اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aakapel
وفيك بار ك أخي الحبيب
عرض للطباعة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aakapel
وفيك بار ك أخي الحبيب
فنجان قهوة
البطل والظروف
ميرابو، خطيب الثورة الفرنسية الذي كان يلهب الجماهير ويشعل أحاسيسها بخطبه البليغة عن الحرية والإخاء والمساواة، لم يكن يحسن الخطابة في المراحل الأولى من الثورة، فقد كان صوته رتيبا ومخارج حروفه غير سليمة، وكان يضطرب لدى مواجهة الجماهير. وعندما شعر بأن الثورة بحاجة إلى “محرّض” يحرك مشاعر الجماهير ويدفعها إلى الدفاع عن مبادئها وتحقيق هذه المبادىء، صار يخرج كل مساء إلى شاطئ البحر يتأمل الرمال والصخور والأمواج بينما السكون الرهيب يغلف كل شيء من حوله، ثم يتخيل الرمال والأمواج جماهير تحتشد أمامه، ويبدأ بإلقاء خطب نارية ملتهبة فيها، وعندما يصبح باستطاعته التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر يعود إلى منزله ويخلد للنوم، وقد أرهقته الخطابة، وخلال فترة وجيزة كان أفضل خطيب عرفته الثورات في تاريخها.
والسير وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، الذي وصفه المؤرخون بأنه “أفضل خطيب في التاريخ”، لأن خطبه أثناء الحرب أثارت حمية البريطانيين ودفعتهم على الصمود بينما غارات الطائرات الألمانية تصب حممها عليهم على مدار الساعة، لم يعرف عنه قبل الحرب انه كان خطيبا، أو يتمتع بمقدار من الذكاء، فقد كان سياسيا عاديا لا يلفت اهتمام كبار الزعماء البريطانيين، وكان يعاني من التأتأة والديليكسيا، وأثناء الدراسة كان بليدا إلى درجة أن أحد أساتذته نصحه بترك الدراسة واختيار مهنة تساعده على العيش في المستقبل، ولكن تشرشل تغير كثيرا أثناء الحرب وأصبح من أبرز السياسيين البريطانيين، ومن كبار القادة في التاريخ الذين يستطيعون حشد شعوبهم وراء هدف. وكلام مشابه يمكن أن يقال عن الزعيم النازي أدولف هتلر.
وكثيرون هم الزعماء الذين وجدوا أنفسهم في ظروف صنعت زعامتهم، وكأنما الظروف هي التي تصنع البطل. ولكن بعض الأبطال تمكنوا من جمع شعوبهم حول قضية وحولوا هذه القضية إلى قضية شعبهم الأولى، فساهموا بذلك ب”صنع الظروف”. ولا شك في أن صمود المقاومة في جنوب لبنان والبطولة التي أبداها المقاتلون في وجه العدوان “الإسرائيلي” يعودان بالدرجة الأولى إلى نبوغ حسن نصر الله في تعبئة مقاتليه وطنيا.
وإينشتاين الذي وصف بعض العلماء ذهنه بأنه في حجم الكون كان شبه معاق، ولم يبدأ النطق إلا في السنة الرابعة من عمره، وظل حتى سنوات متأخرة من حياته عاجزاً عن التعبير عن رأيه بوضوح، كما كان يعاني من أحلام اليقظة، وكل من عرفه في طفولته، بمن في ذلك والداه، كان يقول إنه لن يحقق أي نجاح في حياته، وفي المدرسة كان بليدا إلى درجة أن أحد أساتذته قال له: “ستظل فاشلا طوال حياتك، ولن تتمكن من تحقيق أي شيء في المستقبل”، وكل الظواهر كانت تشير إلى أن حكم أستاذه صحيح، فقد فشل إينشتاين في شبابه حتى في تعلم قيادة السيارة، وبعد أسابيع طويلة من التدريب اكتشف ان كل ما يعرفه عن القيادة هو تشغيل محرك السيارة، وفتح الباب لدخولها والخروج منها، وظل طوال حياته يستخدم سيارات الأجرة.
ولا بد أن هنالك شخصا ما أقنع إينشتاين، في مرحلة ما من حياته، بإن السبيل الوحيد أمامه لتوفير لقمة عيشه هو: أن يهتم بالدراسة، واقتنع إينشتاين بذلك، وكانت تلك هي نقطة التحول الكبيرة في حياته، التي أوصلته في النهاية إلى أقصى مراحل النجاح.
ولعلها الظروف هي التي هيأت لإينشتاين اللقاء بهذا الرجل الذي لا يعرفه أحد، رغم أنه صنع عبقرية إينشتاين.
أبو خلدون
فنجان قهوة
السقوط التراجيدي
في أواخر عام 1992 أصدر الجنرال الأمريكي المتقاعد هاميلتون هاوز كتابا على درجة عالية من الأهمية عنوانه: “السقوط التراجيدي.. أمريكا عام 2020”.
وفي مقدمة الكتاب، يقول المؤلف الذي تقلب في مناصب عسكرية عدة بارزة في بلاده والخارج “إن رأيي الذي أعرضه في هذا الكتاب مبني على ما حدث للشعب الأمريكي من تغير في الأعراف وأنماط السلوك منذ عام ،1945 عندما خرجت أمريكا منتصرة من الحرب العالمية الثانية وأسهمت في تخليص العالم من النازية والفاشية، وأنقذت أوروبا من الدمار بمشروع مارشال، وفي ذلك الحين، كانت الولايات المتحدة من أكثر دول العالم أمانا واستقرارا، وأكثرها تطورا في السياسة والتكنولوجيا، أما الآن، فقد تراجعت أمريكا بشكل مأساوي، ولم تعد كما كانت في الماضي”.
وحتى الآن، ما زال يفصلنا عن عام 2020 الذي حدده الجنرال هاميلتون بداية للسقوط الأمريكي الكبير 14 سنة، وهي فترة تمر في غمضة عين في حياة الشعوب، وقد يبدو من المثير ان يتحول رجل عسكري أمضى حياته كلها في الثكنات الى عالم اجتماع، ولكن هاميلتون لا يتحدث عن المثالب الاجتماعية من حيث تأثيرها في المجتمع فقط، وإنما من حيث تأثيرها في الجيش، وهو يقول: إن هذه المثالب قضت، أو كادت، على التقاليد العسكرية الأمريكية، وحولت الجيش الأمريكي الى جيش استعراضات، رغم السمعة التي تحيط به، ويقول: “من الظواهر التي لم نعهدها في السابق وباتت مألوفة في عالم اليوم، وستؤثر في مستقبلنا في الغد، ظاهرة تحول النساء إلى رجال، والرجال إلى نساء، والتساهل إزاء الشواذ في الجيش، وكثرة تحرش المجندين بالمجندات، مما يتنافى مع القيم العسكرية، واحتماء البعض وراء الحرية الشخصية للخروج على التقاليد السوية”. ويرى الجنرال هاميلتون أن الإفراط في تقدير وممارسة الحرية الشخصية في أمريكا تعدى كل الحدود.
ومن الظواهر التي لم تكن مألوفة في المجتمع الأمريكي وأصبحت منتشرة، بدعوى الحرية الشخصية، كما يقول هاميلتون، ظاهرة انتشار المجلات والأفلام والسلوك الإباحي، وقد وصلت هذه الظاهرة حتى إلى أوساط الجيش، ويذكر هاميلتون في كتابه أنه كان يصاب بالصدمة عندما يضبط مجلات أو أفلاماً من هذا النوع مع مجنديه، ليجد من يقول له: “إن الأيام تغيرت، وينبغي عليك ان تغض الطرف”. ويذكر الجنرال في كتابه ان هذه الظاهرة أدت إلى انتشار التجاوزات الأخلاقية والشذوذ بين الجنود، وفي المجتمع ككل أدت إلى انتشار جرائم القتل والاغتصاب والأطفال غير الشرعيين.
