بسم الله،
سأستقي معظم ردّي على أدلّة التحريم التي أوردها الأخ الحسام المهنّد من فتاوي القرضاوي التي وضعت وصلاتها سابقاً...
بالنسبة للتفسيرات القرآنية التي أوردتها فها هو الرّد عليها.
اقتباس:
1) قول الله _تعالى_: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ" (لقمان:6)، قال أهل العلم بالتفسير: ولهو الحديث عام يشمل الغناء والمزامير وكل كل باطل.
ومن أجمع ما قيل في ذلك قول العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي _رحمه الله_ في تفسيره لهذه الآية: "فدخل في هذا [يعني في لهو الحديث] كل كلام محرم، وكل لغو وباطل، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب، ومن غناء ومزامير شيطان، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا".
قالوا: وقد تضمنت هذه الآية ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبراً كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً، والوقر هو: الثقل والصمم، وإذا علم منه شيئاً استهزأ به، فمجموع هذه الصفات لا يقع إلا من أعظم الناس كفراً، وإن وقع بعضها من مغن أو موسيقار أو من مستمع لهم من المسلمين، فله حصة ونصيب من هذا الذم العظيم.
فها هو الرّد على تفسير الآية من كلام القرضاوي
اقتباس:
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروا لهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.
ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابن حزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.
و بالنسبة للحديث الذي أوردته لدعم تفسير لهو الحديث بالغناء
اقتباس:
وعن أبي أمامة _رضي الله عنه_ عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" وهو حديث حسن: يحتج به. والقينات: جمع قينة، وهي المغنية من الإماء (النساء المستعبدات غير الحرائر).
فهذا الحديث ليس بحسن كما هو مزعوم، ففي سنده علي بن يزيد، ومما قيل فيه:
قال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال أبو زرعة : ليس بقوي . وقال الدارقطني : متروك . كذا في الميزان .
(راجع آخر هذه الصفحة http://hadith.al-islam.com/Display/D...earchLevel=QBE)
أما بالنّسبة للآية الأخرى
اقتباس:
2) قوله _تعالى_ في شأن إبليس _لعنه الله_: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ" (الإسراء: من الآية64)؛ قال أهل العلم بالتفسير: المراد بصوته الغناء والباطل، قال ابن القيم _رحمه الله_: "فكل متكلم في غير طاعة الله، أو مصوت بيراع أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان، وكل ساع إلى معصية الله على قدميه فهو من رَجِله، وكل راكب في معصيته فهو من خيالته، كذلك قال السلف".
فهذا التفسير ينطبق على ردّه أوّل نقطتين من الرد على تفسير قوله تعالى " و من الناس من يشتري لهو الحديث" بالغناء و هاكم تفسير مختلف للآية: http://www.nourallah.com/tafseer.asp...=2&AyaOrder=64
أمّا بالنّسبة لما استُدلّ به من السنّة فهذا هو الرّد:
اقتباس:
1) قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف..." الحديث، وهو حديث صحيح لا شك في صحته؛ فقد رواه البخاري موصولاً على شرطه، وصورته صورة التعليق المجزوم وهو فيه برقم 5590 (راجع كتاب: الاستقامة، لابن تيمية: 1/294؛ والسلسلة الصحيحة للألباني 91، وكتاب: تحريم آلات الطرب، للألباني:39 وما بعدها فقد ذكر كلام علماء الحديث المتخصصين فيه، في هذا الحديث وتصحيحهم له، ومناقشتهم لمن ظنوا أن فيه ضعفاً).
وقال ابن القيم _رحمه الله_: "هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجاً به وعلقه تعليقاً مجزوماً به، فقال: باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي هذا الحديث دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
أولهما: قوله _صلى الله عليه وسلم_: "يستحلون"، فإنه صريح بأن المذكورات في هذا الحديث، ومنها المعازف هي في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك الأقوام من أمته _صلى الله عليه وسلم_.
ثانيا: ذكر المعازف مقرونة مع محرمات أخرى معروف أنها محرمة مقطوع بحرمتها لا يشك في حرمتها أي مسلم وهي: الزنا، والخمر، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها (السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف)، قال شيخ الإسلام _رحمه الله_: فدلَّ هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها. (المجموع 11/535).
و هذا هو الرّد على الاستدلال بالحديث و هو نفس الموجود بالوصلة الثانية و التي نشرتها في آخر ردٍّ لي قبل هذا الرد و الرجاء قراءته كاملاً إذ أنّه لا يكتفي بالرد بكون الحديث منقطع و إنّما كذلك يرد على الاستدلال به من سند الحديث و متنه:
اقتباس:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
اختلف في صحة هذا الحديث فصححه البعض وأعله آخرون كما اختلفوا في تأويله هل المقصود حرمة كل أمر من هذه الأمور على حدة أم أن التحريم منصب على الجمع بين هذه الأشياء الثلاثة ؟؟ ومعنى الحر هو الزنى أعاذنا الله وإياك منه.
وفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي يفصل في صحة هذا الحديث ويفصل في تأويله وإليك فتواه بالتفصيل .
