ان تحرم البسطاء من متعة التسلية المجانية فلا يكون امامهم من حل سوى الذهاب فرادى وجماعات الى هذه المقاهي، والكازينوهات وحشر أنفسهم وسط شيش المعسل، والجراك، والذين لا يدخنون، ولا يشيشون، ولا يعسلون ويرتادون هذه "البيئة" اما ان يتضرروا من نوافير الدخان أو يتعودوا هم على التدخين تدريجيا؟!!
جريدة الرياض
