الجزء الثامن
في أحد أيام الإجازة الصيفية، كانت مريم جالسة على سريرها ونفسها طفحت من الملل وهي تقول لسلطان: "سلطاااان، مللت!!... أريد العودة إلى المدرسة"
سلطان بعتاب خفيف: "في أيام المدرسة تنتظرين الإجازة والآن تريدين الدوام المدرسي! لا أحد يستطيع فهمكن يا فقيات"
فجأة فتح الباب بقوة وضرب في الجدار ودخلت حصة وقالت بصراخ عال: "مفاااجأة!!"
صرخت مريم هي الأخرى بفرح وقفزت من مكانها: "حصة!!"
جرت مريم نحوها وضمتها بقوة وهي تقول بكل فرح: "اشتقت إليك كثيرا يا حبيبتي"
أجابتها حصة: "وأنا أيضا يا عمري، لم أرك منذ زمن، لقد تغيرتي كثيرا، كيف عرفتني؟"
مريم: "عيناك الجميلتين لم تتغير أبدا"
كانت حصة تملك عينين جذابتين بأهداب طويلة وجسدا نحيفا وارتفاع متوسط أقرب إلى الطول
حصة: "أبي وأخي ينتظرانكما أنت وحنان في الأسفل يريدان إلقاء التحية عليكما، في الحقيقة قررنا البقاء معكم في المنزل ولن نأجر لنا سكنا"
فرحت مريم وقالت صارخة: "حقا!!؟ هذا رااائع!!" ثم اعتدلت في حديثها وقالت "سأذهب لمناداة حنان"
ذهبت مريم لتخبر أختها حنان فدخلت الباب بكل غجرية حتى كاد الباب أن ينكسر، وقالت بصراخ: "حنون عمي إبراهيم أتى مع أبنائه من لبنان!"
فأجابتها حنان بكل لهفة: "حقا!؟"
ثم خرجت مريم بسرعة وأغلقت الباب بأقوى ما تملك من طاقة
فقالت حنان في نفسها: "إذا فقد أتى عمر وأخيرا! سأجهز ثم أنزل"
ارتدت حنان ملابسها الحمراء وسرحت شعرها ثم نزلت الدرجات، كان الجميع في غرفة المعيشة، أحمد وهدى يجلسان على الأريكة وحصة على الكرسي الآخر، أما إبراهيم وعمر ومريم كانوا واقفون ويتحدثون، إبراهيم كان طويل ولكن طوله كان جيدا أما عمر فقد وصل طوله فوق المترين ونحيل جدا!
مريم: "كيف حالك عمي؟ اشتقت إليك كثيرا"
إبراهيم: "وأنا أيضا يا حبيبتي"
مريم: "حتى أنت تحتاج إلى حلاق؟"
إبراهيم: "دعيني أهنأ في شبابي" -أي شباب وأبنائك في سن زواج؟-
قالت حنان المسكينة القصيرة في نفسها: "لحظة يا حنان! إن كان من يكلم مريم هو عمي وحصة التي تجلس على اكرسي، إذأ فطويل القامة هو...!؟" ثم التفت نحوها عمر وهو يبتسم "إنه ينظر إلي!" بدأ يخطو نحوها وهي مرتبكة "لماذا يسير في اتجاهي؟ ماذا يريد؟!"
جلس أمامها وأمسكها من كتفيها وقبلها على جبينها، نظر إليه الجميع متعجبا من فعلته، لم يستطع أحد الحديث أو قول أي كلمة، أما هي فبدأت ترتعش من الخوف والارتباك
عمر بابتسامة: "ما ألطفك يا حنان، كم أصبح عمرك الآن؟"
احمر وجهها وتلعثمت في حديثها وهي تقول: "أ..أ..أ..أنا... ث..ثلا..ثلاث عشرة... سنة"
ما إن قالتها انقلب وجه عمر إلى جمرة وهو يقول في نفسه: "يا فضيحتي، ماذا فعلت!؟ أشعر أن جسدي يتبخر!"
