قصة و لأول مرة... "الجزء الأخير"
انتهى الجزء السابق عندما وجد ماستر طاولة الطعام تلك... و عليها ثلاث اسماء... و كان احدها اسمه...
نكمل:
================
فتحت احدى الستائر... و خرج رجل من خلفها...
الرجل "صباح الخير عزيزي ماستر... لقد تأخرت قليلا... كان موعد الطعام عند الساعه 12 ظهرا... و لكن لا بأس ببعض التأخير........ ما الأمر؟... الم تعرفني؟.... هل تغيرت الى هذا الحد؟"
لقد شهد ماستر خلال صراعه مع لوبين العديد من المفاجآت و الصدمات... و توقع ايضا ان تكون الصدمات اكبر عند نهاية الصراع... و لكن ما رآه كانت صدمه هائله شعر معها بشيء من الذهول...و الخوف و الرعب ايضا...
فقد كان الرجل الواقف امامه هو باهاموت زيرو!!!
باهاموت الذي استعان به ماستر ضد لوبين...
باهاموت الذي قام بكل شجاعه بانقاذ والد ماستر...و انقاذ لينا من قصر لوبين... و تقاتل... او تظاهر بالقتال مع احد اتباع لوبين....
ماستر متلعثما "أنت!... أنت!.... هذا أنت اذا!.... "
لوبين "و لم لا... اذا كنت اكتشفت انتحالي لشخصية كرونو سكار... فهذا لا يعني انك تستطيع اكتشاف تنكري بأي شخصية..."
ماستر "و لكن... اذا كنت انت!!!... اذا فالآنسة...!"
ابعد لوبين الستار عنها...
لوبين "نعم... هذه هي زوجتي..."
ماستر "آه!... آنسة لينا!...."
لوبين "طبعا...وكل ذلك بفضلك عزيزي ماستر... و آمل ان لا تكن حاقدا علي"
و مد يده لمصافحة ماستر...
و مد ماستر يده لمصافحته و هو لا يزال في حالة الذهول.. فهو لا يكاد ان يصدق عيناه... ذلك الرجل الذي قابله عدة مرات و ساعده ضد لوبين... يكون هو لوبين نفسه !...
جاء خادم و وضع طعاما على الطاوله...
ارسين "آسف عزيزي ماستر... فالخادم في اجازة.. لذلك سنأكل طعاما باردا..."
لم يكن ماستر جائعا... و مع ذلك جلس معهم...و كان يفكر فيما يفعله لوبين... الا يعلم بأن اودين موجود في الأسفل... و ان الصخره محاصره من جميع الجهات...
ارسين "أجل... بفضلك عزيزي ماستر... لقد احببت لينا منذ لقائنا الأول بعد اصابتي... و هي احبتني طبعا... و اما عملية الاختطاف تلك فكانت مجرد دعابة... لقد احببنا بعض منذ البداية... و لكننا ابينا طبعا ان يكون بيننا ذلك النوع من العلاقات العابره...لذلك كنت اواجه صعوبه عند بقائي على شخصية لوبين... و تزول الصعوبه عند انتحالي شخصية باهاموت... و وجدت انك شديد العناد.... و مصر على اكتشاف سر الصخره هذا... لذلك قررت ان استغل عنادك"
ماستر "وحماقتي..."
ارسين "دعك من هذا... و هل تعتقد ان الخدعه لن تنطلي على غيرك؟"
ماستر "بحيث انك نجحت في الحصول على ما تريد تحت غطاء مساعدتك لي..."
ارسين "بالطبع... من كان ليشك بان باهاموت هو لوبين... باهاموت الذي انقذ رهائن من بين مخالب لوبين... باهاموت الذي انتزع الفتاة التي احبها لوبين من بين يديه... كم كان ذلك مسليا... باقات الورد... رسالة الحب... و الاحتياطات التي اتخدتها انا... باهاموت... خوفا من اي رد فعل من قبلي.. انا ارسين.. في ليلة الزواج... يالها من ذكريات جميلة..."
التقت ماستر الى لينا... التي كانت تنظر بابتسام الى لوبين و هو يتحدث دون ان تقل كلمه واحده...
