قمة بيروت.. قمة التطبيع.. قمة فريدمان!

* ماذا يعني حضور مبارك من غيابه؟ * وزير قطر الغبي فضح الطابق وكشف اسباب زعل الأمير المطبّع! * الغائبون منهم محاصرون ومنهم أموات في غرف الانعاش * الفلسطينيون ارسلوا رسالتهم للمؤتمرين والشعب العربي سيقول كلمته

الوطن (خاص) كتب المحرر السياسي :

وأنت تستمع إلى مراسل الجزيرة في بيروت وهي ينعي للعرب غياب مبارك، تظن أن لهذا الرئيس حضوراً، حتى يكون له غياب. وحين تسمعه يقول: (غياب مبارك سيترك فراغاً كبيراً في القمة) تلعن نشرات الأخبار ألف مرة ومرة، فإذا كانت القمة بالأصل فارغة أو مفرغة من محتواها منذ 54 عاماً، فأي فراغ سيتركه هذا الرئيس الممعن في السلبية والانبطاح والغياب، وصاحب مقولات (واحنا مالنا) و (اللي عاوز يحارب يحارب)
والحقيقة اللاسعة مثل سم الموت، أن نصف العصابة، أو أقل من نصفها الذين التئموا في بيروت، على بعد أميال من ترسانة وعنجهية شارون، ما جاءوا أصلاً إلا للبصم والتطبيع، فيما الذين لم يحضروا، تغيبوا لأسباب تكشف هوان العرب وانهزامية حكامهم الميامين. فمن الرؤساء من تغيب لأنه محاصر كالرئيس العراقي والرئيس الفلسطيني، ومنهم من في غرف الانعاش كشيخ الكويت، وولي عهده وشيخ الإمارات، ومنهم من لديه ارتباطات أخرى في جدول مواعيده، أو هواجس أمنية كعاهل الأردن، الذي اشيع أن غيابه كان بسبب مؤامرة من حزب الله وإيران لاغتياله!!
أن هؤلاء الحكام الحاضرين والمتغيبين، هم أبعد ما يكونوا في محل تمثيل شعوبهم، التي تبدو هذه المرة في حالة غليان شديد، بعد انهيار النظام العربي، والحقيقة السامة التي ظلت الشعوب العربية تتجرعها على مدى نصف قرن، أنهم محكومون بعصابة من المخصييبن إلا ما ندر منهم، وأن غالبية الحكام العرب يحملون سنحة واحدة، هي سنحة الاستعمار الحديث بأبشع صوره.
وهو استعمار تنتشر بوارجه وحاملات طائراته وصواريخه وجنوده في مياه العرب وفي أراضيهم وسمائهم، تحت مسميات غبية مثل معاهدات الدفاع المشترك.
وهو الاستعمار نفسه الذي يملي سياسته بالسر والعلانية على حكام العرب، فالرئيس الأمريكي جورج بوش لم يكتف مثلاً بتوصياته وصياغاته لمقررات القمة عبر الحقيبة الديبلوماسية أو القنوات السرية، لكنه أراد أن يفرض حضوره العلني على القمة، فالمبادرة السعودية التي تطالب بالتطبيع مقابل الانسحاب فقط (وما أكثر ما تنسحب اسرائيل وما أكثر ما تعاود احتلالها) هي بالنهاية مبادرته التي أرسلها مع فريدمان، والقمة التي انعقدت هي قمته وقمة فريدمان، فما الذي يمنعه من توجيه توصياته شخصياً وعبر المتحدث باسمه للحكام العرب كي يتبنوا هذه المبادرة، ولا يشغلوا أنفسهم باسئلة حضور عرفات وغيابه، وكأن غياب عرفات لا يشكل أهانة لاعضاء العصابة مجتمعين وغائبين.
والمعروف أن عبد الله كان قد هيأ الأجواء قبل انعقاد القمة لتتجرع الشعوب العربية السموم برفق وعلى دفعات. وقد فضح الطابق، الشيخ الغبي حمد بن ثاني وزير قطر، والذي ألمح للأسباب التي جعلت أميره يقاطع هذه القمة.
فالشيخ الوزير قال عبر قناة الجزيرة التي يمتلكها هو وأميره: (بعض العرب قاطعوا قطر لأنها طبّعت مع اسرائيل، رغم أن العرب (باسوا) الاسرائيليين في مؤتمر مدريد) وقال: (أن قطر طالما قالت لازم نجلس معاهم (الاسرائيليون) حتى نجد حلاً يوقف سفك دماء اخواننا الفلسطينيين، ولكن بعض الجهات قاطعتنا من خلال المؤتمرات لموقفنا هذا)
واعرب الشيخ عن غضبه وغضب أميره قائلا: (يعني علينا الآن أن نذهب للتطبيع مع اسرائيل.. أما كان من الأفضل لو ذهبنا قبل من أن نذهب الآن)
وأضاف الوزير : (ان التطبيع ضروري وأمر حاصل لا بد منه)
اذن كلام الشيخ يدل على أن أمير قطر الذي انقلب على والده واستولى على الحكم، زعلان من العرب الذين لم يسمعوا كلامه بضرورة التطبيع مع اسرائيل منذ زمن طويل، وقام هؤلاء الحكام بانتقاد قطر ومقاطعتها والمزايدة على مواقفها في الوقت الذي هم يطبعون بالسر والعلانية أحياناً. وها هم اليوم يجتمعون بقمتهم من أجل اقرار التطبيع.
* * *
هذه القمة التي انعقدت في بيروت، تسمر لمشاهدتها ملايين العرب، ليس انتظاراً لقرارات هامة ومصيرية، بل لمشاهدة آخر فصول دعارة الحكام المخصيين، والذين لا يملكون من أمرهم شيئاً، وتابعت الجماهر انهيار ما يطلق عليه (النظام العربي) وشاهدوا السخافات التي منعت زعماء عرب من الحضور، في وقت يتعرض فيه العرب لحرب ابادة، شبيهة بحرب ابادة الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية.
والذي يعجز عن ادراكه مثل هؤلاء الحكام، أن للشعب دائماً كلمته التي لا توقفها وحشية شارون ولا حرب بوش على كل ما هو عربي واسلامي بحجة محاربة الإرهاب، وقد ارسل الفلسطينييون دون تأخير رسالتهم إلى القادة العرب الحاضرين والمتغيبين في عملية ناتانيا، فيما تواصل تندر الجماهير العربية على حكام يبدون كعرائس الدمى، لا يجتمعون إلا لالتقاط الصور التذكارية واصدار بيانات التطبيع والتوسل لشارون وأمريكا. وان كانت هذه الشعوب اليوم تتندر وتراقب بصمت أو عبر مظاهرة احتجاج وتنديد هنا وهناك فان انفجار هذه الشعوب قادم لا محالة، وحينها حتماً ستغيب عن الساحة عروش كثيرة طغت وظلمت وخانت شعوبها وأوطانها ودينها وقيمها.
www.watan.com
اليهودي المتعصب توماس فريدمان