يروي التاريخ العربي القديم ، حكايات حب كثيرة عاشها
شعراء وشاعرات ، وذهبت مثلا في الوفاء أو الصد أو الهجر أو الحرمان ..
إلا أن قصة الشاعر ( زَرعة وحبيبته مفدادة ) اللذين عاشا في اليمن ، تكاد
تكون قصة حب بعد فوات الأوان .
فقد تعلق زرعة بمفدادة طوال حياته ، إلا أنها رفضت هذا الحب ، لأن زرعة
كان اشتهر بملاحقة الفتيات ، لكن أحداثاً كثيرة كانت تؤكد أن زرعة كان هو
الملاحق من قبل العديد من الفتيات اللواتي كن يرغبن أن يقول فيهن شعراً ،
وهو الذي عُرف بجماله وجاهه وغزله الرقيق ..
ومن قول زرعة في مفدادة :
جلست على مكتوبة القلب طائعاً
………………………… فيا طوع محبوس لأعنف حابس
ولأن زراعة زاد في قول الشعر عن مفدادة وحولها ، فقد دفعها الخجل
للإبتعاد عن الظهور في الحي وعاشت بعزلة نتيجة ذلك وظلت رافضة
لتوسل زرعة ورغبته بالزواج منها ، لأنها كانت تعتقد أنه غير وفي
وأنه خفيف العقل ويلاحق النساء ، وقد عاش زرعة مخلصاً لحب مفدادة
ودفعه هذا الحب إلى العزلة هو الآخر ، حتى سمع ذات يوم عن وفاة أحد
من شخصيات قبيلته وعرف أن مفدادة ستكون هناك ، فتحامل على نفسه
وذهب وراح يلقي شعراً عن الحب والصبابة والوفاء حتى سقط ميتاً
وعندما سمعت مفدادة بموته أسرعت تبكي وتنتحب وتكتشف أنها لم
تحب في حياتها إلا زرعة ، ولم تشعر بالغيرة إلا عليه ..
وقالت :
بنفس يا زرع بن أرقم لوعة
……………………… طويت عليها القلب والسر كاتم
ولم تعش بعد موته سوى ساعات قليلة ، ماتت بعدها كمداً
وحزناً وحباً بعد فوات الأوان ..