وعندما يتحدث هاميلتون عن الظواهر الغريبة في المجتمع الأمريكي، فإنه يتوقع ان تحل محل العلاقات الطبيعية بين الناس، قبل حلول عام ،2020 ويتوقع عندها السقوط الأمريكي الكبير. كما أن هذا الجنرال يعيد إلى الأذهان ما قاله توينبي من أن الحضارات التي عرفها الإنسان عبر تاريخه سقطت من الداخل، ولم تسقط من الخارج.
14 سنة أمريكا، يستطيع أن يبتلعها الناس، ولكن، عندما تكون الإمبراطورية بحجم أمريكا.. يكون سقوطها مريعاً بالفعل.
أبو خلدون
فنجان قهوة
البحث عن الذات
كان يتحدث، وكنت استمع إليه باهتمام بالغ، فهو شاب في مقتبل العمر بدأت رحلته الطويلة في البحث عن الذات، قال:
قررت، قبل مدة أن أصبح شاعرا (!!)، كنت أظن أنه يكفي أن أتخذ قراراً ليتيسر لي تنفيذه. لم أكن أرغب في أن أصبح شاعراً تقليدياً مثل المتنبي وأبي العلاء المعري وأحمد شوقي، فهؤلاء كانوا يكتبون لجيل غير جيلنا، ويؤمنون بمفاهيم وقيم تختلف عن المفاهيم المعاصرة التي يؤمن شباب هذه الأيام بها، فضلا عن أنني لا أسمع أسماءهم تتردد إلا على ألسنة تلاميذ المدارس عندما يبدون تبرمهم من صعوبة حفظ النصوص، ولذلك قررت أن أكون شاعراً حداثياً. تعرف ولا شك أولئك الذين يصفون أنفسهم بالحداثيين، هؤلاء هم الذين قررت أن أكون منهم. وبدأت أكتب وأكتب، محاولا الجري على نسقهم، وأحاول أن تكون صوري وتعابيري غريبة وشديدة الغموض، لكي لا يفهمها الناس، وعندما أغالب الغموض فيغلبني، كنت ألجأ إلى كتابات الحديثين، فأستعير تعبيرا من هنا وآخر من هناك، وأصنع منهما قصيدة، ثم أذهب إلى حيث يلتقي أفراد قبيلة الشعراء لألقي عليهم ما كتبت فلا أحد يستمع، كما لا يستمع أحد عندما يقرأون هم أيضا، وبعد أشهر من مصارعة الشعر، بدا لي أن الشعراء لا مستقبل لهم، فأنا لا أعرف شاعرا أصبح مليونيرا من وراء شعره، فضلا عن أنني كنت أتصور أنني خلال أشهر قليلة من بدء كتابتي للشعر سأمسح عزرا باوند وأليوت وإدونيس ومحمود درويش من الوجود، ولكن المسافة بيني وبينهم ظلت أبعد من المسافة بين الأرض والنجوم في الفضاء.
وقررت هجر الشعر، واتجهت إلى الغناء، لعله من الأفضل أن أكون مطرباً، أو موسيقياً، فالغناء ليس صعباً شغله، فنجوم استوديوهات الفن ليسوا بأفضل مني، فضلاً عن أن صوتي أجمل من أصواتهم بشهادة الجميع، ومرة أخرى لم أكن أرغب في أن أصبح مطربا مثل عبدالوهاب، أو فريد الأطرش الذي كان يملأ الدنياء بكاء ونحيبا في أغانية، بل حتى ليس مثل عبدالحليم حافظ الذي كانوا يسمونه العندليب الأسمر، أريد أن أكون مطربا شبابيا يقدم اسهامات للأغنية الشبابية، فهذا النوع من الأغاني هو الذي يحبه الشباب هذه الأيام، ولذلك جمعت كل ما في مكتبتي من دواوين شعرية، وألقيتها طعما للنيران، وأشتريت “أورغ” كهربائياً، ومجموعة بوسترات لكبار المطربين والمطربات، مثل نانسي عجرم وروبي وأليسا وهيفاء وهبي، وملأت جدران غرفتي بالصور، واتفقت مع مجموعة من أصدقائي على تكوين فرقة غنائية شبابية على غرار الباك ستريت بويز والفور كاتس، وبدأنا نتدرب على العزف والغناء. وأسعدني أن أصدقائي أوكلوا لي مهمة رئاسة الفرقة التي أطلقنا عليها اسما غربيا جذابا طبعناه على كل تي شيرت نرتديه، وبدا لي أنني أصبحت على بعد خطوات من تحقيق حلمي، فأنا الآن رئيس فرقة موسيقية غنائية، وغدا ستشتهر الفرقة وتصبح معروفة، ونشتهر معها جميعا، وما العيب في الفرقة الموسيقية الغنائية، إن الدكتور أبو عوف هجر الطب من أجل تأليف فرقة غنائية، وفرقة الفور كاتس تحصل في ليلة واحدة على مبلغ يزيد على المبلغ الذي يحصل عليه كل الشعراء العرب في سنة كاملة، ولكننا جميعا سرعان ما شعرنا بالملل، وهجرنا الفرقة.
وحدثني الشاب عن اتجاهه للرسم، وهجره بعد ذلك بفترة، وعودته الى الكتابة، ولكن لكتابة القصة، وهجرها أيضا، وسألني النصيحة، قائلا: “ماذا أفعل؟” فقلت له: “ينبغي أن تعرف استعداداتك الفطرية أولاً، ثم أن تعرف ما تريده ثانيا، ثم تحسن اختيار القدوة الملهمة التي تعينك على الاستمرار في طريقك ثالثا، وتحمل الصعاب التي قد تواجهك في مسيرتك، وأنت ياصديقي لم تعرف حتى الآن ما تريده، ولم تتعرف إلى استعداداتك الفطرية ولا تحسن اختيار القدوة، ويهيأ لي أنك مستعجل تريد أن تصل إلى النجاح خلال أسابيع”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الطلاق في الغرب
الذين يأخذون علينا سهولة الطلاق في تشريعاتنا (وهو ليس سهلا بالمناسبة) نقول لهم إن الطلاق في الدول الغربية يمكن أن يتم لأسباب تافهة جدا، ففي الولايات المتحدة مثلا يمكن أن يحصل الزوج على الطلاق إذا كان شريكه يدمن الكمبيوتر، أو متابعة برامج التلفزيون أو مباريات كرة القدم على الشاشة الصغيرة، أو كان يحب اللعب بمكعب روبيك، والطلاق في أمريكا يتيح للمرأة الحصول على نصف ثروة زوجها بالطبع، وإذا كان الزوج يهوى أحد هذه الأشياء فإنه يخسر زوجته، ونصف ثروته.
ومكعب روبيك الملون ابتكره أحد العلماء لمساعدة الذين يعانون من التخلف العقلي، فتحول في الدول الغربية إلى لعبة شعبية.
وفي كندا، يكفي أن يثبت الزوج أن شريكه يعاني من الشخير أثناء النوم حتى يحصل على الطلاق على الفور، وفي إيطاليا يمكن أن يحصل أحد الطرفين على حكم بالطلاق إذا أجبره شريكه على القيام ببعض الأعمال المنزلية، إذا لم يكن هو راغبا بها، مثل غسل الصحون، أما أجداد الرومانيين القدماء الذين صنعوا حضارة روما، فقد كانوا يقرون الطلاق في حالة واحدة فقط هي: الخيانة الزوجية والقرائن التي قد تدل عليها، مثل: أن تصنع المرأة نسخة عن مفاتيح زوجها، أو أن تشرب النبيذ قبل اكتمال تخميره، أو ان تسرف في شربه، وقد ابتكر الرومان طريقة طريفة لفحص نسبة النبيذ التي استهلكتها المرأة هي “القبلة” حيث يدنو الرجل بشفتيه من شفتي المرأة، وإذا شم رائحة نبيذ عرف أنها مسرفة في الشرب، وقد عاشت هذه الطريقة إلى الآن، وانتقلت إلى العالم كله، وهي تستخدم حالياً سواء أسرفت المرأة في الشرب أم لا.
