حسن الشيخي... حارس الحياة
جدة: ماجد الكناني
يراه الخارجون على القانون طريقهم الى النهاية، ويعتبره الناس العاديون «حارس الحياة»، بينما يراه أطفاله أباهم الذي يأتي كل ليلة بالرغيف والحلوى، غير انه يضع نفسه في خانة «جندي في حماية الوطن». أينما تجد الموت تجده يقف بجواره، حاملا بندقيته وذخيرته، ومرتديا بزته المرقطة ودرعه الواقي للرصاص، والاهم من هذا وذاك شجاعته التي يتحلى بها، ورباطة جأشه. انه الرقيب حسن الشيخي الجندي في قوات الطوارئ والمداهمات، المنتمي الى قبيلة زهران في منطقة الباحة جنوب السعودية.
خاض الشيحي وهو فى بداية العقد الرابع من العمر أكثر من 10 مواجهات ضد الارهابيين، بدأت بحي الصفا في ابريل (نيسان) 2004، أول مواجهات فعلية بين قوات الامن وارهابيين في جدة، والتي وقع فيها مصابا باصابات بالغة في رجله اليمنى، ظل على أثرها طريح الفراش لاشهر طويلة.
وآخر المواجهات العشر مواجهات شقة حي الربوة في جدة الاحد الماضي 13 مارس (آذار) 2005 والتي اصيب فيها للمرة الثانية في رجله اليسرى ويديه، وكاد يخسر حياته فيها.
وبين هذه وتلك شارك في عدة عمليات منها تحرير رهائن قنصلية جدة في السادس من ديسمبر(كانون الاول) 2004، والتي قتل فيها اربعة من الارهابيين وخمسة من المدنيين، ومواجهات حي الجامعة التي قتل فيها ارهابي وقبض على ثلاثة من رفاقه خلال وجودهم في احد الشقق السكنية في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، ثم عملية حي الجامعة التي اوقفت فيها شحنة من الاسلحة والمتفجرات كان مطلوبون يحاولون نقلها الى موقع آخر، وقتل فيها المطلوب «عصام المباركي» وقبض على آخر في 28 من نوفمير 2005 .
من على سرير مستشفى الملك فهد في جدة ، ووسط رائحة البارود التي ما زالت عالقة في ملابسه العسكرية بعد مواجهات حي الربوة يقول الشيخي «بعد ان امتثل للشفاء سأواصل مع زملائي ملاحقة هذه الفئة الضالة، ولن نضعف مهما حدث لنا، وسننتصر عليهم بقوة الله عز وجل ونقضي عليهم، وان متنا او حدث لنا مكروه فنحن لا نبالي بذلك لاننا مؤمنون بما نقوم به».
احد عشر شهرا فصلت بين الاصابة الاولى والثانية لهذا الجندي، وفي الاثنتين شارف على الموت ولكن عناية الله حفظته لاطفاله الاربعة ليعود الى رحلته اليومية بين الموت والحياة والتي تبدأ برصاصة وتنتهي باخرى، ولكنها مثل الشهد على قلب الرقيب الشيخي لانه بكل بساطة يخوضها باقتناع انه على حق وهم على باطل ويقول «عندما اخرج من منزلي في كل يوم اتوقع انني لن اعود الى زوجتي وأطفالي، ولكن حرصي يزداد يوما بعد اخر في ما اقوم به (من واجب عملي)، لأنني أدرك أن ما أقوم به صواب لا يخالطه خطأ، لخدمة ديني ووطني ومجتمعي».
ولانها رحلة يموت فيها اناس كثيرون لتستمر حياة اخرين، فالامر يستحق العناء في نظره ونظر اصدقائه وتضحيتهم لا تذهب هدرا. ويقول موضحا «اننا عندما نقوم باي مهمة او مداهمة نتوقع أسوأ الاحتمالات، ولكن قناعتنا أننا على صواب وانهم على خطأ تجعلنا ندرك ان ما نتعرض له مهما كان، سواء اصابة او موت، في موازين حسناتنا، ومن اجل خدمة وطننا وحماية اهله وامنه، وما دامت حياتنا او موتنا ثمنا لسلامة ابناء هذا الوطن وامنه فالامر يستحق التضحية».
مهمات كثيرة علمنا بعضها وبقي معظمها غائبا شارك فيها الرقيب الشيخي مع فريق من خيرة رجال الامن من زملائه، كلها تدخل تحت مسمى (الحالات الحرجة) او (التدخل السريع) ففريقه اساسا فريق طوارئ مخصص للتدخل في الحالات الصعبة، ولكنها جميعا تصب في مكان واحد، يشير إليه الشيخي بقوله «غايتنا حماية الوطن من كل مكروه وسوف نضحي بانفسنا من اجل هذه الغاية».
الاب الروحي لهذه الفرقة الضاربة اللواء مروان الصبحي قائد قوات الطوارئ اعتذرعن التعليق على ما يقوم به فريق الطوارئ من إنجازات في إسقاط العناصر الإرهابية منذ أول طلقة إرهابية في السعودية والتي شهدتها شقة الجزيرة في مارس (اذار) 2003 ولكنه اكتفى بالقول «هذا واجبنا».
http://www.asharqalawsat.com/print/d...p?did=id288643