بل إن الولايات المتحدة هي التي أنشأت جهاز الحرب الاسرائيلي حيث دأبت على آستخدامه في غزو واحتلال الأراضي الإسلامية، وايقاع المذابح بالمسلمين، وطردهم من بلادهم لإحلال الصهاينة، القادمين من آفاق الأرض، محلهم!!
وقد أعلنت أمريكا، مراراً أيضاً، أنها تتعهد ــ دون تحفظ ــ بضمان تفوق اسرائيل العسكري بحيث تظل أبداً أقوى من كل الدول (المتأسلمة) مجتمعة، واضعة أمن هذه الدول تحت رحمة اسرائيل ، ونسوق هنا هذا على سبيل المثال:
قال جيمس باكلي نائب وزير الدولة الأمريكي للمساعدات الأمنية في بيان بتاريخ 1981/8/25: «دعني أؤكد مرة أخرى، أن هذه الإدارة، ستظل على التزامها تجاه أمن اسرائيل وأنها تؤكد أن اسرائيل ستظل محتفظة بتفوقها العسكري على خصومها الأساسيين!! لقد تعهد الرئيس (ريجان) بالحفاظ على تمكين اسرائيل من احباط أي تجمع معاد لها في المنطقة».
في ضوء هذه التعهدات المعلنة، والمتكررة من جانب أمريكا تجاه اسرائيل، برغم اعتداءاتها المتكررة على العرب، وغزوها الهمجي للبنان، وخطتها التوسعية فوق الأرض العربية، وبسط سيطرتها على العالم العربي، في ضوء هذا كله. فإن من الصعب أن نفهم: كيف يمكن لأي عربي أن يثق في تطابق المصالح بين العرب والولايات المتحدة الأمريكية؟
وإذا كان هناك من يعتقد أن خطط أمريكا لابقاء السعودية ضعيفة ومهددة وأن أملاء سياستها عليها داخلياً وخارجياً، ونهب ثرواتها النفطية مما يدخل في مصلحة المملكة العربية السعودية فهذا شىء آخر!
مشروعات البناء العسكري العملاقة:
ظلت المملكة العربية السعودية منهمكة في مشروعات بناء عسكري طوال السنوات السبع الماضية، من خلال برنامج ضخم يضم الآتي:
ست مدن عسكرية ــ أحواض لاصلاح السفن الحربية ــ مراكز تموين - مستودعات وقود ــ مستودعات بضائع ــ مراكز للمراقبة والتحكم - مراكز للتدريب ... ألخ. وستكون المدن الست من الضخامة بحيث تلبي مطالب الجيش السعودي وقواته الجوية لمدة خمسين سنة قادمة على الأقل!!
وقبل المضي في تحليل الدوافع وراء هذه المشروعات، نقدم بعض الحقائق والأفكار عن حجمها وتكلفتها، ومدى أهميتها وضرورتها. وسنقصر هنا، للاختصار، على المدن العسكرية فحسب. وإليك ماقيل حول هذه المدن الست:
أسماء المدن ومواقعها:
ــ مدنية الملك خالد العسكرية (KKMC): وموقعها بقرب الحدود العراقية، وتقدر تكاليف إنشائها بعشرة بلايين من الدولارات. وهي مصممة لاستيعاب ستين ألفاَ من القوات، بالإضافة إلى 150 طائرة ومجموعة الفنيين.
ــ مدينة جنوب الرياض العسكرية: تقدر تكاليفها بعشرة بلايين من الدولارات كذلك، وطاقة استيعابها تتسع لمئة ألف من القوات، ولا تبدو هناك أسباب واضحة لتفسير إرجاء العمل في هذه المدينة.
ــ المدينة العسكرية عند حفر الباطن: ويقدر لها حوالي سبعة بلايين من الدولارات.
ــ مدينة خميس مشيط العسكرية.
ــ المدينة العسكرية بقرب الظهران في الأقليم الشرقي.
ــ مدينة تبوك العسكرية ــ في الشمال الغربي (قريباً من) إسرائيل.
وهنا نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية أخبرت السعودية أن وضع طائرات F5 وF15 المقاتلة غيرمسموح به في تلك القاعدة، وأن هذا تم بناء على طلب اسرائيل.
هذه المدن الثلاث والمزمع اقامتها في خميس مشيط ، والظهران ، وتبوك سوف تتكلف هي الأخرى بلايين عديدة من الدولارات.
ثم أن المدن والمنشآت العسكرية الضخمة، والتي تبدو شديدة الضخامة بالقياس إلى حاجة جيش صغير كالجيش السعودي سوف تظل في حالة استعداد كامل بواسطة العسكريين والفنيين من الأمريكيين من أجل استخدامها لحساب قوات الانتشار السريع الأمريكية كلما دعت الحاجة إليها.
لقد أدرك واضعوا الاستراتيجية الأمريكية، لسنين عديدة، وبقوة، حاجة الولايات المتحدة إلى نوع من الوجود العسكري الاستراتيجي وإلى منشأت وقواعد عسكرية في المنطقة تلائم قوات الانتشار السريع الخاصة به وكانت السعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة القادرة، والراغبة، في تلبية وتغطية كل ما تراه الولايات المتحدة الأمريكية ضرورياً لتنفيذ استراتيجيتها في المنطقة.
ونظراً لما يحسه النظام السعودي من التخمة بأموال النفط ومايدركه من عدم فاعلية قواته المسلحة، وخوفه من الاتجاهات المتمردة، والتي تبدو في حالة جيشان في قطاعات من المجتمع السعودي فقد استجاب النظام بالفعل لخطط الولايات المتحدة الأمريكية، بأمل أن تقوم أمريكا، بدورها، بحماية مصالحها معه وإبقائه في السلطة.
وجدير بالملاحظة أن تصميم وتشييد كل هذه المنشئات العسكرية الضخمة يتم تحت هيمنة مجموعات من سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي. ولعل هذا مما يزكي استنتاج أن هذه المنشأت إنما تتم لحساب القوات الأمريكية سريعة الإنتشار وليس لحساب القوات السعودية.
لقد أكد الساسة الأمريكيون، والمسؤلون بالإدراة الأمريكية، والقادة العسكريون طوال سنوات مضت الأهمية البالغة، بالنسبة للاستراتيجية الأمريكية في جنوب غرب آسيا، أن يكون لها تواجد عسكري، وقواعد عسكرية ملائمة يسهل احتلالها، وتعزيزها بطريقة ملائمة في المنطقة.
وهناك ملف صحفي كامل حول هذا الموضوع تفيض صفحاته بالبيانات الصادرة عن «ريجان » و«الكسندر هيج» وزير دولته السابق، و«كاسبر وينبرجر» وزير دفاعه، و«ريتشارد بورتون»، والجنرال « دافيد جونز»، وغيرهم.
والذي لايشك فيه هو أن النظام السعودي هو الممول لهذا البرنامج الانشائي العملاق من حيث حجمه، السلبي من حيث دلالته، إذ يتم كله لصالح الولايات المتحدة، ولخدمة خططها الاستراتيجية، وليس لتعزيز القوات المسلحة السعودية!
ولعل المحزن والمثير في نفس الوقت، أنه كلما كانت تكلفة المشروعات أضخم كانت سعادة المتعاقدين عليها أعظم! فذلك يعني: أن حجم العمولات سيكون أكبر، لأنه، أي حجم العمولات، في النهاية يعتمد على حجم تكاليف المشروعات!
صفقات طائشة:
برغم الاعتماد شبه الكامل على العناصر الأمريكية في أعمال الصيانة، وتشغيل ماهو قائم فعلاً من الأجهزة والمعدات، فإن الحكومة السعودية ماضية في عقد الصفقات من أحدث الأسلحة، وأكثرها تقدماً، وتبلغ قيمتها عشرات البلايين من الدولارات.
وطبقاً لتقديرات المعهد السويدي العالمي لأبحاث السلام SIPRI فإن السعودية تعد أكبر مشتر للسلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، من بين دول العالم الثالث أجمع! ويعزز هذا ما نشرته النيويورك تايمز من أنه طبقاً لتقديرات معهد الإحصاء العام بالولايات المتحدة الأمريكية GAO في سبتمبر1981 فإن السعودية كان لها طلبات توريد سلاح من الولايات المتحدة الأمريكية قيمتها 22.2 بليون دولار.
هذا الرقم لايشمل ــ بالطبع ــ صفقة الأواكس (AWACS) التي تبلغ قيمتها وحدها ثمانية بلايين ونصف بليون دولار ــ ولاصفقة طائرات F15 المقاتلة وغيرها من طلبات التعاقد المتتابعة ــ بين السعودية وبين الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول.
