بسم الله الرحمان الرحيم
أقف جوار نافذة مكتبي الزجاجية و أرقب حركة الشارع بالأسفل..
ألتفت ببطء إلى الخلف لما سمعت حركة عند الباب..
"صباح الخير سيدي.. المزيد من الخطابات !"
إنها منال سكرتيرتي الخجولة !..
" ضعيها على المكتب من فضلك !"
جلستُ على المقعد الوثير بعد أن انصرفت و عيناها إلى الأرض..
ما أشد خجل هذه الفتاة !..
شغلت جهاز الحاسوب أمامي و حملت أول خطاب..
على بركة الله..
حســام..
جميل !.. على الأقل كلفتني عناء قراءة اسمك المستحيل !..
- بناءً على جوابك لسؤال الكاتب الأجنبيّ المفضّل.. ما هي رواياتك المفضلة لأجاثا وكونان ؟
بالنسبة لأجاثا.. دعنا نقول (نقطة الدم).. (الضحية).. (جريمة قتل في قطار الشرق السريع).. (إعلان عن جريمة)..
أما د. آرثر كونان دويل محب الماورائيات فأذكر العناوين التالية.. (مذكرات هولمز).. (العصابة الرقطاء).. (علامة الأربعة)..
- بناءً على إجابتك لسؤالي بخصوص هاري بوتر.. ما الذي دفعك إلى الظّن أنها رواية للأطفال. كنت أظن لأني قلت رواية سيدرك البعض أنها ليست قصة للأطفال! مستواها يتعدى النّضوج الاعتيادي
عموما سؤالي. أي جزء شاهدته من هاري (أنصحك بالخامس فهو قويّ حقّا). هل تعتبر ذكر رولينج لأمور كالإينفري وهي مخلوقات يقشعرّ بدنك عند سماع وصفها و وصف رولينج لوضعيات الجسد بينما..... للأطفال. ما الذي ينفرك عن الرواية. فكل ناحية إيجابية أرقامها القياسية الكاتبة رولينج و ربحها لما يفوق مليار دولار بسبب الرّوايات.
نعم أعرف أن الكاتبة حققت أرباح طائلة.. لكن اعتبرني من أولئك الذي لا يجرفهم التيار بسهولة.. يعني لا يكفي أن يربح كاتب الملايير من أعماله و تشتهر في جميع بقاع الأرض حتى أصيح (إنها رائعة.. رائعة !)..
و رغم ذلك فإني أتكلم منطلقا من منظور هزيل جدا.. فقد شاهدت تقريبا الجزئين الأولين فقط.. ربما أفكر في مشاهدة باقي الأجزاء.. و أختي تكاد تجن كلما رأته و تخبرني أنها تحب عالم السحرة هذا و تكره عالمنا بشدة و تكره صديقاتها الغبيات و تكرهني و... أحم.
ربما شعرتَ بالغيظ لما وصفتها بأفلام أطفال.. لكنه رأيي حتى الآن، آسف.
سعيد لأنك تكلمت بكل تلك الرقة و الرومانسية خصوصا لما تحدثت عن المشرط !؟!
حسنا، إلى الخطاب الذي يليه..
إنه من رابعة..
يبدو أنها نست إلقاء التحية و بادرت بمشادة عنيفة مع حسام.. الظاهر أنها حول فلم الأطفال ذاك.. لا حول و لا قوة إلا بالله.
آآآه.. قد تذكرتني الآن بأعحوبة و..
- لماذا تحلم أن يخرج لك عمل سينمائي , بصراحة اجد ان السينما كثيرا ما تغفل قضايا مهمة في العمل الروائي وتسقطها ..وقليلة هي الأفلام التي تنجح بنقلك الى عالم الرواية
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته... نعم، ليس من السهل ترجمة الكلمات إلى صور بتاتا.. لكن الفلم شيء آخر تماما.. نوع آخر من الفن و الإبداع و ربما يكون الفرق بينه و بين القصة المكتوبة كبيرا، إلا أن القصة في هذه الحالة تكون فقط كالكادر الذي يرسم حدودا و يعطي طريق الأحداث و مسارها، و من ثم يولد فلم ربما يكون أحسن بكثير من القصة و ربما أسوأ.. ذلك يتعلق بجودة التمثيل، جودة الإمكانيات، جودة المونتاج، و جودة القصة الأصل طبعا...
باختصار، إذا تكلمنا عن السينما فإنني أرى القصة كأي أداة أو شيء من أشياء أستوديو التصوير.. إنها شيء يخدم الفلم.
- لم لا تصف لنا نفسك ؟؟!!! بعيدا عن ترهات الرعب وشكل متعمق أكثر قليلا..
أولا، حسني ألفاظك يا رابعة.. و لا تدعيني أفقد أعصابي !..
ثانيا، أظن أنني بعثت لك ما يكفي من الصور.. ألم تلاحظي أن أعضائي البشرية تشبه إلى حد كبير أعضائكم ؟.. إلا أنني لن أدخل في التفاصيل كي لا أسبب الذعر و الهلع لضيوفي الكرام هنا !..
