السلام عليكم ,,
{مدرسة الغرام}
كنت لا أسأل الله تعالى الا تقدم هذه الأمه و إرتقاءها , وبلوغها في المدنّيه مبلغاً يؤهلها لمجاراة الأمم الغربيه في عظمتها وسلطانها, فأصبحت أسأله ألا يستجيب لدعائي وألا ينيلها من تلك المدنيه فوق ماأنالها .
أصبحت أعتقد أن مفاسد الأخلاق والمدنيه الغربيه شيئان متلازمان وتوأمان متلاصقان , لا افتراق لأحدهما عن صاحبه إلا اذا افترقت نشوة الخمر عن مرارتها . فكيف أتمنّاها لأمة هي أعز عليّ من نفسي التي بين جنبّي؟
قرأت حوادث الانتحار في الغرب , فقلت : قوم قد ضعفت قلوبهم عن احتمال حوادث الدهر وأرزائه , فلم يستطيعوا الوقوف في طريقها وقفة الشجاع المستقل , ففروا من وجهها إلى حيث يجدون الراحة الدائمة في أعماق القبور , وماأكثر الجبناء في مواقف الحرب وميادين الجهاد!
قرأت حوادث المبارزه , فقلت : قومٌ قد عجزت يدُ المدنيّة الحاضرة أن تستل من بين جنوبهم ماكانوا يعتقدون في عهد الهمجية الأولى من أن العِرضَ إناء , إذا ألم به القذى لا يغسله إلا الدم المسفوح , وكثيرا ما أوردت العقائد النفوس موارد الحتوف.
قرأت حوادث عشاق الموتى اللذين يتسللون تحت جنح الظلام إلى المقابر فينبشونها عن رفات الفتيات المقبورات , شوقاً إلى لثمةٍ من خدِّ يرشح صديده , أو رشفةٍ من ثغرٍ يتناثرُ دوده , حتى إنه ليروقهم منظر الساكنات تحت الرجام فوق مايروقهم من منظر المقصورات في الخيام.
فلمّا طاردتهم الحكومة عن أمنيتهم , وحالت بينهم وبين مواطن غرامهم , ومواقف عشقهم وهيامهم,
رأوا أن يحتالوا على الإلمام بأولئك الموتى خيالاً , لمّا فاتهم الإلمامُ بهم حقيقه,فأنشأوا لأنفسهم في باطن الأرض قاعة كبرى و كسوا جدرانها بالأستار السوداء , ووضعوا في وسطها صندوقا من صناديق الموتى تنام فيه فتاة حيّة تتصنّع الموت باصفرار لونها ,وإسبال جفونها, وسكون أنفاسها , فإذا لجّ بأحدهم الشوقُ إلى الألمام بفتاةٍ ميتةٍ , نزل إلى تلك القاعة السوداء وعالج مخيلته على أن يتصورها قبراً مظلماً موحشاً , يضم بين أقطاره فتاة ميته , لاحراك بها , فيلمَّ بها وهو يسمع نغمات الأحزان من قيثارةٍ أعدت وراء القاعة لتجسيم ذلك الخيال.
قرأت هذا , وقرأت أن منهم من تجاوز به جنونه وهوسه إلى الغرام ببعض أنواع الحيوان, حتى إنهم نصبوا لأنفسهم مواخير خاصةً يلمّون فيها بالدجاج والبط والأوز إلمام غيرهم بالنساء البغايا (الجنون فنون) , فقلت لاعجب في ذلك . وهل هو إلا فن من فنون الجنون التي لايجد المرء إلى حصرها سبيلاً!
إن كنت أغتفر للمدنيّة الغربية كل ذنوبها , فإني لا أغتفر لها ذنبها في مدرسة الغرام التي أنشأها قومٌ من الأمريكيّين في وسط مدينة من مدن أمريكا ليعلّموا فيها النساء والرجال فنون الحبِّ والمغازلة جهرةً من حيث لايرون في ذلك بأساً , ولا يجدون فيه متلوّماً.
يُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتبع..