بأعتقادي أن كل ما فعلته "القاعدة" ومن لفّ لفّها , هو أنهم صعّدوا الصراع إلى"مرحلة أعلى"
وهذا وإن كان قد زاد من خسائر المسلمين والدعوة الإسلامية , وإنتقص من أراضي وبلدان الاسلام
إلا أن له جوانب مفيدة , لا ينكرها المراقبون بموضوعية
منها أننا أصبحنا في زمن "النذير العريان" وسقوط الأقنعة , ونهاية اللعب من تحت الطاولة
أصبحت المواجهة سافرة بيننا وبينهم
وأعتقد (والله أعلم) أن هذا هو أحد أهداف تنظيم القاعدة
والذي يهدف إلى "تعرية"الغرب والتعامل معه"مباشرة" بدون الحاجة إلى "وسطاء"يمثلهم رجالات الأنظمة الحاكمة للدول الإسلامية والذين (يلتحفون بغطاء الدين) ويوزعونه كمخدر مجاني على الشعب المسكين
بالإضافة للهدف الرئيسي المتمثل في "إيقاظ الأمّة" من سباتها العميق الذي أستمرّ لقرون طويلة , وأعادة طوابير الشباب المنصرف عن الدين , إلى التمسكّ به ولو (بشدّة)
صحيح أن الأمّة الإسلامية تكبدت خسائر فادحة , نتيجة لعدم جاهزيتها للمواجهة
ولكن تنظيم القاعدة وقادته يقبلون بذلك , وكأنّهم يستخدمون مع الأمّة سبيل (العلاج بالصدمة)
وهنالك مثل أمريكاني يقول :reporter: :
Desperate Situations Needs Desperate
Measures
وعليه تستطيع أن تعتبر "الإرهاب" الإسلامي ضمن "الإجراءات اليائسة على نمط (الغرقان ما يخاف من البلل) !
وبمنطق (إذا كان الغرب يعتبرني إرهابيا على أيّ حال, فلم لا أستحقّ ذلك بجدارة) !!!
وأيضا لا ننسى مبدأ (العين بالعين والسنّ بالسنّ)
من حيث أنّ أمريكا بنفسها لطالما مارست الإرهاب في أرجاء العالم بما لا يدع مجالا للشكّ
أرجع لمقال للكاتب (الأمريكي اليهودي المنصف) ناعوم تشومسكي بعنوان (الإرهاب سلاح الأقوياء)
الآن نأتي لنقطة ثانية , أتمنى أن تزيل الكثير من "التشويش" الحاصل لديك
وهي نقطة (الواقعية) في تحليل الأحداث , وعدم الأنسياق وراء الكلمات البراقة
- الغرب في العصر الحالي يقدم نفسه على أنه (معلم البشرية الأول) بحكم تفوقه الحضاري
ومن مستلزمات هذا المنصب , مجموعة من "المباديء" مثل (حقوق الإنسان) والسلام العالمي و(النظام الدولي) والقضاء على المشاكل المستعصية مثل (الجهل والفقر والأمراض)
والسؤال هنا , ما هو مدى تطابق (أفعال) الغرب مع مبادئه (المعلنة) ؟
وأضربلك مثالين هنا
1-تعامل بوش (كأمبراطور) أوحد حاكم للعالم , عندما أجبر "مجلس الأمن" أصدار قرار يبيح له غزو العراق عن طريق التهديد بتخطيه والتلويح له بمصير الفناء كما حصل مع (عصبة الأمم) سابقا
2- معتقل قوانتانامو والمخالفات (المرعبة) التي تحصل به وتخالف أبسط مباديء الإنسانية (بل حتى الحيوانية)
في هذه الناحية نشاهد حالة من (الفصام) غريبة عند الغربيين فيما يتعلق بتطبيق هذه المعايير على "غيرهم"
وهي التي عبّر عنها أمير الشعراء شوقي فأجاد بقوله:
شرعت حقوق النس في أوطانهم , إلاّ أباة الضيم والضعفاء
- هل شهد العالم فعلا حقبة مستقرّة من (السلام العالم) خالية من الصراعات؟
النقطة الأولى تفتح باب النقطة الثانية والتي تقدم لنا تفسيرا مقنعا لأحداث التاريخ (الإنساني)
بناءا على السعي لأمتلاك السلطة والثروة اي ثمن كان , والمعيار هنا القوة لا غير.
قال تعالى: http://www.alminbar.net/images/start-icon.gifولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها إسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيزhttp://www.alminbar.net/images/end-icon.gif [الحج:40]
مما يدلّ على أن (التدافع) والصراع كان ولازال وسيستمرّ حتى يرث الله الأرض ومن عليها
لأنه ناتج عن (فطرة) بشرية , أشبه ما تكون بالسنن الكونية
وفي وصف عميق لهذا المبدأ يقول أبو القاسم الشابي:
لا عدل إلاّ إن تعادلت القوى *** وتصادم الإرهاب بالإرهاب
وأسمحلي هنا أن أنقل لك "مقطع" من قصيدة للشاعر الشريف (أحمد مطر): بعنوان (أنا إرهابي)
هُـمْ خَرّبـوا لي عالَمـي
فليحصـدوا ما زَرَعـوا
إنْ أثمَـرَتْ فـوقَ فَمـي
وفي كُريّـاتِ دمـي
عَـولَمـةُ الخَـرابِ
هـا أنَـذا أقولُهـا ..
أكتُبُهـا .. أرسُمُهـا ..
أَطبعُهـا على جبينِ الغـرْبِ
بالقُبقـابِ :
نَعَـمْ .. أنا إرهابـي !
زلزَلـةُ الأرضِ لهـا أسبابُها
إنْ تُدرِكوهـا تُدرِكـوا أسبابي .
لـنْ أحمِـلَ الأقـلامَ
بلْ مخالِبـي !
لَنْ أشحَـذَ الأفكـارَ
بـلْ أنيابـي !
وَلـنْ أعـودَ طيّباً
حـتّى أرى
شـريعـةَ الغابِ بِكُلِّ أهلِها
عائـدةً للغابِ .
ويتضح من هذه القصيدة الهدف الرئيسي من مداخلتي
وهو إقامة نظريتك النيوتينية ;) (على رجليها بعد أن كانت قاءمة على رأسها)
أنا لا أنظّر هنا للقاعدة , أو أبرر لها
لأنني أعتقد بأنهم يضحّون بــ (روح) الإسلام , من حيث يريدون بعثه من جديد
نصيحة أخوية
أترك الحمار وعليك بالأسفار