(( الحلقة الثانية ))
الجماعة الأولى : جماعة التبيلغ
(حاشية لمعرفة أقوال العلماء في هذه الجماعة انظر لزاماً كتاب : < القول البليغ
في التحذير من جماعة التبليغ > ، للشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله رحمة
واسعة . )
لهذه الجماعة منهجق تسير عليه ، وأصول ترجع إليها ، تسمى بالأصول الستة ، وهي كالآتي :-
1- تحقيق الكلمة الطيبة (( لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم )) .
2- الصلاة ذات الخشوع والخضوع .
3- العلم مع الذكر .
4- إكرام المسلمين .
5- تصحيح النية وإخلاصها .
6- الخروج في سبيل الله .
نتبه أخي القارئ الكريم لهذه الأصول الستة ، وانظر فيها ، وتفكر في معنى كل أصل
، ثم تعال معي لآخذ لك بعض هذه الأصول ؛ لأبين لك مالذي يعنونه بها ، ثم ننظر بعد
ذلك ، هل هم على طريقة السلف في فهمهم لهذه الأصول وتطبيقها والدعوة إليها أو لا
؟
كلمة السر في منهج جماعة التبليغ :
وقبل المناقشة ، لابد أن تفهم أخي أن لهذه الأصول الستة كلمة سر ، إذا فهمتها -
استطعت بإذن الله تعالى - أن تفهم جميع أقوال وأفعال هذه الجماعة ، عندما ترجع بتلك
الأقوال والأفعال إلى كلمة السر التي قامت عليها أصولهم الستة .
فإن كنت على استعداد لتفهم تلك الأصول وكذا كلمة السر ، فهلم إليّ - وفقني الله
وإياك لكل خير وصرف عني وعنك كل شر - :
كلمة السر يا أخي هي : أن كل شيء يسبب النفرة ، أو الفرقة أو الإختلاف بين اثنين
- ولو كان حقاً - ؛ فهو مبتور مقطوع ، ملغى من منهج الجماعة .
هل فهمت كلمة السر ؟ أرجو منك تكرار النظر مع الفهم الجيد . كرر مرة أخرى . هل كررت
؟
إذاً تعال معي لنأخذ الأصل الأول من أصول هذه الجماعة وهو : تحقيق الكلمة الطيبة
(( لا إله إلا الله )) .
هل تدري مامعنى تحقيق الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله " ؟
تحقيق الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله " معناها : تحقيق التوحيد بأنواعه الثلاثة
، توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات .
قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ - رحمة الله عليه - في فتح المجيد "ص84" "
قوله : " باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب " أي : ولا عذاب .
قلت : تحقيقه ؛ تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي " انتهى كلامه رحمه
الله .
وقد يتبادر إلى ذهنك -أخي القارئ- سؤال ، وهو :
إذا كان هذا معنى تحقيق الكلمة الطيبة ، فلماذا نختلف معهم إذاً ؟
اسمع الجواب - بعد أن تتذكر كلمة السر - ، تذكرت ؟ فاسمع الآن :
نعم .. هم قالوا : الأصل الأول تحقيق الكلمة الطيبة "لا إله إلا الله " ، ولكن مامرادهم
بتحقيقها ؟ .
مرادهم بتحقيقها هو الكلام حول توحيد الربوبية ! .
لماذا ؟ .
لأنه لايسبب النفرة ، ولا الفرقة ، ولا الإختلاف بين اثنين من المسلمين .
وذلك حينما لا ينظر إلى لازمه من استحقاق الله سبحانه للعبادة دون سواه .
أما الكلام في توحيد الأسماء والصفات ؛ فإنه يسبب الفرقة والنفرة ، والإختلاف ،
لأن هناك أشعرية ، وماتردية ، وجهمية ، وحلولية ، واتحادية ، وهؤلاء كلهم مختلفون
في هذا الباب ، ومخالفون لعقيدة السلف فيه ، والأصل الذي تسير عليه الجماعة - كلمة
السر - :
أن أي شيء يسبب النفرة ، أو الفرقة ، أو الاختلاف بين اثنين ، فحكمه البتر والإلغاء
من منهج الجماعة .
وكذا القسم الثالث من أقسام التوحيد ، وهو توحيد الألوهية ، فإن الكلام فيه ممنوع
- أيضاً - ، وحكمه في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء ، لأنه يسبب الفرقة والإختلاف
والنفرة ، ، فهذا سلفي ، وهذا خلفي قبوري ، فالأول لا يجيز شد الرحال للقبور ، ولا
الصلاة عندها ، ولا إليها ، ولا الطواف بها ، ولا التوسل بالصالحين من أصحابها ،
ولا الاستغاثة بهم ، ولا .. ولا .. ، بخلاف الثاني ، فكل ذلك جائز عنده ، بل كل ماذكرت
لك إنما هو من صلب الدين عنده .
