رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 15 )
( اجتمع أهالي القرية عن بكرة أبيهم أمام دار العمدة ،
كل منهم يريد أن ينال دوره للتحدث من خلال هاتف العمدة المجاني ،
وقف الخفر يصفون الناس ،
بينما أخذ الخفير التهامي يصيح بالجموع )
ـ عمرنا ما ها نتعلم النظام أبدا ؟
ما تقف صف واحد ياله انته و هوه ،
حازي ، و الا احنا يعني ما نمشيش غير بالعصاية ؟
مش كفاية العمدة الله يعمر بيته خلاكم بني آدمين و عملكم التليفون مجانا ؟ دي فين تلاقوها دي في العالم كله يا ناس ؟
سبحان الله ، عليا النعمة خدمة عشر نجوم ،
ـ نرجع نأكد ـ كل واحد فيكم ياخد دوره ،
جاتكوا داهية ، الستات في ناحية و الرجالة في ناحية ، كلكو زي بعض ،
ارجع يا راجل انته هناك ، ها ناخد واحدة ست و بعدين راجل و بالدور ، و اللي يدخل عشان يتكلم ما يعوقش ، يعني تتلقح تقعد تطرش الكلمتين و تفز تقوم على طول ، رغي النسوان ده مالوش لازمة ، أني بأنبه اهوه ، عشان ما حدش يقول (التهامي) ما حذرناش .
انته ياد يا حسونة ، جاي تتكلم من هنا ليه ؟ مش عندك تليفون ؟ و الا أبو بلاش كتر منه ؟
ـ هو أني مش زي الناس دي و الا إيه يا ( تهامي ) ؟
ـ و التهامي ده كان بيلعب مع أبوك في الشارع ؟ أما تيجي تكلمني يا وله تقول حضرة الغفير التهامي ، فاهم و إلا لأ ؟ و بعدين ، لأ طبعا إنته مش زي الناس ، مش عندك تليفون في بيتكم ، يبقى تروح تتكلم منه ؟
ـ مش ماشي يا حضرة الغفير ، زيي زيهم .
ـ طب تلاتة بالله العظيم ما انته متكلم لو على جثتي ...
( يجذبه من جلبابه بعيدا ، يحاول التخلص من بين يديه و لا فائدة ، يذهب الرجل بعيدا و هو يصيح )
ـ و الله لاني قايل لحضرة العمدة ، إشمعنى اني يعني ؟
( يدخل ( التهامي ) إلى داخل دار العمدة بينما وقف الخفر بالخارج يصفون الأهالي بنظام ، نسمع صوت ( التهامي ) ينادي من الداخل )
ـ دخلي أول واحد يا ( عوادلي ) .
ـ يلا ادخل انته يا حسن يا بو خميس .
( يصرخ أحد الرجال )
ـ اشمعنى أبو خميس يعني ؟ أني جاي قبله ، و الا عشان قريبك ؟
( يصرخ الخفير العوادلي في وجهه )
ـ هوه كده ان كان عاجبك ، عافية بقى ، و عليا النعمة كلمة تانية ما انته شايف التليفون ده شكله إيه ، إيه رأيك بقى ؟
( عندها يتراجع الرجل ، لكنه يتكلم بصوت خفيض بكلام غير مفهوم )
ـ بتبرطم تقول إيه يا ابن هنومة ؟
ـ بادعي لك ، الحق عليا ؟
ـ باحسب ، عارف لو كنت بتبرطم كده و الا كده ؟
( يتحرك شاب من بين الجموع يقترب من العوادلي ، يهمس في أذنه )
ـ أمي بتقولك انته ما عديتش عليها ليه عشان تاخد صينية البطاطس اللي عاملاها لك ؟ و بتقولك هي عايزة تكلم اخويا في العراق .
( يلتفت العوادلي إليه يهمس في أذنه )
ـ قولها حاضر بس شوية كده عشان زحمة دلوقتي ( يغمز بعينه ، ثم يرفع صوته ) أنا ما عنديش خيار و فاقوس ، أنا باقولك اهوه ، كل واحد في دوره ، يلا من هنا .
( ينصرف الولد ، يشير العوادلي بعصاه لإحدى النساء الواقفات )
ـ الست اللي هناك دي ، إنتي مين يا ست انتي ؟
ـ أني من أبو زعيبل .
ـ نعم ؟ زعيبل مين يا أم زعيبل ؟ يلا امشي مششت ركبك من بدري ...
( يذهب إليها يدفعها بقوة فتقع المرأة أرضا ، عندها تحدث ضجة بين الجموع )
ـ ما تسيبها يا عم عوادلي .
ـ يعني هي ما لهاش نفس زينا ؟
ـ يعني التليفون ها يخس ؟
( عندها يصرخ فيهم العوادلي )
ـ إياك أسمع نفس حد فيكم انته و هوه ، كل واحد فيكم ينقطنا بسكاته ، اللي متعاطف معاها يوريني نفسه ، الخدمة دي لأهالي كفر البلاص و بس ، يلا غوري في ستين داهية من هنا ، و أديني بانبه اهوه ، أي حد من أبو زعيبل أو أبو حطب يمشي من سكات أحسن له و إلا ها أسود عيشته و عيشة اللي جابه .
( تقف المرأة و ترحل و هي تبكي ، بينما ينسحب بعض الرجال و النساء من بين الصفوف ، و يعود العوادلي لينظم الصفوف )
......................
( بعد المغرب جلس الخفير ( التوابتي ) مع شيخ الخفر )
ـ كله تمام يا شيخ الغفر .
ـ عملت إيه النهاردة ؟
ـ زي ما أمرت بالظبط ، و كل حاجة متسجلة هنا في الورق ده .
( يخرج التوابتي بعض الأوراق و يناولها لشيخ الخفر )
ـ إوعى يكون حد شافك و انته بتكتب ؟
ـ هو أني أهبل ؟ أنا كنت باصنت من التليفون اللي جوه .
ـ طب اقرا لي اللي انته كاتبه كده .
ـ الواد حسن ابو خميس طلق مراته و كلم أهلها في البندر عشان يجو ياخدوا حاجاتها .
ـ و طلقها ليه ؟
ـ عشان ما خلفتش لغاية دلوقتي .
ـ و العيب من مين ؟
ـ كل واحد فيهم بيقول العيب م التاني .
ـ غيره .
ـ البت نحمده بنت أبو إسماعيل جاي لها عريس من أبو حطب .
ـ و اتلمت عليه فين الواد ده ؟
ـ كان معاها في المصنع بتاع المركز ، و جاي هو و أهله يوم الاربع عشان يطلبوها من أبوها .
ـ غيره .
ـ الواد حسان أبو جمعة أخوه باعت له ألفين جنيه من بلاد برة مع واحد صاحبه ، و ها يجيب له الفلوس بكرة الظهر .
ـ هو أخوه بيشتغل إيه هناك ؟
ـ بيقولوا مبيض محارة كبير قوي هناك ،
على فكرة الواد حسونة كان جاي النهاردة عشان يتكلم من عندنا ، بس التهامي طرده .
ـ طرده ليه إن شاء الله ؟
ـ عشان عندهم تليفون و جاي يتكلم من تليفون العمدة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، و هو أنا قعدت أتحايل على العمدة لغاية لما عمل التليفون مجانا ليه ؟ بعد ما تخرج من عندي تروح تقطع السلك بتاع تليفون الواد حسونة ، و أني ها أنبه على التهامي إنه يسيبه يتكلم من عندنا .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ و بكرة ها أخلي واحد م الغفر يعملهم شاي كمان .
ـ ما نجيب لهم سحلب و طاولة أحسن ؟ ( يضحكان ) أموت و أعرف لزمتها إيه المصاريف دي كلها ؟
ـ عمدة و عاوز يريح أهل بلده يا أخي ، و إلا يعني الكحكة في إيد اليتيم عجبه ؟ و بعدين ده كفاية إننا نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد .
ـ طب و التقارير اللي أني قاعد أكتبها دي ، أبويا العمدة عنده خبر بيها ؟
ـ لأ طبعا ، دي حاجة بيني و بينك بس ، و حسك عينك حد يعرف الموضوع ده ، و بعدين ما هو إحنا لازم نعرف كل كبيرة و صغيرة في البلد يا وله ، أمال ها نحافظ على أمن البلد دي إزاي ؟
ـ معاك حق و الله يا شيخ الغفر ، عاوز الصراحة يا شيخ الغفر ؟
ـ لا بنت عمها .
ـ كان نفسي دماغي تبقى و لو نص دماغك .
ـ ياد قول بسم الله ما شاء الله ، يلا روح عشان تنام ( يخرج بعض النقود من جيبه و يدسها في جيب التوابتي ) و بكرة إن شاء الله تطرطق ودانك على الآخر .
ـ مطرطقة و سالكة و مية مية إن شاء الله يا شيخ الغفر ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 16 )
( صرخة عالية شقت سكون القرية ،
تعلقت العيون و الآذان باتجاه الصرخات ،
فجأة انطلق أحد الغلمان فارا من بين أعواد الذرة ،
يمسك جلبابه بفمه و يهرول في اتجاه القرية يصرخ )
ـ روحوا يا هــــــــــوه ، ( السلعوة ) ظهرت يا جدعان .....
( تخونه قدماه الدقيقتان فيتعثر منزلقا إلى الترعة ،
يخرج منها زاحفا ، ما يلبث أن يعاود الفرار ،
اختلط الحابل بالنابل ،
النساء و الأطفال و الرجال يفرون في كل اتجاه )
ـ اهرب بسرعة ياد يا محمود .
ـ ما جايز كلب مسعور ياد يا حمودة .
ـ هو أنا عبيط و الا مختوم على قفايا ؟
بقولك أنا لسه شايفها في أرض أبوك محمد أبو اسماعيل ....
ـ يا داهية دقي .....
( محمود يفك الحبال التي ربط بها بهائمه ،
ينهال عليها ضربا بعصاه فتفر البهائم باتجاه القرية ،
يقفز محمود فوق حماره يهز قدماه بشدة ، يلوح بعصاه عاليا ،
صرخات الاستنفار تتصاعد هنا و هناك )
ـ استر يا رب ، انته لسه ما قفلتش يا عم حسنين ؟
ـ ما أنا بأقفل أهو ، ليكون ديب ياله يا حمودة ؟
ـ برضك ها يقولي ديب، بقولك ( السلعوة ) أنا شايف عينيها بعيني اللي هاياكلها الدود و هيه بتطق شرار .
ـ طب اجري بسرعة و بلغ أبوك العمدة ...
ـ عمدة مين الساعة دي ؟ يا روح ما بعدك روح ....
( يغلق عم حسنين باب دكانه الخشبي سريعا ،
يعلق قضيبا طويلا من الحديد عليه ،
يضع قفلا كبيرا و يفر هاربا )
ـ اجري استخبى يا وله انته و هوه بسرعة ، يا لطيف ، يا لطيف .
( تجري إحدى النساء تنتشل طفلها من فوق الأرض و تفر به ، تصرخ )
ـ يا بت يا سعاد ، ادخلي بسرعة يا بنت ال ........
( تدخل إلى منزلها ، تغلق الباب خلفها سريعا ،
طفل صغير يحاول الفرار ، فيسقط تدوسه الأقدام ،
يوقفه أحد الرجال ، يصرخ في الناس )
ـ الرحمة يا جدعان حرام عليكم .
( يجري الطفل إلى حارة ضيقة ، يختفي عن الأنظار ،
امراة تصرخ في ولدها )
ـ شفت أختك فين ياد يا عبوده ؟
ـ دخلت بيت عم أبو سليمان .
( الجميع يحاول الفرار )
ـ يا ساتر استر يا رب .
( ما هي إلا لحظات حتى ساد صمت مميت ،
جميع الأهالي يهرعون إلى ديارهم ،
جميع الأبواب تغلق بإحكام ،
العيون جاحظة تترقب خلف الأبواب و النوافذ ،
الآذان صاغية تتنصت ،
البعض صعد فوق السطوح يتابع المشهد من أعلى ،
يتساءل أحد الرجال)
ـ مش جايز تعلب و الا ديب و الا كلب مسعور يا جدعان .
ـ الواد حمودة بيقولك شايف الشرار طالع من عينيها .
ـ شيخ الغفر بيحلف على المصحف إن هي اللي أكلت كلاب العمدة أول امبارح .
ـ ده أبو شلبي لسه شايفها امبارح بالليل على جسر الترعة و هي بتسن سنانها يا جدعان .
( صرخة عالية تشق الفضاء )
ـ استر يا رب ، الصرخة دي جاية منين ؟
ـ دي جاية من ناحية دار أبو خميس .
( صوت الصرخات يقترب و يقترب )
ـ ده صوت عيل صغير ، يالطيف ، يالطيف .....
( تظهر من خلف البيوت طفلة صغيرة تصرخ و تجري إلى أحد الأبواب )
ـ الحقيني يا أمه ، الحقني يا آبا .....
( تدق الباب و تدق و لا مجيب ،
الجميع يتابع ما يحدث من خلف الأبواب و النوافذ و من فوق السطوح ،
تتعالى صرخات الأهالي ، تتزايد أصواتهم )
ـ يا ضنايا يا بنتي ، ربنا يكون في عونك .
( ينادي أحدهم من خلف الأبواب )
ـ بنت مين دي يا عالم ؟
( يرد عليه آخر )
ـ دي بنت حسين أبو حبيبة .
( البنت تبكي و تصرخ و لا مجيب ،
فجأة ،
تخرج ( السلعوة ) من بين أعواد الذرة ،
يتطاير الشرر من عينيها ،
سوداء حالكة اللون ،
يسيل من بين أنيابها لعاب السعار ،
تقف متحفزة ،
تتعالى صرخات الأهالي )
ـ حد يغيتها يا ولاد ، ما تفتح لها ياد يا مسعود .
ـ ما انته حلو اهوه يا له ، ما تطلع تاخدها انته يا ناصح ، و الا بس بق على الفاضي ؟
ـ و هو انا مستغني عن نفسي و عن عيالي ، دي سلعوة يا آبا ، عارف يعني إيه سلعوة ؟
( تتراجع البنت ملتصقة بالأبواب ،
نحيبها يمزق القلوب ،
دقات قلبها الصغير تتردد بين جدران البيوت ،
لحظات من الترقب )
ـ يا بلد ما فيهاش راجل ، مفيش حد يغيت البت المسكينة دي ؟
ـ و هي أهلها سايبنها ليه الساعة دي ؟
ـ فيه حد يسيب ضناه كده بالذمة ؟
( تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
تصرخ الطفلة و تصرخ حتى يبح صوتها ،
فجأة ينفتح أحد الأبواب ،
تخرج منه ( خضرة ) ،
ترفع في يديها عصا غليظة )
ـ ما تخافيش يا أمه ، ما تخافيش .
( تقف بين السلعوة و البنت الصغيرة ، تتعلق عينها ب السلعوة ،
تجري البنت لتتشبث بجلبابها )
ـ دي مين بنت المجنونة دي ؟
ـ دي البت (خضرة) أم لسانين .
ـ و الله بت بميت راجل .
( تتحرك خضرة بجنبها خطوة خطوة باتجاه بابها ،
تقترب منها السلعوة شيئا فشيئا ،
تفتح خضرة باب دارها بينما عينيها مازالت معلقة على السلعوة ، تدخل البنت من الباب مسرعة ،
عندها تقفز السلعوة على خضرة تحاول افتراسها ، إلا أنها باغتتها بضربة قوية بعصاها الغليظة على رأسها و صرخت )
ـ موتي بقى الله ياخدك .....
( تسقط السلعوة على إثر الضربة ، إلا إنها تهب ثانية لتهجم على خضرة فتباغتها بضربة ثانية و ثالثة ، و تصرخ )
ـ الله ياخدك ، الله ياخدك ....
( عندها تسقط السلعوة على الأرض لا تستطيع الحراك ، إلا أنها ما زالت حية ،
عندها نجد أحد الخفر (العوادلي) يخرج من خلف أحد الأبواب ،
يصرخ )
ـ إلحقنا يا شيخ الغفر ، إلحقنا يا شيخ الغفر .
( عندها يخرج شيخ الخفر يحمل بندقيته ، يصوبها ناحية السلعوة ، و يطلق عليها النار ،
عندها يصرخ ( العوادلي )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ،
شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .
( عندها يتردد صوته في الفضاء )
شيخ الغفر قتل السلعوة يا حضرة العمدة ، شيخ الغفر قتل السلعوة يا بلد .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 17 )
(العمدة ينادي من داخل القاعة )
ـ عبد الجبار ، واد يا عبد الجبار ...
( يدخل عبد الجبار مسرعا ، يتخبط بباب القاعة ، ينكسر الباب ، يمسك عبد الجبار بالباب قبل أن يسقط على الأرض ، يكاد الدم أن يتفجر من وجنتيه خجلا ، يقف ممسكا بالباب ، ينظر إلى العمدة و الشيخ جمعة الجالس إلى جواره ، و ينظر إلى الباب ، لا يعرف ماذا يفعل ، يصرخ العمدة )
ـ جاموسة داخلة علينا ؟ إيه اللي انته هببته ده يا بجم ؟
(وقف عبد الجبار يتصبب منه العرق ، ينظر إلى الأرض ، لا يستطيع النطق بكلمة واحدة ، يحاول لملمة الحروف فلا يستطيع )
ـ ما ... ما ... أصل ... أصل ...
ـ انته ها تمأمأ لي ؟ اسند الزفت اللي كسرته ده على الحيطة و غور هات الواد ( قادوم ) يصلحه ، بسرعة .
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
( يسند عبد الجبار الباب على الحائط ، و يخرج مسرعا ، يناديه العمدة )
ـ واد يا عبد الجبار ، انته يا وله ...
( يعود عبد الجبار مسرعا لكنه يتردد في الدخول فيقف خارج الباب )
ـ أمرك يا حضرة العمدة .
ـ عدي على شيخ الغفر خليه يجيني .
ـ حاضر .
( يذهب عبد الجبار ، يميل الشيخ جمعة على العمدة )
ـ طيب أستأذنك أنا يا حضرة العمدة ؟
ـ لا ، تستأذن مين ؟ لازم تقعد لغاية لما يجي و تحضرنا .