وفي بريطانيا، يعتبر الاستخفاف بشؤون الزوج مبررا للطلاق، وقبل مدة حصل أحد هواة كرة القدم على حكم بالانفصال عن زوجته لأنها غسلت قميصه المفضل الذي يحمل اسم فريقه مع باقي الغسيل، وكان في جيب القميص ورقة تحمل توقيعا من نجمه المفضل إضافة إلى أوراق أخرى.
وفي اليابان توافق المحكمة على إصدار حكم بالطلاق إذا كان شريك الحياة ينام بطريقة لا تعجب شريكه طالب الطلاق، أما في كوريا فهنالك سبعة أسباب تبرر المطالبة بالطلاق في مقدمتها معاملة أهل الزوج بطريقة لا تدل على الاحترام، أما الأسباب الأخرى مثل عدم التفاهم وعدم الاتفاق فإنها لا تعتبر أسبابا وجيهة.
وفي بعض الدول الآسيوية يحق للرجل المطالبة بالانفصال عن زوجته إذا لم تنجب خلال السنوات الثماني الأولى من الزواج، أو إذا أنجبت أطفالا ميتين، و”أم البنات” أي التي تنجب بناتا يحق لزوجها المطالبة بالانفصال بعد السنة الحادية عشرة من الزواج. وإذا اكتشف الزوج، أو الزوجة، إنه تعرض لخديعة بالزواج يحق له طلب الطلاق على الفور، ومن ذلك إن رجلا طلب الانفصال عن زوجته لأنه اكتشف ليلة الزواج إنها صلعاء. وفي الصين توافق المحاكم على الطلاق على الفور إذا أثبت الشريك إن شريكه من النوع “المشاكس” أو “الثرثار” الذي يهوى سماع الإشاعات ونشرها.
ومبررات الطلاق في الثقافة الغربية كثيرة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على عدم احترام مؤسسة العائلة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
رقابة أمريكية
أول فيلم أمريكي لم يخضع للرقابة بدأ عرضه في دور السينما في نيويورك ولوس أنجيلوس يوم الجمعة الماضي. والفيلم يحمل اسما طريفا هو “This Film Is Not Yet Righted” أي “هذا الفيلم لم يحصل بعد على ترخيص للعرض” وهو فيلم وثائقي يبدو وكأنه تحقيق صحافي طويل عن الرقابة التي “يفرضها الاحتكاريون في هوليوود” على صناعة السينما الأمريكية، وأهداف هذه الرقابة وصحتها.
والأفلام الأمريكية تخضع للرقابة، كما هو الحال في أية دولة من دول العالم المتخلف الذي كان الأمريكيون يطلقون عليه اسم “العالم الثالث”، رغم أن النظام الأمريكي يتبجح بأن حرية التعبير تشكل إحدى الركائز الأساسية في النظام السياسي الأمريكي. والرقابة الأمريكية على الأفلام ليست حكومية، بمعنى إنها ليست تابعة رسميا لجهة حكومية، وإنما هي رقابة ذاتية من داخل هوليوود نفسها، وتقوم بها جمعية تحمل اسم “جمعية السينما الأمريكية” التي تضم كبار منتجي الأفلام مثل شركات فوكس وبارامونت وسوني بكتشرز ويونيفرسال ووالت ديزني وورنر، والهدف المعلن لهذه الجمعية هو مراجعة الأفلام قبل عرضها، وإصدار تصاريح بالعرض، لحماية الأطفال من المشاهد التي قد تكون مسيئة لهم، بينما الهدف الحقيقي هو حماية مصالح شركات هوليوود الكبرى التي تحتكر عضوية مجلس إدارة الجمعية.
وفي “جمعية السينما الأمريكية”، يتم تصنيف الفيلم حسب درجة عنف المشاهد التي يتضمنها، ومشاهد العري، واللغة الفاضحة التي يستخدمها الممثلون في حواراتهم، ويعطي الفيلم درجة “جي” إذا كان يسمح لكل فئات المشاهدين بمشاهدته، ودرجة “بي جي” إذا كانت الضرورة تتطلب وجود شخص راشد مع الأولاد، و”بي جي 13” لضرورة وجود الأهل مع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة، و “آر” لضرورة وجود راشد مع الذين تقل أعمارهم عن 17 سنة، و”سي 17” للكبار فقط. وقد أنشأ هذا النظام عام 1968 جاك فالنتي رئيس جمعية السينما خلال الفترة من 1966 حتى 2004. ولكن المعايير التي استخدمها فالنتي اصبحت الآن مطاطة جداً، بحيث تتجاوز الجمعية مشاهد العنف والإباحية وتبيح الفيلم للجميع اذا كان من انتاج شركة كبيرة مثل شركة فوكس.
وفيلم “هذا الفيلم لم يحصل بعد على ترخيص للعرض” تحقيق مطول حول هذه الجمعية، استعان مخرجه كيربي ديك بمخبرين خاصين لكشف أسرار جمعية السينما، وأجرى مقابلات مع مخرجين وخبراء وأعضاء سابقين في الجمعية، ليكشف في النهاية أن عمليات منح التصريح تسير بطرق سرية وملتوية، وحسب معايير مثيرة للاعتراض، يفرضها أشخاص بينهم من جرى تعيينهم من قبل زملاء لهم في الجمعية يشكك الفيلم بصفتهم التمثيلية، ويقول الفيلم إن هذه التركيبة الغريبة لإدارة الجمعية هي التي جعلت صناعة السينما تتساهل إزاء مشاهد العنف في الأفلام، ولا تصنف الفيلم بأنه للكبار فقط إلا إذا كان يحتوي على مشاهد جنسية فاضحة، بينما مشاهد العنف أكثر خطرا على الأطفال من مشاهد الجنس.
ويكشف الفيلم أشياء مثيرة جدا عما يجري في كواليس الجمعية الأمريكية للسينما، ويستشهد ببعض مقاطع أفلام جرى تصنيفها بشكل خاطىء ليدعم فكرته، وبسبب المقاطع التي يحتويها الفيلم جرى تصنيفه من قبل الجمعية في فئة “للكبار فقط”، ربما لكي لا يعرف شباب أمريكا دون السابعة عشرة أن أفلامهم تتعرض للمراقبة.
أبو خلدون
فنجان قهوة
أسرار الأهرامات
قبل مدة، اثار عالم آثار أمريكي يتمتع بالحاسة السادسة، إلى جانب اختصاصه العلمي، ضجة عالمية عندما أعلن أن أهرامات الجيزة وأبو الهول، التي تعتبر من أكثر الآثار العالمية غرابة وغموضا، ليست معجزات هندسية في البناء ومدافن للفراعنة فقط، وإنما مكتبات كاملة، فهي تحوي في داخلها آلاف المخطوطات في مختلف العلوم والفنون وأساليب العيش في مصر الفرعونية، وبعض هذه المخطوطات تكشف جوانب مثيرة حول مهارة الفراعنة المعجزة في البناء والعلوم الطبية، إلى جانب وثائق سجل فيها الفراعنة كل ما توصلوا إليه من علوم وفنون لو قدر لها أن تخرج إلى النور في العصر الحاضر لأحدثت ثورة في حياتنا. وفي الأيام الأخيرة أعلن عدد من العلماء البارزين رأيا مشابها أعاد القضية إلى دائرة الضوء بقوة.
