..::||الجزء السادس والثلاثون||::..
خرج قيس مباشرة متجها نحو منزل سلطان والد سعاد، واقتحم غرفتها... كانت الأضواء مضاءة وكانت سعاد جالسة على سريرها تقرأ قصة، نظر قيس إليها بطرف عينيه والغضب يملؤهما، ثم اتجه نحو باب الغرفة وأقفل الباب، التفتت سعاد عندما سمعت صوت الباب أثناء قفله فرأت الميداليات تتحرك، وضعت كتابها على الجنب ونهضت لتنظر ما الأمر لكن قيس حمل المفتاح ورماه خارج المنزل عبر النافذة...
سعاد وبخوف: ما الذي حدث!!؟
ثم جرت بسرعة نحو الباب فلم تستطع فتحه فبدأت تطرقه وتنادي، وإذا بقيس يجرها من رجلها فتسقط أرضاً وهي تصرخ وتستنجد، اتجهت والدتها ووالدها وأختها الصغرى نحو باب الغرفة يحاولون فتحه...
سلطان: ما بك يا سعاد... افتحي الباب...!!
وإذا بسعاد تستنجد: أبي..!! هناك شبح في الغرفة!! لا أستطيع فتح الباب!!!
أخرج قيس سكينها الخفية وبدأ يخدش في ساقها كاتباً لها (هذا من أجل شيماء)، كانت الدم ينزف بشدة حينها
فصرحت سعاد خائفة مما قرأته متوجعة وكانت في لحظة ندم: أنا آسفة..!! أنا آسفة يا شيمـ...
وقبل أن تلفظ باسمها قام قيس بطعنها في بطنها، سكتت قليلاً وهي لا تعلم ما الذي يجري لها... تسمع صوت والدتها وأختها تناديانها من خلف الباب يصرخن بخوف وفزع متعجبات من سكوتها، ووالدها يحاول فتح الباب أو كسره، عندها قضى قيس عليها بقطعه عنقها وفصل رأسها عن جسدها، شعر قيس حينها بارتياح شديد
قيس: *أردت أن أعذبها أكثر قبل قتلها ولكنها لم تسمح لي، لا بأس... ففي النهاية سترتاح شيماء من مضايقاتها*
ثم رأى ساقها التي كتب عليها تلك العبارة، فجلس وقام بقطع ساقها وحملها وغادر الغرفة من النافذة، كان قيس على علمٍ بأن عائلتها متجمعة لدى الباب فلم يخشى من التجول في المنزل، فاتجه نحو المطبخ وأخرج مفرمة اللحم... قام بفرم ساقها ثم ترك المنزل دون تنظيفه...
عاد قيس إلى المنزل ورأى شيماء نائمة على الأريكة ودموعها جافة على خدها، ابتسم عندما رأها ثم جلس بجوارها...
قيس: هذه أول مرة أقتل بشراً بملئ إرادتي... *ما زلت غير قادر على إخبارها بالحقيقة... أظن أن الوقت لم يحن حتى الآن*
جلس يفكر قليلاً بمصير شيماء غداً عندما تذهب إلى المدرسة فقد تكون أول المشتبه بهم، ثم وجد حلاً وحيداً يستطيع به تبرئتها، خرج من المنزل وذهب إلى منزل شيماء، دخله ووجد والدتها ما زالت مستيقظة وكانت تبكي، بدأ ينظر إليها بجفاف ولكنه لم يفعل بها شيء واتجه نحو غرفة والدتها يبحث عن اسم العيادة التي تذهب إليها شيماء ولكنه لم يجد شيئاً فذهب إلى غرفة شيماء يتابع البحث، وهناك وجد أوراق المواعيد، فنظر إلى العنوان ثم غادر المكان متجهاً إلى العيادة، دخلها دون أية مشاكل واجهته أثناء ذلك، ووجد هناك دفتراً وقلماً على المكتب فأخذ القلم وورقة من الدفتر وكتب فيها رسالة إلى الطبيب وعلق الورقة على باب غرفته ثم خرج من المكان.