أما حنان فما زالت أطرافها تنتفض وأنزلت رأسها وقالت في نفسها: "أكره نفسي... سببت له الإحراج!" -لا دخل لك يا عزيزتي-
وقف عمر ونظر إليها وعنقه تكاد أن تنكسر من قصر حنان وهو يقول بارتباك ووجه كالطماكم: "أ...أنا آسف... ظننتك في السادسة أو السابعة" -يا لك من أحمق، كيف هذا وكنت تلعب معها منذ سبع سنوات؟-
حنان: "لا بأس... لم يحدث شيء" -فرق العمر سنتان وفرق الطول أكثر من ثمانين سنتيمترا!-
قالت حنان في نفسها وقلبها منكسر: "لا يذكر عمري حتى، من الجيد أنه تذكر اسمي! لا أملك الأمل الأن فلا أستطيع محاولة كسبه حتى!"
قالت هدى قاصدة التخفيف عن الموقف: "ابنتي مثلي لا تزداد طولا"
ثم قال إبراهيم: "كيف حالك يا حبيبتي حنان؟"
حنان: "بخير يا عمي، كيف حالك أنت؟"
إبراهيم: "أمطار خفيفة ورياح قوية ههههههه"
شعرت حنان بسخفه فقالت في نفسها: "دمه خفيف جدا، أهذا وقت للمزاح وأنا لم أقابله منذ سبع سنوات؟"
جلس إبراهيم على الأريكة بين مريم وحصة...
مريم: "عمي، من الآن سأخبرك بأن حصة معي في الغرفة، أما أنت وعمر فلدينا لكما غرفة فارغة"
إبراهيم: "كما تشائين"
قال سلطان في نفسه: "ريما البلهاء تتحدث دون تفكير! كيف ستنام حصة معنا دون معرفتها بوجودي؟"
حصة بسخرية: "في الحقيقة عمر ينام في أي مكان وليس على السرير لأن السرير لا يسعه"
مريم: "هههههههههه"
عمر في نفسه: "هذه المتخلفة لا تستطيع ربط لسانها؟ أمن اللازم أن تسخر من أخيها أمام الناس ألا تشعر بي!؟"
أما سلطان فكان ينظر إلى عمر يقول في نفسه وهو يحترق من الداخل: "تبا، طويل، وسيم ورشيق أيضا! حتى شعره رائعا!!... هل سيعيش هذا معنا حقا؟ علي أن أسرع قبل أن تفلت مريم من يدي"
وعند الظهيرة، أعدت هدى الغداء ونادت الجميع واجتمعوا حول المائدة...
هدى: "سموا يا أبناء وكلوا"
وأثناء الأكل لاحظت هدى أن لقمات عمر أصغر من حبة الزيتون، فسألته: "لماذا تأكل بلقمات بحجم الذرة؟"
لم يقل عمر شيئا وبقي صامتا، فأجابت عنه المحامية حصة: "كما يقول -وتقلد صوته- لكي لا آكل الكثير ويزيد وزني -وعادت إلى صوتها الطبيعي- أي أنه في حمية"
هدى بتعجب: "حمية!؟ وهل يملك جسدا ليتبع حمية؟"
احمر خدا عمر مما قالته خالته ولكنه لم يقل شيئا، فسألت مريم حصة متعجبة: "حصة، لماذا لا يتحدث عمر؟"
حصة: "عمر لا يحب الحديث أثناء الأكل، وأيضا، ربما يخجل مما حدث صباح هذا اليوم"
مريم: "ولكن مرت ساعات على الحدث وحنان نسيت ما جرى"
حصة: "لكنه يبقى منحرجا حتى يمر عام على الأمر"
مريم: "حقا أصبح فتى غريبا"
نهض عمر من مكانه وقال ببرود تام: "أبي سأخرج الآن، أتريد شيئا؟"
إبراهيم: "سلامتك يا بني، رافقتك السلامة"
هدى: "لم تأكل شيئا! ألم يعجبك طهوي؟"
عمر: "الأمر ليس هكذا ولكن معدتي لا تحتمل" -ربما يملك معدة عصفور-
هدى: "كما تشاء حبيبي، رعاك الله"
ثم سألت الفضولية مريم: "حصة، إلى أين ذاهب في هذا الوقت؟"
حصة: "ناد للرياضة"
مريم بتعجب: "ومتى سجل في ناد؟! لم يمده ذلك فقد أتى للتو!"