والأهرامات يزيد عمرها الآن على 4500 سنة، ومع ذلك فإن معظم الغرف بداخلها لا تزال مغلقة لم يدخلها إنسان، ومنها غرف الفرعون وزوجته، وكان الخليفة المأمون ، في أوائل القرن التاسع الميلادي، قد أمر بإجراء بعض عمليات الحفر وإحداث ثغرة في جدار إحدى الغرف لكي يتمكن من دخولها، وعن طريق هذه الثغرة دخل نابليون أثناء حملته لمصر وخرج من الغرفة وهو يرتجف، ولم يفصح عن سر اضطرابه، واكتفى بالقول: “ما الفائدة..لن يصدقني أحد”.
وترفض الحكومات المصرية المتعاقبة السماح بإجراء حفريات في منطقة الأهرامات وأبو الهول، أو إحداث ثغرات في جدران الغرف، خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار هذه المعجزة المعمارية التي تعتبر إحدى معجزات الدنيا السبع، ويقول عالم الآثار بيتر سندرسون الذي تلقى تدريبات على تنمية حاسته السادسة على أيدي خبراء وكالة المخابرات المركزية أثناء الحرب الباردة بين الأمريكيين والسوفييت أن الأهرامات تحتوي على ما يلي:
* خلف الجدار الغربي للغرفة المعروفة باسم “غرفة الملكة” مستودع مليء بالمخطوطات التي كتبها أطباء وعلماء ومؤرخون وكهنة، وإذا قدر لنا الدخول إلى هذه الغرفة والاطلاع على محتوياتها، فإننا سنعثر في وثائقها على إجابة للعديد من الألغاز حول الحضارة الفرعونية التي أذهلت العالم طول القرون الماضية.
* “غرفة الفرعون” تحتوي على جهاز يشبه راديتير السيارة كان الكهنة في مصر القديمة يستخدمونه لتكرير السوائل، وتحت مبنى الأهرامات غرفة تحتوي على جهاز اسطواني الشكل يشبه المولد الكهربائي.
* وجدران الهرم الأكبر مبطنة بمادة عازلة سوداء اللون، ومن ميزات هذه المادة القدرة على توصيل التيار الكهربائي عبر الهواء، وهذا يعني أن الفراعنة توصلوا إلى التكنولوجيا اللاسلكية قبل ما يزيد على 4000 سنة من اكتشافنا للكهرباء
* الفراعنة لم يبنوا الأهرامات كمدافن لملوكهم كما يقول علماء المصريات، وإنما كمكتبة عملاقة يودعون فيها كل ما توصلوا إليه من إنجازات حضارية، بدليل أن المأمون دخل غرفة الملوك ولم يجد بداخلها ضريحا للفرعون، والهرم الأكبر هو في الواقع عبارة عن هرم داخل هرم، أي هرم خارجي عملاق هو الهرم الظاهر للعيان، بني فوق هرم أصغر منه حجما، ولو أزلنا القسم الأعلى من الهرم الخارجي فإننا سنجد أنفسنا أمام ممر يؤدي إلى هرم أصغر حجما لا قمة له.
* الهرم الأكبر يتصل بنفق سري تحت الأرض بأبي الهول الذي يحتوي بداخله وتحته على متحف مذهل مليء بالتحف والمخطوطات التي لا تقدر بثمن.
وحتى الآن، يعتمد العلماء على الحدس والتخمين، لأن أحدا منهم لم يدخل الغرف المغلقة التي لم يدخلها إنسان، ولكنه من المنطقي أن نفترض أن الفراعنة لا بد حفظوا سجلات وافية عن حضارتهم، وأفضل مكان لحفظ هذه السجلات هو الأهرامات.
أبو خلدون
فنجان قهوة
العقد النفسية
قرأت كتابا طريفا عن العلاقات الزوجية بعنوان “ليس الآن يا عزيزي”، لأستاذ علم النفس الأمريكي المعروف البروفيسور أنطوني بوتريبيفو، والكتاب، كما يظهر من عنوانه، يتحدث عن الوسيلة التي يستطيع الزوجان بواسطتها التغلب على الملل الذي يزحف إلى حياتهما بعد فترة من الزواج، حيث تتراجع الرومانسية، أو تغيب، وتخلي المجال لما نطلق عليه “الصمت المنزلي” الذي يشغل الزوج نفسه فيه بقراءة الجرائد، وتشغل المرأة نفسها بالحديث على الهاتف، بدلا من التحدث إلى بعضهما بعضا.
والغريب أن البروفيسور انطوني ينصح الزوجين اللذين يعانيان من الصمت المنزلي بمتابعة برامج التلفزيون، وتمضية الساعات أمام هذا الجهاز الذي يعتبره علماء الاجتماع السبب الأول لكل الانحرافات التي يعاني منها المجتمع، ولكل الأزمات والخلافات بين الأزواج.
ويقول البروفيسور أنطوني للزوج الذي يعاني من الملل: “اتخذ الشخصيات التي تشاهدها في القصص والمسلسلات والمسرحيات كنماذج لك، فهذه الشخصيات تمر، غالبا، بظروف شبيهة بالظروف التي تمر أنت بها، في حياتك اليومية، ولا بد انك تلاحظ أن الشخصيات التلفزيونية تتمكن، في النهاية، من حل المشكلات التي تواجهها، مهما كانت هذه المشكلات”.
واستغرب بالفعل أن يصدر هذا الكلام عن أستاذ في علم النفس يدرك، قبل غيره، الأخطار التي تترتب على الثقافة التلفزيونية، وتشجيع الناس على اعتبار التلفزيون مرجعا أخلاقيا وسلوكيا لهم، وبدلا من أن يكون العلماء ودعاة الأخلاق ورجل الدين مرجعا لنا في التمييز بين الحق والباطل، والالتزام بالسلوك القويم، يصبح كتاب المسلسلات التلفزيونية هم المرجع.
وعلماء النفس عندنا من خريجي الجامعات الأمريكية “علميا ونظريا”. وهم يحاولون تطوير الفرد العربي على الطريقة الأمريكية، وقد ظلوا يطورون هذا الفرد حتى جلبوا آخرته لكثرة ما طوروه، ولا أذكر أنني قرأت كتابا من تأليفهم أو تأليف أساتذتهم في اليو أس إيه ألا وشعرت أنني مصاب بكل الأمراض والعقد النفسية التي يتحدث عنها الكتاب، مما جعلني أميل إلى الاعتقاد أن هذه الكتب مجرد دعاية لمؤلفيها، ودفع الناس إلى “وهم المرض” لكي تزدحم عياداتهم بالمراجعين.