ـ عشان بس ما يبقاش فيها حرج يا عمدة .
ـ حرج إيه و بتاع إيه ؟ و لا فيها حرج و لا حاجة ، اقعد اقعد ( ينادي ) بت يا بهانة ...
( ترد بهانة من خلف الباب الداخلي )
ـ أأمر يا أبا العمدة .
ـ اعملي لنا حاجة نشربها يا بت .
ـ شاي ؟
ـ شاي شاي ؟ ما فيش غير الشاي ؟
ـ أعملك قهوة ؟
( يكلم الشيخ جمعة )
ـ إيه رأيك في فنجانين قهوة م البن المحوج اللي جابهولي شيخ الغفر ؟
ـ ماشي .
( ينادي العمدة على بهانة )
ـ صحيح تعالي يا بت يا بهانة ادخلي ، ما فيش حد غريب ، ده أبوك الشيخ جمعة .
( تدخل بهانة )
ـ السلام عليكم ، إزيك يا أبا الشيخ جمعة ؟
ـ أهلا يا بهانة ، عاجبك اللي عمله جوزك ده يا بت ؟
ـ عمل إيه ؟
( يقاطعها العمدة )
ـ كسر الباب يا فالحة .
( يشير العمدة إلى الباب المكسور ، تنظر بهانة إلى الباب )
ـ هوه اللي كسره ؟
ـ لا آني ، الواد بأنادي عليه لقيته داخل في الباب زي البهيم .
ـ معلش يا أبا العمدة ، أصله بيحبك قوي و الله ، و ما بيصدق إنك تنادي عليه بيبقى عاوز يطير طير كده و يجيلك .
ـ حبك برص و عشرة خرص انتي و هوه ، كسبنا صلاة النبي ؟
ـ اللهم صلى عليه .
ـ طب اجري بقى اعملي لنا فنجانين قهوة مظبوط م اللي وصى عليهم داود في التذكرة يا بت .
ـ أمرك يا أبا العمدة ، بس بالله عليك ما تزعل من عبد الجبار يا أبا العمدة.
ـ خلاص اللي حصل حصل ، بس روحي انتي اعملي القهوة .
ـ هوا .
(تخرج بهانة )
ـ ما قلتليش يا شيخ جمعة ، مش يمكن الناس دول يكونوا قرايبه ؟
ـ قرايبه مش قرايبه ، المفروض أي حد يدخل البلد و يقعد فيها يكون عندك علم بيه ، و بعدين دول مش واحد و إلا اتنين .
ـ معاك حق طبعا ، و دول جم البلد إمتى يا شيخ جمعة ؟
ـ ساعة لما انته كنت في المديرية بتجيب الدكتور الجديد .
( يدخل شيخ الخفر )
ـ السلام عليكم ، خير يا حضرة العمدة ، ازيك يا شيخ جمعة ؟ إيه اللي كسر الباب كده ؟
ـ و عليكم السلام .
ـ سيبك م الباب دلوقتي يا شيخ الغفر ، إيه موضوع الناس اللي قاعدين عندك دول ؟
ـ قرايبي يا حضرة العمدة و جايين زيارة يومين ، ليه خير ؟ حد فيهم عمل حاجة كده و الا كده لا سمح الله ؟
ـ مش المفروض أبقى على علم بكل حاجة في البلد يا شيخ الغفر ؟ أنا مش قايلك انته مكاني لغاية لما أرجع م البندر ؟ يبقى أي حاجة تحصل في البلد و أنا غايب لازم يكون عندي علم بيها .
ـ معاك حق طبعا يا أبا العمدة ، عداك العيب ( ينحني شيخ الخفر على كف العمدة يقبله ، يسحب العمدة كفه بسرعة )
ـ استغفر الله العظيم .
ـ حقك عليا ، أني غلطان ، بس و الله ما جت فرصة أقولك مش أكتر ، و بعدين دول جايين يقعدوا يومين و ماشيين ، و معروف انك طول عمرك بيتك مفتوح للغريب قبل القريب يا حضرة العمدة .
( يدخل عبد الجبار )
ـ الواد ( قادوم ) مش موجود ، بيقولوا راح البندر ، عنده شغل هناك و مش ها يجي إلا بعد يومين .
ـ و ها أقعد يومين من غير باب يا فالح ؟
( يقاطعه شيخ الخفر )
ـ فيه واد من قرايبي نجار يا حضرة العمدة ، بعد إذنك عبد الجبار يروح ينادي له يصلحه .
ـ يعني الناس جايين ضيوف عندنا نقوم نشغلهم برضك ؟
( يقاطعه الشيخ جمعة )
ـ ما فيهاش حاجة يا حضرة العمدة ، يعني نصلح الباب و إلا الدار تفضل مفتوحة كده من غير باب ؟
ـ أيوة بس أكيد ما معهوش عدة .
ـ ده ما بيمشيش من غيرها ، روح يا عبد الجبار عندنا الدار و قول لهم شيخ الغفر بيقول لكم ابعتوا الواد (شنكل) بالعدة بتاعته عند أبويا العمدة .
ـ فوريرة .
( يخرج عبد الجبار ، تدخل بهانة بالقهوة )
ـ القهوة .
ـ اعملي كمان واحد مظبوط لشيخ الغفر يا بت .
ـ حاضر .
ـ سبحان الله ، قريبك النجار ده جه في وقته .
ـ لأ مش بس كده ، ده أخوه حداد كمان و التالت بنا .
ـ اللهم صلى ع النبي .
( يقاطعهما الشيخ جمعة )
ـ ما تخليهم يعملوا لنا مدنة للجامع يا عمدة ينوبك ثواب .
ـ و ماله ، بس يمكن نعطلهم عن شغلهم و إلا حاجة ؟
( ينظر إلى شيخ الخفر ، يجيبه )
ـ و لا عطلة و لا حاجة يا حضرة العمدة ، هي الدنيا ها تطير ؟ يقعدوا لهم أسبوع أو اتنين زيادة ، ها يجرى إيه يعني ؟ ده كفاية الثواب اللي ها ياخدوه .
ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر .
( يدخل عبد الجبار و بصحبته (شنكل) )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، (شنكل) ابن خالتي اللي كلمتك عنه يا أبا العمدة .
ـ أهلا و سهلا بيه .
ـ شوف لنا الباب الي كسره الدغف ده كده يا شنكل ، ينفع يتصلح ؟
ـ كل حاجة تتصلح إن شاء الله يا حضرة العمدة .
ـ يلا ورينا الهمة .
( يبدأ شنكل في العمل ، يجلس العمدة و الشيخ جمعة و شيخ الخفر يتناولون القهوة حتى ينتهي شنكل من تصليح الباب سريعا )
ـ خدمة تانية يا حضرة العمدة ؟
ـ اللهم صلى على النبي .
ـ شوف كده يا حضرة العمدة ، لا تقولي بقى ( قادوم ) و لا غيره .
ـ إيه الحلاوة دي يا وله ؟ ( يغلق الباب و يفتحه ) بسم الله ما شاء الله ، هو ده الشغل على أصوله ، أيوة كده .........
( يمد العمدة يده في جيبه ، يخرج حافظة نقوده ، يمسك شيخ الخفر بيده)
ـ تلاتة بالله العظيم ما انته مطلع مليم أحمر يا عمدة .
ـ عيب يا شيخ الغفر .
( يقاطعهم شنكل )
ـ و هو أنا أصلا كنت أطول و إلا أحلم أعمل شغل في بيت العمدة ؟ ده كفاية الشرف اللي حط على راسي .
ـ ما يصحش يا وله .
ـ تلاتة بالله العظيم ما أني واخد أيتها حاجة .
( يقاطعه الشيخ جمعة )
ـ خلاص بقى يا حضرة العمدة ، طالما حلف ، الراجل ضيف عندنا ، ما توقعوش في حلفانه .
ـ لا إله إلا الله ، طب إيه رأيك بقى أنا عاوزك تصلح لي شوية الحاجات البايظة اللي في الدار ، بس بشرط .
ـ أأمر يا عمدة .
ـ تاخد حقك تالت و متلت ، أنا بأقول من دلوقتي أهو .
( يرد شيخ الخفر )
ـ بكره م النجمة إن شاء الله يكون واقف قدام الدار .
ـ شكرا يا شيخ الغفر ، ألف شكر يا شنكل .
ـ الله يسلمك يا حضرة العمدة ، و هو أني عملت حاجة ؟
ـ طيب ، تأمرنا بأيتها حاجة يا أبا العمدة ؟
ـ ما تقعدوا تتعشوا معايا .
ـ دايما عامر بحسك يا حضرة العمدة ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 18 )
( دخل الشيخ جمعة مسرعا إلى القاعة ،
وجد عبد الجبار يفترش الأرض بجوار الحائط ،
وكزه الشيخ جمعة مناديا )
ـ واد يا عبد الجبار ، عبد الجبار ....
( يجلس عبد الجبار يفرك عينيه ،
ينظر يمينا و يسارا يحاول أن يتدارك ما يدور من حوله )
ـ نعم ؟
ـ فين حضرة العمدة يا وله ؟
ـ نعم ؟
ـ مالك يا وله ؟ بأقولك فين أبوك العمدة ؟
( ينظر عبد الجبار إلى الشيخ جمعة ، تدور بعينيه علامات الاستفهام ، و كأن الشيخ جمعة ينطق بطلاسم لا يفهمها )
ـ طيب .
( يسحب عبد الجبار الغطاء عليه و يعود متمدادا مرة أخرى متمتما )
ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، خير اللهم اجعله خير .
( يغضب الشيخ جمعة ، يوكزه وكزة قوية ، تتبعها أخرى )
ـ واد يا عبد الجبار ، قوم قامت قيامتك ياوله .
( يرد عليه عبد الجبار من تحت الغطاء )
ـ سيبني أنام الله يخليك يا شيخ جمعة .
ـ نامت عليك حيطة ، قوم رد عليا يا وله .
ـ فيه إيه بس يا شيخ جمعة ؟
ـ فين أبوك العمدة يا وله ؟
ـ أبويــــا العمــــدة نــــــــايم تعبــــــــــــــان ، هيه ارتحت ؟
ـ نايم تعبان ؟ تعبان ماله يا وله ؟
ـ الدكتور الجديد كان سهران معاه طول الليل و لسه ماشي هو وشيخ الغفر دلوقتي حالا ، سيبني أنام بقى .
ـ و الدكتور قال العمدة ماله يا وله ؟
ـ يا شيخ حرام عليك ، و الله العظيم ما نمت بقى لي يومين بحالهم ، اعتقني بقى لوجه الله .
ـ طيب ها اعتقك ، بس قولي الأول ، الدكتور قال أبوك العمدة ماله ؟
ـ قال إنه تعبــــان و لازم يرتــــــــــــــــاح ، سيبني أرتاح بقى أني كمان الله يخليك .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
( يدخل شيخ الخفر مسرعا )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، أهلا يا شيخ الغفر .
ـ أهلا يا شيخ جمعة ، خير ؟
ـ العمدة ماله يا شيخ الغفر ؟
ـ ما فيش ، الدكتور قال انه بعافية شوية ، و لازم يرتاح .
ـ أيوة يعني يكفينا الشر عنده إيه ؟
ـ الدكتور قال انها زي ما تقول كده انتكاسه ، ربنا يقومه منها بالسلامة .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، طيب ممكن أشوفه ؟
ـ الدكتور مانع أي حد يشوفه ، ده مشاني أني بذات نفسي من عنده امبارح .
ـ استغفر الله العظيم ، طب أنا عاوز على الأقل أطمن عليه .
ـ إطمن يا شيخ جمعة ، و يا ريت تطمن أهل البلد كلهم .
ـ و ها نعمل إيه يا شيخ الغفر ؟
ـ نعمل إيه في إيه يا شيخ جمعة ؟
ـ في البلد ، مين اللي ها يشوف أحوال البلد و يراعيها ؟
ـ و اني مش مالي عينك و الا إيه يا جمعة ؟
ـ جمعة كده حاف ؟ ؟؟؟ أني قصدي يعني لازم يكون فيه عمدة يراع.....
( تحمر عينا شيخ الخفر ، فيمسك الشيخ جمعة من رقبته )
ـ بص بقى يا جدع انته ، حاكم أني ساكت لك من الصبح ، البلد دي مالهاش و لا ها يبقى لها غير عمدة واحد ، هو الراجل اللي راقد جوه ده ، و على بال ما ربنا يقومهولنا كده بالسلامة ، كل حاجة ها تمشي زي ما كان مخطط لها بالظبط ، و آني بقى اللي ها أنفذ كل اللي قال لي عليه بالحرف الواحد ، و حسك عينك تهلفط بأي كلام من كلامك الماسخ ده ، جمعة ، ما تخلينيش أوريك الوش التاني ، و إلا تحب تشوفه ؟
( ارتعد الشيخ جمعة ، تلعثم ، أول مرة يواجه فيها وحشا ثائرا بهذه الصورة ، حاول المسكين لملمة أية حروف للرد على شيخ الخفر ، و لكن تضيع محاولاته أدراج الرياح ، ينظر الشيخ جمعة إلى الأرض يحاول الهرب من هذا الشرر المتطاير من عيني شيخ الخفر )
ـ أ .. أ .. أنا .. طبعا ما أقصدش أي حاجة يا حضرة شيخ الغفر لا سمح الله ، ماهو انته الخير و البركة برضه ، و هو فيه حد في البلد يسجر يقول أيتها حاجة ؟
ـ بحسب .
ـ طب تأمرني بأيتها حاجة يا حضرة شيخ الغفر ؟
ـ ياريت في كل صلاة تدعي و تخلي الناس كلتها تدعي للعمدة إن ربنا يشفيه و يقومه بالسلامة .
( ينفض التراب عن كتف الشيخ جمعة و يقترب من أذنه يهمس )
ـ و ياريت برضه توريني همتك كده و ما تسيبش راجل أو ست أو حتى عيل في البلد إلا اما تعرفه إن العمدة فوضني في كل حاجة في البلد لغاية لما ربنا يقومه بالسلامة .
( يهرب الشيخ جمعة من وسوسته و ينطلق خارجا )
ـ طبعا يا حضرة شيخ الغفر ، ضروري طبعا ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ( يرفع صوته ملاحقا ) ما تقطعش الجوابات .
( ينادي شيخ الخفر على عبد الجبار )
ـ عبد الجبار .
( ينتفض عبد الجبار واقفا )
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
ـ أني مش منبه عليك ما حدش يدخل هنا ؟
ـ و الله اني قافل الباب قبل ما انام يا شيخ الغفر ، بس فجأة لقيت الشيخ جمعة فوق راسي ، الظاهر البت بهانة هي اللي فتحت له واني نايم .
ـ على العموم فتح عينك ، و حسك عينك حد يخرج أو يدخل على أبويا العمدة ، زي ما قال الدكتور ، و نبه برضه على البت بهانة ، تلاتة بالله العظيم لو جيت في مرة و لقيت حد هنا لتكون سنتك سودة ،
و إلا على إيه ؟ أني ها ابعت واحد م الغفر يقف على الباب من بره ، روح خلي البت بهانة تعمل لي فنجان قهوة م البن بتاع العمدة .
ـ أمرك يا أبا العمدة ، قصدي أمرك يا حضرة شيخ الغفر ....
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 19 )
( هناك ، قريبا من المسجد ،
أخذ بعض الرجال يعملون بهمة و نشاط ،
مددوا فوق الأرض بجوارهم بعض الأنابيب المعدنية ، أخذوا يحفرون بفؤوسهم حتى أحدثوا فجوة عميقة بالأرض ،
ربط العمال ثلاثة أعمدة حديدية ببعضها البعض بالحبال من أطرافها العلوية ، نصبوها بشكل أفقي ، باعدوا بين أطرافها السفلية لتأخذ شكلا هرميا فوق هذه الفجوة ،
ثبتوا بأعلى الأعمدة بكرة يتدلى منها طرفي حبل ، مثبت في أحدهما أسطوانة حديدية مفرغة ،
أخذ أحدهم يجذب الطرف الآخر من الحبل ثم يفلته بصورة متكررة حتى بدأت هذه الاسطوانة تغوص بالأرض ،
و كلما غاصت مسافة ما بباطن الأرض ، رفعوها ليفرغوا ما بداخلها من الرمال ،
ثم يعودوا لتكرار شد الحبل و إفلاته بصورة مترددة ,
أخذ الرجال يرددون إنشادهم بصوت رخيم )
ـ هيلا هيلا ، صلوا ع النبي ، هيلا هيلا ...
( في هذه الأثناء مر عليهم الخفير التوابتي ، صرخ فيهم )
ـ بتهبب إيه يا جدع انته و هو ؟ و مين اللي أذن لك أصلا إنك تحفر جنب دار شيخ الغفر ؟ هي العملية سايبة و الا يعني .....
( يخرج شيخ الخفر من داره على إثر صرخاته )
ـ مالك يا توابتي فيه إيه ؟
ـ لا مافيش يا حضرة شيخ الغفر ، ده أنا كنت باسألهم بس بيعملوا إيه جنب دارك ؟
ـ و انته مالك انته ؟ لازم يعني تحط مناخيرك في كل حاجة ؟
ـ العفو يا شيخ الغفر العفو ، بس أنا كنت فاكر إن آني ها ....
ـ أنت ها تقعد تحكي لي قصة حياتك ، اجري بسرعة لعمك حسنين هات للرجالة صندوق كاكولة .
ـ فوريرة .
ـ الهمة يا رجالة ، عاوزين نخلص قبل الضهر عشان الشمس .
ـ أمرك يا شيخ الغفر .
( يمر الشيخ جمعة )
ـ سلام عليكم .
ـ سلام سيدي و رحمة الله و بركاته ، عملت إيه يا شيخ جمعة ؟
( يسلم على شيخ الغفر ، يميل مقتربا من أذنه )
ـ زي ما قلت لي بالظبط ، ما فيش نفر في البلد إلا و عرف إنك الكل في الكل دلوقتي ، ده غير شاعر الربابة اللي داير في البلد يحكي لهم حكاية أبو زيد الهلالي اللي قتل السلعوة ، ما عدش للناس سيرة غير شيخ الغفر و أفضاله ع الكفر و أهل الكفر ...