حصة: "سجل قبل مجيئه عبر الهاتف"
مريم: "حقا إنه فارغ... ومتى سيعود؟"
حصة: "ليلا... في الحقيقة ، يذهب عمر من الصباح حتى المساء، يعود فيستحم ثم ينام، وأحيانا يتحمم في النادي، لكنه بما أن هذا هو يومه الأول ففضل الذهاب متأخرا"
سلطان في نفسه: "هذا سيجعل قلقي يقل" -وما الذي أحضرك معهم على المائدة؟-
كانت حنان تنظر إلى ظهره وتسرح: "أنا عكسه مائة وثمانين درجة في الطول والعرض وحتى الشكل، ما عدا اهتمامنا... كونه رياضي يجعلني أطمئن قليلا... متى سأصل لطوله؟" -هذا أمر مستحيل-
عندما حل الليل، أخذت مريم ترتب فراش سلطان، فسألت حصة: "ريما، أليس سريرك ملكي؟ فلماذا تفرشين على الأرض؟ ألا تريدينني أن أنام بجوارك؟"
سلطان في نفسه "ماذا تريد هذه؟ لا تريدني أن أرتاح في منامي"
مريم: "بل ستنامين بجواري ولكن هذا الفراش أضعه دائما بجانب السرير حتى لا أتألم عند سقوطي وأنا نائمة فأنا كثيرة الحركة أثناء نومي"
حصة: "أها ذكية حقا"
سلطان في نفسه: "ما شاء الله عليك يا مريم! تعلمت الكذب مني، فقد أصبحت محترفة وسريعة في التأليف"
أطفأت مريم الأنوار واستلقت مع حصة على السرير لتناما، وبعد ساعتين...
سلطان: "ريما، هل نمت؟"
مريم: "أجل"
سلطان: "قولي الحقيقة"
مريم: "حقا إنك سخيف، بما أنني أجبتك فأنا مستيقظة"
سلطان: "كيف تسمحين لحصة بالنوم معنا في الغرفة؟"
مريم: "لأنني نسيت أمرك" -من لقي بأحبابه نسي أصحابه- "من الأفضل لك أن تنام لأنني نعسانة"
سلطان: "اشربي قهوة أو شاي، اسهري معي الليلة لأنك ستكونين مع حصة غدا... -بدأت الغيرة- ريما... ريما...!؟"
كانت مريم قد غفت وهو يحدثها -يال المسكين- "يبدو أنها نامت، يال سوء حظي"
مضى أسبوع على عيشهم معهم، وعمر كان يغيض مريم لعدم بقائه في البيت معهم أبدا... ففي صباح ذلك اليوم كانت مستلقية على الأرض ومعها حصة تكتبان خططا لحل مشكلتهم العويصة
مريم: "يجب أن نجد خطة لنغير فيها روتين عمر"
حصة: "هذا صحيح، علينا أن نعيده كما كان، لا بارك الله في أصحابه الذين عودوه على المراكز والنوادي"
مريم: "إذا فاكتبي حلولا بسرعة قبل أن يذهب إلى المركز"
وبعد أن امتلأت الأرض بالأوراق بدأت مريم تقرأ واحدة تلو الأخرى لتجد أفضلهم
مريم: "لنر هذه... اممم... لا تصلح... لحظة! هذه فكرة جيدة (نطلب منه المجيء إلى الغرفة ونقفلها ونحرمه من الذهاب للنادي ثم نجبره على الجلوس معنا ولعب الورق)"
حصة: "سأذهب لمناداته!"