وقبل مدة زرت أستاذا صديقا مختصا في علم النفس، وقادنا الحديث إلى الصرعات الأمريكية الجديدة في هذا العلم، مثل: شخصيتك من لون سيارتك، أو موديلها، أو فيلم الرعب المفضل لديك، أو الفيلم الرومانسي، أو مطربك أو ممثلك المفضل. واستخف الأستاذ الدكتور بعقلي عندما قلت له إنني لا أصدق هذه الخرافات، ومن باب التباهي بالعلم الذي ما بعده علم، أخرج من درج مكتبه مجموعة من الصور لبعض فاتنات هوليوود وسألني: من تعجبك من هؤلاء؟ وتأملت الصور، فوجدت أن كل واحدة أجمل وأكثر إثارة من الأخرى، فقلت: بصراحة، كلهن، فهز رأسه نحو اليمين ونحو الشمال، ربما لكي يثبت لي أن له رأساً، وقال: مسكين، إنك تعاني من عقدة نفسية خطيرة يطلق عليها اسم “هاي ميجوريتي سكسولوجي كومبليكيشن كومبليكس” ينبغي أن تعالجها بسرعة، وإلا فإنها ستتحول إلى عقدة أكثر خطورة هي: “هاي ميجوريتي سيكسولوجي كومبليكيشن أند كومبليكسايتد ميشن أب كومبليكس”، وضحكت، وقلت للبروفيسور الصديق: ألا تستطيع أن تختار لي اسما أقل تعقيدا لكي أعرف كيف أقوله للناس؟ وخرجت من عيادته، ونسي الطبيب بعد ذلك أنه صديقي.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الملكة
عندما يتحدث البريطانيون عن ملكتهم اليزابيث الثانية يقولون: “إنها المرأة التي لم تتخذ قرارا خاطئا طوال حياتها”، ولكن فيلما بعنوان “الملكة” من إخراج ستيفن فريرز، يمثل بريطانيا في مهرجان البندقية السينمائي، عرض يوم السبت الماضي يوحي أن هذه النظرة ربما كانت صحيحة قبل وفاة الأميرة ديانا في أواخر أغسطس عام 1997 في حادث اصطدام مروري مروع في نفق باريسي، أما بعد هذا الحادث فإن بريطانيا لم تعد كما كانت، ولم يعد البريطانيون كما كانوا.
وديانا كانت “امبراطورية” حدودها القلوب حيثما كانت، وكانت هي تلك الفاتنة التي خرجت من بطن الحكايات لتعيد للبريطانيين أمجاد إمبراطوريتهم، ولقصر بكنجهام رونقه وأبهته، وبعد زواجها من الأمير تشارلز لم يعد البريطانيون يخشون الاقتراب من القصر خشية أن تخرج إليهم وجبة أسنان الملكة فيكتوريا أو هنري الثامن من إحدى خزائنه، وإنما باتوا يمضون الساعات في حديقة القصر على أمل أن تظهر ديانا على الشرفة لكي يقولوا لأحفادهم إنهم عاشوا تلك اللحظة التاريخية.
ويقول فيلم “الملكة” الذي تؤدي فيه الممثلة البريطانية هيلين ميرين دور الملكة اليزابيث إن الملكة أساءت تقدير ردود فعل البريطانيين على مصرع ديانا، فتعاملت مع الأمر بفتور، مما أثار غضب البريطانيين ودفع مئات الآلاف منهم إلى السير في جنازتها، في أكبر موكب جنائزي شهدته بريطانيا في تاريخها.
والممثلة هيلين ميرين سبق لها تأدية دور الملكة اليزابيت الأولى في مسلسل تلفزيوني يحمل هذا الاسم، وحصلت على جائزة ايمي عن الدور، ولكنها تقول إن دورها الحالي في الفيلم صعب جدا، رغم أنها أمضت أسابيع طويلة في التدريب لكي تتصرف وتتكلم كما الملكة اليزابيت.
ويوحي الفيلم إن “لعنة ديانا” لا تزال تطارد قصر بكنجهام، وستظل تطارده إلى ما شاء الله، فالملكة اليزابيث تشعر أن شعبها لم يعد يحبها، وباتت الصحف البريطانية تتحدث عن العائلة المالكة بطريقة لا تنم عن احترام، والأمير تشارلز يتوقع أن يتعرض للاغتيال في أية لحظة بسبب عدم شعبية الأسرة المالكة، وفي أحد مشاهد الفيلم تقول الملكة اليزابيث لوالدتها الملكة الأم، عندما كانت الاثنتان تقضيان إجازة قصيرة في قصر بالمورال في سكوتلنده: “حدث تغير في المفاهيم والقيم لدى البريطانيين، ولم يعودوا كما كانوا”، وتعرب لوالدتها عن رغبتها في التنازل عن العرش، وفي مشهد آخر تقول لتوني بلير الذي كان قد فاز في الانتخابات قبل أسابيع ووصل إلى رئاسة الوزراء: “لا أعتقد إنني سأستوعب ما حدث هذا الصيف في النفق الباريسي” وفي نهاية الفيلم تقول له: “لا أعتقد أن الشعب، في أية فترة من فترات حياتي، كرهني كما يكرهني الآن”.
ومخرج الفيلم لا يزعم أن فيلمه تأريخ دقيق لحادث مصرع ديانا رغم أنه
استند في إعداده. إلى وثائق كثيرة، وتحدث إلى مصادر مقربة من قصر بكنجهام ورئاسة الوزراء، ولا يتوقع أية إشكالات قانونية مع القصر ويقول إنه مطمئن لأن العائلة المالكة لم يسبق لها، في تاريخها أن رفعت دعوى أمام المحاكم ضد أي مواطن، وتحت أي ظرف من الظروف، ولذلك ضمّن فيلمه بعض المشاهد التي تثير الضحك، كذلك المشهد الذي يصف الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث زوجته بأنها “مثل الملفوفة” أو المشهد الذي تحمل الملكة فيه قربة ماء ساخن إلى فراشها، في اليوم الذي لاقت ديانا فيه حتفها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
المرور عبر الجدران
المرور عبر الجدران أحدث ظاهرة من الظواهر الخارقة للعادة التي يخضعها العلماء للدراسة حاليا، بعد تزايد عدد الذين تقدموا بشهادات قالوا فيها انهم مروا بهذه التجربة في فترة ما من حياتهم. وقبل مدة، نشر الباحث الأمريكي ريموند فاولر المختص بمتابعة الظواهر الخارقة للعادة بحثاً قال فيه إنه قابل شخصياً العديد من هؤلاء، ولاحظ على أجساد بعضهم خدوشا توحي وكأنهم مروا بالفعل عبر زقاق حجري ضيق ترك جانباه آثارا في أجسامهم، ومثال على ذلك ما حدث للفتاة فيكتوريا هايبر التي روت تجربتها على الشكل التالي: أقيم منذ سنوات في غرفة مشتركة مع صديقة لي في مثل عمري تقريبا، اسمها كارول بيرسون، ونحن الاثنتين غير متزوجتين، وفي الأسبوع الماضي فوجئت بصديقتي تصر على الرحيل من الشقة، وحيث ان العلاقة بيننا قوية جدا، فقد سألتها عن السبب، ولكنها رفضت تقديم أي تفسير، وبعد يوم واحد عثرت الصديقة على شقة خالية، فاستأجرتها. ويقول ريموند فاولر: ان كارول شرحت له السبب الذي دفعها إلى الرحيل قائلة: انه ظاهرة غريبة شاهدتها من فيكتوريا. فقد كنت أكوي ملابسي، وقد وضعت حامل الكوي على الباب، بينما كانت فيكتوريا تجلس على الصوفا تتابع برامج التلفزيون، وفجأة، شعرت فيكتوريا بالعطش، وحاولت الخروج من الغرفة إلى المطبخ فلم تستطع، بسبب حاجز الكوي، فعادت وجلست على الصوفا وقالت انها ستشرب بعد انتهائي من الكوي، وبعد دقائق فوجئت بها تخترق الجدار، وتسير إلى الغرفة الأخرى، ثم إلى المطبخ، وتشرب، وتخترق الجدار مرة اخرى، وتعود إلى الاستلقاء على الصوفا، وأسقط في يدي، وهيئ لي انني أسكن مع جنيَّة، لا مع فتاة، فقررت الرحيل من الغرفة. والغريب ان فيكتوريا لا تذكر ان أمرا من هذا النوع حدث لها على الإطلاق.