ـ تمام كده ، الله ينور عليك .
ـ لا مؤاخذة و لو فيها رزالة يعني ، الجماعة دول شكلهم أغراب مش م الكفر ، همه بيعملوا إيه لا مؤاخذة ؟
ـ و الله العظيم عارف إنك ها تسأل السؤال ده ، بس برضه ما فيش مانع تعرف و تعرف البلد كلتها ، دول رجالة جايبهم م البندر عشان يدقوا لنا طرمبة مية ، خلاص ، ما عدش شرب م الترعة بعد كده .
ـ الله يبارك فيك يا شيخ الغفر ، أيوة كده ، هو ده الكلام .
ـ و أديني عاملها بيني و بين الجامع أهو ، عشان اللي عاوز يتوضى و اللي عاوزة تطبخ .......
ـ روح يا شيخ الله يعمر بيتك ، بعد إذنك لما أروح أخلي الولية تعمل للرجالة براد شاي .
ـ ما لوش لزوم ، الواد التوابتي راح يجيب لهم كاكولة .
ـ بسم الله ما شاء الله ، كده بقى البلهارسيا ها تخرج من بلدنا بلا رجعة .
ـ هي البلهارسيا بس ، دي البلهارسيا و كل الأمراض و البلا الأزرق اللي معششة في الكفر ، خلاص ، الجهل و العك اللي كنتم غرقانين فيه ده خلاص ، بح .
( يأتي التوابتي يحمل صندوق المياه الغازية على كتفه )
ـ ساقعة يا وله ؟
ـ أمال إيه ؟ ده أنا أول ما قلت له عاوز كاكولة لشيخ الغفر نزل جوه الحفرة بنفسه و عبى لك الصندوق كله من تحت خالص .
ـ طب حطه هنا يا وله ، و افتح لكل واحد م الرجالة قزازة ، و افتح لك واحدة انته كمان و هات أسقع واحدة هنا لعمك الشيخ جمعة .
ـ أوامرك يا شيخ الغفر .
ـ الله يعمر بيتك يا شيخ الغفر ، طول عمر بيت أبو حماد بيت كرم بصحيح.
ـ طب تعالى ندخل جوه و خلي الرجالة تشوف شغلها .
( يدخل شيخ الخفر و الشيخ جمعه إلى داخل الدار بينما يعود الرجال للعمل بجد و نشاط ، تتردد أصواتهم )
ـ هيلا هيلا ، صلي ع النبي ، هيلا هيلا ....
( داخل الدار ، يجلس شيخ الغفر و الشيخ جمعه يتجاذبان أطراف الحديث)
ـ أخبار صحة العمدة إيه دلوقتي ؟
ـ زي ما هو ، لا بينطق لا من فوق و لا من تحت .
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، هو إيه اللي جرى له ؟
ـ و هو انته بتستقل الكفر و بلاويه ، ده أنتم تنقطوا و تشلوا أتخن تخين ، و بعدين بيني و بينك العضمة كبرت بعيد عنك .
ـ طب و الدكتور رأيه إيه ؟
ـ ها يقول إيه ؟ كل ما أسأله يقول لي الأمل في ربنا كبير ، بس شكلها كده ما فيش فايدة ،آدينا بنعمل اللي علينا و الباقي على ربنا .
ـ طب ما ينفعش نسفره يتعالج ؟
ـ سفر إيه يا شيخ جمعة ، و همه يعني الدكاترة هناك على راسهم ريشة ؟ ما هم برضه دكاترة زي الدكتور اللي عندنا بالظبط ، و الشهادة لله الراجل مش مقصر معاه في أيتها حاجة .
ـ على رأيك ، يلا ، ربنا يتولاه برحمته .
( يدخل التوابتي يصرخ )
ـ إلحق يا شيخ الغفر ...
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ الطرمبة اللي الرجالة دقوها ...
ـ مالها يا وله ؟ حصل إيه ؟ اتكلم ؟
ـ تعالى شوف بنفسك .
( ينتفض شيخ الخفر واقفا ، ينطلق إلى خارج الدار )
ـ فيه إيه يا رجالة ؟
( و إذا بشعلة نار عالية تخرج من الأنابيب المغروسة بالأرض )
ـ إيه ده ؟
ـ إلحق يا شيخ الغفر ، الكفر عايمة على بير بترول ...
ـ بترول ؟
ـ أيوة ، تلاتة بالله العظيم أهوه ، شوف بنفسك ...
ـ إيه النار دي يا وله ؟
ـ ده الغاز اللي بيبقى متخزن فوق بير البترول ، و لو غوطنا شوية ها نوصل للبير ذات نفسه .
( يتقافز الجميع فرحا في الهواء ، يحتضنون بعضهم ،
تتعالى الصرخات هنا و هناك ،
يصرخ شيخ الخفر فيهم )
ـ بس يا وله انته و هوه ، حسك عينك حد يعرف بالموضوع ده لغاية لما نتأكد ، واد يا توابتي .
ـ أمرك يا كبير البلد ؟
ـ طفوا النار دي و اقفلوا الماسورة دي بسرعة ، و حط لي عليها اتنين غفر ما يرمشوش .
ـ أمرك يا كبير البلد .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 20 )
( نشاط غير عادي يدب في القرية ،
رجال أشداء من ذوي البشرة البيضاء يرتدون ملابس زرقاء و على رؤوسهم خوذات صفراء ، يعملون بجد و نشاط ،
تحول الكفر إلى معسكر حربي ،
معدات و سيارات و آلات حفر عملاقة تنتشر هنا و هناك ،
تجمهر الأهالي عن بكرة أبيهم حول السياج الذي ضربه الرجال حول المكان )
ـ يا حلاوة يا ولاد .
ـ علي الطلاق بالتلاتة ما هم أجانب ، تلاقيهم صابغين شعرهم أصفر .
ـ يا سلام ، و صابغين جلدهم أبيض كمان ؟
ـ طب حد فيكم سمعهم و همه بيتكلموا انجليزي ؟
ـ و الله العظيم أجانب ، أقطع دراعي من هناهو إن ماكانوش أجانب ..
ـ ياراجل حرام عليك ده أنا سامع بوداني اللي ها ياكلها الدود الراجل اللي واقف هناك جنب الونش دهو و هو بيقول ( نو ) و (يس) كمان ...
ـ ما يمكن تكون قطة مستخبية تحت الونش بتنونو و هو بيقولها ( بس )..
ـ طب بص بص بص ، السيجارة اللي بيشربها عاملة إزاي ....
ـ يا حلاوة يا ولاد ، تلاتة بالله العظيم شيخ الغفر ده مرزق ، شوف حصل إيه أول ما مسك البلد ...
ـ و الله و ها تتنغنغي يا بلد ...
ـ أمال فين شيخ الغفر يا وله .
ـ قاعد مع البهوات جوه عشان يتفق معاهم .
ـ و المصحف ما ها نشوف أيام أحلى من أيامك يا شيخ الغفر .
ـ شوف قلب حال البلد إزاي .
ـ طب و رحمة أمي ربنا بيحبنا عشان بعت لنا الراجل دهو ، قولوا ورايا بسرعة يا ولاد الوزة ، شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
( يهتف الأهالي باسم شيخ الخفر )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، طلع نغنغنا من البير .
( داخل الدار ،
جلس شيخ الخفر على كرسيه ، جلس إلى يمينه امرأة شقراء و عن يساره يجلس رجل أشقر يرتدي بنطال (جينز) أزرق و قميص أبيض أنيق ، يقف وراءهم رجل بملابس زرقاء و على رأسه خوذة صفراء ،
تضع المرأة أمام شيخ الخفر بعض الأوراق )
ـ جرى إيه يا حاجة ؟ ها أمضي عمياني يعني ؟ لا معلش ، مش ها أمضي على أيتها حاجة إلا لما أعرف الأول إيه اللي لينا و إيه اللي علينا .
( يتكلم الرجل الجالس بجواره بالإنجليزية ، عندها يقوم الرجل الواقف وراءهم بترجمة كلامه )
ـ سنأخذ حك استخراج البترول و تكريره و تصديره مكابل خمسة دولارات للبرميل الواحد ، و سنضع هذه الأموال في حسابكم الذي سنفتحه لكم ببنوك سويسرا ، علاوة على ذلك سنقوم بإعلان استقلال بلدكم ، لتصبح دولة ذات سيادة و تعيينكم زعيما لهذه الدولة ....
ـ نعم نعم ؟ طب و العمدة الله يطول لنا في عمره ؟
ـ لا عليك سيدي الزعيم ، سنأخذه في طائرة خاصة و نعالجه في مستشفياتنا و سيلقى العناية اللازمة .
ـ أيوة بس هو العمدة برضك ، و المفروض يفضل عمدة .
ـ و من قال أننا سنقيله من العمودية ، سيظل كما هو بنفس مسماه ، عمدة كفر البلاص ، و لكن دولة كفر البلاص شيء آخر و كيان آخر ، فلن يعترف المجتمع الدولي بكفر البلاص ، و لكن أمام العالم ستكون دولة كفر البلاص ، دولة مستقلة ذات سيادة ، مجرد مسميات لا أكثر يا أخي الزعيم ، و لك طبعا مطلق الحرية في اختيار من يساعدوك في هذه المهمة ، كما أننا سنقوم كذلك بتوفير الحماية لبلدكم .
ـ حماية ؟ ليه إن شاء الله ؟
ـ سيدي الزعيم ، أنت تعلم جيدا أن بلدكم لصغر حجمها من الممكن أن تكون مطمعا لأية قوة غريبة تقوم باحتلالها و نهب ثرواتها ، لذلك لن تستطيعوا حماية أنفسكم بهذه البنادق الخشبية ، و لكن سنمدكم بكل الآلات العسكرية اللازمة من دبابات و صواريخ و طائرات و جنود ...
ـ طيب ، بس أني برضه عاوز أهالي الكفر ينوبهم م الحب جانب ، الأرض اللي انتم ها تحفروا و تدوروا فيها دي برضه أرضهم و وارثينها أبا عن جد .
ـ أكيد ، فسنكوم بتوفير بيت و سيارة و راتب شهري كبير لكل فرد مكابل حرية التنقيب في أي مكان تختاره الشركة .
ـ عظيم ، طيب و الأكل و الشرب و الذي منه ؟
ـ سنقوم ببناء مجمعات استهلاكية لكل أصناف الأطعمة و المشروبات ، يشترون منها ما يلزمهم ، علاوة على توزيع حصة تموينية لكل منهم مجانا .
ـ كده بقى ممكن أمضي و أبصم لكم بالعشرة كمان .
( يوقع شيخ الخفر على الأوراق التي أمامه ، يصيح الرجل الأشقر )
ـ ما تسمعينا زغروتة يا جاكلين .
( تتعالى الضحكات بينما تضع المرأة الشقراء يدها على فمها تزغرد ،
تنطلق على إثرها الزغاريد و التصفيق و التهليل خارج الدار ،
و تعزف الموسيقى و يتراقص العمال فرحا ،
أخذ الأهالي يهتفون و يرددون )
ـ شيخ الغفر يا فتوة ، يا اللي قتلت لنا السلعوة .
ـ شيخ الغفر يا كبير ، نغنغنا و طلع م البير .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 21 )
( تبدلت بيوت كفر البلاص الطينية قصورا ،
كل قصر يقف أمام بابه أكثر من سيارة فارهة ،
تبارى أهالي القرية في فخامة القصور و السيارات ،
كل منهم يحاول التميز عن الآخرين ،
في مكان فسيح على أطراف القرية ، يبدو عليه أنه أعد خصيصا للمباريات ،
أقيم حول المكان بعض المصاطب في صورة مدرجات حجرية للمشاهدة ،
بدء بعض الأهالي يتوافدون ،
كل منهم يجلس داخل هودج مفروش بفراش حريري محشو بريش النعام ، مطرز بخيوط ذهبية بأبهى الزخارف الملونة ، يتكئون على الوسائد اللينة ،
كل هودج يحمله أربعة رجال أشداء من ذوي البشرة السمراء ، عرايا الصدر و البطن ،
ما إن وصلوا إلى المكان حتى وضع الحمالون كل هودج فوق إحدى المصاطب الحجرية ،
يرفع أحد الحمالين طرفي الستائر الحريرية الشفافة المثبتة في جوانب الهودج ، يخرج الآخر مروحة من ريش النعام يحركها لأعلى و أسفل لتحريك الهواء ،
أشار الرجل الجالس داخل هودجه لأحد الحمالين ليقترب منه ،
حدثه بصوت واهن )
ـ خدني جنب سيدك توفيق .
( رفع الحمالون الهودج ، لاصقوه بجوار آخر ،
عندها رحب به توفيق الذي يجلس داخل هودجه )
ـ يا أهلا و سهلا ، عامل إيه ؟
ـ زي ما أنته شايف .
ـ انته جبت منين العبيد البيض دول ؟
ـ و غلاوتك لسه جايبهم من أوروبا امبارح ، طلبتهم من شركة ع النت امبارح الصبح ، لقيتهم واصلين بالليل .
ـ طب ما تبقى تجيب لي زيهم .
ـ من عيني حاضر ، بس لو أنا منك تاخد الصيني أحسن .
ـ إشمعنى ؟؟؟
ـ الصيني ها يبقى شكله جديد ، عينين ضيقة و كلهم ها يبقوا شبه بعض ، و بعدين كلهم مقاس واحد ، غير كده بيلعبوا كراتيه و يعملوا أكروبات ، و أندومي كمان ، يعني فول أوبشن .
ـ خلاص شوف لي الصيني .
( ينادي توفيق )
ـ هات اللاب توب يا وله .
( يحضر أحد الحمالين له جهاز الكمبيوتر المحمول ، يقوم توفيق بالعبث بالمفاتيح )
ـ خلاص يا ريس ، الليلة يكونوا عندك وحياتك .
ـ خلاص كده ؟
ـ طبعا ، شوفت العربية الجديدة بتاعتي ؟
ـ لا .
ـ فيه شركة أجنبية بعت لها تعمل لي عربية مخصوص ، هاند ميد يعني ..
ـ يعني إيه ؟ مش فاهم .
ـ صانعينها لي مخصوص على إيديهم ، بتشتغل بالطاقة الشمسية ، و فيها أوضة نوم و أوضة سفرة و حمامين و مطبخ ، حاجة كده على ما قسم .
ـ الله عليك ، و النبي تقول لهم يعملوا لي واحدة أني كمان .
ـ حاضر ، بس هو أني كل ما أعمل حاجة تقولي اعملي زيها ؟
ـ من جاور السعيد يسعد ، و بعدين انته مش صاحبي ؟ يبقى لازم تساعدني برضك ، أمال ها أطلب م الغرب يعني .
ـ ماشي يا سيدي ، و لا يهمك .
ـ هو الماتش ها يبدأ أمتى ؟
ـ أهم وصلوا أهم .
( أتي بعض الرجال من ذوي البشرة السمراء ،
كل منهم يحمل سلحفاة كبيرة كتب على ظهر كل منها رقما ملونا ،
عندها بدأ المذيع الداخلي للساحة بالتعليق على المباراة )
ـ سيداتي سادتي ، ستبدأ بعد قليل المباراة النهائية بين السلاحف التي وصلت لهذه المرحلة ، و أحب أن أذكركم أن أكثر من ثلاث مائة سلحفاة قد اشتركت في هذه المسابقة ، لم ينجح غير أربع سلاحف في الوصول لهذه المرحلة النهائية ،
سلحفة أبو اسماعين في الحارة رقم واحد ...
( يصفق الحمالون )
ـ و سلحفة توفيق أبو شقفة في الحارة رقم اتنين ...
ـ سقف جامد يا وله دي بتاعتي ..
( يصفق الحمالون بقوة )
ـ و سلحفة إبراهيم أبو عطية في الحارة رقم تلاتة ..
( تصفيق )
ـ و أما سلحفة التهامي أبو خميس في الحارة رقم أربعة ،
( وضع الرجال السلاحف على خط البداية المرسوم فوق الأرض ،
انبطح كل منهم خلف سلحفاته يحفزها ،
أشار أحدهم برايته الشطرنجية فبدأ السباق ،
بدأت السلاحف تتحرك داخل الحارات التي أعدت لكل منهم ،
بدأ كل من الرجال المنبطحين خلف السلاحف يزحف صارخا لتحفيزها ،
في هذه الأثناء تتوافد بعض الجواري ، يحملن على رؤوسهن ما لذ و طاب من الطعام و الشراب ،
تذهب كل منهن لتضع الطعام و الشراب الذي تحمله أمام سيدها داخل هودجه ،
أخذ الجميع يشاهدون المباراة بينما يتناولون طعامهم و شرابهم ،
بعد قليل أتت بعض الجواري ، تحمل كل منهن أرجيلة كبيرة تفوح منها رائحة الحشيش ، تضعها أمام سيدها ،
ما هي إلا ساعات قليلة حتى كادت السلاحف أن تصل لخط النهاية ،
عندها زاد التصفيق و التهليل ، عندها تعالى صوت المذيع محفزا )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تحاول التقدم إلى خط النهاية ، و نرى أيضا سلحفة السيد التهامي أبو خميس تحاول و تحاول ،
الله عليكم ، إيه الحلاوة دي ؟ ما هي إلا كام شبر و تصل ، إنها تبذل مجهودا غير عادي ، إنها من النوع النادر ، فعلا ، الغالي تمنه فيه ، الله عليها ، هيا هيا ، فاضل ع الحلو دقة ، لا تقول لي استراليا و لا اليابان ، سلحفة توفيق أبو شقفة هي اللي ها تفوز بالمهرجان ، الله ، الله ، الله ، يلا ، يلا ، يلا ، هيـــــــــه ، الله أكبر ، لقد وصلت فعلا لخط النهاية ...
