أخواني أعضاء المنتدى الكريم وصلتني رسالة من أستاذنا الجليل عمرو خالد ردا على سؤال لي في موقعه المعروف ، وكان سؤالي عن كيفية دعوة الأهل والأحباب إلى الله ،وأيضا عن كيفية التقرب إلى الله وكان رده أكثر من شاملا ، لذلك إخواني فقد أردت أن تعمنا الفائدة جميعا وذلك بنشري للرسالة في منتدانا الحبيب ، برجاء الدعاء لعالمنا الشهير بمزيد من الأعمال التي تقربه لله وترفع من درجته يوم القيامة بإذن الله:
الرسالة كانت كالتالي:السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اختى الفاضلة / روان
أسأل الله أن يعينك ويجزيك كل خير على نيتك الطيبة... وتقبل الله منا ومنك
والحمد لله أن جعل في شباب أمتنا من يكون أمله أن يكون داعية إلى الله.. وفقك الله لكل خير.. وأسأل الله أن يوفقك في دراستك، فالتفوق هو أبلغ قدوة ودعوة إلى الله.
اعلمى اولا.. أنك لن تسع الناس وأولهم اقرب الناس لك بمالك أو جاهك ، ولن تملكيهم بقوتك وسطوتك ، ولن تخضعيهم بمكرك وكيدك ، ولن تصلي إلى قلوبهم وعقولهم إلاَّ بإحسانك إليهم ، وعطفك عليهم ، ولطفك معهم ، وحسن معاشرتك لهم ، ومزيد اهتمامك بهم ، فكوني لينًة هينًة ، سمحًة قريبًة ، سهلة حبيبًة، ولا تكوني فظًة غليظًة ، فتُهجَرى ، أو قاسيًة يابسًة ، فتُكسَري ، أو شديدًة عنيدًة ، فتَخسري !
قال تعالى :{ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًا غليظً القلب لانفضوا من حولك ..}
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :"إنه من أعطي حظه من الرفق ، فقد أعطي من خير الدنيا والآخرة ، وصلةُ الرَّحم ، وحُسنُ الخُلقِ ، وحُسنُ الجِوارِ ، يٌعمَّرنَ الدِّيارَ ، ويَزيَدانَ في الأعمارِ "
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسطُ الوجه ، وحُسنُ الخُلُق"
فعليك بحسن الخلق ، ولين الجانب ، وطيب المعشر ، وجمال المخبر والمظهر ، لتفوزي بدعوة اقاربك إلى الالتزام بشرائع الإسلام دون أن تنبسي بكلمة أو تتحدثي بجملة.
فعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجةِ الساهر بالليل ، الظامئ بالهواجر "
ـ وإليك الوسائل التالية لدعوة اقاربك:
1- حسن الخلق ...
فالخلق الحسـن دعـوة صامتة إلى دين الله عـز وجل الذي علمنا وأدبنا ( إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق ) الحديث
2- الإخلاص في العمل والقدوة الحسنة...
حيث أن الإخلاص في العمل والقدوة الحسنة دعوة بحد ذاتها إلى الله تعالى خاصةً إذا كانت من مسلم ٍ ملتزم بدينه ، فهو بذلك يمثّل تعاليم دينه ويدعو إليها بطريقة غير مباشرة .
3- السعي إلى كسب ثقة ومحبة الآخرين...
فإن هم أحبوك أطاعوك ، والسبيل إلى كسب محبتهم يتمثل في طر ق عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : العفو عن زلاتهم ، إعانتهم في حل مشاكلهم مادياً أو معنوياً ، تقديم العون لهم ، إسداء النصيحة لهم ، مشاركتهم في السراء والضراء ( وكثير من الطرق التي تُذكر هنا فإنها داخلة تحت باب كسب ثقتهم ومحبتهم ) .
4- موافقة القول للعمل والعمل للقول ...
حتى تكون ذو مصداقية فيما تدعو إليه ، فمن خالف عملُهُ قولَه فإن الناس يزهدون في نصحهِ وتعليمهِ ( كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) الآية
5- توزيع المواد الدعوية ...
مثل ( الأشرطة ، الكتيبات ، المطويات ، النشرات )
إن من الأفضل اختيار هذه المواد حسب حالة الزملاء في الجامعة ومستوياتهم الثقافية ، وتعاهد ذلك أخي الكريم بين كل فترة وأخرى فإن هذه الأشرطة والكتيبات قد هدى الله بها أقواما وأصلح بها آخرين فكانوا في موازين حسنات أولئك الذين أرشدوهم وأولئك الذين قدموا لهم هذه المواد ليستمعوا إليها ويقرؤونها ، والدال على الخير كفاعله.
6- المناقشة والمحاورة الهادفة ...