ارسين "كيف ترى بيتي الصغير يا ماستر؟... ليس بتلك الفخامه...... و لكن هناك اناس عظماء مروا على المبيت في هذا المكان... انظر الى تلك الاسماء المنحوته على الجدار..."
التفت اليها ماستر... و كانت اسماء الملوك الذين مروا على حكم الدوله... و اخر اسم فيها.... "ارسين لوبين"...
ارسين "و من سيكون التالي؟... للاسف انتهت القائمة... فسيتم مداهمة هذه الصخره العديد من رجال الشرطه و ستكون ذائعه للجميع... و ستنتهي اهميتها بعد اليوم..."
اشارت لينا له بالسكوت...
لينا "أسمع اصوات... مصدرها الطبقات السفلى..."
لوبين "انه صوت الامواج"
لينا "لا لا... انا اعرف جيدا اصوات الامواج... هذه اصوات مختلفه..."
لوبين ضاحكا "و من سيكون عزيزتي.. فانا لم ادع احدا غير صديقي ماستر... "
ثم التفت الى الخادم..
لوبين "سيرج... هل أقفلت الأبواب بعد مجيء ماستر؟"
سيرج "اجل سيدي"
نهض لوبين...
لوبين "هيا يا لينا... لا تخافي...ما بالك ترتجفين؟.."
اقترب منها لوبين و همس في اذنها بكلمات و كذلك في اذن الخادم سيرج...
و ازاح ستاره و اخرجهما معا...
ثم ارتفعت اصوات الضجيج... شعر ماستر بان اودين قد سئم الصبر و بدأ في تحطيم الابواب...
ارسين "كانت الصخره أشبه بالخرابه حينما دخلتها... كانت مهجورة لعدة سنين... فاضطررت لاعادة ترميم بعض الاشياء بها..."
ماستر "وهل كانت خاليه عند وصولك لها؟"
ارسين "تقريبا... فلم يكونو الملوك يستخدمونها كمخزن... كما افعل الآن... كانوا يستخدمونها كملجأ..."
ارتفعت اصوات الضرب على الابواب... و يبدو كأن اودين قد حطم احد الابواب و بدأ في اخر...
ارسين "يا لهذه الضوضاء... لا استطيع ان اسمع شيئا... لنصعد الى طابع اخر... ربما تجد في مخزني ما يثير اهتمامك..."
صعدا الى الدور التالي...
ارسين "معرض لوحاتي"
كانت الصاله تحمل اشهر اللوحات و الرسومات العالمية...
ماستر "انها نسخ جميله"
ارسين بذهول "نسخ!... هل جننت؟... النسخ يا عزيزي هي تلك التي في القصور و المتاحف... كل ما لدي هنا هي اللوحات الأصليه..."
ماستر "ايعقل هذا؟... و لكن ذات يوم..."
ارسين "ذات يوم سينكشف التزوير؟.. حينها سيجدون توقيعي في خلف كل صورة منها... خذ مثلا هذه اللوحات... هي تلك التي كانت معلقه في قصر الكونت هارب..."
و ارتفع الضجيج في الاسفل...
ارسين "لا استطيع الاحتمال اكثر... هيا ماستر... لنصعد الى الدور التالي..."
درج اخر... و باب اخر...
و كل ما صعدوا يجد اشياء ثمينه... سجادات... ساعات... تحف فضه و ذهب....
و كل ما ارتفعوا... نقصت مساحة الصالة...
حتى وصلوا الى الصالة الاخيره...
ارسين "الصالة الأخيرة... صالة الكنز..."
كانت تلك هي قمة الصخره... صاله صغيره نسبيا بالسابقات...
ارسين "هنا كل تحفي... لا يوجد هنا الا ما لا يقدر بثمن.. تجد هنا أفضل الأفضل...أروع الروائع... "
و استمر لوبين في سرد ما لديه هنا من تحف نفيسه...
ثم توقف عن الحديث... و رأى عن طريق النافذه زوارق رجال اودين... و السفينه النسافه ايضا موجوده...
ماستر "و الكنز؟"
ارسين "اه يا صغيري.. يبدو انك تشعر باللهفه لرؤيته...و كأن كل ما اريته لك قبل قليل لا يعني شيئا... و لكن لا عليك... لن تخرج من هنا الا راضيا..."
