موضوع يثير إهتمام العديد من اللاعبين, وغالبا ما يرافقه العديد من التساؤلات:
هل تتوقف العضلات عن النمو الطبيعي عند نقطة معينة؟
هل يستخدم جميع لاعبين بناء الأجسام المحترفين المنشطات؟
هل يكمن الحصول على عضلات ضخمة جدا بشكل طبيعي؟
المشكلة هي من وجهة المجتمع، العديد يعتقد أنه حتى الأشخاص الذين يملكون كتلات عضلية ضخمة يمكن أن يكون طبيعيين، متأثرين بوسائل الإعلام أو الناس الجاهلة.
و هذا لا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة، لا يمكن الحصول على أجسام ذات كتلة عضلية ضخمة كالمحترفين دون استعمال المنشطات.
فكر بهذه الطريقة، عندما ترى لاعب كمال اجسام ضخم جدا في مكان ما، فإن أول شيء تفكر به هو (مش طبيعي جسمه)، و تفكيرك على حق، كونه ليس طبيعي للإنسان أن يظهر بهذا الشكل, و هو الذي جعله مثيرا للإعجاب, فلو كان شيء عادي, لما لاحظته.
جسم الإنسان له حدود؛ لعلك قد سمعت أكثر من مرة, أن تجاوبك للتمرين, التغذية, المكملات أو حتى المنشطات يعتمد على طبيعة جسمك, وهذا صحيح تماما، لكن ما هي طبيعة الجسم؟
طبيعة الجسم تعتمد على الكثير من العوامل الوراثية التي تؤثر تقبل أجسامنا على التمرين, التغذية, و غيرها، عوامل معظمها جينية مثل نوع الجسم (اكتوموف، ميزومورف و أندومورف)، تركيب و كثافة الهيكل العظمي، القدرة الهرمونية, العوامل النفسية، القدرة على التعافي، اختلافات التشريح الفردية، حساسية الانسولين، توافر جين ميوستاتين وأكثر من ذلك.
أكبر حجم للعضلات يمكنك تحقيقه يحدد عن طريق مزيج من الاستعداد الوراثي الفردي، و يعتمد أيضا على نمط التدريب، درجة الكثافة، الجهد والتغذية. في نهاية المطاف سوف تصل إلى حد طبيعي وتتوقف عن النمو، لتنمو بعد تلك المرحلة يمكنك تجاوزالحد الخاص بك عن طريق استخدام المنشطات, هرمون النمو، IGF-1، الأنسولين وغيرها، وحتى بعد ذلك سوف تصل إلى حد جديد، و لكسر ذلك الحد سوف تبدأ البحث عن منشطات جديدة، أو استعمال جرعات أعلى، والتي سوف تجعلك تصل إلى عدد من الحدود وكسرها، وفي النهاية سوف تصبح عالق في واحد منها.
لماذا يتوقف الجسم عن بناء العضلات؟
العضلات أنسجة مكلفة للجسم من حيث الصنع و الحفاظ عليها، الجسم سوف يزيد حجم العضلات فقط إذا كان هناك سبب وجيه للقيام بذلك، هذا هو السبب في صعوبة الحصول على العضلات الضخمة و مايتطلبه من ممارسة التدريب بشدة عالية حتى يقوم الجسم بالتحفيز المطلوب للنمو, و من ثم تناول الغذاء اللازم لدعم هذا النمو، ولكن ذلك لا يعني أن وضع المزيد منن التحفيز في كل مرة سوف يؤدي إلى نمو لا يتوقف، فهنالك حد كما ذكرنا لإستيعاب الجسم للكتلة العضلية.
العضلات تحتاج إلى نحو 100 سعر حراري يوميا للحفاظ على كيلوغرام واحد إضافي من العضلات على قيد الحياة. ويحتاج الجسم السعرات الحرارية للقيام بالعديد من الوظائف الهامة الأخرى في الجسم، وبالتالي فإن الجسم يزن احتياجاته من إمدادات الطاقة الى العضلات إضافية ضد احتياجاته الأخرى.
العضلات الاضافية تتطلب المزيد من التنظيم الحراري من قبل الجسم، حتى يكون في درجة حرارة مستقرة (37.C) ليعمل بشكل طبيعي.
الجسم ينتج الحرارة اعتمادا على كتلة الجسم، ويبدد الحرارة اعتمادا على المساحة السطحية للجسم، إذا قمت بزيادة الكتلة العضلية، فإنك في الواقع تزيد الحجم (كتلة الجسم) 3 مرات أكبر من زيادة السطح، وبالتالي تقل كفاءة الجسم في تبريد نفسه. هل تساءلت عن السبب في أن بعض لاعبي بناء الأجسام المحترفين يشرون عرقا دون فعل الكثير من الجهد، السبب هو أن أجسامهم تواجه صعوبة في التبريد بسبب كتلتهم العضلية.
جين الميوستاتن Myostatin ونمو العضلات
الميوستاتن Myostatin هو بروتين موجود في البشر والحيوانات على حد سواء, يعمل على تنظيم نمو العضلات. فهو مسئول عن تحديد حجم العضلة في الجسم, و يرسل الإشارة الى توقيف بناء أي حجم جديد عند حد ما.
الميوستاتن هو واحد من أهم العوامل التي تحدد الى أى مدى تنمو عضلاتك، فهو يقوم على أساس علم الوراثة الخاص بك بغض النظر على كل العوامل الأخرى. كلما ارتفاع مستوى الميوستاتن قلت قدرتك على بناء العضلات و كلما نقص زادتك قدرتك على بناء كتلة عضلية، الطريقة الوحيدة لمعرفة مدى مستوى الميوستاتن لديك تكون عن طريق السعي لتحقيق أكبر نمو عضلي ممكن.