مع اقاربك - وتبيين وجهة نظر الإسلام الصحيحة المبنيّة على فتاوى العلماء الناصحين - في وقائع الحياة المتجددة ، فمعظم الناس يقعون في كثير من الحيرة أمام وقائع الحياة المختلفة التي لا يعرفون الحكم الشرعي فيها ( مع ملاحظة عدم التعمّق في ذلك حتى لا تأخذ المناقشة منحى مختلف أو يجر إلى تطاول على الدين أو على علماء المسلمين ) والنقاش الفردي أولى وأفضل وأسلم .
7- توفير عدد من المجلات التي تدعو إلى الفضيلة والرفعة في الدارين...
وتعريف اقاربك بها مع تبديل هذه المجلات بعد فترة وأخرى ، مع الابتعاد قدر الإمكان عن المجلات التي فيها انتقاد لبعض الشخصيات أو الدول كي لا يتسبب ذلك مضايقة تذكر والحكمة مطلوبة في مثل هذه الـمَوَاطن
8- النصيحة الشخصية الفردية ...
والحذر كل الحذر أن تكون هذه النصيحة أمام الملأ وكما يقول الشافعي رحمه الله :
تعاهدني بنصحك في انفرادٍ وجنبني النصيحة في الجماعة
فــإن النـصـح نــوعٌ مـن الـتـوبــيــخ لا أرضــى اسـتـماعه
9- الابتسامة...
فإنها تفتح مغاليق القلوب ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) الحديث
10- المشاركة في الأفراح و الاحزان...
فشعور اقاربك بأنك جزء منهم تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم يجعلهم يتقبلون منك ويستمعون إليك ، ومن ذلك : تهنئتهم في الأعياد والأفراح - مواساتهم في
المصائب والأحزان - زيارة مريضهم - إعانتهم على حلول مشاكلهم - السؤال عن أحوالهم
11- الزيارة الفردية...
لمن يتوسم فيه الخير لمحاولة جذبه وهدايته للحق وتعهّده بتلك الزيارة - مع مراعاة قبوله لها ، وعدم الإثقال عليه ، واختيار الأوقات المناسبة لذلك
12- تقديم الهدية...
تألفاً لقلبه - ولا يشترط أن تكون هذه الهدية شريطاً أو كتاباً - وفي الحديث تهادوا تحابوا
13- الفرص الذهبية واستغلالها...
في التذكير المباشر أو عن طريق الأشرطة والكتيبات وهذه الفرص والمواقف مثل موت قريب أو مصيبة حلت علي احدهم أو ضائقة ألـمّت به وهذه طريقة مجرّبة نافعة جدا .
وأخيراً : احتسبى الأجر عند الله فيما تنفقيه من مال أوجهد بدني واعلمي أولاً و آخراً أنك مطالبٌة بالعمل لا بالنتائج ثم اعلمي ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) .
اما عن سؤالك يا اختى الفاضلة روان فى كيف تتقربى الى الله فاسال الله ان يثبتنا وإياك ويعننا على طاعته والقرب منه.
لابد من وقفة جادة مع النفس ، اصدقي مع نفسك ، ولا تبخلي في بذل النصح لها . لابد من جهاد النفس في لزوم الحق والثبات على الالتزام ؛ لأن النفس تحتاج إلى جهاد ، يقول الله عز وجل : وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ويقول عز وجل: " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " ومعنى قوله سبحانه وتعالى جَاهَدُوا فِينَا أي جاهدوا أنفسهم وجاهدوا الشيطان وخلافه، فالآية عامة تشمل أنواع الجهاد ، وأول ذلك جهاد النفس ، فالنفس تحتاج إلى تربية وعناية وصبر وجهاد .
وإليك يا اختى المسلمة منهج تربوي حاولى أن تبدئى به :
1. احفظى كل يوم ولو 3 آيات ، وارتبطي بمقرأة لتتعلمي أحكام التلاوة ،واحرصي أن تكوني من القوم الذين يجتمعون في بيوت الله لتلاوة القرآن ومدارسته فتحفهم الملائكة وتنزل عليهم السكينة ويذكرهم الله فيمن عنده ..
2. حافظي على أذكار الصباح والمساء ، وأكثِري من الاستغفار والتسبيح والتحميد والتهليل.
3. حافظي على درس علم أسبوعي .
4. لابد أن يكون لك حظ من الليل ، وابدئي الآن بركعتين خفيفتين .
5.احرصي على الدعاء بعد صلاة الفجر إلى أن تشرق الشمس ، وصلي ركعتي الضحى لتكتب لك كل يوم أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة .
6.الزمي الصحبة الصالحة التي تعينك على الخير والثبات
وهكذا ابدئي في زيادة الطاعات والقربات لتغلبى نفسك ،وتقربيها أكثر إلى الله تعالى.
و لا يفوتنّك أختي الكريمة الإكثار من ذكر الله ، و قراءة القرآن ، و المواظبة على الدعاء ، حتى تأنس بقرب الله ، و يطمئن قلبك ( ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب ) .
اسال الله ان يرزقك التوفيق و ان يثبتك على الطاعة و ان يجعلك من الهداة المهتدين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمرو خالد