ضرب بقدمه على احدى الدوائر في الارضيه.. فانفتح غطاؤها و كان بها صندوق...
اخذه و فتحه امامه... خرج منه نور يسحر الأبصار...
كان مليئا بكل انواع الاحجار الكريمه... زمرد... ياقوت... الماس... اثمن و انفس ما وجد على هذا الكوكب كان موجودا داخل ذلك الصندوق...
ارسين "و ما رأيك الآن يا ماستر... هذه الاحجار الكريمه لم تمس منذ عهد اول ملك مره على هذه الصخره... و حتى الآن لم تمس... مع العلم ان الواحده منها تساوي ثروه لا حدود لها... و لتعلم ان الجوهره الحاليه في تاج الملك.. ليست بأثمن من اية واحده من هذه..."
ثم رفع يده و كأنه يؤدي قسما...
ارسين "ستخبر العالم بأكمله ان لوبين لم يلمس حجرا واحدا من هذه الاحجار الكريمه... لم المس حجرا واحدا منها... أقسم لك... فليس من حقي ان افعل... فهي ملك للدوله.."
بدأ لوبين يذهب و يعود بين ثرواته الموجوده في الصاله...
ارسين "كم أشعر بالأسى لاني مرغم على الرحيل... أي حزن هذا... أجمل اوقات حياتي قضيتها هنا... بين هذه التحف التي لن استطيع ان المسها بعد اليوم..."
أحس ماستر بالشفقه عليه... حيث شعر ان هذا الرجل يكابد من الآلام و العذاب ما يفوق طاقة غيره...
وقف عند النافذه ينظر الى ذلك المنظر المطل على البحر...
ارسين "ما يدعو للحزن ايضا... هو هذا المنظر الرائع... منظر البحر من هذا المكان... لا استطيع وصف ذلك... و ذلك الشعور الغريب... ارسين لوبين... وريث ملوك الدوله... مملكة غريبه... فوق حدود الطبيعه.. اي حظ هذا..."
ثم توقف قليلا... بعد ذلك قام بالضحك...
ارسين "ملك الصخره...لا اظن... لنقلها صريحه... ملك الدوله... أي نكتة هذه!... ملك العالم... اجل.. هذه هي الحقيقه... من قمة هذه الصخرة.. كنت اسيطر على العالم باكمله... اترى ذلك الهاتف يا ماستر... به خط... اتصل به بعملاء لي في جميع دول العالم... مكالمه واحده و ارسلهم للحصول على ما اريد... و في اي مكان في العالم.. اتعرف ما تعني هذه الكلمه... استطيع الحصول على اي شيء في هذا العالم... آه يا ماستر... توجد اوقات احس بها بالثمالة... قوة و سلطان..."
و ازداد تحطيم الابواب في الاسفل...
ارسين "و الآن... قضي الأمر... مرت بي فتاة... بعينين كئيبتين.... و روح مستقيمه... اجل مستقيمه... و ينتهي هنا الامر... اهدم بيدي هاتين هذا الهيكل الرائع... هذا الملك... كل هذا لا يبدو في عيني سوى عبث لا فائده منه... لم اعد استطع ان ارى غير عينيها... وشعرها... و روحها المستقيمه..."
و ازدادت الضوضاء..
ارسين "اتدرك الآن يا ماستر لماذا لم اوقفك؟... اتعلم الآن لماذا لم ابعدك عن طريقي عندما كانت الفرصه سانحة لي لسحقك؟... لقد وزعت الغنائم لاتباعي و تفرقوا... و ما بقي لي هو هذه الصخرة... و عندما تنتزع مني... اكون قد تخلصت من الماضي... و يبقى امامي مستقبل السعاده... و لن اضطر ان احمر خجلا كلما رأتني لينا بنظرة الكآبة تلك..."
ثم استدار نحو الباب و هو يصرخ...
ارسين "هلا توقف يا اودين!... لم انه كلامي بعد"
كان ينظر ماستر الى الموقف بكل فضول... على ماذا ينوي لوبين... ان يسلم الصخرة... هذا امر يقبله عقل...و لكن لماذا يسلم نفسه؟... مالخطه الذي اعددها لذلك... و الى اين ذهبت لينا؟..