( تهليل و تصفيق ، يتقافز الحمالون فرحا ، يقبلون بعضهم البعض )
ـ ها هي سلحفة السيد توفيق أبو شقفة تفوز بالمركز الأول ، مبروك ، ألف مبروك ، سلحفة السيد التهامي أبو خميس في المركز التاني ، و سلحفة أبو اسماعين في المركز التالت ، مبروووووك للفائزين ، ألف مبرووووووك ..
( عندها يحمل الحمالون السلحفاة ، يأخذونها إلى هودج توفيق ، يقبلها ، يأخذها أحد الحمالين و يرحل ،
رجل يحمل كاميرا تلفزيونية ، بصحبته فتاة شقراء ، يتوجهون إلى هودج توفيق ، تسأله الفتاة بينما يقوم الرجل بالتصوير )
ـ مبروك يا سيد توفيك ، ألف مبروك ..
ـ الله يبارك فيك ، شكرا .
ـ هل لنا أن نعرف سر هذا التفوك للسلحفاة التي تخصكم ؟
ـ فيه ناس كتير بتسألني السؤال ده ، و طبعا أحب أجاوب عليه من خلال شاشة تليفزيون كفر البلاص ، يا جماعة الفوز ده مش جاي من فراغ ، ده أني صارف عليها كتير و الله ، أولا السلحفة دي من النوع النادر اللي مش موجود زيه في أي مكان في العالم ، ده أنا جايبها من أدغال استراليا ، دي بتاكل خص ورور أمريكي ، بيجي مخصوص كل يوم بطيارة خاصة ، غير كده جايب لها مدربين متخصصين في النوع ده بالذات من هولندا ، ده بقى غير الدكاترة اللي جايبهم لها من انجلترا ، السلحفة بالذات كل ما تراعيها و تدلعها كل ما تديك .
ـ شكرا على هذا الحديث الحصري لتلفزيون كفر البلاص و في النهاية تحب تسمع أغنية إيه ؟
ـ بأحب أسمع فنان كفر البلاص المحبوب ، الكوارشي ، في أغنيته المشهورة ، دلعنا أكتر دلعنا .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 22 )
( مركبة عسكرية تقف أمام قصر شيخ الخفر ،
ينزل قائد المركبة من ذوي البشرة البيضاء مرتديا زيه العسكري الأنيق ،
يسرع إلى باب المركبة الخلفي ، يفتحه و ينحني ،
ينزل من المركبة الخفير ( التوابتي ) في زيه العسكري الأنيق و قد وضع نظارته الشمسية على عينيه ،
يرفع الجندي يده مؤيدا التحية العسكرية و ضاربا الأرض بقدمه صارخا )
ـ عاش الطاهر .
( يرد له التوابتي التحية بإشارة ( هتلرية ) بيده )
ـ عاش ، عاش ، عاش .
( يتجه إلى باب القصر ، عندها يقوم الجنود الواقفون أمام الباب بإلقاء التحية )
ـ عاش الطاهر .
ـ عاش ، عاش ، عاش .
( تعزف الموسيقى العسكرية ،
يصحب التوابتي جنديان إلى داخل القصر ،
يدبون الأرض بأقدامهم على إيقاع الموسيقى ،
يتجهون إلى باب داخلي يقف عليه بعض الجنود ، يؤدون التحية و يصحبون التوابتي إلى باب داخلي آخر ، و أخيرا ينفتح باب قاعة الاجتماعات ، يدخل التوابتي بينما يقف الجنود خارج الباب ،
قاعة كبيرة مؤثثة بأفخم الأثاث الأجنبي ، في واجهة القاعة مثبت خريطة كبيرة لكفر البلاص بحجم الحائط ، يجلس شيخ الغفر أمامها على مكتب كبير فخم ، يؤدي التوابتي التحية العسكرية رافعا يده يصرخ )
ـ عاش الطاهر ، عاش ، عاش ، عاش .
( عندها يضحك شيخ الغفر )
ـ أنت ها تعمل الشويتين دول عليا أنا كمان يا توابتي ؟
ـ عفوا جناب شيخ الغفر .
ـ طب اقعد لنا في حته ناشفة الله يخليك .
ـ أمرك يا افندم .
( يجلس التوابتي على أحد الكراسي بعيدا ،عندها يصرخ فيه شيخ الغفر )
ـ تعالى اقعد جنبي يا وله ، إحنا ها نتكلم من بعيد لبعيد كده ؟
ـ ما يصحش يا جناب شيخ الغفر .
ـ لأ يصح ، تعالى بس قرب ، أني اللي بأقولك ، تعالى تعالى .
( يقترب التوابتي و يجلس )
ـ هيه ، إيه آخر الأخبار يا وله ؟
ـ الكفر كله بيبوس إيدك يا زعيم ، دول ما لهمش سيرة غير سيرة سعادتك، كلهم بيدعوا لك .
ـ على العموم أنا شايف الكفر كله من الشاشات اللي قدامي أهو ، شايف ؟ مركبين لي كاميرا في كل حارة من حواري الكفر و بالألوان كمان ، و بتابع الكفر كله من هنا من مكتبي ، إيه رأيك يا وله ؟
ـ اللهم صلي على النبي ، لا تقول لي أوروبا و لا اليابان ، ربنا يزيدك من نعيمه ، بس فيه حاجة كده كنت عاوز أكلمك فيها .
ـ خير ؟
ـ عمدة زعيبل و عمدة كفر أبو حطب كانوا عاوزين يتشرفوا بمقابلة فخامتك .
ـ أيوه ما أنا شايفهم واقفين على الأسلاك من بدري ، خير ؟ هي المعونة مش بتوصل لهم كل أول شهر ؟
ـ أيوة طبعا ، بس الأهالي هناك عاملين مظاهرات و بيطالبوا إنك تضم بلدهم لدولة كفر البلاص ، و أهي تبقى كفر البلاص الكبير .
ـ هي المشرحة ناقصة قتلى ؟ و دول أضمهم أعمل بيهم إيه إن شاء الله ؟
ـ أهو برضك يبقوا عزوة ، و أهي البلد تكبر و تعدادها يزيد ...
ـ و مين اللي يخدمنا و يخدم أهالي كفر البلاص ؟
ـ ما إحنا بنجيب خدم من بلاد بره .
ـ جيرانا أولى بينا ، مش الجار أولى برضه ؟ و بعدين إيه اللي ها ينوبنا لما البلد تكبر و لا تزيد ؟ دي الفتافيت اللي بناخدها يا دوبك مكفيانا بالعافية ، طب تصدق بإيه و لا ليك علي حلفان ؟؟؟؟
ـ لا إله إلا الله .
ـ كنت عاوز أعمل الكفر زي ( فيينا ) ما آني عارف .
ـ زي فيينا إزاي يعني لا مؤاخذة ؟
ـ يعني بيوت الكفر كلتها تبقى عايمة في المية ، يعني الكفر كلاته ها يبقى عبارة عن حمام سباحة كبير ، بص التخطيط اللي جيباهولي جاكلين ،
( يشير إلى مجسم صغير موضوع أمامهم على الطاولة )
شوف بقى حمام سباحة كبير زي ده ، ها ياخد ميه معدنية قد إيه ، ده غير السمك الملون اللي ها يتحط فيه ، و غير الفلاتر و الأنوار و التجهيزات...
ـ يا حلاوة يا ولاد ، و ها يعبوه كله مية معدنية ؟
ـ أمال ها نملاه من مية الترعة اللي كلها بلهارسيا ؟ ده كفاية بس إن ما حدش في الكفر ها يمشي على رجليه ، يعني عشان تجيني تركب اليخت بتاعك كده زي الباشا م القصر بتاعك لغاية القصر بتاعي ، يعني لا هيبقى فيه لا عفرة و لا تراب و لا قرف ....
ـ طب المزارع و الأراضي ؟
ـ مزارع إيه و أراضي إيه يا دغف ؟ و هو حد فاضي يزرع و يقلع ؟ اللي احنا عاوزينه بنجيبه بفلوسنا ، حتى لو لبن العصفور ، و بعدين بأقول لك كفر البلاص ها تبقى حتة من الجنة ، بس شوف انته بقى ، موضوع زي ده عشان ننفذه محتاج فلوس قد إيه ، تقوم تقول لي كفر أبو حطب و ابو زعيبل ؟ مش لما نبقى نشوف نفسنا الأول ؟ و بعدين همه عاوزين إيه أكتر م اللي بيروح لهم كل أول شهر ؟ هي نهيبة و إلا نهيبة ؟
ـ على رأيك ، بس أني حبيت أقول لك على اللي بيحصل حوالينا ....
ـ سيبك منهم ، المهم دلوقتي ، أهل بلدنا بيقولوا إيه ؟أصل بعيد عنك البهايم اللي ركبوا لي الكاميرات خلوها صورة بس من غير صوت ، و بقى لي شهر ما خرجتش م القصر .
ـ إيوه صحيح ، افتكرت ، الغفر كانوا بيسألوا عليك ، هو انته كنت تعبان و إلا حاجة لا سمح الله ؟
ـ و لا تعبان و لا حاجة ، بس البت جاكلين جابت لي لعبة جديدة هدية ، بس إيه يا وله ، حاجة و لا في الأحلام ...
ـ لعبة إيه دي ؟
ـ نضارة كده تلبسها على عينيك ، بس إيه ، تلاقي نفسك في دنيا غير الدنيا ، تحس إنك في عالم تاني خالص ، بالصوت و الصورة ، يعني ممكن تروح بالنضارة دي المريخ أو تنزل على سطح القمر ، و تلاقي نفسك و كأنك جوه صاروخ بالظبط ، لأ و تطير بيه كمان و تنزل على سطح المريخ ، و هناك بقى تلاقي سكان المريخ ، بس أول ما بيشوفوك بيطلعوا يجروا وراك ، و انته طبعا بتهرب منهم ، و طبعا بيبقى معاك أسلحة و تقعد تحاربهم و تموتهم ، بأقول لك حاجة و لا في الأحلام ...
ـ يا حلاوة يا ولاد ، طب أنا عاوز ألعبها شوية الله يخليك .
ـ و ده وقته ؟
ـ الله يخليك يا حضرة شيخ الغفر .
ـ إنته ها تشبط زي العيال ؟
ـ عشان خاطري ، هو أني ما ليش خاطر عندك ؟
ـ حاضر ، حاضر ، بس لما تيجي فرصة كده أبقى أخليك تلعب بيها شوية ، خلينا في المهم دلوقتي ، ما تعرفش أخبار الواد حسان أبو شوشة إيه ؟
ـ سيب فخامتك منه ، ده واد أهبل ، قال إيه لا راضي يسكن في القصر بتاعه و لا عاوز ياخد راتب زي بقية خلق الله ، و قاعد يزرع و يفلح في أرضه زي زمان ، ده مش وش تطور ، ده وش تدهور ، الدنيا كلها بتتقدم لقدام و ده بيرجع لورا .
ـ على العموم سيبوه براحته ، ما حدش يضايقه أنا بأقولك أهوه .
ـ هو حر ، و الله اللي بيشيل قربة مخرومة بتخر عليه ، و إحنا مالنا ؟
ـ ما فيش أخبار عن أبوك العمدة يا وله ؟
ـ من ساعة ما بنوا المستشفى الجديد و خدوه هناك و هو في الإنعاش .
ـ ربنا يقومه بالسلامة .
ـ يقوم مين بالسلامة ؟ بأقول لجنابك في الإنعاش ، عارف جنابك سموها إنعاش ليه ؟
ـ ليه يا فالح ؟
ـ عشان اللي بيدخلها ـ إن عاش ـ إبقى تعالى تف في وشي .
ـ الملافظ سعد يا وله .
ـ و هوه أني قلت حاجة غلط ؟ ما هي اللي اسمها كده ، و بعدين ده عايش بالخراطيم ، و لا داري عن الدنيا أيتها حاجة .
ـ ربنا يكون في عونه ، على العموم إبقى وصيهم ياخدوا بالهم منه يا وله ، ده مهما كان برضه عمدتنا .
ـ كفر البلاص بقت دولة العالم كله بيتكلم عنها دلوقتي ، مش حتة كفر ماحدش يدرى عنها ، على العموم ها أبقى أنبه عليهم حاضر ، تأمرني بحاجة تانية فخامتك ؟
ـ ما تقعد ، رايح فين ؟
ـ عاوز استأذن عشان مراتي متفقة مع شركة من استراليا ها تعمل لها حمام سباحة ألفرانكا سخن و بارد في الحوش بتاع القصر ، و زمانهم جايين دلوقتي ، تحب أخلي الشركة تعمل لك واحد ؟
ـ و ها أحتاج حمام سباحة ليه بقى و البلد كلتها ها تبقى حمام سباحة ؟
( يهمس التوابتي )
ـ موت يا حمار .
ـ بتبرطم بتقول حاجة يا وله ؟
ـ بأقول سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، ما تقعد تتغدى معايا .
ـ الله يخليك ، دايما عامر ، ده اني لسه ضارب لي خمسة كنتاكي و عشرة كاكولا من شوية ، سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، ألف سلامة .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 23 )
( دخل ( التوابتي ) على شيخ الخفر يصرخ )
ـ إلحق يا شيخ الغفر ، مصيبة و حطت على راسنا كلنا ...
ـ مصيبة إيه يا وله اتكلم .
ـ العمدة فاق م البنج ....
ـ عمدة مين يا وله ؟
ـ هو فيه غيره ؟ عمدة كفر البلاص طبعا ...
ـ حصل إمتى الكلام ده يا وله ؟
ـ أني لسه جاي من عنده دلوقتي حالا ...
ـ معقولة ؟ مش ممكن ، أمال إيه اللي كان بيقوله الدكتور ده ؟
ـ أني عارف بقى ، ده الغريبة كمان إنه مش فاق و بس ، ده بيتكلم و بيحرك إيديه كمان ...
ـ طب هم يلا بينا ع المستشفى يا وله .
( خرج شيخ الخفر و التوابتي مسرعين )
...........
( في غرفة الإنعاش بالمستشفى جلس العمدة على سريره ، و جلس عبد الجبار إلى جواره يطعمه ،
يدخل شيخ الخفر و التوابتي ، يصيح شيخ الخفر )
ـ الله أكبر ، اللهم صلي ع النبي ، حمد الله على سلامتك يا أبا العمدة ، ألف حمد الله على السلامة ...
( نظر العمدة إلى شيخ الخفر و ابتسم ، قال بصوت واهن )
ـ الله يسلمك يا طاهر .
( يكلم التوابتي نفسه )
ـ طاهر كده حاف ؟
( يقاطعه العمدة )
ـ إزيك يا توابتي ؟
ـ أهلا و سهلا يا حضرة العمدة ، حمد الله على سلامتك ، دي إيه الغيبة الطويلة دي ؟
ـ غيبة إيه ؟
( يضرب شيخ الخفر التوابتي على رأسه )
ـ بس يا بجم ، لا مؤاخذة يا أبا العمدة ، أصله طول عمره أهبل ، بيحدف كلام زي الدبش ، ( يوجه كلامه للتوابتي ) مش مراتك كانت بتنادي عليك يا توابتي ؟ روح شوفها عايزة إيه و خد عبد الجبار معاك يمشي رجله حبة .
( أخذ شيخ الخفر إناء الطعام من بين يدي عبد الجبار ، أشار للتوابتي بعينه ، عندها قال التوابتي )
ـ إيوة إيوة صحيح تعالى معايا يا عبد الجبار ، كنت عاوزك في كلمتين ...
( يخرج عبد الجبار بصحبة التوابتي ، بينما جلس شيخ الخفر بجوار العمدة يطعمه ، تساءل العمدة )
ـ هو إيه اللي جرى يا وله ؟ و إيه اللي جابني المستشفى الأوبهة دي ؟
و بعدين إيه اللبس الألاجة اللي أنته لابسه ده ؟
ـ أصل حضرتك كنت بعافية شوية يا أبا العمدة ، و كنت لا مؤاخذة غايب عن الدنيا حبتين ، بس الحمد لله أديك قمت أهو بالسلامة ، الدكاترة لسه مطمنيني عليك دلوقتي حالا .
ـ هو أنا نمت كتير و إلا إيه ؟
ـ يعني قول كده نمت لك بتاع خمس ست شهور تقريبا .
ـ خمس ست شهور ؟ معقولة ؟
ـ بس أديك أهوه زي الحصان ، حمد الله على السلامة .
ـ الله يسلمك يا طاهر ، طمني ، أخبار البلد و أهل البلد إيه ؟
ـ و الله يا أبا العمدة ، اللي حصل ف الست شهور دول يتحكوا في ست سنين ...
ـ ليه ؟ إيه اللي جرى ؟
ـ بعد ما حصل اللي حصل لك ده ، مسكت أنا البلد بالنيابة عنك ، بس الله وكيل ، ما كنتش أعمل أيتها حاجة إلا بالمشورة ، زي ما انته علمتني بالظبط .
ـ أصيل و ابن أصول يا طاهر ، نظرتي فيك ما تخيبش أبدا .
ـ الله يخليك لينا يا أبا العمدة ، المهم يا سيدي ما أطولش عليك ، في يوم م الأيام كنت جايب عمال يدقوا طرمبة للجامع ، و تخيل طلع لينا إيه ؟
ـ أكيد مية موعين ...
ـ لأ و الله العظيم ما حصل ، ده إحنا بصينا لقينا طالع لينا بترول يا عمدة .
ـ بترول ؟ بتتكلم جد ؟
ـ إيوة و كتاب الله المجيد ، بترول ، كفر البلاص طلعت عايمة على بير بترول يا أبا العمدة ، و زي ما أنته شايف كده ، كل حاجة اتغيرت في الكفر ، يعني تصدق انته إن المستشفى اللي أنته نايم فيها دي في كفر البلاص ؟
ـ يعني إحنا دلوقتي في الكفر يا وله مش في البندر ؟
ـ بندر إيه يا أبا العمدة ؟ و هي البندر برضه فيها مستشفى بالحلاوة و العظمة دي ؟
ـ عاوز تقول إن الدكاترة و التمرجية البيض اللي شعرهم أصفر دول موجودين عندنا في الكفر ؟
ـ إيوة و الله العظيم في الكفر ، ده انته لو قمت و شفت الكفر م الشباك دلوقتي مش ها تعرفها ....