روى البخاري - معلقا - عن أبى مالك أو أبى عامر الأشعري - شك من الراوي - عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : « ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف » . والمعازف : الملاهي, أو آلات العزف .
والحديث وإن كان في صحيح البخاري , إلا أنه من « المعلقات » لا من « السندات المتصلة » ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده , ومع التعليق فقد قالوا : إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب .
وقد اجتهد الحافظ ابن حجر لوصل الحديث , ووصله بالفعل من تسع طرق , ولكنها جميعا تدور على راو تكلم فيه عدد من الأئمة النقاد , ألا وهو : هشام ابن عمار . وهو - وان كان خطيب دمشق ومقرئها ومحدثها وعالمها , ووثقه ابن معين والعجلى - فقد قال عنه أبو داود : حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها .
وقال أبو حاتم : صدوق وقد تغير , فكان كل ما دفع إليه قرأه , وكل ما لقنه تلقن . وكذلك قال ابن سيار .
وقال الإمام أحمد : طياش خفيف .
وقال النسائي : لا بأس به ( وهذا ليس بتوثيق مطلق ) .
ورغم دفاع الحافظ الذهبي عنه قال : صدوق مكثر له ما ينكر. وأنكروا عليه أنه لم يكن يحدث إلا بأجر !
ومثل هذا لا يقبل حديثه في مواطن النزاع , وخصوصا في أمر عمت به البلوى .
ورغم ما في ثبوته من الكلام , ففي دلالته كلام آخر ! فكلمة « المعازف » لم يتفق على معناها بالتحديد : ما هو ؟ فقد قيل : الملاهي , وهذه مجملة , وقيل : آلات العزف .
ولو سلمنا بأن معناها : آلات الطرب المعروفة بآلات الموسيقى . فلفظ الحديث المعلق في البخاري غير صريح في إفادة حرمة « العازف » لأن عبارة « يستحلون » كما ذكر ابن العربي لها معنيان : أحدهما : يعتقدون أن ذلك حلال , والثاني : أن تكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور ! إذ لو كان المقصود بالاستحلال : المعنى الحقيقي , لكان كفراً , فإن استحلال الحرام المقطوع به - مثل الخمر والزنى المعبر عنه ب « الحر » - كفر بالإجماع .
ولو سلمنا بدلالتها على الحرمة , فهل يستفاد منها تحريم المجموع المذكور من الحر والحرير والخمر والمعازف , أو كل فرد منها على حدة ؟ والأول هو الراجح . فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس : انغمسوا في الترف والليالي الحمراء , وشرب الخمور . فهم بين خمر ونسا ء , ولهو وغناء , وخز وحرير . ولذا روى ابن ماجه هذا الحديث عن أبى مالك الأشعري بلفظ : « ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها , يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات , يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير » , وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه , والبخاري في تاريخه .
وكل من روى الحديث من طريق غير طريق هشام بن عمار , جعل الوعيد على شرب الخمر , وما المعازف إلا مكملة وتابعة .
والله أعلم
أمّا بالنّسبة للحديث الثاني
اقتباس:
2) قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة"؛ وهو حديث صحيح، وقال ابن تيمية: "هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء، كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله: "صوت عند نعمة: لهو ولعب، ومزامير الشيطان" فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة، كما نهى عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة... "
ورنة الشيطان هي: الصوت الحزين.
فأتمنّى أن أجد منك المصدر و الإسناد، إذ أنّي لم أجد هذا القول حديثاً، و إنّما وجدته قولاً مشابهاً لأحد الصحابة على الإنترنت
أمّا بالنّسبة للحديث الثالث
اقتباس:
3) قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: "إنَّ الله _عز وجل_ حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام". والكوبة من آلات العزف والطرب التي كانت معروفة عند العرب؛ وجاء في بعض روايات هذا الحديث أنها: الطبل.
والأحاديث في هذا كثيرة جداً.
هذا الحديث في سنده المروي في "مسند أحمد" (http://www.islamweb.net/ver2/archive...D3%D1&BkNo=000) عبد الحميد بن جعفر، و قد ضعّفه البعض و إن كان قد وثّقه آخرون(راجع برنامج "موسوعة رواة الحديث" -http://www.al-eman.com/freeware/- و الذي يأتي بمعلوماته عن عبدالحميد بن جعفر من كتب "تهذيب الكمال" و "تهذيب التهذيب")
و أمّا في متن الحديث نفسه لم يرد أن الكوبة هي الطبل. و قد اختلف في معناها فقيل عنها الند و قيل الطبل. و أمّا الحديث الذي ورد فيه أن معنى الكوبة هي الطبل (في نفس الصفحة) ففي سندها الحسن بن محمد بن إسحاق، و هذا لم أجده في البرنامج (موسوعة رواة الحديث) و حين بحثت في الإنترنت لم أجد اسمه سوى في مواقع للشيعة (أربعة على ما أذكر). و في السند سفيان و هو مجهول حسب البرنامج.