وفي منزله... اقترب من شيماء وأيقظها من النوم قبيل الفجر...
قيس وهو يهز كتفها: شيماء استيقظي...
فتحت شيماء عينيها وسألت بتعب: ماذا هناك؟
قيس: عليكِ العودة إلى منزلك لتأخذي حماماً، فملابسك ملطخة بالدماء...
جلست شيماء في مكانها وبدأت تفرك عينها: لا أستطيع، لا أريد رؤية والدتي
قيس: ذهبت إليها فكانت تبكي، إنها قلقة عليكِ...
شيماء: دعها... لماذا تصفعني وتكذبني وتصدق تلك الحقيرة
قيس: ولكن عليكِ الذهاب باكراً إلى المدرسة...
قيس: قد تقعين في المشاكل إن لم تذهبي غداً فقد يشكون بكِ أنكِ قاتلة سعاد
هنا توسعت عينا شيماء من الصدمة وقالت: قتلتها؟!!
قيس: لم يكن هناك خياراً آخر
شيماء بارتباك: ولكنك...!! ولكنك لا تقتل سوى المجرمين!!؟
قيس: كنت صابراً على ما تفعله لكونها مراهقة ولكنها كبرت وكلما مرت الأيام تمادت أكثر، هي لا تستحق العيش فهي بنظري مجرمة وقد قتلت من أهون منها، ماذا قررتي؟ ألن تعودي لأخذ حماماً؟
أنزلت شيماء من رأسها ونزلت دمعة من عينها فتعجب قيس
شيماء: أشكرك... عرفت الآن أنك ستدافع عني حقاً مهما كانت الضروف
ابتسم لها قيس ومسح دمعتها ثم مد يده لها وقال: ألن نذهب الآن؟
ابتسمت شيماء وأمسكت بيده وقالت: حسناً ولكن بتسلل...
اتجها سوياً نحو المنزل ولكن كان هناك عائقاً في الطريق... كانت سيارات الشرطة والإسعاف تملأ المكان فكان من الصعب المرور دون ملاحظتهما، وكانت والدة شيماء خارج المنزل لترى ما الذي جرى، فانتهزا الفرصة ودخلا من الباب الخلفي واتجها مباشرة نحو غرفتها وأقفلت شيماء الباب بعد دخولها، قام قيس بفسخ ثوبه وغسل وجهه ويديه أما شيماء فدخلت الحمام واستحمت بسرعة ثم خرجت وصلت فقد أذن الفجرأثناء استحمامها وارتدت الزي المدرسي... ثم فتحت الباب لكي لا تعلم والدتها بأنها أتت إلى المنزل ثم خرجا عبر النافذة بعد أن عم الهدوء بالخارج وغادرت سيارات الشرطة.
ذهبا إلى ذلك المنزل المهجور ودخلت شيماء إلى أحد غرف النوم...
شيماء: إذا نمت هنا فسوف أكون متسخة غداً من الغبار... فالمكان في الحقيقة ليس نظيفاً ولكن نحن من نراه هكذا...
شيماء: لماذا أنام؟ لا داعي لذلك... فلم يبقى سوى ساعات قليلة ويبدأ الدوام...
وفور إنهاء قيس ما قاله سقط قيس نائماً فالشمس أوشكت على الشروق فبدأت تحدق به شيماء إلى أن اختفى...
وعند الصباح ذهبت شيماء إلى المدرسة بمزاج جيد ولو أنها كانت تخفي ذلك، وعند وصولها لدى باب الفصل سمعت صوت بكاء الطالبات فتنهدت قبل دخولها ثم أمسكت المقبض ودخلت، وفور دخولها بدأ الأغلبية ينظر إليها بغضب وحقد...