ـ سندني يا وله لما أقوم ...
ـ لا يا أبا العمدة ، الدكاترة منبهين إنك لسه لك يومين تلاتة على ما تقدر تقوم م السرير ، معلش فات الكتير ما بقى إلا القليل ، بس اني ممكن أوريك كل حاجة و انته نايم مكانك .
ـ دي فزورة دي و إلا إيه يا وله ؟
ـ و لا فزورة و لا حاجة يا أبا العمدة ، شايف التليفزيون دهوه ؟
ـ ماله ؟
ـ دلوقتي حالا أتصل لك على الشركة الأجنبية و هي تيجي توصلهولك على الكاميرات اللي أني موزعها في الكفر ، و ها تشوف بنفسك الكفر كلاته قدامك و بالألوان كمان .
ـ شركة أجنبية إيه دي راخرة ؟
ـ ما هو آني اتفقت مع شركة أجنبية عشان تيجي تطلع لينا البترول ، و زي ما انته شايف هي اللي جت و قلبت حال البلد بالشكل ده .
ـ اللهم صلي على النبي ، و الشركة دي جبتوها إزاي ؟
ـ ما هو إحنا بعد ما لقينا البترول طالع م المواسير بتاع الطرمبة ، يا دوبك ما فاتش ساعتين تلاتة إلا و لقينا الشركة الأجنبية دي ما تعرفش شمت خبر إزاي و لقيناهم فوق راسنا ، و طبعا انته كنت بعافية و مش داري عن الدنيا ، فاتفقت أنا معاهم إنهم يطلعوا لنا البترول و يشتروه مننا كمان ، مش بس كده ، دول جابوا لنا عمال و عربيات و معدات و بنوا لنا بيوت و أسواق ، و اللي زاد و غطى ، جابوا لنا دبابات و صواريخ و عساكر من عندهم كمان .....
ـ دبابات و صواريخ و عساكر ؟ ليه إن شاء الله ؟
ـ عشان يحرسوا البلد .
ـ يحرسوا البلد ؟ ليه و الغفر راحوا فين ؟
ـ غفر مين يا عمدة ؟ الغفر دول كبيرهم يلعبوا في مناخيرهم و همه برضه شوية الغفر دول كانوا ها يقدروا يحرسوا البترول ده كله ؟
و بعدين بلدنا صغيرة زي ما انته عارف يا أبا العمدة ، و بعد ما طلع عندنا بترول ممكن قوي كل اللي حوالينا يطمعوا فينا ، ده كفاية بس لما يشموا خبر بالفلوس المتلتلة اللي بناخدها تمن البترول ؟
ـ فلوس متلتلة ؟
ـ أمال إيه ياعمدة ، دي ملايين ، ملايين ما تتعدش يا عمدة ، و عشان كده لما عرضوا عليا إنهم يحمونا ، الصراحة كده ما كدبتش خبر .
ـ طب و الملايين دي كلها بتخبوها فين ؟
ـ لا ما تخافش عليا ، ما هو اني اتفقت مع الشركة إنها تحطهم بإسمنا في بنوك سويسرا ....
ـ بنوك سويسرا ؟
ـ أمال ها نسيب ملايين زي دي كده هنا في كفر البلاص ؟
ـ طب و أخبار أهل البلد إيه ؟
ـ أهل البلد زي الفل ، واكلين شاربين قاعدين نايمين في العسل ، واخدين حقهم تالت و متلت .
( تدخل الممرضة الأجنبية ، تحمل في كل يد كوبا بلاستيكيا ، تتكلم العربية بلكنة أجنبية )
ـ بليز ، ده وكت الدوا يا أومدة .
( تناول العمدة أحد الكوبين و الذي يوجد به بعض أقراص الدواء ، يصب ما به في كفه و يضعها في فمه ، تناوله الكوب الآخر ليشرب ، عندها يقف شيخ الخفر ، يسأله العمدة )
ـ على فين يا طاهر ؟
ـ كفاية كده ، عشان أسيبك ترتاح ، و أهو برضه أروح أشوف أحوال أهالي البلد ، تأمرني بأيتها حاجة يا أبا العمدة ؟
ـ الله يبارك فيك يا طاهر ، ألف شكر .
ـ طب سلام عليكم .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 24 )
( وقفت جموع الخدم أمام المستشفى ينتظرون خروج العمدة ،
كل منهم يحمل لافتة مكتوب عليها عبارات الترحيب و السعادة بعودة العمدة سالما ،
اصطف الجنود بجوار بعضهم البعض أمام الخدم لمنعهم من التقدم ،
أمام باب المستشفى وقفت عربة عسكرية مكشوفة ،
يقودها أحد الجنود من ذوي البشرة البيضاء و الشعر الأصفر ،
يخرج العمدة من باب المستشفى بصحبة شيخ الخفر ، يسير خلفهما التوابتي و عبد الجبار ،
بمجرد خروج العمدة من باب المستشفى بدأ الخدم يصفقون و يرددون الهتافات )
ـ حمد الله ع السلامة ، حمد الله ع السلامة .
( تفاجأ العمدة بالمشهد )
ـ إيه ده يا شيخ الغفر ؟
ـ خير يا عمدة ؟
ـ مين دول ؟
ـ دول الخدم اللي الأهالي جايبنهم من بلاد بره يخدموهم .
ـ أمال فين أهل البلد ؟
ـ أكيد ها نلاقيهم واقفين في شوارع البلد مستنين الموكب بتاعك ...
ـ موكب إيه ؟
ـ ما هو أنا محضر لك العربية المكشوفة دي عشان نركبها و نمشي بيها في الكفر و أهي فرصة نطمن الناس عليك قبل ما تروح .
ـ كفر إيه ؟ هي فين الكفر ؟
ـ أهي قدامك أهي ...
ـ فين البيوت ؟
ـ ******ه ، لا ما هو احنا هدينا البيوت القديمة كلها ، و الشركة بنت لكل واحد قصر زي ما انته شايف كده .
ـ اللهم صلي ع النبي ، القصور دي كلها بتاع أهل البلد ؟
ـ أيوة أمال إيه ؟ مش أنا قلت لك مش ها تصدق التغيير اللي حصل للبلد ، يلا بينا نركب و ها تشوف بنفسك .
ـ أركب ؟
ـ إيوة ، أمال يعني ها نمشي على رجلينا ؟ البلد ما عدتش صغيرة زي الأول ، و الدكاترة منبهين إنك لسه ما تقدرش تمشي على رجليك مشوار كبير زي ده .
ـ طيب ، لما نشوف أخرتها .
( يركب العمدة العربة المكشوفة ، و يركب شيخ الخفر إلى جواره ، تسير بهم العربة ، و يركب التوابتي و عبد الجبار عربة أخرى تسير خلفهم ، يزداد تصفيق و هتاف الخدم ، ينظر العمدة يمينا و يسارا مستغربا )
ـ أمال فين الأراضي الزراعية يا شيخ الغفر ؟
ـ أراضي إيه بقى ، ما كان زمان و جبر .
ـ يعني إيه كان زمان و جبر ؟
ـ يعني الشركة خدت الأراضي زي ما قلت لك المرة اللي فاتت .
ـ و أهالي البلد عايشين إزاي ؟ بياكلوا و يشربوا منين ؟
ـ شايف القصر الأزرق اللي هناك ده ؟
ـ ماله ؟
ـ ما هو ده بقى السوق اللي بيبيعوا فيه الأكل و الشرب و الذي منه ، يعني تلاقي فيه جميع أصناف الفاكهة و الخضار و السمك و اللحمة و الرز و العيش و كل اللي قلبك يحبه ، و كله بنجيبه من بلاد بره ، و طازة ف طازة يوم بيومه ، ها تلاقي فيه بقى إشي خص استرالي و جرجير هندي و تفاح أمريكاني ، ده غير الهدوم و الشامبو و الألعاب ، و التليفزيونات ، و الموبايلات ، و أقولك إيه بس و إلا إيه ، عاوز لك على الأقل تلف فيه تلات سنين لما تجيب آخره ......
ـ طب و الناس ها تشتري الحاجات دي كلها إزاي ؟
ـ ما هي الشركة الله يعمر بيتها بتدي لكل فلاح فيهم راتب خمس تلاف جنيه في الشهر ، مقابل إن الشركة تاخد كل أراضي البلد و يحفروا و يدوروا فيها ع البترول براحتهم .
ـ عاوز تقول إن الشركة بورت الأراضي الزراعية كلها ؟
ـ أمال يعني الشركة ها تتحرك إزاي ؟ بالحمير ؟ دول عندهم معدات كبيرة قوي عشان يحفروا و يدوروا ع البترول ، و لازم طبعا تساوي الأراضي كلتها ببعضيها عشان يعرفوا يتحركوا بالمعدات الكبيرة دي ، و بعدين همه الفلاحين عاوزين إيه أكتر من كده ؟
ـ و أهل البلد بقى قاعدين من غير شغلة و لا مشغلة ؟
ـ و يشتغلوا ليه و إلا يتعبوا نفسهم ليه بقى يا عمدة ؟ هو إحنا مخلينهم محتاجين أيتها حاجة ؟ ده إحنا كمان بنديهم تموين كل أول شهر ، من زيت و سكر و دقيق و الذي منه ، ده إحنا منغنغينهم ع الآخر ......
ـ إيوة ، بس برضه الإيد البطالة نجسة ...
ـ نجسة لما تبقى إيد بطالة و مش لاقية تاكل و تشرب و تلبس ، أكيد في الحالة دي ها تسرق و تنهب ، لكن إحنا مش مخليين في نفسهم حاجة ، ده احنا ممرمغينهم في العز مرمغة ....
ـ إنته ممرمغهم في العز دلوقتي ، النهاردة ، طب و بكرة ها نعمل إيه ؟
ـ بكرة ، ها نمرمغهم تاني و تالت و رابع و هالمه جرة .....
ـ و البترول ده ، مش ها يجي له يوم و يخلص ، و إلا ها يفضل كده على طول ؟
ـ يخلص إيه ؟ بأقولك بيـــــــر ، بير ما لوش قرار .
ـ حتى لو بير برضه لازم يجي يوم و يخلص ....
ـ عيشني و نغنغني انته النهاردة و موتني بكرة .....
ـ يا سلام ، يعني كل اللي يهمك نفسك و بس ؟ طب ما سألتش نفسك ، ابني و ابنك ها يعملوا إيه بكرة ؟
ـ و هوه إحنا مخليين في نفسهم حاجة ، ده إحنا فاتحينها لهم ع البحرى .
ـ برضه ما فيش فايدة ، ما بتبصش إلا تحت رجليك ، أنا قصدي العيال دي بكرة لما تكبر و البترول يخلص ، ها يعملوا إيه يا فالح بعد ما بورتوا لهم الأرض .
ـ ليهم رب بقى يا عمدة ، و همه يعني اللي قبلينا عملوا لنا إيه ؟
ـ لا ، اللي قبلينا عملوا لنا و نص ، كفاية انهم حافظوا لنا على أرض جدودهم و راعوها لغاية لما وصلت لينا ، و إحنا المفروض برضه نحافظ عليها لغاية لما نسيبها لولادنا .
( يصرخ شيخ الخفر )
ـ يعني انته عاوزنا نسيب العز ده كله عشان كلام فارغ ؟
ـ كلام فارغ ؟ ما تحترم نفسك يا بهيم ....
ـ بهيم عشان عاوز أريح الناس م التعب و الشقى ؟
ـ أيوة بهيم ، و شكلك اتجننت خلاص ....
ـ أني برضه إلا اتجننت ؟ و إلا أنته اللي كبرت و خرفت ؟
( عندها يلطم العمدة شيخ الخفر على وجهه ، و يصرخ )
ـ جن لما يجنك يا كلب ..........
( عندها يرد شيخ الخفر اللطمة للعمدة ، و يصرخ في وجهه )
ـ إنته اللي ستين كلب ، ما عاش و لا كان اللي يضرب زعيم كفر البلاص ، تلاتة بالله العظيم أدفنك هنا و لا حد يدرى عنك ، انته فاكر إنك لسه عمدة و إلا إيه ؟ لأ خلااااص ، فــــــــوق ، شوف انته بتكلم ميــــــــــــــــن ....
ـ انته بتضربني يا ابن هنومة الهبلة ؟
( يمسك كل من العمدة و شيخ الخفر بخناق الآخر ، يتعالى صياحهم ، تتوقف العربات ، داخل العربة الأخرى يرفع التوابتي مسدسه في وجه عبد الجبار ، يصرخ في قائد العربة )
ـ اقبض على الراجل ده بسرعة و إياك يفلت منك ....
( ينزل التوابتي من السيارة ، يغلق الباب بعنف )
ـ اطلع بيه على السجن بسرعة ......
( يضغط قائد العربة على الأزرار فتغلق أبواب العربة أوتوماتيكيا ، يتجه التوابتي إلى العربة التي يركب فيها العمدة ، يرفع سلاحه في وجهه ، يصرخ )
ـ اقبضوا على المجنون ده بسرعة ، ده عاوز يقتل الزعيم .
( يشير إلى العمدة ، عندها يتجمع الجنود من ذوي البشرة البيضاء حول السيارة ، يرفعون مدافعهم في وجه العمدة ، يفتح التوابتي الباب من ناحية شيخ الخفر ، يجذبه بقوة خارج العربة ، يصرخ )
ـ اطلعوا بالمجنون ده بسرعة على السجن .
( يحيط الجنود بالعمدة ، يصعدون على جوانب العربة ، تنطلق العربة بسرعة ، يشير التوابتي إلى عربة ثالثة ، يدفع شيخ الخفر بداخلها ، يصرخ )
ـ ادخل جنابك بسرعة ...
( يدخل شيخ الخفر و يدخل معه التوابتي ، يصرخ في قائد العربة )
ـ اطلع وراهم بسرعة ع السجن ...
( تنطلق العربات بسرعة البرق ، تطلق أبواق التنبيه ، تخترق الشوارع ، حتى تصل إلى مبنى منعزل بأطراف القرية ، تتوقف هناك ،
ينزل شيخ الخفر و التوابتي ، بينما يحمل الجنود العمدة و عبد الجبار إلى الداخل )
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 25 )
( جلس التوابتي في انتظار شيخ الخفر بمكتبه ،
ما هي إلا لحظات حتى دخل عليه شيخ الخفر )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، أهلا بزعيم كفر البلاص ، حمد الله على السلامة .
ـ الله يسلمك يا توابتي ، بس أنته الله ينور عليك يا توابتي .
ـ و عليك يا زعيم ، و هو أني مهما عملت مش ممكن أبدا أوفي الدين اللي ليك في رقبتي .
ـ لأ بجد ، انته جيت في وقتك ، و أحلى حاجة إنك عالجت الموضوع بسرعة ، و من غير ما حد ياخد باله .
ـ أنا لقيتني بأجري عليكم من غير ما أحس ، و بعدين عاوزني أشوف المجنون ده بيضربك و أعمل إيه يعني ؟ ده تتقطع إيده من بدري ....
ـ و هو انته فكرك إني سكت له ؟ تلاتة بالله العظيم ما لقيت نفسي إلا بأرد له القلم قلمين ....
ـ ما آني شوفتك و أنت نازل فيه دب ، ده كان ها يموت في إيدك .
ـ ليكون فاكر نفسه لسه عمدة زي زمان ؟
ـ قول للزمان ارجع يا زمان ، أصل ده بعيد عنك راجل ما يتمرش فيه الخير ..
ـ تخيل انته بعد كل اللي عملتهوله ده كله يكون ده جزاتي ؟
ـ مش بيقول لك ، آخر خدمة الغز علقة ؟
ـ على رأيك .
ـ بس ده كان ماشي كويس و زي الفل ، نفسي أعرف إيه اللي قلبه القلبة دي كده فجأة ؟
ـ الراجل الأهبل لسه بأقول له إن الشركة خدت الأراضي من أهل البلد عشان يعرفوا يشوفوا شغلهم ، و ده اللوسة جت له ...
ـ مش بأقول لك إتجنن .
ـ قال إيه عاوز الناس ترجع تاني تزرع و تقلع .....
ـ تقلع ؟ أعوذ بالله ، بالذمة ده كلام ناس عاقلين ؟ يعني عاوز الناس بقى تمشي بلابيص في الشارع ؟
( لم يستطع شيخ الخفر منع الضحك الذي سيطر عليه فأطلق له العنان )
ـ إيوه كده اضحك اضحك ، ما حدش واخد منها حاجة ....
ـ ما يقصدش كده ، هو قصده يعني إن الناس ترجع تاني تفلح في أرضها ، قال إيه يقول لي ، طب و عيالنا ها يعملوا إيه بكره لما يكبروا ؟
ـ و إيه اللي دخل عيالنا دلوقتي في الموضوع ؟
ـ آني عارف و هو إحنا مقصرين مع العيال ؟
ـ مقصرين إزاي بس ، ده إحنا مش حارمينهم من أيتها حاجة .
ـ و غير كده ها نسيب لهم شيء و شويات ، ده احنا ها نسيب لهم ملايين متلتلة .....
ـ دول لو قعدوا يصرفوا فيها عمرهم كله مش ها يقدروا يخلصوها .
ـ المهم دلوقتي أنا عاوزك تشدد الحراسة عليه هو و الواد عبد الجبار ...
ـ ده أني حاطط عليهم حراسة تسد عين الشمس ....
ـ و تخليك حابسهم كده لغاية لما نشوف لهم صرفة ، و خلي بالك ، ممنوع أي حد يدخل لهم ...
ـ وحياتك ما هايشوفوا النور تاني ( يهمس ) تحب أخلصك منهم خالص ؟
ـ لأ ، بأقول لك إيه ، بلاش أفكارك اللي تودي في داهية دي .
ـ و لا تودي في داهية و لا حاجة ، دي فكرة و لا تخطر على بال إبليس نفسه .....
ـ أعوذ بالله منك يا شيخ ....
ـ طب بس خد مني ، أصل أنا نشرت الخبر في الكفر ، و الأهالي كلتها عارفين دلوقتي إن العمدة اتجنن .....
ـ حلو كده ....