وهنا تجدر الإشارة إلى موقف الولايات المتحدة في بيع الأوكس وغيرها من الصواريخ والآجهزة المتقدمة الأخرى، والتي لا شك في عجز طاقة السعودية عن استيعابها، حيث مضت الإدارة الأمريكية إلى هذا المدى وغضت أعينها عن القرار الخاص ببيع السلاح والصادر في
1980/7/8فبمقتضى هذا القرار فإن أحد العوامل التي تحكم صفقات بيع السلاح: «ما إذا كان السلاح المقترح يمكن استيعابه من قبل البلد الذي يطلبه دون القاء عبء على نظام العسكري والأمريكي»!
في الحالة الخاصة بالسعودية فإن السؤال الذي طرح لم يكن عن مدى قصور نظامها العسكري وإنما كان عن الغياب الكامل لهذا النظام!
وقد أعلن هذا على لسان ريتشارد آلن السكرتير المساعد لشؤن الأمن القومي الأمريكي، حيث قال في بيانه له في سبتمبر 1981: «أن الأوكس معقدة إلى درجة تحتم أن يتولى فريق من الأمريكيين صيانة العناصر الأساسية في هذا النظام المتقدم، وطوال عمر الأواكس بالكامل!!».
لقد علق العديد من الخبراء على العجز التام من قبل السعودية عن تشغيل وصيانة الأواكس وغيرها من الأسلحة والأجهزة المتقدمة، التي تم التعاقد عليها في السنوات الأخيرة أو يراد شراؤها، مثل الـ 300 دبابة ميدان من طراز (Leopard H) من ألمانيا الغربية.
وقد علق أحد المختصين الأمريكيين على ماتظاهرت به أجهزة الدعاية الصهيونية من غضب بسبب صفقة F15 للسعودية بقوله: «إنها تحتاج إلى جيل كامل، ينشأ ويعد من خلال التكنولوجيا المتقدمة. ومثل إعطاء F15 للسعودية، مثل إعطاء طائرة كونكورد لصياد سمك.... ليقودها!».
كمانشرت الهيرالد ترييون على لسان «مايكل جيرلر» في عددها الصادرفي 1981/4/15 قوله: «صفقة الأواكس، وF15 ، سوف تعني استمرار الوجود العسكري للولايات المتحدة داخل السعودية..»
وقد كتب جيمس بوتشان بعد زيارة للسعودية يقول: «إن اعتماد السعودية على الأطقم الأجنبية، من بريطانيين وأمريكيين، هو في الغالب اعتماد كلي..». فاينانشال تايمز 1981/4/23!
وهذا مانشرته الهيرالد تريبيون في تقريركتبه «جون روزانت» أن الوجود العسكري الأعظم أهمية هو لأمريكا، رغم كل شىء! وهو أمر سوف يستمر، غالبا ويتزايد!! فبرغم النشاط الفرنسي المؤكد، في برامج الرادار وميكنة القوات البرية السعودية، فإن الفنيين الأمريكيين يمثلون العمود الفقري للقوات المسلحة السعودية»
وهكذا يتضح أن صفقات السلاح ذات البلايين العديدة من أحدث الأنظمة المتقدمة قصد بها أن تضع في يدالنظام السعودي مبررا لاستخدام هذه الأعداد الضخمة من العسكرين والفنيين و الأمريكان، بوصفهم مديرين، ومخططين، ومستشارين، ومدربين، خبراء صناعة...إلخ، وفي الوقت نفسه، فهذا الأجهزة المتقدمة نفسها قصد من ورائها أن تتكامل مع البنيان العسكري الشامل للقوات المسلحة الأمريكية، وأن تستخدم تحت هيمنة الحكومة الأمريكية على نحو يضمن تسخيرها لخدمة سياساتها وأهدافها. ولسنا بحاجة إلى الحديث عن هذه الصفقات من حيث هي مصدر لمكاسب مالية ضخمة، بالنسبة لمن يقومون بعقدها، ولأقاربهم، وأصدقائهم، ومحاسيبهم، وأذنابهم، و .. قوَّاديهم!