مريم: "لا انتظري" ثم تكتفت وقالت " اسمعي الخطة جيدا، أولا نتصل بحنان ونطلب منها مناداته لأننا نريده لأمر ضروري، وأنت تختبئين خلف الباب أما أنا سأكون جالسة على السرير لأنه أو شيء يبان عند فتح الباب، فعندما يدخل أغلقي الباب بسرعة واقفليه وخذي المفتاح، أفهمت؟"
حصة: "حااااضر" -أرجو أن تنجح-
مريم: "سأرسل رسالة لها فهذا أفضل"
كانت حنان في غرفتها تلعب بالألعاب الإلكترونية كالعادة، فاستلمت الرسالة، أمسكت بهاتفها وقرأتها: "ماذا تريد مريم من عمر؟"
خرجت حنان وطرقت باب غرفة عمر، فأجابها "تفضل"
دخلت حنان فارتبك عندما رآها واحمر وجهه: "ح..ح..حنان؟ خيرا هل هناك أمر ما؟"
قالت حنان باستحياء ودون النظر في عينيه: "لا فقط أرسلت لي مريم رسالة على الهاتف تطلب منك الذهاب إلى غرفتها لأمر ضروري لا أعلم ما هو"
عمر: "حسنا سأذهب لها الآن"
خرجت حنان وأغلقت الباب برقة -ليس كما تغلق باب مريم- فقال عمر محدثا نفسه: "ما بي خائف وكأنها ستأكلني؟!"
خرج عمر من غرفته قاصدا غرفة مريم، فطرق الباب "تفضل" أجابه مريم، فانحنى ليدخل الباب -فالباب لا يكفيه- وظل واقفا لدى الباب وسأل: "خيرا يا مريم، ماذا أردت؟"
فقالت مريم: "ادخل أولا ثم ستعلم"
فسألها: "أين حصة؟" -ربما مريم تعض أيضا وليست حنان فقط-
فأجابت مريم: "إنها في الحمام، ستخرج الآن" وحصة تقف خلف الباب
فقال سلطان في نفسه وهو غاضب: "لماذا يسأل عن أخته القردة؟ أيظن أن مريم منحرفة؟ حقا إنه حقير"
أنهت مريم حديثها قائلة: "ادخل واجلس حتى تخرج ثم سنتحدث سويا"
دخل عمر الغرفة فانتهزت حصة الفرصة، فأغلقت الباب وأقفلته، وأخرجت المفتاح من المقبض وبدأت تغيض أخيها وهي مخرجة لسانها وتريه المفتاح: "اليوم لن تذهب إلى النادييييي"
نظر إليها عمر بكل سخف وبرود وقال: "لست أنت من تحددين فإن كنت سأذهب فسأذهب رغما عنك"
اتجه عمر نحو النافذة ليقفز عبرها، فجرت خلفه مريم وأمسكته قائلة: "انتظر عمر دعنا نتفاهم قليلا"
نظر إليها عمر بغضب فارتبكت وأبعدت يديها عنه وقالت بابتسامة مصطنعة: "انتظر لنتفاهم قليلا" ثم نظر إليها فقالت "اسمعني، لا داعي للذهاب اليوم إلى النادي لنجلس سويا ونلعب الورق"
فقال لها وهو غاضب: "لا أجيد لعب الورق"
مريم: "إذا البلايستيشن"
عمر: "لست طفلا"
مريم: "إذا فلنجلس سويا ونتحدث فلم نتحدث منذ زمن"
عمر: "لا أملك الوقت"
غضبت مريم وصرخت عليه: "لا تملك الوقت!؟ إذا اذهب إلى مركزك عساه أن يحترق!"
عمر: "حاضر"
مريم: "حقاإنك لا تطاق، هذا جزائي التي تريد مجالستك"
لم يجب عليها وذهب إلى حصة ومد يده: "المفتاح"
أخرجت حصة المفتاح وأعطته وهي غاضبة: "خذ"
خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه بكل خفة، فقال سلطان في نفسه: "حمدا لله لقد خرج، ليته يبقى هكذا إلى الأبد"
عندما خرج عمر من الغرفة، بدأ يسترق السمع دون قصد منه...
حصة: "هل فعلنا شيئا ليغضب هكذا؟" -لو كنت مكانه لقتلتهما ولن أكتفي بالغضب-
مريم: "وما أدراني، ليته يعود كالسابق"
حصة: "حقا تغير كثيرا"
مريم: "اللهم احرق النادي وأخفه عن الوجود" -وما ذنب النادي؟-
أحس عمر بذنب ما فعله، ففتح باب الغرفة وقال: "يا فتيات، انزلا فأنا أنتظركما في السيارة"
صرختا بسعادة: "حقا! إلى أين ستأخذنا؟"
عمر: "أي مكان تحبانه"
حصة ومريم: "واااااو!"