ارسين "مستقيم.... ارسين لوبين رجل مستقيم... وداعا للسرقات..ولم لا... لدي كل الاسباب للنجاح في الحياة كرجل مستقيم... و لكن......... اللعنه... دعني وشأني يا اودين... الا تعلم يا أحمق الحمقى اني ادلي بكلمات تاريخيه... و ماستر يحفظها لكي يتناقلها احفادنا فيما بعد..."
و استمر و هو يضحك...
ارسين "انها مضيعة للوقت... فلن يفهم اودين مثل هذا الكلام... "
اخذ طباشيره... و صعد على كرسي و كتب على الجدار...
"أرسين لوبين يعطي الدوله كل كنوز الصخرة الجوفاء... بشرط ان يضعوها في متحف... و في صالة خاصة تعدى صالة ارسين لوبين"
ثم استطاع اودين ان يصل الى باب الصالة الاخيره... و كسر جزء منه... و ادخل يده ليفتح القفل..
و لكن لوبين قفز بسرعه و انتزع القفل من الباب...
ارسين "انه باب متين عزيزي اودين... والآن وداعا يا ماستر... لقد استطعت الوصول الى الصخرة... و لقد تصرفت بلباقه... اشكرك على ذلك..."
و اطلق اودين النار بعد ان ادخل المسدس عن طريق الفتحه التي كسرها... و لكن لوبين تجنبها...
ارسين "اللعنه... يبدو انك تلقيت دروس في اطلاق النار اخيرا...."
اودين صارخا "استسلم يا لوبين..."
ارسين "وهل يستسلم وريث الملوك"
اودين "حركه واحد واقتلك.."
ارسين "دعك من هذا.... لن تستطيع ان تصلني من هناك...
و بالفعل لم يكن اودين قادرا على فعل شيء من مكانه... حيث اختبأ لوبين بجانب احد الجدران...
اودين "ساعدني يا ماستر... اراك تقف كالمتفرج..."
و فعلا كان ماستر ينظر الى الموقف دون ان يدري ماذا يفعل...
مد يده بتردد و اخذ المسدس من اودين... و كان ارسين ينظر اليه بكل هدوء...
و رفع المسدس و يده ترتعش لا يدري ما يفعل... و صوبه تجاه لوبين...
و في تلك اللحظه فتح الباب فالتفت ماستر الى الباب...
و بسرعه فائقه... وجد نفسه و قد امسكه لوبين و صوب المسدس تجاه رأسه...
ارسين "اراهنك يا اودين اني سأفلت"
و تراجع قليلا و هو يمسك بماستر... و ضغط على احدى اللوحات ففتح مخرج سري و هرب معه...
لوبين "هيا عزيزي ماستر... لقد هزمت الجيش البري... بقي ان اهزم الاسطول البحري... ياله من امر مضحك... انهم يحاولون اكتشاف كيف دخلت عن طريق اللوحه..."
و هبطوا الدرج بسرعه فائقه...
و توقف قليلا عند احد النوافذ و هو ينظر الى الزوارق و النسافه...
ارسين "ياله من منظر رائع... وجود هذا العدد الهائل من رجال الشرطه... و هذه النسافه... ما اروعها..."
و لوح بيده لهم و استمر في النزول...
وصلا الى الاسفل... فجاءت لينا تركض اليه تحتضنه و هي تكاد تبكي...
لينا "اسرع! اسرع... لقد اقلقتني... لماذا تأخرت؟.. ألست بمفردك؟"
ارسين "لا تخافي هذا صديقي ماستر... سأروي لك كل شيء فيما بعد.. و الآن ماذا عن الزورق يا سيرج؟"
سيرج"انه جاهز سيدي... "
ارسين "هيا ادر المحرك"
و ادار المحرك...
ارسين "هيا يا ماستر..."
و بدا ماستر مترددا...
ارسين "هل انت خائف؟"
ماستر "و من ماذا؟"
ارسين "من النسافه التي قد تغرقنا؟"
ماستر "لا"
ارسين "اذا انت متردد.. هل تنضم الى صف اودين و العداله و الاخلاق... او انضم الى صف لوبين و الذل و العار..."
