سأقوم في هذا الموضوع بطرح تساؤلات تستحق وقفة تأمل عقلية بعيدا عن الايمان الأعمى بهدف توسيع أفق الانسان . سأقوم بطرح سؤال آخر بين فترة و اخرى و حتى لو لم يلق السؤال أية ردود أتمنى أن اكون قد حرضت بعض العقول على التفكير خارج صندوق المسلّمات.
و يلزم التنويه هنا أنني لست بصدد الهجوم على اي فكر أو أي دين.
نسبية أخلاق المكان و الزمان
تختلف الأخلاق بين مكان و آخر و زمان و آخر و تفرض الأديان كود أخلاقي موحد الانسان مطالب بتطبيقه في أماكن و أزمان قد لا تتناسب معه.هل من العدل أن تطالب الأديان بانسلاخ الانسان عن تطوره الاجتماعي الطبيعي؟
أمثلة من المجتمعات :
كان الزواج من الأخت في المجتمع المصري الفرعوني شيئا أخلاقيا بل مستحبا لاسباب اجتماعية و اقتصادية معينة حتى لا يخرج ما ترثه المرأة من حدود العائلة. في المقابل نجد المجتمع العربي القديم يستهجن الزواج من الاخت لكن الزواج من ابنة العم مستحب و حتى الان تجد هذا الفكر سائدا في بعض المناطق و تجده يتجلى في الامثال الشعبية ( عليك بالطريق ولو دارت وبنت العم ولو بارت) ( ما بينزل البنت عن الفرس الا ابن عمها ) بينما نجد بعض المجتمعات الاخرى تستهجن الزواج بابنة العم و تعتبرها كأخت من غير الأخلاقي الزواج منها.
ظاهرة معانقة الرجل لصديقته و تقبيلها في بعض المجتمعات حتى العربية منها مثل بعض مناطق اليمن تعتبر أخلاقية بل مستحبة بينما في مجتمعات اخرى تعتبر مستهجنة . في المقابل معانقة الرجل للرجل و المرأة للمرأة مقبولة في مجتمعنا بينما في مجتمعات اخرى تجد حساسيات عند الافراد اتجاه هذا التصرف.
أمثلة من الأديان :
في زمن نشوء الديانة اليهودية كانت الأرملة منبوذة اجتماعيا لذلك تطورت مفاهيم اجتماعية تستحب ان يتزوجها اخ الزوج المتوفي و تم تثبيت هذه العادة في تشريعات التوراة حيث يعتبر الرجل الذي لا يتزوج زوجة اخيه المتوفي مستهجنا و ملعونا . بعد أن تطورت المجتمعات و خرجت المرأة للعمل و أصبحت العلاقات الاجتماعية مفتوحة حيث تملك الأرملة الخيار في الزواج أو عدمه هل من العدل أن يفرض عليها هذا التشريع؟
في عصر نشوء المسيحية كان المجتمع يستهجن كلام المرأة في التجمعات الدينية في وجود الرجال فتم تثبيت هذه العادة في النص الديني المسيحي . قد يناسب هذا التشريع مجتمعا مثل أفغانستان لكن هل من العدل فرضه على بقية المجتمعات؟
في عصر نشوء الاسلام كانت المرأة تخرج لقضاء حاجتها في الخلاء فيقوم بعض الرجال بالتحرش بها معتقدين أنها أمة و كانت هذه البداية لتشريع الحجاب حتى يتم تمييز الأمة عن الحرة. تطور المفهوم فيما بعد ليعني التستر ردعا للشهوات. و هذا قد يصلح في المجتمعات العربية لكن هل من العدل فرضه في المجتمع اليهودي القديم حيث كانت المرأة العاهرة هي التي تحتجب؟ أو في مجتمع مثل بعض مناطق أفريقيا حيث الطبيعي و المألوف أن تسير المرأة عارية الصدر ؟ أو في المجتمعات الغربية بعد أحداث سيبتمبر حيث صارت المرأة المحجبة عرضة للتحرشات أكثر من غيرها؟ أو في المجتمع الفرنسي حيث أصبح الحجاب في المدارس مثلا مشكلة قانونية ؟
من وجهة نظري أعتقد انه حان الوقت لتطوير الفكر الديني حتى يتناسب مع تطور المجتمع و قد حصلت فعلا مثل هذه التطورات في الفكر المسيحي مثلا بامكان المرأة الان أن تتكلم و تعلّم و تصبح قسيسة في بعض الكنائس. و هناك اتجاهات اسلامية علمانية و اخرى لا ترى الحجاب تشريعا لازما و اخرى ترفض حد الردة .
كم نحن بحاجة لمثل هذا الفكر ...