إنتقام الماضي
ما من فتاةٍ صعب علىّ معرفتها
حتى صار الحب لعبتي لنيلها
إلا فتاةٌ أمسى الموت أسهل من قربها...
رأيتها وأنا كعادتي أبحث عن ضحيتي
جمال بها زلزل كياني...
همس لي أحدهم انسَ أمرها
فغيرك عجز حتى عن نظرتها...
تحديت نفسي أنه بحبي سأوقعها
أخذني الغرور والقسوة نحوها...
مرت فحطمت قسوة قلبي بهدوئها
كلمتها فتجاهلتني وكأني هبة ريح بطريقها...
لاحقتها وبرقة كلمتها
فلم تحرك طرفـاً من عينها...
* * *
غموض يدور حولها
تساؤلات كثيرة تشدّني إليها...
بدأت بمراقبتها ومعرفة أدق تفاصيل حياتها
فوجدت بها ما لم أرى بفتاة غيرها!!
خصلات من الشعر الأبيض رغم صغر سنّها..
هموم وأحزان مؤلمة مكتوبة على جبينها..
حزن وغموض يحوط عينها..
الحزن يأبى أن يفارق نظرتها..
حذر وخوف طغت على حركاتها..
وحدة وسكوت امتلأت بها حياتها..
سألت من كنت أظنهم أصدقائها
فاكتشفت أنهم بالكاد يعرفونها؟!!
سألتهم ما سبب عزلتها ولم سكوتها؟
فلم أجد ما يريحني ويدخلني قلبها...
* * *
إنها أميرة تجلس على عرش من الأحزان
كم أود لو أني أعلم حكايتها...
حلم بعيد يصعب منالها
نجمة في السماء لو أطالها...
خسرت رهاني وصرت متيماً بحبها
تركت هوايتي واكتفيت بتجاهلها
عند إلقائي تحيتي نحوها...
أشهرٌ تحولت إلى سنوات وأنا لا أفكر بغيرها
أسهر الليالي أناجي النجمة من أجل نظرتها...
* * *
مرض وإعياء ألم بي
خنق صوتي وأتعب جسدي...
كابرت كي لا أفوّت طلّتها
فقمة سعادتي ورضائي عند رؤيتها...
مرّت وقتها من أمامي
فلم أستطع أن أهدي لها سلامي...
بدأت تنغلق عيني وقسوة المرض تهلكني
ولأول مرّة بعد ثلاثة أعوام من ملاحقتها
ألمح باتجاهي نظرتها..
فأنا لم ألقي تحيتي كما عوّدتها!!!
نظرت خلفها فرأتني أتلوى من ألمي
فهرعت وبيدها لأول مرّة تلمسني..
سندتني وبخوف نادت أهناك من ينجدني
غبت عن وعيي والسعادة تملأني...
* * *
استفقت وإذ بملاكٍ يقف أمامي
لأول مرّة تقابل عينها عيني...
لم أصدق ما رأته عيناي من حسنها!!
خصلات من الشعر الأبيض تبحر على جبينها..
عينان سوداوان تبرقان من جمالهما..
خدّين كوردتين ورديتين لونهما..
شفتان لون الاحمرار طبيعتهما..
وقوام رشيق كجنية البحر جسدها..
ولأول مرّة تظهر روعة ابتسامتها!!
صف عقد ألماس زاد جماله بثغرها..
أزكى العطور تطيبت بنفسها..
وبدون شعور قبّلت شفتي يدها..
سرَرتُ بما في قلبي من حب مكنون لها
تفاجئتُ بدمعة تسيل على خدها؟!!
وقبل أن أنطق ثانية بحبها
أسكتتني بوضع يدها على فمي..
قالت : أرجوك لا تنطقها
أنا أحببت قبلاً من قلبي حبا صادقاً
ولكنه خدعني وللضياع والوحدة تركني
إن كنت تنوي تكرار مأساتي
استحلفك بالله أن تبتعد عنّي
يكفي ما أحرق الحب بسببه من قلبي
أرجوك لا تقتل آخر نقطة حب بقلبي
فهذه النقطة بحر وهبته لك فإياك أن تدمرني
* * *
أسئلة أقلقتني وأشعلت النار بقلبي؟!!
كيف أستحمل دمعتها؟!!
كيف جاءه قلب وخدعها؟!!
ثم تذكرت ما كانت نيتي نحوها
وضحاياي اللواتي أصبحن بسببي مثلها
ندم وعذاب طغى وقتها...
هل أعترف بالماضي وأكون خسرتها
أم أكتم سري بقلبي وأكون قد خدعتها...
وعند سيري نحوها للقائها
صعقت بإحدى ضحايا الماضي عندها
أرتها دليل دناوتي وتهديدي لها...
دموع أشبه بأنهار انهمرت من عينها..
هديل هزَّ صدى الماضي ببكائها..
عذاب وألم وصدمة أنا سببتها..
دفعتني وكانت آخر مرّة أراها قبل اختفائها...
* * *
ظلام الليل في عينها
وبريق الشمس في بسمتها..
سعادة الدنيا بقربها
وتعاسة عمري ببعدها..
ماضيّ كله كشف أمامها
وأنا من تاب وقتل الماضي من أجلها..
رحلت وتركتني أعاني من بعدها
انتقام الماضي بذنبي دمرها..
بعد ظهورها عرفت معنى السعادة أيامي
اختفت وكأنها سراب ظهر أمامي...
1 - 8 -2001