طيب.. العبد لله يحب من يناديه خالد و لا يحتاج من يحكي له قصة قبل النوم طبعا..
طويل القامة، لا نحيل و لا بدين.. أبيض ميال قليلا إلى السمرة.. شعر أسود و عينان بنيتان.
قليل الكلام، كثير الشرود و التأمل و.. و الحزن. عصبي جدا أحيانا و حالم، شاعري، حنون أحيانا أخرى. أمممم ماذا أيضا ؟... طبعا ساخر و مبالغ لدرجة تثير حنق الآخرين. يحب المغامرات و اللحظات غير العادية !.. يكره السفر.. يكره بل ربما يموت من الاشمئزاز لو أكل الثريد.. يكره الذي يصر على طرح أسئلة فضولية أكثر من اللازم !..
- هل تجد أن المجتمع يتقبل فكرة وجودك فيه ككاتب قصصي يكتب قصصا مرعبة أم أن الكثيرين يمرون عنك ويتهامسون متحدثين عن خللك العقلي ؟؟
هذا سؤال جيد.. حسن، أحب أن أقول قبل أن أجيب أنني أجيد فن التجاهل و أحبه و قانونه هو التالي (سيقولون... ماذا سيقولون ؟... دعهم يقولون !..)..
لو فكرت كيف سينظر لي الآخرين لاحترت في لون بنطالي و لفكرت كثيرا قبل أحك جانب ظهري الأيسر، لأنها حركة لا يقوم بها الكل !.. و لذهبت للأكاديمية العسكرية، فقط لأن من هم في طولي و وزني يذهبون غالبا و لـ... شنقت نفسي لأني لا أطيق التصرف كما يتصرف البعض !..
قد سمعت فعلا أقاويل حولي، و حول عادتي الغريبة في كتابة قصص الرعب !.. و لتخلفي العقلي إذ أني أدخل حصة الرياضيات أحيانا و أنا أحمل رواية في يدي !..
و كذلك هناك من الفتيات من حاولت التودد إلي أكثر من اللازم طالبة قراءة قصصي و كتابة أخرى تحمل اسمها !..
لكن ذلك لا يهمني كثيرا، (آي دونت كير)... حتى لو اضطررت لوضع قصصي في درج مكتبي بعد أن أستمتع بقراءتها.
(أسئلة عن المنتدى)... اللهم استر..
- لم لا نراك كثيرا سوى هنا ؟؟..
طبعا الجواب الأبدي هو… لا أملك النت ببيتي و لا آكل البطاطا المقلية و أشرب الكوكا و أنا أدردش مع شاب متحذلق من المغرب.. كما يفعل البعض ؟… متى ستفهمين هذا ؟..
أكتفي أحيانا بشحن المواضيع في (ذاكرتي المحمولة) و أقرأ معظمها في المنزل دون الرد عليها… أعرف أن هذه ليست صفات مراقب محترم، لكن ماذا عساي أفعل ؟… لو وجدتم من هو مستعد لتحمل أعباء القسم و قادر على تطويره سأنسحب له من الكرسي بكل تواضع !.. صدقا.
- شخص تمنى ان تلتقي به على أرض الحقيقة من هنا .. ؟
أمممم... لنقل الصديق إكسوديا و كيلدون و نتفادى الإناث أحسن.
- و هل ترى أن تجربتك هنا ناجحة ام انها تحتاج الى المزيد من الدفع ؟
طبعا تحتاج إلى الدفع و لن أستطيع الحكم عليها بالفشل أو النجاح.. أنتم من تحكمون.
- هل حاولت النشر في مجلات او جرائد؟؟
أممم... فكرت في ذلك ذات يوم.. أعرف كاتبا شابا من مدينتي ينشر في مجلات و صحف مغربية كثيرة و قد نصحني بالنشر إلا أنني امتنعت.. إذ أني أطمح في مستوى أفضل و أشعر بتواضع خطواتي و صغرها في دنيا الأدب... و إن قررت النشر ذات يوم، فسأبدأ بالقصص القصيرة و الخواطر قبل قصص الرعب.
أوووف.. هذا هو الرفق الذي وعدتني به يا رغد ؟... يا خائنة !.. هذا هو وعدك ؟...
أوووه آسف.. قصدت رابعة طبعا... سامحيني فأنا شارد قليلا.
(جواب على الهامش)
منذ صغري و أنا مؤمن بوجود مخلوقات ذكية غيرنا.. و بحماس غير عادي، فكنت أتابع برامج الفلك و أنتظر المعلق أن يتكلم عنها كما قرأت كتبا حولها و قصصا واقعية لمصادفتها..
حتى الآن لا زلت أقنع نفسي بوجودها.. لكن ما جاء في خطاب حسام الذي طالعته بسرعة قبل قليل حول نفي القرآن الكريم لهذه الأشياء صدمني حقا، فهي أول مرة أسمعها، و إن تأكدت من صحة معلومته لن أومن بها مجددا.
شكرا حسام.. شكرا رابعة.