إن الجو معبأ بروائح الفساد والرشوة، والحديث عنه يحتاج لمساحات كبيرة لايتسع لها هذا الحيز، ولدينا من الحقائق والمعلومات مانرجو أن نتمكن من من نشره، في ورقة مستقلة، وفي وقت لاحق!!
استشراء الفساد
اقتبسنا فيما سبق مقتطفات من تقرير نشرته (الفاينانشال تايمز) في 1982/5/5 يسجل أن الضباط السعوديين من الصفوف العليا يتخذون من القوات المسلحة مصدراً للتجارة والربح.
ونضيف الآن أن مبدأ العمولة، أو على الأصح، الرشوة، ليس سائداً فقط بين ضباط الصفوف العليا في القوات المسلحة وحدهم، وإنما يمتد ليشمل الوزراء، ورؤساء الأجهزة في الخدمة المدنية، ومن يتبعهم من أقارب ومحاسيب!
والحق، فإن السبب الرئيسي الذي يفسر ويشرح، لماذا تتكلف صفقات الحكومة السعودية وتعاقداتها أكثر بكثير مما تتكلفه الصفقات المماثلة التي تقوم بها حكومات أخرى، في مختلف بلاد العالم، السبب هو: أن الشركات والمتعاقدين معا عليهم أن يضعوا في الحسبان ماينبغي دفعه من عمولات أو رشاوى، حتى يؤمنوا إتمام هذه الصفقات لصالحهم.
ومادامت الثغرة قد فتحت، فلن يكتفوا برفع العطاءات أو الأسعار بمقدار العمولات فقط، وإنما سوف يضاعفونها كيفما شاءوا.
لقد أصحبت رائحة الفساد تزكم الأنوف، وصار مادة للقيل والقال، مما يعكس استياءً عاماً بين جماهير الشعب.
مأساة الأواكس:
في سنة 1981 افتعل النظام السعودي، والإدارة الأمريكية، ومن ورائها حكومة بيجن، ضجة تشبه مسرحية كبرى حول صفقة الأواكس، وسنحاول هنا أن نلقى بعض الأضواء على هذه الصفقة لنتبين الحقيقة:
مكونات الصفقة:
ــ خمس طائرات أواكس من طراز (SENTERY) E3A
ــ ست طائرات للتزويد بالوقودفي الجو من طراز (KC 135)
ــ سبع محطات رادار أرضي، للاتصال بالأواكس.
ــ 101 وحدة من مستودعات الوقود الملائم للطائرات F15 وعددها 62 طائرة تم شراؤها فعلا، ولم تسلم بعد.
ــ 1177 صاروخاً (جو ـ جو) من طراز: AIM-9L SIDEWIDER هذه الأسلحة والمعدات المتضمنة في صفقة الأوكس كانت ضرورية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تحتاج إليها في إقامة قوتها الإستراتيجية العسكرية، في جنوب غرب آسيا، ومنطقة الخليج، وقد وجدت الإدارة الأمريكية ضالتها في النظام السعودي الذي يتهافت عليها في غباوة وسذاجة يرثى لها! وهكذا وجهت له النصح بأن يتقدم لشراء الصفقة واستجاب هوالآخر دون توقف! وعلى الفور وطبقاً لترتيب مسبق انفجر جهاز الدعاية الصهيوني إلى حملة مضادة مفتعلة طبعاً ضد المطلب السعودي، متعللاَ بأن ذلك لو تم، فسوف يخل بالتوازن العسكري لصالح السعودية، مما يعرض أمن اسرائيل للخطر!!
وفي أمريكا نفسها وطبقاً لترتيب مسبق مرة أخرى، تحركت مجموعتان، احداهما تحبذ الصفقة، والأخرى تعارضها!
نشرت صحيفة « وول ستريت » بعددها الصادر في 5 يوليو 1981 لألكسندر هيج وزير الخارجية الأمريكي السابق التصريح التالي: «أن بيع صفقة الأواكس للسعودية إذا لم يتم فسوف تكون له آثار خطيرة بالنسبة لأهداف الولايات المتحدة وخططها في المنطقة».
وكان دور النظام السعودي في المأساة دورالممثل الساذج، حيث راح يؤكد في بيانات معلنة، أن الصفقة بمثابة اختبار عملي يكشف عن مدى اخلاص أمريكا في علاقاتها بالنظام!