فعبست في وجههم وقالت بغضب: لماذا تنظرن إلي هكذا؟
أحد الطالبات وهي تبكي: أنتِ من قتلتها أليس كذلك؟
فتاة أخرى: نعلم أنكِ كنتِ صديقة ذلك السفاح وربما ما زلتِ كذلك، أنت من أرسله بالتأكيد
شيماء: إن كانت قد قُتلت قِبل قيس فإنها تستحق ذلك، وهناك أمر آخر قيس لا يأخذ الأوامر من أحد فهو يفعل ما يريد
فصرخت أحد الطالبات: كيف لكِ أن تقولي ذلك وزميلتك هي الضحية!؟
شيماء: زميلتي هي المقتولة وصديقي هو القاتل، وأنا أأيد الأقرب إلي والأقرب إلى الصواب
قطع حديثهم معلمتهم عندما دخلت الفصل وكانت تمسح دموعها حينها: اجلسن في أماكنكن، وادعوا لصديقتكم فهو أفضل من البكاء، فالبكاء لن يعيدها إلى الحياة...
اعترضت أحد الطالبات قائلة: كيف لنا أن نهدأ وقاتلتها جالسة بيننا
قالت المعلمة: لا تتهمي زميلتك..!! لا يمكن لسوء التفاهم البسيط يتحول إلى قتل، فقد تكون شيماء بذاتها نادمة على ما كان يجري بينهما قبل وفاتها...!!
شيماء وببرود شديد: لست نادمة...
نظر إليها الجميع بغضب وتعجبت المعلمة من ردها وقالت: لا تقولي هذا..!!
شيماء: ولكنها الحقيقة... إن لم تقتل فسأكون أنا من يقتلها
المعلمة: شيماء!! كفي عن ها الهراء!!
طرق باب الفصل ودخلت أحد العاملات وقالت: تغطين فالشرطة هنا لاستجواب الطالبات في الجريمة...
المعلمة: ولماذا أتوا رجالاً وليس نساء؟
العاملة: لأن المحقق ذاته الذي يتابع هذه السلسلة من الجرائم هو الذي أتى بنفسه...
وفي مكان آخر... دخل الطبيب أحمد العيادة عند الساعة السابعة والربع صباحاً وعندما أراد دخول غرفته وجد الورقة التي كتبها قيس ملصقة على الباب وكانت متسخة قليلاً بدماء سعاد والمجرم الذي قتله قبلها، فنزعها ودخل وهو يقرؤها...
(إلى أبي يوسف... قد تواجه شيماء غداً بعض المشاكل مع رجال الشرطة لأنني قمت بقتل أحد زميلات فصلها لأنها كانت سبباً في أن جعلت شيماء تعيش في جحيم... شيماء لا تعلم بالأمر حتى الآن ولكنها ستكتشف عاجلاً أم آجلاً فهي جارتها... لا أريد أن تتدخل والدتها في الأمر فهي لا تحسن التصرف وليست مؤهلة على حمل المسؤولية وغير هذا فشيماء تشاجرت مع والدتها وباتت خارج المنزل... فأرجو منك الذهاب إلى المدرسة غداً إن كانت الشرطة قد ذهبت إلى هناك حقاً وإلا ستقع شيماء في ورطة كبيرة... سأدع الأمور عليك فأنا أثق بك...) وفي نهاية الورقة قام بوضع رقم هاتف المدرسة...
تعجب الطبيب مما فعله قيس ولكنه لم يفكر لماذا قام باختياره هو بالذات أو لماذا قام بفعل هذا الأمر، فكل ما كان يفكر به في تلك اللحظة هي شيماء، فرمى حقيبته على الكرسي وأمسك بالهاتف واتصل إلى المدرسة ونبضات قلبه تتسابق...
كانت المديرة في المكتب حينها وكانت على وشك الخروج لتذهب إلى فصل شيماء وتعلم بما يجرى هناك ولكن رن الهاتف قبل خروجها فأجابت عليه...
أحمد وبفزع: أأنتِ مديرة المدرسة!!