ماستر "بالضبط"
ارسين "لسوء حظك يا بني انك لست حرا لتختار... فانا اجبرك على ان تأتي معي..."
و احس ماستر عندما جذبه لوبين مع يده انه ليس من الافضل ان يقاوم...
و قد كان يشعر ايضا بالود تجاهه... و بمشاعر الشفقه... حتى انه كاد ان يحذره بان اليكس يطارده...
ركبوا الثلاثه و سيرج في المقدمه يقود الزورق...
و فجأه... تم اغلاق سقف الزورق... و اصبح غواصه...
و فغاصوا داخل الماء...
ارسين "هيا يا سيرج...بأقصى سرعه..."
و انطلقوا بسرعه الى الخارج... و بعد قليل شعروا بأن ظلا يغطيهم بالاعلى... كانت تلك هي السفينه النسافه...
ارسين "ماذا ستفعل النسافه... هل ستقصف الصخره؟... ياللأسف... ستفوتني متعة مشاهدة التقاء الجيشين... البري و البحري..."
و استمروا في طريقهم... حتى امر ارسين بان يطفوا فوق الماء حينما ابتعدوا عن الخطر...
كان لوبين يستمر في السخريه و الضحك...
و استمر ماستر في الاستماع اليه دون ملل... و ينظر الى لينا و هي تمسك بيدي الرجل الذي تحب... و هي تشعر بكآبة غريبة المصدر... و كأنها تريد ان تقول له ان يتوقف عن الضحك... فانت لا تعلم ما يخبئ لك القدر..
وصلوا الى شاطئ اخر... كان قد خطط لوبين بالوصول اليه... و كان قد جهز المكان بمزرعه ليعيش بها باقي حياته مع المرأة التي احب...
نزلوا الثلاثه من الزورق... و مشى في طريقه تجاه مزرعته... و في الطريق جاء رجل اليه...
لوبين "هل من جديد يا جرانديا؟..."
جرانديا "لا شيء يا سيدي... "
لوبين "لا احد ممن يثيرون الشبهات؟"
جرانديا "لا...و لكن..."
لوبين "ماذا؟"
جرانديا "زوجتي... يبدو انها رأت بحارا يتسكع في انحاء البلده هذا الصباح"
لوبين "و ما هي اوصاف هذا الرجل؟"
جرانديا "ليس وجها مألوفا... و لكنه ضخم الجسم"
لوبين "آه... هل اخبرت زوجتك بالامر؟"
جرانديا "ان تكون متيقظه؟... نعم سيدي..."
ارسين "حسنا... اذا علمت بأي شيء اخر اخبرني..."
تابعوا طريقهم و قال لماستر
ارسين "هناك ما يدعو للقلق... هل يكون اليكس؟...آه... اذا كان هو فعلينا توقع الأسوأ... لما يحمل في قلبه من حقد..."
ثم تردد قليلا...
ارسين "ربما علينا ان نعود ادراجنا... اني اتوجس شرا..."
كان يمشي و هو يرى هذا المنظر البديع...و يرى من بعيد مزرعته التي ينوي العيش فيها بقية حياته... فهل يتخلى عن سعادته من أجل بعض الاحاسيس؟...
اقترب لوبين من ماستر و قال له مشيرا الى لينا التي تسير امامهم...
ارسين "انظر يا ماستر... ان كل ما بهذه الفتاة يثير فيني القشعريره... كل ما فيها يثير فيني مقدارا من الحب... حركتها... سكونها... صمتها... او نبرة صوتها... انظر... لمجرد ان اقتفي اثر قدميها اشعر بسعاده لا تضاهي... آه... هل تظن انها ستنسى انني كنت ذلك اللص ارسين لوبين؟... و ستمحي هذا الماضي الذي تحتقره من ذاكرتها؟..."
ثم تمالك نفسه و قال بثقه...
ارسين "سوف تنسى!... سوف تنسى لاني ضحيت من اجلها بكل شيء... ضحيت بالمخبأ العظيم في الصخرة الجوفاء... ضحيت بسلطاني... بكنوزي... بكبريائي... و سأضحي بكل شيء.... أصبحت لا اريد سوى ان اكون رجلا مستقيم محب... لانها لا تستطيع ان تحب سوى رجلا مستقيم.... وليس هناك اية عار في ان اكون هذا الرجل..."