ـ و إحنا بقى ها نقول إنه من جنانه قام في ليلة و حاول يقتل الواد عبد الجبار ، و الواد عبد الجبار قتله دفاع عن النفس ، و بكده يبقى ضربنا عصفورين بحجر ، خلصنا م العمدة و نعدم الواد عبد الجبار بتهمة قتله .
ـ لأ معلش ، خلي أفكارك دي لنفسك ، المهم عندي دلوقتي إن البلد كلتها تعرف إن إحنا خايفين عليهم م العمدة ، لأنه بقى خطر عليهم .
ـ ما فيش أبسط من كده .
ـ نفسي الناس تنسى العمدة ده خالص ، و ما يبقاش على لسانهم غير شيخ الغفر و بس .
ـ إعتبرهم نسيوه خلاص ....
ـ مش ها ينسوه بسهولة كده ، آني عارف ، عشان كده عاوزك تنشر في البلد إن العمدة كان عاوز يمنع عنهم الراتب و التموين اللي بياخدوه كل شهر ، و إن آني اللي وقفت له ....
ـ ماشي ، و لا يكون عندك فكرة ...
ـ و عاوزك كمان من بداية الشهر الجاي تزود للناس الراتب و التموين اللي بياخدوه ، و لازم الناس كلتها تعرف مين صاحب الفضل عليهم .
ـ ما هو آني عشان كده كنت جاي لك ، و كانت عندي كام فكرة كده كنت عاوز آخد رأيك فيهم .
ـ و ساكت ليه ؟ ما تقول ...
ـ كنت عاوز أسألك سؤال الأول .
ـ اسأل .
ـ هو إحنا أقل من أمريكا أو أوروبا ؟
ـ لأ طبعا ، دول همه ذات نفسيهم يتمنوا يبقوا ربعنا .
ـ طيب ليه بقى بنشتري كل حاجة عندنا بالدولار ؟
ـ أمال عاوزنا نشتري بالجنيه ؟
ـ لأ طبعا ، لكن إيه المانع إننا نعمل لنا عملة خاصة بينا إحنا ؟
ـ ما فيش أيتها مانع .
ـ و ياريت نعملها م الدهب عيار أربعة و عشرين ، و نحط صورتك عليها ، و بكده ها تبقى صورتك مع كل واحد في الكفر .....
ـ الله عليك ، و ها نسميها إيه بقى ؟
ـ الزورار .
ـ زورار ؟
ـ أيوه عشان يناطح الدولار من ناحية ، و م الناحية التانية يدخل أيتها عروة في البلد ......
ـ هههههههههههه .......
ـ مش كده و بس ، لأ ، ده غير صورتك اللي ها نحطها ف كل بيت و ف كل حارة و زقاق ، و ها نحطها كمان على التموين اللي بنديه للأهالي كل شهر ، و ممكن نكتب عليها كمان (منحة شيخ الغفر) تحت صورتك ، و بكده ها يبقى على لسان الناس غير سيرة شيخ الغفر و بس .
ـ الله ينور عليك ، انته دماغك بدأت تجيب زبدة أهي ...
ـ مش بس كده ، ده آني عاوز كمان أعمل شوية حفلات و أخلي العيال اللي بتكتب أغاني تكتب كام أغنية عنك و عن بطولاتك و اللي عملته للكفر ، ده بقى غير المسابقات و الجوايز اللي ها تبقى باسمك طبعا ، و أهي فرصة عشان نمرمغ الناس في العز ، هو الواحد مننا ها يعيش كام مرة يعني ؟
ـ على رأيك ، العمر واحد و الرب واحد ....
ـ مش المجنون اللي بيقول لي خلي الناس ترجع تشتغل تاني ، بالذمة ده كلام برضه ؟
ـ خلاص ، آدي تفويض مني أهوه عشان تكاليف الحاجات دي كلها .
( يأخذ شيخ الخفر إحدى الأوراق من فوق المكتب أمامه و يوقع عليها و يناولها للتوابتي )
ـ و عاوزك برضه تعمل لي جرنان كفر البلاص ، و تنزل فيه أخبار الكفر يوم بيوم ، و طبعا مش ها أوصيك ع اللي ها يتكتب عليا كل يوم ، الناس لازم تعرف أنا بأعمل إيه عشانهم كل يوم ، و برضه عاوز العيال بتوع الإذاعة و التلفزيون بتاع الكفر يتلحلحوا شوية .....
ـ و الله و لا لك عليا حلفان كنت ها أعمل كده ، بس كنت هاخليها لك مفاجأة ، بس انته حرقتها لي .....
ـ مش عارف من غيرك كنت ها أعمل إيه يا توابتي ؟
ـ ده إحنا اللي من غيرك و لا كنا نسوى تلاتة تعريفه ، ربنا يخليك لينا يا كبير كفر البلاص ، ربنا يخليك لينا ......
( صوت طلقات نارية تقطع سكون الليل )
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 26 )
( في قاعة الاجتماعات بقصر شيخ الخفر ،
جلس الخفر إلى طاولة مستديرة كبيرة ،
كل منهم يرتدي ملابسه العسكرية الأنيقة ، وضع كل منهم فوق كتفه رتبته العسكرية ( سبعة نجوم ) ، و على صدر كل منهم عدة نياشين ،
افترش كل منهم بعض الأوراق أمامه ،
يقف خلف كل منهم جندي من ذوي البشرة البيضاء ، يحمل ملفا به بعض الأوراق ،
يدخل شيخ الخفر ، يقف الجميع رافعي أيديهم يؤدون التحية العسكرية ، يصرخون )
ـ عاش الطاهر ، عاش ، عاش ، عاش .
ـ عاش الطاهر ، عاش ، عاش ، عاش .
( يؤخر أحد الجنود الكرسي الأكبر على الطاولة فيجلس شيخ الخفر ،
يشير إلى الخفر بالجلوس فيجلسون ،
يشير إلى التوابتي فيبدأ بالكلام )
ـ نبدأ كلامنا كده بالصلاة على النبي .
( يردد الجميع )
ـ اللهم صلي عليك يا نبي .
ـ دلوقتي إحنا مجتمعين عشان نشوف حل في المصيبة السودة اللي حصلت امبارح بالليل و اللي غرسنا فيها الواد حمو ابن شيخ الغفر ....
( يتنحنح الزعيم و ينظر إلى التوابتي شذرا فيستدرك ) قصدي فخامة شيخ الغفر الصغنن ......
( يحدث بعض الهرج ، و يميل أحد الخفر إلى الجالس بجواره )
ـ لا مؤاخذة أصل أنا نمت امبارح بدري و ما أعرفش اللي حصل ، هو فخامة شيخ الغفر الصغنن عمل إيه ؟
( يهمس الخفير )
ـ أصل فخامته كان بيلعب نشان مع اصحابه ، طلعت طلقة غصب عنه من الرشاش بتاعه فموت الواد ابن عباس التهامي .
ـ أكيد الواد ابن عباس التهامي هو اللي غلطان ، بالذمة فيه حد عاقل برضه يقف قدام القطر ؟
( عندها يرفع شيخ الخفر يده فيصمت الجميع )
ـ أنا جمعتكوا النهاردة عشان نشوف حل للمصيبة السودة دي .
( يرد عليه أحد الخفر )
ـ و لا مصيبة و لا حاجة فخامتك .
( يرد آخر )
ـ هو كان حصل إيه يعني ؟
( يرد ثالث )
ـ أنا شايف سعادتك مكبر المسألة حبتين ..
( يرد رابع )
ـ الموضوع مش مستاهل كل ده .
( يقاطعهم شيخ الخفر )
ـ لا إزاي ؟ ده الموضوع كبير و كبير قوي كمان ، و أنا شايف إن لابد من القصاص .
ـ قصاص إيه بس فخامتك ؟
ـ ده مهما كان برضه شيخ الغفر الصغنن ، و ولاد التهامي و أهل البلد كلاتها فدا البيه الصغنن .
ـ أهم يا خدوا لهم قرشين حلوين تعويض و تنتهي المسألة ...
ـ ده أنا سمعت إن أبو الواد و أهله واقفين من امبارح على باب القصر طالبين مقابلة فخامتك .
( عندها يقاطعهم التوابتي )
ـ بعد إذن فخامتك لو تسمح لهم يدخلوا .
( يشير شيخ الخفر للجندي الواقف على باب القاعة )
ـ نادي على أبو المرحوم .
( ينادي الجندي )
ـ أبو المرهوم .
( يرد الرجل من الخارج )
ـ أفندم .
( يدفعه الجندي بقوة إلى داخل القاعة ، فيجري الرجل من أثر الدفعة إلى شيخ الخفر ، منكبا على كف شيخ الخفر يقبلها و يبكي )
ـ أبوس إيد فخامتك تسامح البيه الصغنن .
( عندها يسحب شيخ الخفر يده )
ـ لا يمكن ، و لو حتى بوست رجلي ( يمسك شيخ الخفر الرجل من رقبته و يدفعه ناحية قدمه ) مش ممكن أبدا أسامحه ، ده قتل واحد من ولادي .
ـ أبوس رجلك ، الواد ابننا هو اللي غلطان ، هو اللي جري و وقف قدام رشاش سعادته .
( يقاطعه التوابتي )
ـ و بعدين الواد عمره كده ، قضاء و قدر ، ها نعترض على قضاء ربنا ؟
( يقاطعه شيخ الخفر )
ـ استغفر الله العظيم ، أعوذ بالله ، بس برضه لازم يتعاقب عشان ما يعملهاش تاني .
ـ لو عاوز تعاقبه فخامتك ، ابقى امنعه يلعب (بلاي استيشن) يوم و إلا اتنين و خلاص .
( يبكي الرجل بين يدي شيخ الخفر )
ـ أرجوك تسامحه ، كفاية ان واحد من ولادنا مات ، نقوم نموت التاني بإيدينا ؟ بالذمة ده كلام ؟
( يقاطعه التوابتي )
ـ على الأقل سيب لهم واحد ، ده ابنهم و ده ابنهم برضه ..
ـ و ياما بيحصل يا سيدي ، دي مصارين البطن بتتخانق ...
( يقاطعهم شيخ الخفر مصمما على رأيه )
ـ لا يمكن ، لازم يتعاقب يعني لازم يتعاقب .
( عندها نسمع صوت هدير الجماهير خارج القصر ، يقوم التوابتي و يذهب إلى النافذة ، يسأله شيخ الخفر )
ـ فيه إيه ؟ إيه الصوت ده ؟
ـ دول أهالي البلد عاملين مظاهرات .
( يقوم شيخ الخفر إلى النافذة ، يتبعه الخفر )
ـ مظاهرات ؟ معقولة أهالي كفر البلاص يعملوا مظاهرات ؟
( خارج القصر يقف بعض الخدم يحملون لافتات يهتفون )
ـ العفو يا فخامة شيخ الغفر .
ـ العفو العفو العفو .
ـ العفو و السماح لأجل ما البلد ترتاح .
( عندها يتجمع الخفر حول شيخ الخفر ، يحاولون إثناءه )
ـ أرجوك تتنازل يا فخامة شيخ الغفر ....
ـ البلد كلتها بتطلب السماح من فخامتك ...
ـ أهالي البلد كلها واقعة في عرضك .
( عندها يعود شيخ الخفر ليجلس على كرسيه ،
عندها يأخذ التوابتي كبير عائلة التهامي إلى الباب )
ـ خلاص روح انته و احنا ها نقنعه ، توكل على الله انته ، و طمن الناس و قول لهم إن الزعيم كل همه إن أهل البلد كلاتهم يبقوا مبسوطين .
( يخرج الرجل ، بينما يعود التوابتي إلى كرسيه بجوار شيخ الخفر )
ـ خلاص بقة قلبك أبيض فخامتك ، تلاتة بالله العظيم ما انته مزعل البيه الصغنن ، هو احنا لينا بركة إلا هوه ؟
( يرد جميع الخفرفي صوت واحد )
ـ لا طبعا .
( يقاطعهم شيخ الخفر )
ـ مش ممكن ، مستحيــــــــــــــــــــل ...
ـ أهل البلد كلهم واقعين في عرضك ، و الله ما أنته مزعلهم، خلاص بقى .
ـ أيوة بس .....
ـ و لا بس و لا حاجة ، خلاص بقى ....
ـ خلاص ، ماشي ، سماح النوبة ، بس و الله العظيم ما هو قاعد على البلاي استيشن خمس تيام بلياليهم ، و أما أشوف بقى ، آني و إلا هوه ؟
( عندها يهلل الخفر و يصفقون و يهتفون )
ـ الله أكبر ، الله أكبر .
( يصرخ شيخ الخفر )
ـ بس علي الطلاق بالتلاتة لو عملها تاني ما ها أرحمه .
ـ لو عملها تاني ابقى اعمل فيه ما بدالك ، إن شا الله تحرمه شهر بحاله .
ـ خلاص خلاص .
( يهتف التوابتي رافعا يده لأعلى )
ـ عاش الطاهر .
( يرفع الجميع أيديهم ، يرددون )
ـ عاش ، عاش ، عاش .
( عندها نسمع بعض الأغاني يرددها الأهالي هنا و هناك )
ـ و سماح النوبة ، النوبة ،
و سماح النوبة ، النوبة ...........
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 27 )
( هرج و مرج يعم القرية ،
اختلط الحابل بالنابل ،
آلات و معدات تتحرك هنا و هناك ،
تجمع الأهالي حول العمال يشاهدون ما يحدث )
ـ إيه اللي حصل ؟
ـ و الله ما أنا عارف .
( يمسك أحدهم بآخر يجري )
ـ فيه إيه يا أبو اسماعين ؟ الناس دي بتلم حاجاتها و رايحين على فين ؟
( يفلت أبو اسماعيل نفسه من بين يديه )
ـ مصيبة سودة و حطت على راسنا .....
( يذهب الرجل إلى أحد العمال من ذوات البشرة البيضاء ، يخرج الرجل سيجار ذهبي ، يناوله للعامل )
ـ ولع يا خواجة .
ـ سانكس .
( يتناول العامل منه السيجار ، يشعله له الرجل )
ـ هو حصل إيه يا خواجة ؟ إنتوا بتلموا حاجاتكم و رايحين على فين ؟
ـ كل شركة يمشي ، كفر بلاس خلاص ، فيه مكان تاني شغل .
ـ مكان تاني فين لا مؤاخذة ؟
ـ بلد تاني اسمه كفر أبو هطب .
ـ كفر أبو حطب ؟ ليه و هوه إحنا زعلناكم في حاجة لا سمح الله ؟
ـ بترول كفر بلاس خلاص ، فنش ، فيه بترول تاني كتير في كفر أبو هطب ( يصرخ أحد الجنود )
ـ يلا راجل هناك روح ...
( يدفع الجندي الرجل بعيدا فيرحل الرجل يكلم نفسه )
ـ معناته إيه الكلام ده ؟
( يقابله التوابتي )
ـ إلحقنا يا توابتي بيه ....
ـ فيه إيه يا حنفي ؟ الناس دي بتعمل إيه ؟
ـ بيقول لك رايحين كفر أبو حطب .
ـ كفر أبو حطب ؟
ـ أيوة ، الخواجة لسه قايل لي إنهم لقيوا بترول ياما هناك .
ـ و بترولنا ؟
ـ بترول إيه ما خلااااااص ، بح ....
ـ كلام إيه ده ؟
ـ و كتاب الله المجيد ، أهو الخواجة عندك أهو حتى اسأله ....
( يذهب التوابتي إلى كبير العمال )
ـ سلام عليكم .
( لا يعيره الرجل انتباها )
ـ سلام عليكم .
ـ فيه إيه ؟
ـ معلش و لو فيها رزالة يعني ....
ـ يلا كول ، أنا فيه شغل كتير ، مش أندي وكت ....
ـ هو حضرتكم بتعملوا إيه ؟
ـ خلاص شركة شغل هنا خلاص ، بترول خلاص ، معدات سيارات هفارات كله يروح كفر أبو هطب .
ـ بترول إيه اللي خلاص ؟
ـ بترول كفر بلاس خلاص فنش .
ـ فنشوك من بدري ، إنته يا راجل انته مش قايل إن كفر البلاص عايمة على بير بترول ؟
ـ خطأ ، بئر كبير موجود في كفر أبو هطب .
ـ و اللي كنتم بتطلعوه من عندنا ده إيه ؟
ـ اكتشفنا بالبحث إن هذا بترول كفر بلاس مجرد بترول تجمع من تسريب في بئر كبير موجود في كفر أبو هطب ، يعني ده كله بترول يخرج من هنا بترول مسروق ، فهو في الأصل بترول كفر أبو هطب ، مفروض كفر بلاس ترجع كل فلوس ياخد مكابل بترول .
( يمسك التوابتي برقبة كبير العمال )
ـ بترول مسروق يا ولاد الهرمة ، يا حرامية يا ولاد اللصوص ، خلاص طبختوها مع بعض ؟ تلاتة بالله العظيم قاتل يا مقتول النهاردة .
( يصرخ كبير العمال )
ـ مجنــــــون ، مجنـــــــون .
( يدفع كبير العمال التوابتي بعيدا عنه بقوة فيقع التوابتي على الأرض ، عندها يتجمع بعض الجنود يضربون التوابتي بكعوب أسلحتهم في رأسه ، يفلت التوابتي من أيديهم بصعوبة و يجري بعيدا و هو يصرخ )
ـ آآآآآآآآآآه ، و الله العظيم ما ها نسيبكم يا حرامية يا ولاد الهرمة ، أني عارف إنكم مطبخينها مع عمدة كفر أبو حطب عشان تسحبوا بترولنا من هناك ببلاش ، و الله العظيم لرايح لشيخ الغفر و أخليه يجي يطين عيشتكم ، هي البلد سايبة و إلا سايبة ؟
( يجري التوابتي إلى قصر شيخ الخفر ،
يدخل على شيخ الخفر يلهث و يلطم وجهه و يصرخ )
ـ إلحقنا يا شيخ الغفر .
ـ فيه إيه يا توابتي ؟ حصل إيه ؟ و إيه اللي عمل فيك كده ؟
ـ العمال ولاد الحرامية بتوع الشركة ، نزلوا عليا ضرب و فين يوجعك ...
