بسم الله الرحمن الرحيم
العروبة بين الحقيقة والتضليل
أعتقد من بين ما أعتقد أن كلمت العروبة جُعلت من أجل إضعاف الشعوب وأنا هنا أتكلم من وجهة نظري طبعا وليس من وجهة نظر أي شخص آخر؛ فللكل مطلق الحرية في أخذ هذا الكلام بالاعتبار أو مجرد إهماله مثل الكثير من الأشياء التي نهملها هذه الأيام.
فمن وجهة نظري – وسأركز على موضوع وجهة النظر كثيرا فأرجوكم لا تملوا – أن العروبة ليست واسعة النطاق مثلما نطلق عليها (من المحيط إلى الخليج).
فالعروبة كما يعرف الجميع معناها: كل شيء يمت إلى اللغة العربية بصلة، وفي هذا تفرقة عنصرية داخل العرب أنفسهم والأهم بين المسلمين العرب وغير العرب، حيث أن هناك الكثير من الدول العربية لا تمت في الأصل إلى العرب بأصل، مثل مصر والمغرب العربي وإثيوبيا واريتريا.
فالكل يعرف أن هذه الدول أُدخلت فيها اللغة العربية ولم تكن هي اللغة الأصلية وحتى الآن عندما تتحدث مع أي شخص من المغرب العربي أو حتى من ليبيا فإنك تستطيع أن تفهم ما يقوله لك، ولكن – ومع الاحترام الكامل لهم ومن تجربة شخصية – فإنك عندما تسمع اثنان أو جماعة منهم يتحدثون مع بعض بحرية فإنك تتخيل أنك تسمع أي لغة في العالم ما عدا العربية.
هذا من ناحية أما من الناحية الأهم في وجهة نظري فهي التفرقة التي تحدثها هذه الكلمة بين المسلمين العرب وغيرهم من المسلمين الآخرين من أول اندونيسيا إلى مسلمين أوروبا وأمريكا، وتحدث تلك الكلمة الكثير من الحساسية خصوصا وأن العرب بدأوا في الاعتقاد بأن أخلاق الإسلام هي في الأصل أخلاق عربية.
فعندما تسأل أي شخص حاليا عن أصل هذه العادة أو تلك يقول لك إنها عادة عربية أصيلة وينسى – أو يتناسى – أن العرب قبل الإسلام كانوا مجرد مجموعة من البدو، ولكن من العدل أن نقول أنه كانت هناك حضارات عظيمة في اليمن إلى أن انهار السد فنزح النازحون إلى العراق والشام وبقى البعض في الجزيرة وهضبة حضرموت، ولكن ومع الاعتراف الكامل بكل ذلك فإنه عندما نقول عادة عربية فإننا نتكلم عن عادات أهل الجزيرة وخاصة أهل مكة والمدينة.
والكل يعرف حال أهل مكة قبل الإسلام كيف كان من تخلف وعته بالمعنى الكامل للكلمة من أول ممارسة الفاحشة بدون مشاكل إلى وأد الطفلة وهي بعد صغيرة واسألوا عمر بن الخطاب عن ذلك والذي تحول بعد الإسلام – وأكرر بعد الإسلام – إلى واحد من أعدل خلق الله اللذين جاءوا في خلقه وهو الذي قال معنى الأتي وللأسف أنا لا أتذكر ما قيل بالضبط ولذلك سأكتب المعنى: "نحن قوما أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا غيره أذلنا الله بما ابتغيناه" وأنا أعتقد كما يعتقد الكل أو يؤمن البعض أن الذل الذي وصلت إليه حالتنا الآن من بعدنا عن الإسلام وأضيف هنا قربنا من مسميات ما أنزل الله بها من سلطان وهي العروبة والقومية والجنسية من مصري إلى سعودي إلى يمني وهذا يعتقد أنه أفضل من ذاك وذاك يقول لا أنا الأفضل أنا من جاء مني كذا وكذا ويتجاهل أن كل هؤلاء الذين يتكلم عنهم جاء في ظل الخلافة الإسلامية أي بمعنى آخر أنه لم تكن هناك دول بل ولايات وحتى من يقول أن الولايات كانت باسم دولته الآن فهو مخطئ فالإمام أبو حنيفة الذي نبغ في بغداد هو أصلا خراساني بطريقة التفكير لهؤلاء وخراسان الآن هي أفغانستان وإيران والدولة المبتدعة باكستان.
والأصل في كلمة المبتدعة الملحقة بباكستان أنه عندما تم الاحتلال البريطاني لشبه الجزيرة الهندية لم يستطع الجيش البريطاني في ثلاث محاولات دخول أفغانستان الآن فعقد صلح على أن تكون هناك منطقة منزوعة السلاح بين أفغانستان والمنطقة التي تحت يد الإنجليز وعندما تم انسحبت بريطانيا من المنطقة وأعادت تقسيم المنطقة أصبحت هناك تلك المنطقة مع مناطق أخرى وأصبحت باكستان موجودة للعيان. وللعلم فإن أفغانستان كان لها مدينة ساحلية وكان الخصام على كشمير وبنجاب في الأصل بين أفغانستان والهند، ولكن هذه هي نتيجة الاستعمار.
نعود إلى موضوعنا الأساسي وهو كان عن الإمام أبو حنيفة فلا يستطيع أي أفغاني أو إيراني عاقل أن يقول أنه من بلده وكذلك لا يستطيع العراقيون أن يقولوا أنه عراقي بحكم وجوده وتعمله هناك لأن كان أحد أفراد الدولة الإسلامية الكبرى والتي كانت المتحكم الأول في كل تلك الولايات، والتي فقدت هيبتها بالتدريج إلى أن جاء الاستقلاليين الأتراك والمتمردين العرب وغيرهم وأعداء الإسلام أولا وأخيرا وقضوا على هذه الهيبة بتقسيم الدولة العظيمة إلى دويلات لا شكل لها.
وحتى يتأكد كلامي فإن أشهر أبطال المسلمين في رأيي مؤخرا صلاح الدين الأيوبي كان همه الأساسي الوحدة على أساس الإسلام تحت ولاية الخلافة العباسية وليست الوحدة العربية كما يطلق حاليا الكثير من الناس.
وإني أعتقد أن ترحيب الإنجليز بقيام جامعة الدول العربية على عكس المتوقع كان لأنهم وجدوا أخيرا الطريقة التي يفرقوا بها تماما بين المسلمين بالنغمة التي تعودا عليها فرق تسد ولم يستطيعوا أن يجدوا تلك الطريقة حتى قُدمت لهم على طبق الجامعة سواء بحسن أو سوء نية.
وعلى أي حال هذه ليست نهاية الموضوع بالنسبة لي ولكنها البداية وأتمنى أن أجد من المستوى اللائق في النقاض دون التعرض للأشخاص وأتمنى أن أجد من يحاورني بعقله وليس بلسانه وأنا متأكد أنهم كثيرون وفي انتظار الردود.
وللحديث بقية ما دام في العمر بقية.
أحمد الأفغاني