لن اكون شقيا بعد اليوم فكر وهو يدلف المكتبة بعدته كاملة .. كتابه الثقيل abdomenal surgary و اقلام التظليل الملونه و الاحبار السائلة والجافة .
اجال نظرة واسعة في المكتبة .. طبعا ليبحث عن الطاولة الاقل ازدحاما .. و الاكثر بهجة في نفس الوقت !!
لا ادري كيف استدار رأسه الى ذاك الاتجاه رغم انه لم يكن يخطط في الامر .. لكنه تسمر في مكانه مصعوقا .. " هيّ !! " فكر متسائلا .. "مستحيل " ابتسام ساخرا و هو يسير بخطوات واسعة نحو طاولتها لم يتيقن منها الا عندما اصبح تماما خلفها رمق كتابها العربي باحتقار ثم احتل المقعد المقابل لها .. لقد فعلها بمعنى الكلمة لم يكن احد يجاورها في الطاولة و الان احمد يجلس امامها و قد نشر قواته .. كتبه و أدواته في جميع انحاء الطاولة ليمنع اي زائر من محاولة الاقتراب .. خلع ساعته و اجلسها امام ناظريه .. فتح كتابه .
هل سيبدأ ؟.. بماذا سيبدأ ؟ .. كيف سيبدأ وهي تجلس امامه ؟؟
" بسم الله الرحمن الرحيم " من عادته ان يبتدأ دراسته بالبسملة لكنه الان ذكرها متعمدا بصوت مرتفع قليلا ... هيّ يا فتاة نحن في مكتبة هارفورد الا يشد انتباهك ذكر البسملة في وسطها !!
" احمق " لام نفسه لرياء داخله و غاص في كتبه مفكرا .. قرأ السطر الاول و نصف الثاني و تجاوز عن الثالث ، مرر يده فوق فكه مفكرا .. ستنبت لي ذقن قبل ان انهي اول عشر صفحات .. اغمض عينيه .. لقد بدأ عذابه الان !! متى سينتهي كل هذا .. فتح الصفحة الاخيرة من الكتاب وقرأ رقمها اجرى عملية الطرح في عقله .. واو !! ذهل من الرقم .. و اجتاحته رغبة قوية باقفال الكتاب و الخروج الى رحلة جبلية جميلة .. احمد مزعج .. هو كذلك دائما اذا ضاق به وقته
"ها" .. مد يده نحو القلم الفسفوري في شمال الطاولة و مط جسمه ليحضر مسطرته من جنوب الطاولة و خط سطرا فوق اول جملة ارتأى انها رئيسية ... ما اسمها ؟؟ فكر .. و رفع وجهه نحوها ثانية .. قد يعرفها ايمن ؟؟ اذا كان ما زال يتعامل مع عائلة المقدسي ؟!
و ظلل سطرا اخر .. و رفع عينيه نحوها ثانية راقت له تلك العقدة الرقيقة التي قسمت جبينها و اسقط نظره على كتابها مفكرا .. لقد وقفت على مسألة ما ..
من الافضل ان تعيد نظرك الى كتابك فكر ساخرا ولما استقر نظره في موقعه المثالي ثانية .. اغرقته جملة ما في دوامة من الاحباط وغاص في كتابه من جديد .. نعم فعلها بجد .. لولا .. لولا حذاء حنين الذي صدم حذاءه و رفع رأسه كمن ايقظ من نومه فجأءة متذكرا موعدا مهما
احمر وجه حنين .. و سحبت قدمها مرتبكة وحدقت في وجهه وهي تعض على شفتها محرجة وقبل ان تحرك لسانها باعتذار كان هو كمن استعاد وعيه و هز يده وهو يرد بلطف :
" thats ok " "لا باس"
سحبت نفسا عميقا و اطرقت في كتابها من جديد كانت تحتاج لوقت كي تستعيد توازنها .. كما الحال معه .. فوجهها علق في صفحات كتابه .. تلك العينين الشفافتين ..!! لم يسبق له ان تخيل ان الملائكة يعقدون جبينهم .. لكنها تفعل الان !
كان ينظر الى ما خلفها و هو يحاول تكرير جملة محاوللا التركيز .. لكن عينيه سقطتا على مجموعة كتب اصطفت جانبها بسرعة سوى جلسته النعسة واستأذن بالانجليزية : "هل استطيع ان القي نظره"could i have a look
او مأة له برأسها موافقة
سحب الكتب ناحيته و بدأ يقلبها .. لكنه لم يقرأ حرفا واحدا و لم يدري حتى ما حوت لكن عقله بدأ يشاغله مفكرا : لم لا تنطق ؟.. لما لا تتكلم حتى ؟.. اريد ان اسمع صوتها .. ماذا كانت ستقول .. اعذرني .. تفضل .. اسفه !! لكنها لا تفعل
بالطبع حنين لا تفعل فالبروتوكول الذي وضعته لنفسها لا يسمح لها سوى بالايماء للناس الاغراب .. لانهم لا يستحقون اكثر !!
اعاد الكتاب الى موقعه وهو يهمس : " شكرا "
هل قالت شيء عبس وهو يراقب حركة فمها البسيطة .. كلا .. لم تفعل .. تلك مجرد ايماءة اخرى تحدثي لما لا تتحدثي .. انها مكتبة هارفورد يا احمد
ها .. ها .. !! يا الهي انها ساعة كاملة قد مرت ولم اتجاوز العشر اسطر الاولى .. متى سأنهيه فكر مذعورا و هو يحدق في تلك الاسطر القليلة المظللة
كان علي ان اقلب الصفحة منذ اكثر من ثلاثين دقيقة .. لكنها هي ايضا لم تفعل فكر وهو يراقبها و كانها التقطت ما في ذهنه لان صفحتها كانت تقلب .. استدار سريعا يحاول السيطرة على ذلك الشعور الذي يدغدغ انفه لكنه فشل .. و انطلقت عطسة عالية وسط سكون المكتبة همس بعفوية : " الحمد لله "
سددت اليه نظرة غريبة و شمتته : " يرحمكم الله "
رد ببطىء و هو يراقبها تجمع حاجياتها مبتعدة : " اثابنا و اياكم الله " ... ليست تلك الجملة التي اردت فكر بضيق .. " يرحمكم الله !!" .. ابتسم ساهما .. لقد فالتها بسخرية .. نعم لقد فعلتها بلؤم .. " يرحمكم الله " كررها مرة اخرى مبتسما .. سيأتي يوم و اذكرك باول جملة القيتها اليّ ثم اطلق ضحكة صغيرة وهو يسترجع الموقف
"Rod sox " نهر مشرف القاعة