ويقول الباحث ريموند ان الذين يمرون بظاهرة المرور عبر الجدران يكونون في حالة شبه غيبوبة، ولا يذكرون ما حدث لهم،. بينما يرى غيره ان السبب في الظاهرة هو الكائنات الفضائية، ولا يستبعدون ان يكون الذين يمرون بها أناساً يتعرضون للخطف، بشكل أو بآخر، ويقول أحد الباحثين: لقد مر البعض بتجربة المرور عبر الجدران، ومشى مسافة أميال، واستخدم وسائل انتقال، وعاد إلى منزله، وعندما سألناه عما حدث بعد خروجه من المنزل نفى ان يكون قد غادر المنزل على الإطلاق.
وتقول ماريا وارد، وهي بريطانية في الثلاثين من العمر انها استيقظت في الساعة الثالثة والنصف ليلا لتجد غرفتها غارقة بالنور، ورغم ان طفلها الصغير كان ينام معها في الغرفة فإنها لم تتمكن من إيقاظه، وشعرت بحافز قوي للنزول بواسطة درج البناية إلى الطابق الأرضي، حيث أخذت علبة صغيرة بيضاء اللون، وبعد ذلك قال لها زوجها انه شاهدها تمر عبر باب الشقة الخشبي. وتضيف: شعرت بالدهشة، ولكن الخدوش التي أصابت جسمي أثناء مروري عبر الباب كانت لا تزال واضحة.
ويقول الخبراء ان الأطفال يمرون بحالات من هذا النوع، وعندما يتحدثون عنها للكبار يعزو الكبار الحديث إلى خيال الطفولة الجامح، بينما قد تكون القصص التي يرويها الطفل صحيحة، ومع مرور الزمن، يكبر الأطفال ويغرقون في عالم الماديات، ويفقدون القدرات الخارقة للعادة التي يمتلكونها.
وظاهرة المرور عبر الجدران غريبة بالفعل، والنتائج التي توصل لها العلماء حتى الآن هي ان الذرات يمكن ان تعبر الجدران والمواد الصلبة من دون ان تتعرض لأي اختلال، ويقول العلماء ان المبدأ ذاته ينطبق على البشر، ولكن الدراسات لا تزال في مراحلها الأولى وهي حتما ستكشف الكثير في المستقبل.
أبو خلدون
فنجان قهوة
نباهة المشاهير
أن تكون مشهورا يعني ان تعطي ترخيصا للناس لكي يشاركونك صالون منزلك، وأن يضعوا آذانهم قرب شفتيك، يسترقون السمع لكل كلمة تتفوه بها، ويسجلونها. فالشهرة تعطي وزنا خاصا لك، وامتيازات خاصة للناس، ويكفي ان يكون صاحبها مطربا يتمتع بصوت جميل مثلا، حتى تصبح آراؤه في الفن والأدب والفلسفة والسياسة، محط اهتمام الجميع، حتى لو كانت هذه الآراء من نوع رأي المطربة البدوية سميرة توفيق، عندما سألها أحد الصحافيين عن رأيها بشكسبير فقالت: إنني لم استعمله، فأنا استعمل سوار دي باري. وشكسبير شاعر، وسوار دي باري نوع من العطور.
وفي الماضي، كان الفنانون يتمتعون بمستوى ثقافي جيد، فمعظم الفنانين العرب في الستينات كانوا من خريجي الجامعات، وكانت صوفيا لورين تتقن التحدث بخمس لغات، وبريجيت باردو تحمل شهادة الفلسفة، أما الآن، فإن الثقافة هي آخر ما يهتم به الفنان، ومعظم الفنانين، حتى في هوليود، من الذين تخلفوا عن الدراسة ولم ينهوا دراستهم الجامعية.
وقبل مدة، صدر كتاب جديد من تأليف لاري انجلمان بعنوان: “هم قالوا ذلك - نباهة وحكمة المشاهير المعاصرين” هو عبارة عن مجموعة أقوال لكبار الفنانين والسياسيين، معظمها يكشف انهم لا يتمتعون بالنباهة ولا بالحكمة، فقد سئل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عن شعوره عشية التحقيق في فضيحة مونيكا جيت، وبدلا من اللجوء للسياسة، والدبلوماسية، ومحاولة التهدئة قال: “أتمنى لو انني حنفية نار، أفرغ كل ما في جوفي على خصومي” وسئل دنيس رودمان لاعب كرة السلة المشهور عن رأيه بمادونا، فقال: “انها ليست لاعبة اكروبات، ولكنها ليست سمكة ميتة أيضا”.
وزازا جابور كان لها رأي غريب في الزواج، فهي تقول: “إنني أكثر النساء اهتماما ببيت الزوجية، فقد تزوجت 8 مرات، وفي كل مرة كنت أحتفظ بالبيت لي، بعد الطلاق” وتقول شير: “المشكلة التي تعاني منها معظم النساء هي: ان الواحدة منهن تشعر بالإنجذاب إلى شيء تافه، ثم تتزوجه” وتقول نيل كارتر التي اشتهرت في الوسط الفني في الولايات المتحدة بسرعة الزواج وسرعة الطلاق: “في بعض الأحيان أصاب برشح يستمر أكثر مما يستمر زواجي” وقال بوب باركر، مقدم برنامج “الثمن مناسب” الذي يعتبر من البرامج الناجحة في التلفزيونات الأمريكية، ردا على سؤال حول الحرية والانفتاح العاطفي لدى الشباب هذه الأيام: “إنني في السبعين من العمر، وقد جاءت الحرية والانفتاح في وقت لا استطيع انا الاستفادة منه، وهذا مؤسف بالنسبة لي”.
ودرو كاري يتمنى لو حصل كل مواطن أمريكي على ترخيص بحمل السلاح، بحيث ينام، ومسدسه تحت المخدة، لحماية نفسه من المجرمين، ويقول ان هذا هو الأسلوب الوحيد لمنع الجريمة، وفي مقابلة تلفزيونية أجريت معه قال: “اعتقد ان العالم سيكون أكثر أمنا لو حصل كل شخص على ترخيص بحمل السلاح، وتدرب عليه”. أما مايكل جاكسون فهو يقول انه لا يجيد استخدام السلاح، ولكن حراسه الشخصيين يجيدونه، وعندما اتهم بالإساءة للأطفال دافع عن نفسه بالقول: “لا أعتقد أنني قابلت أي شخص في العالم يهتم بالأطفال مثلي” وقد رد عليه الصحافي بالقول: “إننا نلاحظ ذلك جيدا”.
وذات يوم، كانت تونيا هاردينج، بطلة التزلج، تمارس السباحة، وشاهدت عجوزا في الواحدة والثمانين من العمر على وشك الغرق، فأنقذتها، وأجرت لها تنفسا اصطناعيا، وعندما استعادت العجوز وعيها سألتها تونيا: “هل قبلتي جيدة” فغضبت العجوز، وتمنت لو انها غرقت قبل سماع هذا الكلام.
وفي الكتاب الكثير من “الأقوال غير المأثورة” كل أهميتها هي إنها صدرت عن مشاهير.