ثم أغلق الباب خلفه، فاحترق سلطان غيضا: "لماذا!"
مريم: "أيعقل أنه سمعنا؟"
حصة: "وماذا إذا؟ إنه أخي وأعرفه جيدا"
مريم: "إذا إلى أين سنذهب؟"
حصة: "جميع الأماكن التي تخطر على بالنا، سنبقى بصحبته حتى الليل لنعوض ما فات"
سلطان في نفسه: "يبدوا أن قدماي ستنتفخان من المشي" -لم يدعوك أحد لمرافقتهم-
خرجوا ثلاثتهم، أو أربعتهم، حيث أن سلطان تبعهم دون علم مريم، لم يتركوا بقعة واحدة في الدوحة حتى ذهبوا إليها -هذا وعمر لا يملك رخصة القيادة-، حتى أتى الليل وهم يتمشون على الكورنيش، جلستا مريم وحصة على الأرض وهما مهلكتان
مريم: "عمر انتظرنا!"
حصة: "تعبت، لا أستطيع المشي"
عمر: "بقي القليل وسنصل إلى السيارة"
مريم: "لا أستطيع التحمل"
حصة: "أحضر لنا السيارة هنا!"
عمر: "هذا المكان خاص بالمشاة وليس للسيارات"
ثم جلس على الأرض وهو يدير ظهره لهما ووضع كفيه أسفل ظهره وقال: "اصعدي على ظهري"
فتساءلتها كليهما في نفسيهما: "أي واحدة منا؟"
قال عمر: "ماذا تنتظرين يا حصة، اركبي على ظهري"
غضبت مريم وقالت موبخة عمر: "لماذا حصة ولست أنا؟" –واسطة-
فقالت حصة: "هي على حق، احملها بدلاً عني فأنا رياضية وأستطيع التحمل أكثر منها"
احمر خدي عمر ولم يعرف ما يقول، وكان يحدث نفسه: "كيف أرد الآن؟! تريدني أن أحملها ماذا أفعل؟!"
فقال عمر محاولاً التهرب: "يكفي أنني بالكاد أحمل حصة وتريدينني أن أحملك؟" –قوية في حقها-
صرخت مريم غاضبة ومتعجبة مما قاله: "ماذا!!؟ ماذا تعني؟! أتراني فيلاً؟" –كلا بل ابنة الفيل-
عمر بارتباك: "لا، ليس هذا ما أعنيه"
نهضت من مكانها وبدأت تسير وهي غاضبة: "لا أريد شيئًا منك، لدي قدمين أمشي بهما"
فبدأت تسير أمامهما والنار تشتعل بداخلها، فلاحظ عمر على سيرها فكانت قدميها ترتعش من التعب فشعر بالندم لما قاله، فقال عندما رآها على هذه الحال: "قفي! سأحملك"
مريم دون الالتفات إليه: "لا أريد منك شيئًا"
عمر: "سأحملك رغمًا عنك"
مريم: "لن أسمح لك"
عمر: "أقسم أن لا تمشي بمفردك"
تعجبت مريم من قسمه فالتفتت له: "هاه!"
ما إن التفتت وجدت عمر يسير نحوها وحملها بين ذراعيه، فبدأت تصرخ غاضبة وهي في الأساس منحرجة من الموقف: "هيه أنت، أنزلني! أو على الأقل احملني على ظهرك وليس هكذا!!"
عمر بغضب: "هذا جزاء اعتراضك"
انفجر سلطان من الغضب وهو يرى مريم يحملها عمر بين ذراعيه: "ما الذي يريده ابن الكلب! سأجعله ينزلها مهما كلف الثمن، ولكم كيف؟"
وبينما كان يلتفت يمينًا وشمالاً يبحث عن حل، وجده: "لدي فكرة!"
ذهب سلطان وحمل حصة وبدأ يجري بها وهي لا تعلم ما الذي يجري حولها، فبدأت تصرخ خائفة: "عمّوووووووور ساعدنيييييييييييييي"
خاف عمر هو الآخر ولكنه بدأ يجري خلفها وهو يحمل مريم، فبدأت مريم تصرخ قائلة: "عمر! قف وأنزلني!!"
أما سلطان فكان غاضبًا: "لماذا لا ينزلها ليلحق بنا؟!!"