ـ أكيد عملت لهم حاجة ، هو أنا مش عارفك ؟
ـ لقيتهم عمالين يلموا في حاجتهم و رايحين على كفر أبو حطب ....
ـ نعم نعم ؟
ـ و الله العظيم ده اللي حصل ، و ليه و ليه قلت لهم رايحين على فين ، قاموا نازلين فيا ضرب زي ما أنته شايف كده ، دول أكيد متفقين مع العمدة هناك عشان يسحبوا بترولنا من هناك ببلاش .
ـ إنته اتهبلت في مخك و الا إيه يا وله ؟
ـ يا ريتني اتهبلت و الا اتجننت كان أهون م المصيبة السودة اللي إحنا فيـــــها ....
ـ ما هو إذا كان اللي بيتكلم مجنون يبقى اللي بيستمع عاقل .....
ـ طب تعالى بص بنفسك ...
( يذهب التوابتي إلى النافذة يلحقه شيخ الخفر ، و إذا بهرج و مرج يعم القرية ، عمال الشركة يفككون حفاراتهم ، بعض العمال ينزوع السياج الذي يحيط بالقرية ، و البعض يفكك حوائط الأبنية الجاهزة و يضعونها فوق الشاحنات ، السيارات و الأوناش تتحرك إلى خارج القرية، يدق جرس الهاتف ، يخرج شيخ الخفر هاتفه المحمول من جيبه ، ينصت للمتحدث ، تتسع عينا شيخ الخفر ، الذهول يعقد لسانه ، يلطم التوابتي وجهه و يعدد )
ـ قال جت الحزينة تـــــفرح ما لقتلاهاشي مـــــطرح ....
( يرد شيخ الخفر على المتحدث )
ـ كلام إيه ده ؟
( يقاطعه التوابتي )
ـ مش بأقول لك اني لسه جاي من هناك أهوه ، و الراجل الكبير بتاعهم بيقول قال إيه إن أساس البير هناك في كفر أبو حطب ، أكيد دول شلة حرامية و عاملين رباطية علينا ؟
( يتحدث شيخ الخفر في الهاتف )
ـ و البترول اللي كان طالع من عندنا ده إيه ؟
( يقاطعه التوابتي )
ـ قال إيه كانوا شوية بترول منفدين م البير الأصلي اللي في كفر أبو حطــــــب ، و خلصوا خلاص ، خلصوا خلاااااص ، يا ريتنا كنا سمعنا كلام عمدتهم لما قال نضم البلدين على بعض ، يا ريتنا كنا سمعنا كلااااااامه ....
( يقذف شيخ الخفر بهاتفه المحمول في الحائط ، و يضرب التوابتي )
ـ و انته كمان ها تقعد تولولي و تعدد لي زي اللي جاموستها ماتت ؟
ـ أيوة فش خلقك فيا ، انته مش قادر على الحمار ها تشطر ع البردعة ؟
ـ أني كنت عارف م الأول ان كفر البلاص دي نحس زي وشك ....
ـ و ها نعمل إيه دلوقتي ؟
ـ بسرعة تروح تجيب لي البت (جاكلين) دلوقتي حالا ...
ـ البت جاكلين ؟ ههههه ، قال البت جاكلين قال ، قول جاكلين هانم ، قول الأميرة جاكلين ، تكونش لسه فاكر نفسك زعيم كفر البلاص و أني مش واخد بالي ؟ لاااااا ، ده كان زمان و جبر و طلع له في راسه وبر ، الكلام ده كنت تقوله لما كان عندك بترول ، دلوقتي لازم احنا اللي نجري و نروح لها و ناخد منها ميعاد كمان ، و جـــــايز ترضى تقابلنا ....
( يضربه شيخ الخفر بخيزرانته ، يتكوم التوابتي حول نفسه ، يرفع شيخ الخفر الخيزرانة عاليا مهددا بالمزيد )
ـ ما عاش و لا كان يا جعر ، ده الجربان اللي زيك هو اللي يروح لها و ياخد منها ميعاد ، إياك تكونش فاكرني أهبل و بريالة زيك يا له ، لا فـــــوق شوف إنته بتكلم مين ، ده أنا عندي ملايين متلتلة بإسمي في بنوك سويسرا ....
( يقوم التوابتي فارا ، يحاول شيخ الخفر ملاحقته ، فيدور التوبتي حول المكتب ، يقفان في مواجهة بعضهما يحول المكتب بينهما )
ـ ملايين مين يا أبو ملاييـــــــــــــــــن ؟ ملايين مين يا أبو ملايين ؟ ما خلاص ، و هو أنته فاكر إنهم ها يسبولك ملايينك كده ؟ دول لو سابولك الجلابية القديمة بتاعتك يبقى تبوس إيدك وش و شعر ، مش بأقول لك بيقولوا البير أصلا بتاع كفر أبو حطب ؟ أقطع دراعي من هنا هو إن ما كانوا ها يوزوا عمدة كفر أبو حطب يرفع عليك قضية ....
ـ ليه إن شاء الله ؟
ـ ها يقول إنك كنت بتسرق البترول بتاعهم ، و انته عارف إنه شايل منك عشان ما رضيتش تضم البلدين على بعض .....
ـ انته بتفكر لهم و بتخطط كمان ؟
ـ و حياتك ده اللي ها يحصل ، و أني أهوه و انته أهوه ...
ـ دي تبقى مصيبة سودة يا وله لو عملوا كده بصحيح .
ـ مش بس كده ، ده أكيد الشركة ها تقف معاه كمان عشان ترضيه و تضحك عليه ، و دول ناس إيديهم طايلة و يعملوها ....
ـ بس يا وله بلاش كلام فارغ .....
ـ لا مش كلام فارغ ، و انته عارف كده كويس ، أمال انته فاكر إيه ؟ ما هي كل العزوة اللي كنا مداريين فيها دي بقت عزوة كفر أبو حطب دلوقتي ، مش البترول طلع بتاعهم ؟ قال جبتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين تتعان .
( يدخل بعض الرجال يفككون الأثاث و يحملونه إلى خارج القصر ، يعترض طريقهم التوابتي ، يصرخ فيهم )
ـ إيه اللي بتعملوه ده يا وله انته و هوه ؟
( يرفع أحد الجنود السلاح في وجهه ، عندها يبتسم التوابتي ابتسامة صفراء و يرفع يديه عاليا )
ـ لأ بأقول لك إيه ، كفاية قوي كده ، ده أني كنت باهزر معاكم ، شيل يا با شيل ، ماهي أصلا حاجتكم و جحا أولى بلحم توره ، شيل يا عم شيل ، آجي اشيل معاكــــــــم ؟
( يتبع )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( عمدة كفر البلاص 28 )
( تدخل جاكلين على شيخ الخفر و التوابتي و بصحبتها بعض الجنود ، يصرخ التوابتي )
ـ ست جاكلين ؟ الله يسترك ، أهي البرنسيسة جت بنفسها أهي ...
( تنظر له جاكلين من أعلى لأسفل و لا ترد عليه ، تحدث شيخ الخفر )
ـ أهلا يا سيخ كفر .
ـ أهلا جاكلين هانم .
ـ كنت أوزة أتكلم مآك كلمتين ألى إنفراد ، روه انته العب مع أسد توابتي .
( يشيرشيخ الخفر برأسه للتوابتي ليخرج )
ـ يلا يا تواتبي ، وريني عرض اكتافك .
ـ أمرك يا شيخ الغفر ، ( يتلكأ ) بس يعني .....
ـ فيه إيه ؟
( يذهب التوابتي إلى المكتب ، يفتح الصندوق الصغير الموضوع على المكتب ، يخرج سيجار ذهبي )
ـ بعد إذن جنابك .
ـ ماشي ، خدها و يلا .
( يخرج التوابتي بمنتهى البطء و البرود ، ينظر إلى جاكلين التي تتجه للجلوس على كرسي المكتب رافعه قدميها فوق المكتب ، في وجه شيخ الخفر ، في هذه الأثناء يعود التوابتي ، يسأله شيخ الخفر )
ـ فيه إيه تاني ؟
ـ ألاقيش ولاعة مع جنابك ؟
ـ على المكتب أهي .
( يذهب التوابتي إلى المكتب ، يلف حول جاكلين ، يتناول القداحة ، يحاول اشعال السيجار و كأنه يفشل في إشعاله ، يصرخ شيخ الخفر )
ـ دي إيه الرخامة اللي نزلت على أهلك دي ؟
ـ دي ايه دي ؟ يعني ما أولعش السيجارة ؟ ( يحدث جاكلين ) ما ألاقيش عندك ولعة ؟
( عندها ينفذ صبر شيخ الخفر فيذهب و يدفع التوابتي ناحية الباب )
ـ يا أخي غور الله يحرقك بجاز وسخ ، غــــــــــــــور .
ـ بس ما تزقش ، خلاص خارج أهو ( يخرج ببطء ) ماشي يا عم ، ماشية معاك يا با ، ما هو اللي علي علي خلاص ، يا بختك يا عم ، جتنا نيلة في حظنا الهباب ....
( يخرج التوابتي ، يعود مرة أخرى ، عندها يخلع شيخ الخفر حذائه و يقذفه به )
ـ غور يا أبن ال ........
( يخرج التوابتي فتغمز جاكلين بعينها إلى الجنود فيذهبون و يقفون على باب القاعة من الخارج )
ـ خير إن شاء الله ؟
ـ كمهير سيخ كفر ، ست داون .
( يجلس شيخ الخفر )
ـ نعم ؟
ـ كنت آوزاك تشوف هاجة هلوة .
ـ و ده وقته ؟
ـ صبرك سيخ كفر ، شوية شوية ....
( تمسك جاكلين بالريموت كنترول ، تضغط على الأزرار ، و إذا بالتلفاز يعرض فيلما إباحيا لها بصحبة شيخ الخفر )
ـ ألللللللللللل ........
( ينتفض شيخ الخفر ملدوغا ، يجري إلى التلفاز يغلقه )
ـ استغفر الله ، استغفر الله ....
( تتفل جاكلين في عبها )
ـ خش في إبي خش ( ترفع أصابعها الخمسة في وجهه ) بوريه منك سيخ كفر بوريه ، انته ها تأمل شويتين دول أليا أنا كمان و الا إيه ؟ ألى فكرة ، فيلم ده كل كفر بلاس يشوفه دلوكتي .
ـ الله يفضحك بحق جاه النبي ، على العموم أنا راجل ما يهمنيش أي حاجة ، الرك بقى و الدور عليك انتي .....
( تنفجر جاكلين ضاحكة )
ـ هههههههه ، اللي اختشوا ماتوا سيخ كفر ، و أنا كدامك أهوه ، لايف مش يموت .
ـ يعني مش خايفة على سمعتك ؟
ـ أيوة صهيه ، ده بابا لو يأرف ها يدبحني ،هههههههههه ( تضحك ضحكة عالية تتردد بين جدران القاعة ) خلينا في مهم دلوكتي ، طبعا انته أرفت اللي هصل لبترول كفر بلاس ؟
ـ إيوه أرفت ( يستدرك ) منك لله عوجتي لساني ، أيوة اتنيلت على عين أهلي و عرفت .
ـ و هتأمل إيه دلوكتي ؟
ـ ها آخد العيال و أطلع بالطيارة بتاعتي على سويسرا ، ده آني لي هناك ملايين متلتلة بإسمي ......
( تعود جاكلين للضحك بصورة هستيرية )
ـ ملايين إيه يا أبو ملايين ؟
( ينتفض شيخ الخفر واقفا )
ـ إيه ؟ هي الملايين دي كمان بح و إلا إيه ؟ لا لا لا لأ ، بأقولك إيه ، تلاتة بالله العظيم اصور لكوا قتيل هنا ...
ـ بتل هبل و اهدى كده و اكعد و اسمأني كويس .
( يجلس شيخ الخفر )
ـ نعم .
ـ كل ناس دلوكتي يأرف إن بترول اللي كنا بنشتريه منك مش بترول كفر بلاس ، ده بترول كفر أبو هطب ، و ممكن شركة يكول كل كلام ده في مهكمة دوليه ...
ـ و لا يهمني ، طالما طلعتوه من كفر البلاص يبقى بتاعنا إحنا ....
ـ كلام فاضي هبيبي ، كل ده كلام فاضي ، مهكمة دولية مش يعرف سيخ كفر ، مهكمة لازم يسأل شركة بترول متخصص ، ( تمسك بقلم و تضعه متوازنا أفقيا على إصبعها ) و طبعا إهنا ممكن نكول إن كل بترول ده كان بترول كفر أبو هطب ( تتناول دبوس و تضعه على أحد أطراف القلم فيميل القلم ناحية اليمين و لكنه لا يسقط ) و ممكن نكول إن بترول كان بترول كفر بلاس ( تضع دبوس على الطرف الآخر من القلم فيتوازن ، ثم تضع دبوس آخر فيسقط القلم على المكتب )
ـ خلاص قولوا إنه بترول كفر البلاص و خلاص .
ـ لو فيه اتفاك بين سيخ كفر و جاكلين ، ما فيش مانع .
ـ مش فاهم .
ـ يأني لو تكتب هنا في وركة إكرار إنك تتنازل لجاكلين عن 90 في مية من فلوس بتاع انته في سويسرا ، و تاخد انته أشرة في مية ، ممكن شركة تكول إن بترول ده بترول كفر بلاس .....
( يقف شيخ الخفر )
ـ إيه إيه إيه إيه ؟ عشرة في المية مين يا أم أربعة و أربعين ؟ و حياة أمك و لا ربع حتى في المية ، هي نهيبة و إلا نهيبة ؟ لا بأقولك إيه ، الظاهر إنك ما تعرفنيش كويس ، لاااااااا فـــوقي ، شوفي إنتي بتكلمي ميـــــن ...
ـ خلاص براهتك ، بس لازم تأرف إن فيه عكد مكتوب بخط إيدك بيكول إن لشركة هك استغلال بترول كفر بلاس إشرين سنة ، و دلوكتي مش فيه بترول يكفي شركة إشرين سنة ، إهنا مش ناخد بترول غير سنة واهد بس ، يعني كده فيه خسارة كتير لشركة ، و لازم شركة ياخد تأويض أن بترول تسأة أشرة سنة ، إنت مش يكرا عكد كويس ؟ و لذلك كل فلوس كفر بلاس في بنك سويسرا مهجوز أليه ، لا يمكن تسحب مليم أهمر واهد ، كمان طائرة مخصوص دلوكتي مش بتاع سيخ كفر ، يأني بالأربي كده ، أنته ممنوء من سفر ....
ـ ده لا عاش و لا كان اللي يمنع كبير كفر البلاص من السفر ....
( تخرج جاكلين مسدسها و تصوبه ناحية شيخ الخفر ، و تكلمه بحدة )
ـ جاكلين ممكن إمنأ سيخ كفر من سفر ، لأنك ألي بابا كبيــــر .
ـ علي بابا مين يا مرجانة ؟
ـ أيوة ألي بابا ، أنت متهم بسرقة أموال كفر أبو هطب ، ألى فكرة ، إهنا مرتبين كل هاجة كويس ، إهنا مش نلعب هبيبي سيخ كفر .
ـ يا ولاااااااااد الكـــــــــــــ .....
( تطلق جاكلين رصاصة في الهواء فوق رأسه فتطير قبعته فتعري صلعته و تصرخ )
ـ إهترم نفسك أهسن ، و إلا تلاتة بالله أظيم ممكن أدفنك هنا ( عندها يتسمر شيخ الخفر مكانه ) ممكن رصاصة تاني في كبدك سيخ كفر .
ـ طلبتاك ؟
ـ أيوة كده اهدا و خليك شاطر أشان أهبك ، كمهير .
( يقترب شيخ الخفر ، تضع جاكلين ورقة أمامها على المكتب )
ـ إهنا مش نتأبك سيخ كفر ، إنت بس أبصم هنا ، و اهنا ها نأمل كــــل هاجة .
( تخرج المحبرة من أدراج المكتب ، تفتحها يضع شيخ الخفر إصبعه ، تقاطعه جاكلين )
ـ لا مش ينفع سيخ كفر .
ـ هو إيه اللي ما ينفعش ؟
ـ فنجر واهد نو .
ـ أمال عاوزة إيه ؟
ـ عشرة فنجر .
( يضع شيخ الخفر أصابعه العشرة في المحبرة ، و يدمغ الورقة ، تزغرد جاكلين )
ـ برافو ، برافو ، دلوكتي ممكن خمسة دكيكة تجهز نفسك أشان سفر إلى سويسرا .....
( تضغط جاكلين على الأزرار فيدخل الجنود ، جاكلين تأمر شيخ الخفر )
ـ يلا سبيد سيخ كفر ما فيش وكت ، أشان نأمن سفرك كبل ما نمشي من كفر بلاس ، سبيــد ، سبيــــــــــــــد .
( يخرج شيخ الخفر بصحبة الجنود )
( يتبع )
رد: عمدة كفر البلاص ( نزف قلم : محمد سنجر )
عمدة كفر البلاص ( 29 )
( هناك على أطراف القرية ،
في إحدى الغرف المهملة ،
بين ظلمات النسيان ،
تمدد عمدة كفر البلاص فوق الحصير متوسدا قدم عبد الجبار الذي يجلس مستندا إلى الجدار ،
نظر عبد الجبار إلى العمدة ،
أخذته الذكريات فوق جناحيها ، حطت به بين حقول الماضي القريب ،
أفاق على صوت قرقرة معدته من شدة الجوع ،
عبرات سالت على خديه ،
نظر إلى خيوط الضوء المتسللة من بين قضبان النافذة الصغيرة العالية ،
توهم التسلق عليها حاملا العمدة على كتفيه ،
أيام مرت و أيام و هم على هذه الحالة ، اللهم إلا هذا الخبز الذي كان يلقى لهم من خلال القضبان ،
سأل نفسه متعجبا ،
ترى ، من هذا الذي ما زال يتذكرهما كل مساء و يعرض نفسه للخطر فيأتيهم متسللا ليلقي لهم بهذا الخبز الذي يبقيهم على قيد الحياة ؟
يبدو أنه ما زال هناك من أهل القرية من يتذكر عمدة كفر البلاص ،
يداعب أذنيه صوت خطوات تقترب ،
ما هذا ؟
توهم صوتا ينادي من بعيد )
ـ يا عمدة كفر البلاص ....