أبو خلدون
فنجان قهوة
غزو المريخ
وكالة الفضاء الأمريكية تستعد لإرسال رواد فضاء إلى المريخ في العقد المقبل، ولكن المشكلة التي ستواجه هؤلاء عندما يصلون إلى الكوكب الأحمر ويسيرون فوق أرضه، كما سار الذين سبقوهم إلى القمر هي: إنهم لن يتمكنوا من التحدث إلى بعضهم البعض إلا إذا كانوا يجيدون لغة الإشارة، فهم لن يسمعوا أصوات بعضهم بعضا حتى لو حملوا معهم أقوى مكبرات الصوت في العالم. فقد كشفت تجربة علمية أجرتها جامعة بنسلفانيا على نموذج علمي يحاكي المريخ تماما ان الصوت ينتقل في جو المريخ بطريقة مغايرة تماما لطريقة انتقاله على جو الأرض، كما إن الضغط الجوي فيه منخفض جدا ويعادل 0،07% من مثيله على الأرض، وانخفاض الضغط الجوي يسهم في امتصاص الموجات الصوتية، كما يعرف الذين يسكنون في أعالي الجبال، حيث الطبيعة أكثر هدوءا.ويقول العلماء إن انخفاض درجة حرارة المريخ وارتفاع نسبة ثاني أوكسيد الكربون في جوه تسهم أيضا في امتصاص الموجات الصوتية، يضاف إلى ذلك أن الموجات الصوتية على هذا الكوكب تنتقل ببطء شديد، ولمسافة أقصر بكثير من المسافة التي تنتقل بها على الأرض بحيث لو أن رواد الفضاء فرشوا بطانية على أرض المريخ وجلسوا إلى جانب طائرة الكونكورد الفرنسية التي منعت معظم دول العالم استخدامها في مطاراتها بسبب ضجتها العالية، رغم سرعتها الكبيرة وقدرتها على قطع المسافة بين باريس ونيويورك في ساعة واحدة، فإن الرواد لن يسمعوا صوت الكونكورد ولن يعرفوا ما إذا كان محرك الطائرة يشتغل أم لا، لأن جو المريخ سيمتص الضجة. وإذا تحدثوا إلى بعضهم بعضا فإنهم سيرون شفاههم تتحرك ولا يسمعون صوتا. والضجة مرهقة، وتتلف الأعصاب، ولكن الصمت المطبق هو الموت. ولكن، كيف يمكن أن يعيش الإنسان في جو المريخ، إذا قدر له استعماره؟
التجربة التي أجرتها جامعة بنسلفانيا كشفت أن هذه العملية غير مستحيلة، إذ من المطلوب أولا إنشاء مستعمرة نسبة الأوكسجين فيها تشابه نسبته في جو الأرض، لكي يتمكن سكان المستعمرة من التنفس، وعند إقامة هذه المستعمرة لن يجد سكانها صعوبة في الحوار مع بعضهم بعضا، لأن جوها سيكون شبيها بجو الأرض، والصوت ينتقل فيها بالطريقة نفسها التي ينتقل فيها على الأرض. ومع ذلك فإن العلماء يدرسون حاليا سلوك الموجات الصوتية المختلفة ومن بينها الموجات الصادمة، وموجات صوت الرعد لمعرفة الطريقة التي تنتقل بها موجات هذه الأصوات ربما لتقليدها على المريخ. وتقول البروفيسورة أماندا هارفورد الباحثة في وكالة ناسا: “نعتزم دراسة سلوك سلسلة طويلة من الذبذبات الصوتية لمعرفة الموجة التي تجعل الأصوات على المريخ مسموعة” وحتى ذلك الحين، لن يتحول المريخ إلى محطة سياحية، ولا إلى مستعمرة بشرية، وسيظل المهتمون به هم الخبراء العسكريون في البنتاجون والباحثون في ناسا.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الانفجار الكبير
أنصار نظرية “الانفجار الكبير” يقولون إن الكون كان، قبل 14 مليار سنة، عبارة عن “بيضة كونية ملتهبة” انفجرت وتبعثرت أشلاء في الفضاء، ومن هذا الانفجار ولد الكون، وفي حينه لم تأخذ الأوساط العلمية في العالم هذه النظرية على محمل الجد رغم أن إينشتاين نفسه تحدث في نظرية النسبية التي نشرها عام 1915 عن تمدد وانكماش الكون بما يمكن ان يعطي مصداقية لحكاية الانفجار. وفي عام 1929 تمكن الفلكي الأمريكي إدوين هابيل الذي يحمل التلسكوب الذي يسبح في الفضاء الخارجي حاليا اسمه من قياس المسافات بين المجرات والمجموعات النجمية ولاحظ أنها تبتعد عن بعضها البعض بشكل مطرد، وإذا كان هذا الكلام صحيحا، فلا بد أن المسافات بينها كانت في وقت مضى أقل، واستطرادا نصل إلى مرحلة كانت المسافات بينها “صفر”، وقد أطلق العلماء على هذه المرحلة التي كانت المسافات فيها بين المجرات غير موجودة اسم “مرحلة البيضة الكونية”.
ولكن، لماذا حدث الانفجار الكبير؟ وكيف حدث؟ وما هي الآلية التي أحدثته؟ وهل الانفجار الكبير مجرد “حدث” في تاريخ الكون أم أنه بداية لهذا التاريخ؟ هذه الاسئلة التي لا تزال تشغل بال علماء الفلك لم تتمكن نظرية الانفجار الكبير من تقديم إجابات لها، لأن هذه النظرية تفترض أن تاريخ الكون، وزمنه، بدآ بالانفجار الكبير، وقبل ذلك لم يكن هنالك تاريخ ولا زمن. وهذا ما لم يتمكن خصوم هذه النظرية من ابتلاعه.
وقبل أسابيع، خرج عالمان من أكبر العلماء في العالم هما البروفيسور نيل تيروك، من جامعة كيمبريدج، وبول ستيانهارت من جامعة برينستون بنظرية أكثر غرابة من نظرية الانفجار الكبير تقول إن الانفجار لم يحدث مرة واحدة وإنما تكرر مئات أو ربما آلاف المرات، وإنه لم يحدث قبل 14 مليار سنة وإنما قبل تريليونات السنين، أو ربما منذ الأبد، وسببه اصطدام فضاء الكون الذي نعيش فيه بكون مواز غير منظور أدى إلى انبعاث طاقة مذهلة وانتشار الإشعاعات والمواد وتبعثرها، وقد أطلق العالمان على نظريتهما اسم “النظرية الاكبيروتية”، وهي كلمة إغريقية قديمة تعني “النار العملاقة” وإذا تمكن العالمان من إقناع زملائهم في العالم بنظريتهم، فإن كل الفرضيات التي قامت على أساس نظرية الانفجار الكبير ستتهاوى، وكل العلماء الذين بنوا أمجادهم عليها سيتوارون إلى الظل.
وتقول النظرية الأكبيروتية إننا نعيش، نظريا، في عدة أكوان لا في كون واحد، وكوننا ثلاثي الأبعاد إضافة إلى الزمن الذي يعتبر بعدا رابعا، وإلى جانب الكون الذي نعيش فيه هنالك أكوان موازية هي عبارة عن طبقات بعضها فوق بعض، وفي التنزيل الحكيم: “ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا (نوح:15)” والمعروف أن أعلى كل طبقة، في البناية مثلا، يلتصق بأسفل الطبقة التي تسبقها، كما يحدث عندما تضع عددا من الأوراق فوق بعضها بعضا، ويقول العلماء إن بعض هذه الأكوان يحتوي على ما يصل إلى عشرة أبعاد لا نستطيع نحن بمحدودية حواسنا أن نراها أو نحس بها، وعندما يصطدم كون مواز بآخر تنطلق طاقة مذهلة تملأ الفراغ بين الطبقة والأخرى بالإشعاعات والمواد، وتدفعها إلى التمدد، ومع تمددها تبدأ حرارتها بالانخفاض.
والنظرية الاكبيروتية ربما أوضحت أسباب الانفجار الكبير، وخلصتنا من “البيضة الكونية” التي لم يتمكن أحد من تقديم تفسير لها، ولكنها في المقابل تركت العديد من الأسئلة التي لا تزال معلقة دون جواب.
أبو خلدون
فنجان قهوة
تحديث المناهج الدراسية
في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، خرج مدرس اسمه خليل السكاكيني بطريقة فريدة في تدريس اللغة العربية ساهمت في ردم الهوة التي كانت سائدة، بين طريقة عمل الدماغ وأساليب التعليم المتبعة، تلك الهوة التي اكتشفها العلم الحديث قبل فترة بسيطة، بعدما عرف
المزيد عن طريقة عمل الدماغ، ولكن السكاكيني أدركها بداهة.