واصل عمر مطاردة سلطان إلى أن اقترب منهما كثيرًا، فخاف سلطان على نفسه فأنزل حصة وابتعد، فبدأت حصة تبكي ودموعها تنهمر كالشلالات، فسألها عمر: "حصة، هل أنتِ بخير؟"
أجابته حصة بصوت متقطع: "أجل، ولكنني كنت خائفة"
مريم تحاول التمويه: "ربما جني وذهب الآن فلا تخافي، لم يحدث إلا الخير" وكانت تقول في نفسها "إنه سلطان بلا شك! سأريه النذل!"
عمر: "هذا يكفي، لننهي طريقنا إلى السيارة"
التفتت مريم ورأت السيارة فأشارت إليها قائلة: "ها هي السيارة فقد وصلنا"
حصة بفرح: "وأخيرًا!!"
ودخلوا السيارة وقاد بهم عمر إلى المنزل حتى وصلوا، دخلوا المنزل وأياديهم مليئة بالأكياس والتعب واضح على الفتاتان أما عمر فكان يصطنع التعب قائلاً: "اليوم كان متعبًا كثيرًا، لا أظن أنني سآخذكما معي مرة أخرى"
فقالت حصة: "لم يكن متعبًا فقط، بل كان مرعبًا"
مريم: "أنا ذاهبة إلى الغرفة لأبدل ملابسي ثم سأعود لكما" أما في نفسها "سترى يا سلطان!"
صعدت مريم العتبات وهي حاملة الغضب، والأكياس بين يديها، ثم رأى عمر الأكياس التي بين يديه وقال: "نسيت أن أعطي هذه أيضًا لمريم لترفعها مرة واحدة"
فأعطت حصة أكياسها لعمر وهي تقول: "خذهم للأعلى مع هذه الأكياس أيضًا وأنا سأرتاح هنا قليلاً"
عمر: "حاضر"
ركب عمر الدرج وسار نحو غرفة مريم، ولكن قبل أن يدخل سمع صراخ مريم من الداخل وهي تقول: "سلطان! أتعلم ما الذي فعلته اليوم؟!"
عندما سمع ذلك عمر وضع الأكياس على الأرض وبدأ يسترق السمع
سلطان بكل برود: "بالتأكيد أعرف ما الذي فعلته ما هذا السؤال؟"
مريم: "أتريد فضحي؟!"
سلطان: "ولمَ الفضيحة؟ هل يعلمون بأنك تعرفينني؟"
مريم: "وماذا لو علمت أمي بالأمر؟ أم نسيت بأنها طلبت مني طردك من المنزل!؟"
سلطان: "لن يأتي أمري على بالها"
مريم: "ولكن لم فعلت ذلك الأمر السخيف!؟"
سلطان: "لِيُنْزِلكِ عمر"
مريم وغضبها زاد: "حقًا!؟ يالك من رجل يحب أن يراني تعبة!"
سلطان: "بالتأكيد، فتعبك راحة لي... ههههه لا، لا، أمزح معك، ولكن لا أحب أن يلمسك رجل غريب" –ولست أنتَ غريب أيضًا؟-
مريم: "هو ليس غريبًا، إنه ابن عمي وخالتي أيضًا"
سلطان: "وهل جائز لابن عمك حملك؟" –وهل أنت تميز بين الحلال والحرام؟-
مريم: "وما دخلك أنت؟"
سلطان: "أغار"
مريم بسخرية: "هههه... صدقتك، جني يغار على إنسية"
سلطان: "وهل صدقتي؟ من تظنين نفسك؟ جوليا روبرتس؟ اسمعيني أغلقي الموضوع ولا تفتحيه لأحد"
مريم: "إن لم أتحدث بالموضوع فربما حصة أو عمر يفتحان الأمر لوالدتي"
سلطان: "لا دخل لي... إن علم من في المنزل بالذي حدث سأخرج من المنزل"
عندما أنهيا حوارهما، ابتسم عمر بمكر وهو يقول في نفسه: "تغار هاه!. لا تبدو مزحة لي... أنا أعرف كيف ألعب بأعصابك! سأريك يا سلطان، عمر الهادئ سيتغير مئة وثمانين درجة"