أما بالنسبة للأثر الذي أوردته عن ابن عمر
اقتباس:
ومن الآثار الواردة عن الصحابة _رضي الله عنهم_ في بيان تحريم ذلك: قصة نافع _رحمه الله_ مولى ابن عمر _رضي الله عنه_، قال: " سمع ابن عمر مزماراً، قال: فوضع إصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع إصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي _صلى الله عليه وسلم_ فسمع مثل هذا، فصنع مثل هذا " (صحيح أبي داود)؛ وقد ظن بعض الناس أن هذا الحديث ليس دليلاً على التحريم؛ لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ لم يأمر ابن عمر _رضي الله عنهما_ أن يسد أذنيه، ولأن ابن عمر لم يأمر نافعاً بسد أذنيه كذلك! والجواب عن ذلك: أنه لم يكن يستمع، وإنما كان يسمع، وهناك فرق بين السامع والمستمع، قال شيخ الإسلام _رحمه الله_: (أما ما لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة، ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع، فالمستمع للقرآن يثاب عليه، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك، إذ الأعمال بالنيات، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك" (المجموع 10 / 78). قال ابن قدامة المقدسي _رحمه الله_ صاحب الموسوعة الفقهية الضخمة (المغني): " والمستمع هو الذي يقصد السماع، ولم يوجد هذا من ابن عمر _رضي الله عنهما_، وإنما وجد منه السماع، ولأن بالنبي _صلى الله عليه وسلم_ حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه؛ لأنه عدل عن الطريق، وسد أذنيه، فلم يكن ليرجع إلى الطريق، ولا يرفع إصبعيه عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه، فأبيح للحاجة. (المغني 10 / 173).
فهذا الحديث قال عنه أبو داود منكر كما هو مذكور في كلام الشيخ القرضاوي من نفس الفتوى التي وضعت وصلتها
اقتباس:
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.
ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباح النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًا ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.
وقد أورد ابن حزم في "المحلّى بالآثار" (كتاب البيوع مسألة 1566) أثراً عن ابن عمر يبيّن أنّه سمع غناءً و سعى في بيع مغنيّة (ممّا يعني عدم رؤيته الغناء على أنّه حرام وإلاّ لما سعى في بيع الحرام)
اقتباس:
و من طريق حماد بن زيد نا أيوب السختياني، و هشام بن حسان، و سلمة - هو ابن كهيل- دخل حديث بعضهم في حديث بعض، كلهم عن محمد بن سيرين أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتى إلى عبدالله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهم فأحدت، قال أيوب: بالدف، و قال هشام: بالعود، حتى ظن ابن عمر أنّه قد نظر إلى ذلك، فقال ابن عمر: حسبك - سائر اليوم- من مزمور الشيطان، فساومه، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبدالرحمن إني غبنت بسبعمائة درهم، فاتى ابن عمر إلى عبدالله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، و إمّا أن ترد بيعه. فقال: بل نعطيها إياه.
فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعى في بيع المغنية.
و هذه أسانيد صحيحة لا تلك الملفقات الموضوعة.
و بهذا يكون قد تم الرّد على الأدلّة التي أوردتها من أجل تحريم الغناء نفسه.
و الجواب على القول بوجود 8 أحاديث صحيحة و ما إلى ذلك فليؤتى بها (مع مصادرها).
و إليكم هذا الكلام عن الأدلّة المحرّمة للغناء بشكل عام من فتوى القرضاوي
اقتباس:
والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسول الله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.
أما خارج أدلّة التحريم فقد تم إيراد عدد من المزاعم.
فهذا الزّعم
اقتباس:
فالغناء اليوم هو الفسق بعينه
فهو باطل لتعميمه. ففي البداية يجب التمييز بين الأغاني و بين ما يبث في التّلفاز فالأعين لا تسمع و إنّما ترى. ثمّ إنّه و إن تواجد من الغناء ما قد يخالف التقييد الذي اشترطه بعض المجيزين فهناك منه ما يتوافق معه، و هذا معلوم لمن يعلم في الغناء و الموسيقى.
وأمّا الزّعم بان الغناء و الموسيقى محرّمة باتّفاق الأئمّة الأربعة فهو زعم باطل. فكل ما اورد من آثار ليست لأّي من الأئمّة باستثناء أثر واحد منسوب للإمام مالك.
اقتباس:
فقد سئل الإمام مالك _رحمه الله_ عن ضرب الطبل والمزمار، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس؟ قال: فليقم إذا التذ لذلك، إلا أن يكون جلس لحاجة، أو لا يقدر أن يقوم، وأما الطريق فليرجع أو يتقدم. (الجامع للقيرواني 262)، وقال _رحمه الله_: "إنما يفعله عندنا الفساق" (تفسير القرطبي 14/55).
و الجواب على ذلك هو أنّه قد ورد عن الإمام مالك تحليل الغناء. فمن فتوى القرضاوي
اقتباس:
وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكي الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.
و أبو حنيفة ذكر ابن جزم في "المحلّى بالآثار" (كتاب البيوع، مسألة 1566) أنّه راى الضمان على من كسر شيئاً من "المزامير، و العيدان، و المعازف، و الطنابير". فلو رأى حرمة آلات الغناء لما رأى الضمان على من كسر شيئاً منها.