وبينما كانت مناهج التعليم تركز على حاسة السمع لدى الطالب، أدخل السكاكيني حاسة البصر كعنصر أساسي في منهجه، وأولاها قيمة تعادل قيمة السمع تماما، وأصدر سلسلة من الكتب أطلق عليها اسم “القراءة المصورة” وكان الطلاب يطلقون عليها اسم “راس روس” لأن الدرس الأول في الجزء الأول منها يبدأ بهاتين الكلمتين. ومن فلسطين انتشرت “راس روس” إلى كل الدول العربية.
وعندما نشر السكاكيني طريقته في تعليم اللغة لطلاب المدارس الابتدائية، كان الأسلوب المتبع في المدارس هو التعلم عن طريق الحفظ والمحاكاة، وكان الطالب الصغير الذي لا يعرف الألف من اللام يبدأ بحفظ السور القرآنية القصيرة عن ظهر قلب، ثم يتعرف على الأحرف بالمراس، ومع الزمن يدرك الطريقة التي تكتب بها الكلمات بالملاحظة، وحتى في بريطانيا، كان الطلاب يحفظون الحروف الهجائية عن طريق الترنم بها كأغنية، ويتعلمون القراءة عن طريق الممارسة كما هو الأسلوب في الدول العربية.
وعندما أصدر السكاكيني طريقته في تدريس اللغة، لم يكن الإنسان قد وصل إلى القمر، ولم تكن وكالة الفضاء الأمريكية موجودة، وكان الراديو الوحيد في بلدتنا هو الراديو الموجود في بيت المختار، ولم يكن العالم قد عرف الفاكس ولا الهاتف ولا البيجر ولا الخليوي، والتلفزيون كان موجودا كفكرة في خيال العلماء، بل إني أذكر أن إبراهيم عبد القادر المازني كتب مقالا بمناسبة وصول الراديو إلى مقهى في قريته يصور فيه دهشته عندما سمع هذا الجهاز ينطق لأول مرة، ولم يجد تفسيرا لما يراه سوى القول أن جنيا سكنه وبدأ يتحدث بفصاحة تفوق فصاحة سحبان، ويغني بصوت أكثر رخامة من صوت اسحق الموصلي.
ورغم ثورة الاتصالات، والاكتشافات الحديثة التي توصل إليها العالم حول طريقة عمل الدماغ والجهاز العصبي، لا تزال الطريقة الصوتية البصرية التي توصل إليها السكاكيني هي المعتمدة في التدريس، وهذا هو سبب التخلف الذي يعاني منه الطلاب في العالم بأسره في الوقت الحاضر، فنحن الآن في القرن الحادي والعشرين نستعد لإقامة مستعمرات فضائية ومع ذلك فإن مناهجنا الدراسية لا تزال تفكر بعقلية الأربعينات من القرن الماضي، وتتصرف بعقلية موزع البر يد الذي يتنقل بين القرى على بغل لتوزيع الرسائل، وهو لا يعرف أن البريد الإلكتروني يمكن أن ينقل هذه الرسائل إلى أبعد مكان في الكرة الأرضية. إننا بحاجة إلى إعادة النظر في الطريقة التي نوصل فيها المعلومات لطلابنا، وابتكار أسلوب يأخذ بعين الاعتبار الإنجازات التي حققها العلم، والمعارف التي تنقلها وسائل الاتصال، إذ من غير المعقول أن تظل الهوة بهذا الاتساع بين المدرسة والمجتمع الموجودة فيه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التمييز ضد البدانة
أمريكا غابة من أشجار الجميز، فمعدل السمنة فيها أعلى من مثيله في المجتمعات الغربية الأخرى، وربما لا مثيل له في العالم إلا بين عجائز المكتب السياسي السوفييتي قبل انهيار الامبراطورية السوفييتية وغياب نجومها الحمراء عن الآفاق، فقد كان هؤلاء يعيشون حياة الأباطرة ويأكلون الكافيار الفاخر، بينما شعوبهم تأكل نظريات ماركس ولينين.
وأمريكا بلد الحرية، والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولديها فائض كبير من هذه القيم التي تطمح إليها المجتمعات الإنسانية بأسرها، قررت تصديره إلى الخارج، وها هي ترسل حاملات طائراتها ورجال المارينز إلى العراق وأفغانستان لنقل الحرية والديمقراطية إليهما. ولدى أمريكا قائمة ب “التمييزات المحرمة” من بينها إنه لا يجوز التفريق بين الناس واضطهادهم على أساس الدين، ولكنها تتغاضى عن ذلك عندما يتعلق الأمر بالعرب والمسلمين، ولا يجوز التفريق على أساس اللون، وإن كان المجال يسمح بشيء من التجاوز إذا كانت القضية تتعلق بمواطنيها من الزنوج ذوي الأصول الافريقية، أو بالهسبانيكس ذوي الاصول الاسبانية الذين وفدوا إليها من المكسيك ودول أمريكا الوسطى والجنوبية. وقائمة التمييزات المحرمة تمتد لتشمل منع التمييز ضد التفضيل الجنسي والسماح للمثليين من الرجال والنساء بممارسة حياتهم الاجتماعية بالشكل الذي يرونه مناسبا، كأي مواطن آخر، فهذا حقهم الطبيعي، والشذوذ قضية خاصة.
وقبل مدة أضافت بعض الولايات الأمريكية إلى قائمة التمييزات المحرمة منع التمييز ضد الشقراوات، بحيث بات إطلاق نكتة تمس الشقراوات ولو من بعيد عملا مخالفا للقانون يستوجب الغرامة والحبس، كما أضافت بلدية سان فرانسيسكو إلى القائمة التمييز ضد البدناء، وبات تحويل البدانة إلى موضوع للتنكيت عملاً مخالفاً للقانون.
وحملة منع التمييز ضد البدناء بدأت بملصق دعائي عرضته إحدى صالات الألعاب الرياضية بهدف الترويج لنشاطاتها، والملصق يقول إن الكائنات الفضائية تستعد لغزو الأرض، وسوف تلتهم البدناء أولا، وقد رد البدناء على هذا الملصق بتنظيم مظاهرة أمام صالة الألعاب شارك بها الآلاف، رقصوا خلالها في الشوارع لإظهار خفة حركتهم، ورفعوا شعارات يردون فيها على الشعار الذي عرضته الصالة.وحاول توم أميانو، رئيس مجلس المراقبين في المدينة، استغلال هذه المناسبة فطلب من المدعي العام كارول كالوم، ولجنة حقوق الإنسان، النظر في إضافة البدانة إلى الفئات الاجتماعية التي يُحظر التمييز ضدها، وتمت الموافقة على طلبه، وبررت كارول الموافقة بالقول: “إن الأطفال البدناء يحرمون من العديد من النشاطات الرياضية، مثل لعبة الكرة الطائرة، وقد حان الوقت لكي نجعل التمييز ضدهم أمرا مخالفا للقانون”.
ولا أحد يعترض على حظر التمييز ضد أي إنسان، سواء أكان بدينا أو غير بدين، ولكن: أليس ضمان حريات المواطنين الأمريكيين الأساسية وحظر اعتقال أحد وزجه في السجن دون إذن من المحكمة، لمجرد معارضتهم للنظام، أجدى بكثير من منع النكات ضد الشقراوات أو البدناء؟ وهل إطلاق نكتة ضد شخص بدين أكثر خطورة من التنصّت على اتصالات المواطنين وبريدهم ومراقبتهم على مدار الساعة؟ وحتى لو كان البدناء أغلبية، فإن التنكيت عليهم لا يمكن أن يقفز إلى سلم أولويات النظام، ولا يمكن أن يكون في حجم انتهاك حريات المواطن الأساسية.
أبو خلدون