( يستيقظ العمدة على إثر الصرخات ، يتساءل )
ـ سامع يا عبد الجبار ؟
ـ أيوة سامع ، كان بحسب إن بيتهيألي .
( تتردد الأصوات ثانية منادية )
ـ انته فين يا عمدة كفر البلاص ؟؟؟؟؟؟
( يصرخ عبد الجبار )
ـ ميـــــــــن ؟
ـ أني حسان أبو شوشة .
ـ و أني بهانة ، و معايا خضرة ، انتم فين يا عبد الجبار ؟
( يصرخ عبد الجبار )
ـ إحنا هنا تحت .
( تصرخ خضرة )
ـ الصوت جاي من الناحية دي يا عم حسان .
( تنادي بهانة )
ـ عبد الجبار ، يا عبد الجبار .
ـ إيوة إحنا هنا يا بهانة ....
( يقاطعهم أبو شوشة )
ـ فين أبويا العمدة ؟
ـ معايا هنا أهو ...
( يقاطعه العمدة )
ـ أيوة يا أبو شوشة ، إحنا هنا أهوه .
( ينزلون دركا إلى أسفل ، و إذا بباب مغلق ، يدقونه )
ـ أبا العمدة ، عبد الجبار ....
ـ أيوة يا أبو شوشة ،إحنا هنا .
ـ إزيك ؟ عامل إيه يا أبا العمدة ؟
( تصيح خضرة و بهانة )
ـ أبا العمدة ؟ إزيك يا أبا العمدة ؟ عامل إيه ؟
ـ الحمد لله يا خضرة ، إطمنوا ، إحنا الحمد لله ، بس انتو جيتو هنا إزاي ؟ مش خايفين من رجالة شيخ الغفر ؟
ـ شيخ الغفر مين ؟ ما خلاص غار في ستين داهية لا ترجعه ........
ـ كلام إيه ده ؟
ـ هو انتم ما دريتوش ؟ مش البترول طلع فشنك و الشركة سابت البلد و شيخ الغفر الله يخرب بيته هرب هو و الألاضيش بتوعه ؟
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله .
( يصرخ عبد الجبار )
ـ الله أكبر ، الله أكبر ، ظهر الحق ، ألف حمد و شكر ليك يا رب ....
ـ و ها نعمل إيه دلوقتي ؟
ـ الا ها نعمل إيه ؟ افتحوا الباب يلا خلينا نخرج ....
ـ ده الباب عليه و لا عشرين قفل كبير ......
ـ طب و العمل ؟
ـ ها نعمل إيه يعني ؟ أكيد ها نكسرهم ، أنا رايح أجيب المسحة و راجع لكو حالا ....
ـ بسرعة يا أبو شوشة ....
( يخرج أبو شوشة مسرعا بينما تأخذ بهانة حالة من البكاء ، يصيح عبد الجبار )
ـ طب و انتي بتعيطي ليه دلوقتي بقى ؟
ـ أصلك و حشتني يا حمار ، يا بجم ، هههههههههههههه ......
ـ انتي أكتر يا جاموسة ، هههههههههههه .....
ـ كده برضه ؟ هونت عليك برضه كدهوه تسيبنا يا عبد الجبار ؟
ـ و هو أنا يعني كنت سايبكم بكيفي ؟ ده إيه الغباوة اللي نزلت عليك فجأة دي يا بت ؟ ما تبطلي لما نشوف الأول ها نطلع م المخروبة دي إزاي ....
( تقاطعهم خضرة )
ـ ما خلاص بقى يا بهانة ، أهي كلها دقايق و تشوفيه يا أختي ( تنادي على العمدة ) إزيك يا أبا العمدة ؟
ـ الحمد لله يا خضرة ، إزيك انتي و ازي عيالك ؟
ـ عايشين بحسك في الدنيا يا أبا العمدة .....
ـ أخبار أهل البلد إيه يا خضرة ؟
ـ شوطة تاخدهم هم و اللي جايبنهم واحد واحد .....
ـ ما تدعيش عليهم يا خضرة ....
ـ أما عجيبة و الله ، بقى انته اللي بتدافع عنهم بعد كل اللي عملوه معاك ده ؟ طب تلاتة بالله العظيم ما فيهم راجل واحد يتقال عليه راجل بحق و حقيق ، دول شوية نساوين طالع لهم شنبات ، و هو لو فيهم راجل كانوا سابوك كده برضه ؟ إلا ما فيهم راجل اتحرك و الا اتلحلح كده و خدته الشهامة و سأل عنك ....
ـ الناس معذورة برضه يا بهانة .
ـ عذر لما ياخدهم و يشيلهم من ع الأرض شيل .....
( يدخل أبو شوشة حاملا فأسه ، يصرخ )
ـ ابعدي كده بعيد انتي و هيه ....
( يضرب الأقفال بفأسه فينكسرون واحدا تلو الآخر ، يسرعون بفتح الباب ، عندها يخرج العمدة و عبد الجبار ، يحتضن أبو شوشة العمدة يقبله و ينحني مقبلا كفه ، تجري خضرة تقبل كفه الآخر ، بينما تجري بهانة على عبد الجبار تزغرد )
ـ حمد الله على سلامتك يا أبا العمدة ....
ـ ألف حمد الله ع السلامة ...
( يسحب العمدة كفيه صارخا )
ـ استغفر الله ، استغفر الله ......
( يخرج الجميع إلى خارج المبنى القديم ، و إذا بالأهالي يتجمعون حول العمدة يبكون و يحاولون تقبيل يديه )
ـ سامحنا يا أبا العمدة ....
ـ ما لناش بركة إلا انته يا أبا العمدة .....
ـ و الله لتسامحنا يا عمدة .
ـ كانوا مغميين عينينا و سدين ودانا داهية لا ترجعهم .
( يحاول العمدة تخليص يديه من بينهم صارخا )
ـ استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم ، بس يا توفيق ، بلاش كده يا حسن ، ما تحملونيش ذنب الله يخليكم ، لا إله إلا الله ، بس يا جماعة ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، بس بقى ، خلااااااااااااص ،خلاااااااااااااااص ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، استغفر الله العظيم ، استغفر الله العظيم ....
( يحمل الأهالي العمدة على أعناقهم في اتجاه داره القديم ، يهتفون )
ـ سالمة يا سلامة العمدة رجع بالسلامة ،
سالمة يا سلامة العمدة رجع بالسلامة
( يتبع )
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
عمدة كفر البلاص ( 30 الحلقة الأخيرة )
( اجتمع الأهالي أمام دار العمدة القديم ينتظرون خروج العمدة ،
الدار ما زالت على نفس حالتها لم تتغير ،
صمت خيم على الجميع ،
يخرج العمدة بصحبة حسان أبو شوشة ،
تنطلق زغاريد النساء و يعم التصفيق و التهليل ،
يرفع أبو شوشة يده و يبدأ العمدة الكلام فينصت الجميع )
ـ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، حمد الله على سلامتك يا أبا العمدة ....
ـ ألف حمد الله على السلامة يا عمدتنا .
ـ الله يسلمكم جميعا ، بصوا بقى يا جماعة ، لازم تخلوا بالكم من حاجة مهمة قوي ، و هي إن أني بأعتبركم كلكم ولادي و بناتي و أهلي ، و مهما حصل و الا ها يحصل برضه ها تفضلوا أهلي و عزوتي ....
( تنطلق الزغاريد و التصفيق و التهليل و الهتاف )
ـ فيه حد فيكم يعرف يقول لي ، إيه الفرق بين الراجل الجدع و الراجل الخايب ؟
( صمت يخيم على الجميع ، بينما يهمس أحدهم للجالس إلى جواره )
ـ هو ها يعمل لي فيها نيللي و ها يبدأها بفوازير رمضان و إلا إيه ؟
ـ أني عارف ، على العموم سيبه يطرش الكلمتين ، خليه يطلع اللي تحت البلاطة عشان نلاقي نطفح .
( ينظر لهم العمدة ، فيسألهم )
ـ هيه ؟ حد فيكم عارف الفرق يا وله انته و هوه ؟
ـ لأ يا أبا العمدة ، ده أنا كنت بأقوله إن وش حضرتك منور زي البدر يعني ......
ـ الله يخليك يا سيدي ، طيب ، هيه ، حد عارف يا ولاد ؟ طيب أقول لكم أني بقى ، الراجل الخايب هو اللي دايما يبص وراه و يتحسر على اللي فاته ، و يقعد يندب حظه زي النسوان ،
لكن الراجل الجدع اللي من ضهر راجل بصحيح ، هو اللي يرمي كل اللي فات ده ورا ضهره و يبص قدامه ،
يعني الراجل الجدع هو اللي دايما يحط نقطة ،
و يقلب الصفحة و يجيب صفحة جديدة و يبدأ من أول السطر ،
و عشان كده أني مش عاوز أيتها حد فيكم يتكلم في اللى فات ، اللي فات مات خلاص و ادفن ، عاوزين بقى من دلوقتي ، نحط نقطة و نبدأ من أول السطر ، إحنا أولا و أخيرا فلاحين ولاد فلاحين ، و فيه منا اللي حداد و نجار و صياد ، بس الأصل في البلد دي هي الفلاحة و الزراعة ، و عشان كده أول حاجة ها نعملها نشوف الترعة اللي ردمناها دي ، يبقى نحط إيدينا في إيدين بعض و نحفر الترعة من أول و جديد ، بعد كده نبدأ نقسم أرضنا علينا مرة تانية بما يرضي الله و نرجع نزرعها و نخليها زي ما كانت و أحسن كمان ،
و عشان نبدأ صح لازم أول حاجة يكون للكفر ده كبير نسمع كلامه ، و نرجع له و ناخد مشورته ف كل حاجة ف البلد ، يعني بالعربي كده لازم نعمل انتخاب و نختار عمدة للبلد ...
( يقاطعه أحد الأهالي )
ـ لا عاش و لا كان أيتها واحد يكون عمدتنا غيرك انته يا عمدة ...
ـ غلط ، أهو كده يبقى ها نبدأ نعك من أولها ، العمودية مش حكر على حد ، اللي شايف نفسه ممكن يكون عمدة لازم يرفع إيده و يرشح نفسه قبالي ، لكن نخلي العمودية حكر على واحد بس لأ و ألف لأ ، أني عن نفسي ها أرشح نفسي ما قلتش لأ ، لأن دي مسؤولية و أني شايف إني ممكن أقوم بيها ، لكن برضه ما يمنعش إن أي حد فيكم شايف نفسه ينفع يبقى عمدة لازم يترشح و يقول اللي عنده و أني ها أقول اللي عندي أني كمان ، و الناس بقى هي اللي تقول و تختار عمدتها ....
( يقف التهامي )
ـ أني عاوز أرشح نفسي للعمودية ....
( عندها يقف أبو شقفة )
ـ و ليه ما أكونش أني العمدة ؟ هو أنته أحسن مني و الا تكونش فاكر نفسك يعني أحسن مني ؟
( يضرب العمدة كفا بكف و يصرخ )
ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ما فيش فايدة ، ما فيش فايدة ، نقول طور يقولوا احلبوه ....
( يصرخ أحد الأهالي )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة .
( يردد الأهالي وراءه )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة ، مش عاوزين غيرك يا عمدة ...
ـ يا إخوانا ......
( يقاطعه الأهالي )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة ، مش عاوز..............
( يرفع يديه مهدئا )
ـ استنوا ..........
( يغطي صوت الأهالي على صوته )
ـ مش عاوزين غيرك يا عمدة مش .........
( يرفع العمدة خيزرانته عاليا )
ـ هيه ؟ فاكرين دي و الا خلاص نسيتوها ؟ ما تدوني فرصة أتكلم الله يا وله انته و هوه .....
( يقل الضجيج رويدا رويدا )
ـ بصوا بقى من أولها ، زعيق و هيصة و هتافات و شغل ألبندا م اللي بتعملوه ده مش عاوز ، لازم نسمع بعض ، المشكلة إننا بنتكلم أكتر ما بنسمع ، طب حد فيكم يعرف ليه ربنا خلق لنا عينين اتنين و ودنين و بق واحد بس ؟
( يرد أحد الأهالي )
ـ عشان ما ناكلش كتير يا عمدة ....
( يضحك الأهالي )
ـ لأ يا فالح ، ما لهاش دعوة بالأكل خالص ، ربنا خلق لينا عينين و ودنين و بق واحد بس عشان نشوف كتير و نسمع كتير لكن لما نتكلم نتكلم قليل ، و عشان كده عاوزين نتفق إن لما حد فينا يتكلم لازم نسمع له كويس و ما نقعدش نصرخ و نشوشر عليه ، هوه ده الفرق بينا و بين البهايم ،
عمركم شوفتم بهيمة قاعدة ساكتة و بتسمع للبهيمة اللي بتنهق جنبها ؟
( يضحك الناس )
ـ اضحكوا اضحكوا على خيبتكم التقيلة ، دلوقتي بقى سيبوني أفهم التهامي و أبو شقفة حاجة مهمة قوي ، ليكونوا فاكرين إني عاوز العمودية و إلا متلهف عليها قوي ، العمودية يا إخوانا مش شرف و لا منظرة على مخاليق ربنا ، العمودية دي مسؤولية الناس لازم تهرب منها ،لأن الناس دي كلتها ها تتعلق في رقبتك يوم القيامة ، لازم كل واحد فيكم كده يتخيل إنه ها يجي يوم القيامة و الناس دي كلها متعلقة في رقبته ، تلاتة بالله العظيم لولا إني شايف إن عيب عليا إني أسيبكم في الظروف المنيلة بستين نيلة اللي انتو فيها دي لكنت سبت البلد و هجيت ، بس مش دي الرجولة و المجدعة ، مش م الرجولة أبدا إني أمشي و اسيبكم في حالة زي دي ،
عارفين المصيبة اللي حصلت للبلد دي كلها كانت بسبب إيه ؟
كانت بسبب واحد فيكم ساب المسؤولية و هرب بنفسه ، ساعتها ما كانش يهمه غير نفسه و بس ، الراجل ده هو اللي قاعد جنبي دهوه .......
( يشير العمدة إلى حسان أبو شوشة الذي يجلس إلى جواره ، عندها يصرخ أبو شوشة )
ـ بسببي آني ؟
ـ إيوة بسببك إنته يا حسان يا أبو شوشة ،( يوجه كلامه للأهالي ) الراجل ده يا بلد كان أنسب واحد يمسك شياخة الغفر ، و ده مش كلامي لوحدي ، لأ ، ده الكفر كله كان متفق على كده ساعتة لما عملنا ترشيح لشياخة الغفر ، فاكرين ؟
( يرد أحد الأهالي )
ـ ودي حاجة تتنسي ؟
ـ طبعا فاكرين .
ـ الراجل ده ساعتها هرب م المسؤولية بالرغم من إننا كلنا كنا شايفين إنه أنسب واحد للموضوع ده ، و بسبب هروبه م المسؤولية اللي هو أحق بيها خلى اللي ما يسواش هو اللي يمسك شيخ غفر ، و من ساعة ما هرب م المسؤولية و كل حاجة باظت ف البلد ، و عشان كده و عشان أنتم كلكم عاوزني و شايفين إني أحق بمسك العمودية ، أني مش ها أعمل زي أبو شوشة ما عمل قبل كده و أهرب زي هو ما هرب ، لأ ،
لأن هروبي ها يخلي حد تاني غيري ما يستحقش يجي مكاني و يمسك هو العمودية ، و الله أعلم بقى باللي ها يعمله فيكم ، و عشان أني قبل كده سمعت كلام بعض الناس و حودت عن الطريق الصحيح ، ها نشمي صح إن شاء الله من هنا و رايح مهما كان ، و عشان كده برضه أني ها أرشح نفسي قدامك أهوه ، و اللي موافق عليا و عاوزني أبقى العمدة يرفع إيده ، و اللي مش موافق تلاتة بالله العظيم قدام البلد كلتها أهوه لأشيله ف حبابي عنيا من جوه و لا ها يقلل شعرة واحدة من منزلته عندي أبدا ...
( يرفع التهامي يده عاليا و عندها يرفع أبو شقفة يده عاليا ،و يرفع جميع الأهالي أيديهم عاليا )
ـ على بركة الله ، طيب و شيخ الغفر ؟ اللي عاوز يرشح نفسه عشان يبقى شيخ غفر يرفع إيده .
( يهتف الأهالي )
ـ أبو شوشة ، أبو شوشة ....
( ينظر العمدة إلى أبو شوشة ، فإذا بأبو شوشة يرفع يده عاليا )
ـ أيوة كده ، الله ينور عليك ، خلينا بقى نرجع اللي فات ، فيه حد تاني شايف نفسه ينفع شيخ غفر .
( لا يرفع أحد يده مع أبو شوشة )
ـ بسم الله الرحمن الرحيم ، كده ممكن أقول نقطة و من أول السطر ...
( يأتي أحد الأهالي من بعيد يصرخ )
ـ إلحق يا أبا العمدة ......
( صمت يكمم الأفواه )
ـ فيه إيه يا وله ؟
ـ الكفر دي اسمها كفر البلاص ليه يا عمدة ؟
ـ مش عارف .
ـ أني بقى عرفت ، خد .....
( يضع الرجل بعض القطع الذهبية بين يدي العمدة )
ـ بسم الله ما شاء الله ، ده إيه ده كله يا وله ، و جايبهم منين دول ؟
ـ لسه باعزق بالمسحة في الأرض إلا و لقيتها بتعمل صوت زي ما تكون جت في حجر و لما قعدت أنحفر حوالين الحجر عشان أطلعه لقيته مش حجر يا عمدة .....
ـ أمال لقيت إيه يا وله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ لقيت بلاص كبير ملان دهب ، أيوة دهب ، و الله العظيم دهـــــــــــــب يا أبــــــــا العمـــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــدة .......
( تمــــــــــــــــــــــت بحمد الله )