في اللقاء الأول أحسست أنك ِ نصفي الآخر ..
أسرح شعري .. أضع أحمر الشفاه .. ألبس ثوبي ..ثم حذائي .. أنظر في البعيد .. أسكب كأس نبيذ .. مسرعة أفتح الباب فالمطر ينتظرني في الخارج .. أرفع كأسي ووجهي ليقبلني المطر مصافحا .. أغمض عيني وأرتشف رشف طويلة ممتزجة بالرذاذ الذي راح يرسم دوائر تغيب في احمرار الكأس .. بين الزجاجة والكأس يعلو صوت البحر.. أستند على العامود مطلة برأسي إلى الأسفل فأرى شجرة الياسمين تعاتبني وكأنها تريد أن تشاركنا هذا الكرنفال .. وأسأل هل هو كرنفال من نوع خاص ؟؟..
أطوي درجات السلم نزولا وأقطف زهرتين من أزهار الياسمين ... تقول إحداهن للأخرى (( ما أجملنا في كأس النبيذ الأحمر )) ومن بعيد يأتي صوتك متعبا ..
/..في اللقاء الأول أحسست أنك ِ نصفي الآخر ، أحلامك الهاربة من الأساطير أثارت تفكيري .. .. أما جنونك .. كنت أقف أمامه عاجزا.. أسافر معه في حلم غريب بعيد .. والآن .. آه كم طالت المسافات .. أعترف لك بما أحس أنا الذي يحتلني الصمت وأشياء أخرى ..أنا الذي يملك زوجة وولدا .. ويعود صوتك موجوعا .. لماذا يضيع نصف عمرنا في البحث والتنقيب عن نصفنا الآخر فلا نجده ، وعند إقلاعنا عن البحث والتنقيب واستسلامنا لواقع فرضته أقدار حمقاء ، وفجأة ، نجد هذا النصف .. واسأل : هل الفرح طائر خرافي لا وجود له ؟؟.. ../
أرتشف آخر رشفة في الكأس .. أضعها على حافة السلم .. في القاع زهرتا ياسمين .. أنزل درجات السلم .. يأخذني الشارع المغسول بالمطر .. وقع حذائي يطرق الرصيف .. فجأة يصمت الشارع ولا يبقى إلا أنين حذاء يبحث عن درب بعيد .. بعيد..