أحمد: أنا طبيب شيماء النفسي، أحد زميلات القتيلة، أريد الاستفسار هل أتت الشرطة إلى المدرسة؟
المديرة: أجل... وهم يحققون مع الطالبات الآن
أحمد: يا إلهي...!! سيدتي علي المجيء إلى المدرسة حالاً فقد تقع شيماء في ورطة
المديرة: لا يمكنني السماح لأي أحد بالتدخل في هذا الشأن...
أحمد: ولكنني أملك دليلاً من القاتل
أحمد: أتوسل إليكِ... دعيني آتي إلى المدرسة وأقابل رجال التحقيق
المديرة: حسناً... سأخبر البواب بذلك، ولكن ما اسمك يا دكتور؟
أحمد: أحمد إسماعيل... ولكن مهما جرى لا تتصلي بوالدتها وتخبريها بما جرى
المديرة: حسناً...سأتصل بالبواب الآن... وداعاً
أغلق أحمد الهادف وحمل معه الورقة وخرج فوراً من غرفته فرآه موظف الاستقبال
فسأله: إلى أين أنت ذاهب يا دكتور؟
أحمد: لدي عمل مهم... قم بإغلاق العيادة إلى أن أعود...
ركب أحمد سيارته واتجه نحو المدرسة بسرعة... أما شيماء فكانت في فصلها ورجال التحقيق قد بدؤوا الاستجواب والسؤال عن سعاد فكما يعلمون فإن قيس لا يطارد سوى المجرمين، ولكن أغلب الطالبات كن يقفن ضد شيماء ويلومونها بموت سعاد...
أحد الطالبات: أيها المحقق شيماء كانت على عراك دائم بسعاد وقد قالت لها من قبل "لو أتى يوم وفاتك سأكون أنا السبب في ذلك"، أليس هذا دليل كافٍ بأنها متفقة مع المجرم؟
فتاة أخرى: أجل، وإضافة إلى هذا فشيماء كانت على علاقة حميمة بالمجرم وتعرفه جيداً وتعرف اسمه أيضاً...
طالبة أخرة: وكانت شيماء تحمل سكيناً أيضاً وسعاد هي من اكتشف هذا ولذلك قامت شيماء بقتلها...
كانت شيماء جالسة دون الدفاع عن نفسها ولم تخف أو تظهر ملامح الخوف على وجهها فكل ما كانت تقوله في نفسها *قيس سيحميني مهما حدث ولن يُقبِل على فعل شيء حتى يتأكد بأنه لن يصيبني مكروه*
المحقق: شيماء... هل أنتِ على علاقة حقاً بالمجرم؟
شيماء: كنت والجميع يعلم بأنه انقطع عني
المحقق: ولماذا انقطع عنكِ؟
شيماء: لأن والدتي اكتشفت الأمر...
المحقق: متى أول مرة قابلتِ بها المجرم؟ وهل عرفتي حينها بأنه سفاحاً؟
شيماء: قبل الإجابة على أسئلتك أريدك أن تحترم قيس كرجل يريد تطهير دولته ولا تناديه بالسفاح أو المجرم وناده باسمه فهو يدعى قيس وأنتم تعلمون بذلك فقد أخبرت الشرطة من قبل
المعلمة: شيماء تحدثي باحترام
المحقق: لا بأس... إذاً أخبريني متى تقابلتي مع قيس وهل كنتِ تدركين بأنه يقتل؟
شيماء: كنت في الرابعة من عمري وأخبرني في أول لقاء بيننا بأنه يقتل المجرمين...
عند البوابة... وصل أحمد إلى المدرسة وأراد الدخول...
البواب: لا يمكنك الدخول...
أحمد: أنا الطبيب أحمد إسماعيل... قمت بالتحدث مع المديرة للتو
البواب: أرني بطاقتك الشخصية
أخرج أحمد البطاقة فأخذه البواب إلى الفصل ثم عاد إلى غرفته... دخل أحمد الفصل...
شيماء: أحمد!! ما الذي أتى بك إلى هنا؟؟!!