السعودية وافساد سلاح النفط
قدمت المملكة العربية السعودية مكافأة سخية للولايات المتحدة الامريكية وادارتها الحالية بضخ كميات اضافية من النفط لافساد خطوة العراق في وقف صادراته دعما للانتفاضة، واحتجاجا علي المجازر التي يرتكبها ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي بمباركة امريكية.
فقد تراجعت اسعار النفط يوم امس بنسبة اثنين في المئة بعد التصريحات التي ادلي بها السيد علي النعيمي وزير النفط السعودي في ندوة انعقدت في الولايات المتحدة، وقال فيها صراحة ان بلاده ودولا اخري في منظمة اوبك، تتعهد بتعويض اي نقص في الامدادات العالمية من جراء توقف الصادرات النفطية العراقية.
واللافت ان هذه المكافأة السعودية المجانية تأتي في وقت يشن فيه الشعب السعودي، وكل الشعوب العربية الاخري حملة لمقاطعة البضائع الامريكية، تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية واحتجاجا علي التأييد الامريكي الفاضح للمجازر الاسرائيلية في الضفة الغربية، الامر الذي يؤكد، دون مواربة، علي ان الحكومة السعودية في واد وشعبها في واد آخر، ولا نقول انها تحتقر هذا الشعب ومطالبه، ولا تعير اي اهتمام لمشاعره الاسلامية والقومية.
فاذا كانت الحكومة السعودية لا تريد استخدام النفط كسلاح لدعم الانتفاضة، والاحتجاج علي الانحياز الامريكي للعدوان، فان اقل ما هو مطلوب منها ان تمتنع عن زيادة انتاجها بطريقة مخجلة لافساد الخطوة العراقية، وتثبيط همم الدول الاخري للحذو حذوها، ووقف صادراتها النفطية.
صحيفة التايمز البريطانية قالت ان جولة كولن باول وزير الخارجية الامريكي الاخيرة في المنطقة لم تفشل ابدا، بل حققت النجاح الاكبر في محطتها الاولي في المغرب، وبعد اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الامريكي مع الامير عبد الله بن عبد العزيز الذي تعهد بالحفاظ علي استقرار اسعار النفط، وعدم حدوث هزة في الاسواق من جراء وقف العراق لصادراته النفطية.
الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي عارض استخدام النفط كسلاح في المعركة ضد اسرائيل، او لتحقيق اهداف سياسية، وقال ان النفط ليس دبابات ولا طائرات. ونحن نختلف معه مرتين، الاولي لاننا نعتقد ان سلاح المقاطعة الاقتصادية بكل اشكالها هو سلاح مشروع استخدمته الولايات المتحدة بفاعلية ضد اعدائها وما زالت، اما النقطة الثانية فهي تتلخص في عدم استخدام المملكة العربية السعودية لطائراتها ودباباتها، وهي التي تملك الآلاف منها في اي معركة من معارك الامة العربية ضد اسرائيل.
فالسعودية انفقت مئات المليارات من الدولارات علي شراء احدث الطائرات والدبابات ولكنها لم تستخدم هذه الاسلحة الا في معارك ضد جيرانها العرب، مثل اليمن والعراق، ولم ترسل طائرة او دبابة واحدة للقتال الي جانب دول المواجهة.
والاكثر من ذلك ان المملكة العربية السعودية ممثلة في الامير عبدالله ولي عهدها، قدمت مبادرة سلام تجاهلت بالكامل حق العودة لاكثر من خمسة ملايين فلسطيني، وتعهدت بالتطبيع الكامل مع الدولة العبرية، مقابل تخفيف الحملة الاعلامية التي يقف خلفها بعض اعضاء اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.
لا يريدون استخدام النفط كسلاح، ولا يريدون استخدام اسلحتهم الحديثة من طائرات ودبابات، ويتقدمون بمبادرة سلام في الوقت الخطأ، وللاسباب الخطأ، ويفسدون اي تحرك للاخرين يمثل الحد الادني، اي وقف الصادرات النفطية، اذن فليقولوا لنا ماذا يريدون؟
www.alquds.co.uk
