السلام عليكم ورحمة الله ،
مرحباً أخي عويلة ،
أولاً ،أنا لم أُشاهد ملف الفيديو الذي وضعته لأنَّ الموقع محجوب لدينا في السعودية .
لَكِن لا أعتقِد أنَّ النِّقاش في مسألة العلاقة بين الإسلام واليهودية ،مسألة تحتاج إلى مٌُشاهدة فيلم أو مقطع مرئي أو ماشابه ذلِك .
ثانياً ،الإسلام يحترم الإنسان ،أي إنسان مهما كانت ديانته أو مُعتقده ،واللهُ عزَّ وجل يقول: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" ،الآية 70 من سورة الإسراء ،وخصَّ أهل الكتاب -اليهود والنصارى- بشيءٍ من التفضيل في الأحكام ومن بعضها جواز أكل ذبائحهم و الزواج من نِسائهم ،ويُقرِّر الإسلام مبدأ الكلمة السواء مع أهل الكتاب بِأن يوحدوا الله عزَّ وجل ،قال تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" .
ويخُص الله عزَّ وجل أهل الكِتاب بِالمُجادلة بِالتي هي أحسن مع أنَّه أمرٌ عام في التجادل مع سائر الطوائف،قال تعالى: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"
ثالِثاً ،اليهود في المُجتمع الإسلامي ،
جميعُنا يعلم أنَّ الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم ،عِندما قدِم المدينة المنورة أو يثرِب آنذاك ،كان فيها يهود ،ولم يطردهم الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم أو يُخرجهم ،بل أقامَ بينه وبينهم إتفاقية ومُعاهدة ،لَكِن اليهود نكثوا تِلك الإتفاقية وذلِك العهد مرَّة بِالخيانة العُظمى وهي التَّحالُف مع العدو الخارجي ،ومرَّة بِمُحاولة إغتيال الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم ومرَّة بِالإساءة لِامرأة من المُسلمين ،وفي كُلِّ مرَّة كانَ العِقاب على قدر الفِعل ،ومن أراد المزيد عن أمر اليهود في الحُقبة النبوية فليُراجِع كُتب السيرة النبوية وما يتعلق بِغزوات ومعارك الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّم ،ثُمَّ جاءت الحقبات الإسلامية المُتعددة بعد العهد النبوي ،واليهود في العالم الإسلامي ينالون كامِل حقوقهم بل وزيادة في بعض الأحيان ،والعهد الإسلامي في الأندلس خير شاهدٍ ودليل على أنَّ اليهود عاشوا في كنفِ المُسلمين على أفضل حال ،ثُمَّ لما أُخِرج المُسلمون من الأندلُس على يد النصارى المُتعصبين خرج معهم اليهود إلى بِلاد المغرب العربي ،لِأنَّ محاكم التفتيش الصليبية المُتعصبة لم تستثني أحداً من المُخالفين ،فَإمَّا التنصُّر أو التهجير وأمَّا من يبقى فَإنَّ العذاب الشديد لهُ بِالمرصاد ،وإلى العهد القريب الماضي واليهود يعيشون في الأراضي العربية والإسلامية لا ينالُهم السوء في اليمن والعِراق والمغرب العربي والشام وغيرها إلى أنْ اغتصَبَ "بعض" اليهود أرض فلسطين العربيَّة وأقاموا فيها دولتهُم الصهيونية فاستقدموا الكثيرين من اليهود الموجودين في العالم العربي ،وبقيَ بعض اليهود في البلاد العربيَّة إلى يومنا الحاضِر لا يتعرَّضُ لهُم أحدٌ بِسوء رُغم جرائم الصهاينة البشعة في البِلاد العربية لأنَّ المبدأ الإسلامي يقول : "َولاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" .
وهذا مقالٌ جميل لِكاتبٍ يهودي مُنصِف ،يرُد فيه على إدعآءات بابا الفاتيكان بِأنَّ الدين الإسلامي انتشر بِالسيف ،وفيهِ جُزءٌ يتعلَّق بِتعامل المُسلمين مع اليهود في البِلاد الإسلامية ،اضغط هُنا .
نفس المقال بترجمة عربية ،هُنا .
أمَّا فيما يخُص تعبير "أحفاد القِردة والخنازير"،فالحقيقة أنَّ هُنالِك جُزء من اليهود قد مسخَهُم الله عزَّ وجل قردة وخنازير قال الله تعالى: "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " ،فبِسبب عصيانهم أوامر الله وتمردهم على أنبياء الله وقتلهم أنبياء الله بغير الحق استحقوا العقوبة ،ولم تكن عقوبة المسخ هي العقوبة الوحيدة بل هُنالِك عشرات العقوبات الإلهية لليهود بسبب ضلالهم وكفرهم وجرائمهم .
أعود لِلتعبير المُستخدم وهو أحفاد القردة والخنازير ،الظَّاهِر عندي أنَّ كلمة "أحفاد" بِمعنى "أتباع" فاليهود الموجودين اليوم ليسوا أبناء أولئك الذين مُسخوا إلى قردة وخنازير،لكِنْ "أغلب" اليهود اليوم يسيرون على منهج سابقيهم من مُجرمي اليهود ولا أقول على منهج آباءهم لأنَّ المسألة مسألة أعمال وأفعال ،وليست مسألة "وراثية" .
أمَّا مسألة "مُعاداة السامية" ،هذا المُصطلح أو التعبير يُشير إلى العُنصرية البغيضة لدى اليهود تِجاه الآخرين ،فالمسألة لديهم قائمة على تفضُّل عِرقي-ديني ،لأنَّ القومية الإسرائيلية ليست القومية السامية الوحيدة ،بل هُنالِك قوميات سامية أُخرى ،على رأسها القومية العربية ،فالأصح أن يُغيَّر هذا المُصطلح إلى "مُعاداة اليهودية" ،لِأنَّ ذلِك هو الأصح ،أمَّا اللفظ الأول فهو لفظ خاطئ ،ولا يمكن لأي مُسلِم أنْ يُعادي السامية كمجموعة كُبرى يندرج تحتها العرب وهُم أساس الإسلام وجوهره ونبيُّ الإسلام صلَّى اللهُ عليهِ وآله وسلَّم عربي !.
أخيراً ،موقفنا من اليهود ،أننا نبغض ونُعادي سائر من يحتلُّ أرضنا ويقتُل أهلنَا وينهب مالنا وينتقِصُ من ديننا،سواء بِالفعلِ أو بِالقول أو بِالدعم المادي، وأغلبُ اليهود هُم كذلِك ولا شك ،
وأنا قد ذكرت لك أخي عويلة سابِقاً في أحد مواضيعك هذا الأمر وبينتُهُ لك ،وتعميمُ الكراهية أمرٌ جائز عقلاً إذا كان الغالِب على أتباع هذه الديانة هي العداوة لنا ،وأمَّا من شذَّ منهم ولم يُعادينا ،فنحنُ نشُذُّ معه في القاعدة ،ونُعامله كما نتعامل مع سائر مُخالفينا في العقيدة ممن لم يُسيئوا إلينا بِالقول أو بِالفعل ،واللهُ عزَّ وجل يقول : "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" ،وهذا الأصل لدينا في هذه المسألة ،أن نتعامل مع المُخالفين بِالقسط والبر إلى أن يُظهِروا لنا العداوة .
وأود هُنا أن أُشير إلى أنَّ أغلب مُشاركات الإخوة الذين سبقوني كانت مُشاركات قد أجاد فيها أصحابها ،
شُكراً عويلة .