العديد من العلماء يعتقدون أنه سوف يتم في المستقبل اكتشاف طريقة للتحكم في جينات الميوستاتن، و الذي سوف يكون فعالا لعلاج أمراض ضمور العضلات وغيرها ، وبالطبع أتصور فقط الوحوش التي ستكون على مسرح مسابقات بناء الاجسام عند حدوث ذلك, تصور محترف مثل روني كولمان مع زيادة 20-50% على كتلته العضلية!!
تحقق من هذه الدراسات والإكتشافات حول جين الميوستاتن:
عام 1997, قام علماء الوراثة الكسندرا ماكفرن و سي جين لي بإنتاج سلالة طفرة من الفئران التي تفتقر الى الميوستاتن, و سميت لاحقا ب " الفئران العظيمة", حيث كان ضخمة و تمتلك ضعف العضلات مقارنة بالفئران العادية
الدكتور ماركوس سخولك، سجل في مجلة نيو انجلاند الطبية أول حالة بشرية ذات طفرة في الحمض النووي تحول دون انتاج بروتين الميوستاتن. هذه الطفرة الوراثية جعلت الكتلة العضلية لدى الطفل ضعف الأطفال الآخرين من عمره
حالة أخرى غريبة اكتشفت لدى كلبة سباق تدعى ويندي, حيث كان انتاج جين الميوستاتن بطيء نسبة الى الكلاب الأخرى, و الذي أدى الى زيادة كبيرة في كتلة العضلات كما ترون في الصورة.
سلالة من الماشية المعروفة بالأزرق البلجيكي لديها ظروف جينية خاصة، تشوه طبيعي في هذه السلالة يخفف من فعالية عمل الميوستاتن لديها, مما أدى إلى نمو هذه الماشية بشكل ضخم و حصولها على كتلة عضلية كبيرة واضحة, سببها زيادة في عدد الألياف العضلية Hyperplasia.
اتمنى أن تكون قد ادركت الآن أن نمو عضلاتنا له حد، يعتمد هذا الحد على العديد من العوامل التي يصعب السيطرة عليها، ولكن في نفس الوقت يمكننا أن نفعل ما بوسعنا في العوامل التي نسيطر عليها، كالتدريب، التغذية و الراحة بالطريقة المثلى لدعم النمو.
الخلاصة:
جسم الإنسان (النظام البيولوجي للإنسان) قادر على التكييف فقط لكمية محدودة ومحددة من الضغط الواقع عليه حتى يتوقف عن التكيف أو يرجع للخلف في نهاية المطاف. كم لاعب بناء أجسام طبيعي وصل لحده و حاول كسر هذا الحد لينتهي به الأمر بزيادة كتلة الدهون أو التدريب المفرط, و الذي يؤدي الى الأصابة و تراجع المستوى.
لا تعتقد أنك سوبرمان، و أنه بامكانك الوصول لمستويات عالية جدا بشكل طبيعي، للأسف، لا توجد وسيلة حاليا تجعل جسدك في أي مكان بالقرب من لاعب بناء أجسام محترف بشكل طبيعي، ولكن هذا لا يجب أن يحبطك, فما زلت تستطيع الحصول على جسم مميز.
عندما بدأت التدريب و دخول عالم بناء الأجسام, كنت أيضا اعتقد بأن معظم محترفين بناء الأجسام طبيعيين، لكنهم يتمرنون أكثر و يأكلون أكثر, مع استعمال تلك الحبات الكبيرة التي يصعب زلطها. و بالطبع كلما تقدمت و تعمقت في هذه الرياضة, زالت غيوم السذاجة, و تفتحت عيوني بشكل كبير, حتى وجدت أنه ليس فقط هؤلاء المحترفون العمالقة يستعملون المنشطات، بل معظم الأشخاص الذين لديهم أجسام جيدة! و القليل جدا من الأشخاص الطبيعيين أخذوا انتباهي.
لذا استعمال المنشطات منتشر بشكل كبير جدا سواء رغبت أو لم ترغب بسماع ذلك, تلك هي الحقيقة.
مع كل هذا, ما زلت أكن كل الإحترام للاعبي بناء الأجسام الذين يفضلون البقاء طبيعيين, بالنسبة لهم والأمر يتطلب المزيد من العمل لتحقيق نتائج الصغيرة، سواء كان خيار البقاء طبيعي مبدىء, أخلاق, أو خوف من المخاطر الصحية, فهو خيار شخصي و لكم احترامي.
إذا وصلت إلى هذه النقطة من هذه المقالة و بدأت الاعتقاد انك وصلت الى حد النمو العضلي الخاص بك، و بدأت تتسائل لماذا أذهب و اتدرب! لا جدوى من الاستمرار في بناء الاجسام. أود أن أقول، إذا كنت واحدا من هؤلاء الناس، فإنك على الأرجح لم تصل حتى على مقربة من حد النمو الخاص بك، لأن الانسان الإنهزامي لن يصل الى اي شيء ذا قيمة.
للأشخاص الذين يقولون أن كل هذا ليس له أي معنى وأنهم سوف يصلون إلى مستويات عالية جدا بشكل طبيعي, أحيي تصميمكم وإرادتكم القوية، وأتمنى لكم كل التوفيق.
منقول
المصدر
شادي عيد مدرب شخصي, كاتب, و لاعب بناء أجسام متواجد حاليا في الإمارات.