ثم استمروا في السير قليلا و كأنه يفكر في شيء...
ارسين "آه... اترى يا ماستر... ما من سعاده او بهجه من مباهج الحياة التي عشتها من مغامرة الى اخرى.... تساوي السعادة التي تمنحني اياها نظرة رضى من عينيها... حينها اشعر بأنني رجل ضعيف... و أشعر بالحاجه للبكاء..."
هل كان يبكي حقا؟... كان ماستر يرى دموعا في عينيه.. دموع الحب...
اقتربوا من بوابة عند مدخل المزرعه...و بدا ارسين مترددا...
ارسين "ما الذي يحدث؟... لماذا اشعر بالخوف؟... كأنه كابوس... الم تنته مغامرة الصخرة الجوفاء بعد؟..."
استدارت لينا نحوهما و بدا عليها الخوف هي ايضا...
لينا "هذه ورد زوجة جرانديا تركض نحونا..."
وصلت اليهم...
لوبين "ماذا؟.. ماذا حدث؟.. هيا تكلمي"
ورد "رجل... رأيت رجلا جاء الى المزرعه..."
لوبين "البحار الذي رأيته هذا الصباح؟"
ورد "اجل... و لكنه الآن متنكر بلبس مختلف"
لوبين "و هل رآك؟"
ورد "لا... رأى والدتك فلير... لقد قابلها حينما هم بالمغادره..."
لوبين "اذا؟"
ورد "قال لها بان يبحث عن ابنها... باهاموت زيرو... و قال بانه صديق لك"
لوبين "و ماذا قالت؟"
ورد "اجابت بان ابنها مسافر في رحله تستغرق سنوات..."
لوبين "وهل غادر؟"
ورد "لا.. قام بالاشاره بيده عن طريق النافذه....و كأنه ينادي احدا ما.."
بدا لوبين حائرا.... ثم سمعوا صوت صرخه...
لينا "انها والدتك... اعرف صوتها..."
امسك لوبين بيدها و جذبها معه..
ارسين "هيا لنهرب... انتي اولا..."
و لكنه توقف قليلا..حائرا مرتبكا...
ارسين "لا... لا استطيع... انه امر فظيع... سامحيني يا لينا... الإمرأه المسكينه هناك... ابقي هنا... لازمها يا ماستر..."
ثم انطلق ارسين يركض باقصى سرعه بين الاشجار... و اتجه الى المزرعه...
لحقته لينا ايضا و لم يوقفها ماستر... بل تبعهم...
اقتربوا من المزرعه... فرأى ماستر ثلاثة رجال يتقدمهم اطولهم... و تعرف عليه ماستر من بعيد...كان أليكس... و كان الرجلان الآخران يحملان فلير... و هي تصرخ وتحاول المقاومه...
كانوا يهموا بالخروج من سياج المزرعه... و عندما فتح اليكس باب السياج... اتى لوبين مسرعا و انتصب امامه...
كان كالاصطدام العنيف الذي بينهما...
ارسين "قل لرجالك بأن يدعوا المرأة و شأنها..."
اليكس "لا"
كان الموقف مخيفا جدا... كل واحد منهما و كأنه يرتقب اندلاع معركه ضاريه... و لم يضيعا الوقت في الاستفزاز و ما الى ذلك... فقط بقيا صامتين يراقبان بعضهما...
كانت لينا تراقب الموقف في خوف شديد... و امسك ماستر بيدها حتى لا تتقدم اليهم...
كرر ارسين كلامه....
ارسين "مر رجالك بان يدعوا المرأة و شأنها"
اليكس "لا"
ارسين "اسمع يا اليكس........"
الا انه ادرك ان لا فائده من الكلام... فسكت... فما الفائده من الكلام تجاه هذه الكتله من الكبر و التجبر التي تدعى أليكس...
فأدخل يده الى جيبه ليخرج مسدسا... ليقاتل بأي ثمن...
و لكن أليكس رفع مسدسه و وضعه على رأس فلير...
اليكس "اي حركه يا لوبين و اطلق النار..."
و في نفس الوقت رفع رجال اليكس مسدساتهم تجاه ارسين...