وهكذا قامت عاصفة مفتعلة من الجدل حول الصفقة، امتدت لبضعة أشهر، لتنتهي بموافقة الكونجرس عليها وفقا لما هو مرسوم من قبل!
إن موضوع الأواكس جاء نتيجة لخطة أحكم وضعها ولهذا فهي تحتاج إلى تحليل مفصل لنفهم كل أبعادها ولكن نكتفي هنا بأن نقول: أن المستفيد الوحيد من الصفقة هو أمريكا واسرائيل دون أي طرف آخر! كيف كان ذلك؟ لب الصفقة أن الولايات المتحدة سوف تحصل على ثمانية بلايين ونصف بليون من الدولارات هي قيمة ما تحويه صفقة الأواكس من أجهزة ومعدات دون مقابل (مجاناً)، هذا أولا،
ثانياً: سوف تحصل على مايتراوح بين ثلاثين وأربعين بليوناً أخرى هي قيمة ماسوف تنفقه السعودية على انشاء ما هو ضروري لانتشار الأواكس، والـ F15، من حظائر الطائرات ،ومحطات الانذا، وورش الصيانة، ومساكن الذي سيقومون بتشغيل هذاكله، من الأمريكيين.
وهذه الصفقة سوف تمكن الولايات المتحدة أيضاً أن تضع العديد من الآلاف من رعاياها في السعودية بحجة تشغيل هذه الأسلحة والمعدات المتقدمة وصيانتها.
أما نصيب اسرائيل من الغنيمة فهو: حصولها على منحة عاجلة من الولايات المتحدة قيمتها ستمائة مليون دولار، في شكل معونات عسكرية، بحجة اعادة التوازن العسكري الذي اختل ضدها ولصالح السعودية نتيجة لحصولها على «الأواكس»، على الرغم من أن الصفقة لن يبدأ تسليمها قبل عام 1985 ولن تلمسها طوال عمرها أيد غير أمريكية!!
كذلك حصلت اسرائيل على تعهد أمريكي بأن كل مايجمع من المعلومات عن طريق الأواكس سيوضع في يد اسرائيل لتكون الشريك الوحيد للولايات المتحدة في معرفة هذه المعلومات والأسرار!
إذن فمحصلة الموقف هكذا: السعودية تنفق وتمول، والولايات المتحدة تهيمن، وتستقل وحدها بالتشغيل والادارة لهذا النظام التجسسي المعقد والمتقدم، واسرائيل في النهاية تحصل على الثمار كلها: ثمار التجسس وجمع المعلومات عن جميع دول المنطقة دون أن تنفق مالاً أو تبذل جهداً!
وإذا كانت الولايات المتحدة تزعم أن هذا موجه ضد الاتحاد السوفياتي، فإن اشراك اسرائيل معها، واسرائيل دون غيرها، دليل قاطع على أن مايجري إنما هو ضد الشعوب الإسلامية في المنطقة. ويبقى الزعم الأمريكي (بأنها ضد الاتحاد السوفيتي) مجرد تغطية لهدفها الحقيقي وهو السيطرة على المنطقة، بالتنسيق مع اسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، وأداتها في اخضاع دول الشعوب الشرق الأوسط!
وهذه شهادة شاهد من أهلها:
في بيان لوزير الدفاع الأمريكي في 22 يوليو 1981 قال: «الأواكس طائرة للتجسس وجمع المعلومات، وهي ضرورية لنا ــ أمريكا ــ كما أنها ضرورية لاسرائيل أيضاً! كي نحصل على أقصى ما يمكن من المعلومات حول أي نشاط عدواني محتمل، من جانب السوفيت، أو من جانب أحد غير السوفيت، في المنطقة كلها» ... ولسنا بحاجة إلى تعليق!
أليست هذه مأساة...؟ بل وكارثة؟
النظام السعودي (يبدد) من مال الأمة مابين ثلاثين وأربعين بليونا من الدولارات، ويضع نفسه تحت تأثير هائل، وضغوط لا قبل له بمقاومتها، من جانب أمريكا واسرائيل، مختاراً مسروراًَ بذلك!!
ثم يبقى من المأساة، هذا البعد الهزلي، الذي يثير الرثاء حين نرى النظام السعودي راضيا، بما يشبه البلاهة، بإطراء أمريكا ومدحها له، حين تصفه في خبث: بالحكمة والإعتدال!