رسالة إلى صديق الصهيونية الوفيَ : توماس فريدمان
رسالة إلى صديق الصهيونية الوفيَ : توماس فريدمان
9/4/2002
القاهرة - العصر
--------------------------------------------------------------------------------
صديق الصهيونية الوفي، طالعنا من خلال مقالاتك هجومك على الأنظمة العربية، وتركيزك على مؤسسات الحكم ومناهح التعليم، وطالبت بحفر عقول العرب والمسلمين، بدل حفر آبار البترول، وانصبّت مقالاتك المتعاقبة أنه لا حل لأمريكا سوى أن توقف دعمها للدول الإسلامية حتى يتغير التعليم. وحينها انطلقت لجان أمريكية إلى اليمن ومصر والسعودية وباكستان لتحقيق هدف واحد وهو الضغط على تلك الدول وإقناعها أن النظام التعليمي الذي تتبعه يشكل أحد مصادر الإرهاب.
وللأسف الشديد، تخاذلت الدول العربية والإسلامية، وعجزت عن اتخاذ موقف موحّد، تطالب من خلاله أمريكا أن تغير مناهجها الإعلامية والدعائية، التي هي بمثابة أجهزة تبث الحقد والكراهية لكل ما هو مسلم وعربي، وعجزت أيضاعن مطالبة إسرائيل بتغيير مناهجها التعليمية التي جعلت جنودها يقتحمون أحد البيوت، فيقتلون بدم بارد أم لأربعة أطفال ثم يحطمون أثاثات البيت ومحتوياته، ويجلس أحدهم وهو يداعب أصابع قدمه أمام الكاميرا التي صورت الأحداث كأنها رحلة خلوية، قائلا: لا أدري ما الذي جاء بي إلى هذا المكان القذر؟ يبدو أنها حملة تطهير للتخلص من كل ما هو قذر (يقصد العرب والمسلمين). وقد نشرت قناة السي بي إس تقريرا مطولا عن هذا الفيلم الذي يوحي بوحشية الجندي الإسرائيلي على الرغم من الاحتجاجات التي لاقتها القناة من اللوبي الصهيوني.
وبما أنك صهيوني أصيل فلا شك أن صورة الجنود الإسرائيليين وهم يأخذون صورة تذكارية بجوار جثة فلسطيني أعزل قتل على أيديهم لم تغادر مخيلتك، ومشاهد الاعتقالات والاغتيالات التي طالت العزل من النساء والأطفال والتي ترتكب على مرأى ومسمع مما يسمى بـ " المجتمع الدولي" دون أي تحرّك إيجابي، بل وحتى الأمريكية التي قتلت في المواجهات لم تسأل عنها حكومة خارجيتك لا لشيء إلا لأنها مسلمة من أصل عربي.
أتمنى منك قبل أن تطالب الدول العربية بالتحرك لإيقاف موجات الحقد والكراهية، أن تتحرك أنت بقدراتك الإعلامية ونفوذك السياسي، لإيقاف حملات الحقد والكراهية التي يشنها الإعلام الأمريكي، والتي جعلت 43 بالمئة من الشعب الأمريكي يفضّلون أن تستمر إسرائيل في حملتها التطهيرية ومجازرها ضد الشعب الفلسطيني وألا تنسحب من الأراضي الفلسطينية.