و بقي ارسين مكانه متمالكا ذلك الكم الهائل من الغضب...
ارسين "اليكس... للمره الثالثه... اقول لك... دع هذه المرأة و شأنها..."
اليكس ساخرا "ربما تقصد انه لا يحق لنا ان نتعرض لها!... هيا هيا... دعنا من هذا المزاح... انت لا تدعى باهاموت...و هذه ليست امك كما تدعي...هذه هي فلير... شريكتك و مربيتك..."
ارتكب اليكس خطأ فادح... فقد استسلم لرغبة الانتقام من لوبين... و نظر الى لينا ليرى وقع كلامه عليها...
و بسرعه رهيبه اطلق عليه لوبين النار و اخترقت ذراعه و سقط سلاحه...
اليكس صارخا "اللعنه!!!. النار... ما تفعلان... اطلقا النار..."
و لكن كان لوبين قد انقض عليهما... فعندما التفت اليهما اليكس وجد احدهما على الارض محطم الاضلاع و الاخر قد رمي من فوق السياج و قد تحطم فكه...
ارسين "هيا تدبري الامر يا فلير... كبليهما... و الآن يا عزيزي اليكس.. الامر اصبح بيني و بينك..."
ثم انحنى و حاقدا و يشتم في اليكس...
ارسين "آه... ايها الوغد..."
و في تلك اللحظه امسك اليكس سلاحه بيده الاخرى و صوب نحو لوبين و اطلق...
ثم سمعت صرخة... كانت لينا قد اسرعت الى لوبين و اصبحت بينهما عند اطلاق النار...
فأمسكت بعنقها و ترنحت قليلا ثم سقطت عند قدمي لوبين و هو ينظر بذهول لما حدث...
ارسين "لينا!... لينا!"
جلس اليها و احتضنها...
ارسين "ماتت......."
بقوا جميعا ينظرون بذهول...
و بقي اليكس مرتبكا لا يصدق ما اقترفت يداه...
و كانت فلير تبكي "يا بني...يا بني..."
اقترب ماستر من لينا ليتأكد من موتها... و كان لوبين يردد "ماتت... ماتت..." بلهجة من لا يصدق ما حدث...
و كأنه لم يدرك بعد ما جرى...
الا انه بدأت تسري نوبة جنون في جسمه... و بدأ يتصرف كالمجنون... فبدأ يضرب بيديه و قدميه في الأرض دون ان يفكر في الألم...
ثم صرخ
ارسين "أيها البائس!"
و انقض كالوحش على اليكس وطرحه ارضا... و غرز اصابعه في عنقه... و هو ينظر اليه بحقد و جنون... و لم يكن اليكس يبدي اية مقاومة...
فلير متوسلة "يا بني... يا بني اهدا..."
اسرع ماستر لايقاف لوبين عن قتل اليكس... و لكن لوبين تركه من نفسه.... و ارتمى بجانبه على الأرض...
و صار يبكي من حرقة الألم...
منظر مؤثر... كان ماستر يعرف جيدا شدة المأساة التي يكابدها لوبين... فهو يعرف مدى حب ارسين للينا... و يعلم مقدار ما ضحى به من اجلها... لكي يضفي على وجهها الابتسامه...
كان الليل قد بدأ ينشر ظلاله على ساحة المعركة...
و كان اليكس و رفيقاه قد طرحوا ارضا بين الاعشاب مكبلين و مكممي الافواه...
و كانت تسمع اصوات غناء المزارعين في المزارع المجاورة و هم عائدين من المدينه...
نهض لوبين...و اصغى الى الغناء حوله....و هو ينظر حوله... ينظر الى المزرعه... حيث كان يأمل ان يعيش بها بجوار عشيقته... ثم نظر اليها... تلك العاشقه المسكينه التي قتلها حبها...
انحنى لوبين اليها و حملها و وضعها على كتفه برفق...
ارسين "هيا بنا يا فلير..."
فلير "هيا بنا يا بني..."
ارسين "الوداع يا ماستر..."
كان يمشي حاملا معه شدة الآلام و المآسي... صامتا حاقدا....
كان يمشي في اتجاه البحر...
ثم توغل مبتعدا في عمق الظلام....
============================
The end