ولهذا - يا أخي الكريم - إذا قام قائمهم ليبين هذا الأصل لا يقول إلا : الحمد لله
الذي خلقنا ورزقنا وانعم علينا .. و.. و .. ، مما يتعلق بتوحيد الربوبية فقط .
قال أخي : هلاَّ طبقت كلمة السر على أصلٍ آخر لهم ؟
قلت له بكل سرور : نعم . وهل أردت لك إلا الخير ؟!
تعال نأخذ الأصل الثالث : العلم مع الذكر .
أنا وإياك نعلم بان العلم هو : قال الله ، قال الرسول ، قال الصحابة ، سواء في العقائد
، أو العبادات ، أو المعاملات ، أو الأخلاق ..إلخ . فما مرادهم بالعلم ؟
يقولون : إن العلم نوعان : علم فضائل ، وعلم مسائل .
هل تذكرت كلمة السر ؟ أذكرك : " أي شيء يسبب النفرة ، أو الفرقة ، أو الاختلاف بين
اثنين ، فإن حكمه في منهج الجماعة البتر والقطع والإلغاء " .
إذاً لنعد إلى تقسيمهم : العلم نوعان : علم فضائل وهذا لنا ( أي للجماعة) .
وعلم مسائل ، فهذا لأهل العلم ، كل منكم -أي الخارجين معهم - يطلبه عند علماء بلده .
هل انتبهت لهذا التقسيم ؟ .
ولماذا أجازوا الكلام في علم الفضائل ، ومنعوه في علم المسائل ، بل يطلبون من الذين
يخرجون معهم - كما تقدم - أن يأخذوه عن علماء بلدهم ؟.
لأن الأول لا يسبب فرقة ، ولا اخلافاً ، بخلاف الثاني .
خي القارئ : هل تسمح لي بطرح سؤال آخر إختباري ؛ لأعلم هل فهمت كلمة سرهم أو لا
؟
السؤال هو : هل سيامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؟
سيكون الجواب : لا .
لماذا ؟.
لان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسبب النفرة ، والوحشة - في زعمهم - بين الآمر
والمأمور ، إذاً حكمه البتر من منهج الجماعة .
سؤال آخر : إذاً كيف سيامرون وينهون ؟
الجواب : يعرضون الآيات أو الأحاديث المرغبة بالفعل أو الترك ، غير متطرقين للجانب
العقدي ، فيقولون لتارك الصلاة مثلاً " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون
" ، ويقولون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مامن عبد مسلم يصلي لله تعالى
في كل يوم ثنتي عشر ركعة تطوعاً غير الفريضة ، إلا بنى الله له بيتاً في الجنة "
.
هذا فضل التطوع ، فكيف بفضل الفريضة ؟
وهكذا .
قد تقول : يا أخي هذه مبالغة .
فأقول : -هداني الله وإياك - : " ليس الخبر كالمعاينة " ، فارجع إلى الكتب التي
انتقدتهم ترَ العجب العجاب .
فإن أبيت إلا ، فسأذكر لك القليل من قصصهم ، - علماً بأن تعليمهم لمبادئهم إنما
هو بطريق القصة - مبيناً لك بعض تأويلاتهم :
حينما قسموا العلم إلى : علم فضائل ، وعلم مسائل ، وقالوا للخارجين معهم إن طلب
علم المسائل إنما يكون عن علماء بلدةِ كل خارج ، خشوا وخافوا أن يدخل هذا الكلام
إلى عقول وقلوب أولئك ، لأنهم إن تعلموا ، تركوا الجماعة ، ولهذا جعلوا بعض العوائق
التي تعيقهم عن طلب علم المسائل ، وتعينهم على طلب علم الفضائل ، حتى لوسمعوا آية
أو حديثاً فيه ذكر للعم وفضله ، نزّلوه على علم الفضائل .
اعلم -رحمك الله - بأن لهم جلستين : جلسة ليلة الثلاثاء ، وجلسة ليلة الأربعاء .
الجلسة الأولى : للعائدين من الخروج ، يُحْضَرُ لهم من يريدون تشجيعه للخروج معهم
، أو التأثير عليه .
والجلسة الثانية : الترتيب للخروج عصر الأربعاء ؛ فيقول أمير تلك الجلسة ، لأحد
الخارجين - ليعلم الجدد المستمعين - :
كم يوم خرجت ؟ ،
فيجيبه الخارج : خرجت أربعة أشهر في سبيل الله .
فيقول له : ماشاء الله ، أين قضيتها ؟.
فيقول له الخارج : قضيت عشرة أيام في الدول الخليجية ،
وعشرين يوماً في أدغال أفريقيا ،
وشهراً في أوربا ،
وشهراً في امريكا الجنوبية ،
وشهراً في شرق آسيا والهند وباكستان ،
فيقول له أمير الجلسة - وانتبه - : ماشاء الله أنت داعية ،
والداعية مثل السحاب يمر على الناس في أرضهم فيسقيهم ،
بخلاف العلماء ،
فإنهم أشبه بالآبار إذا أصابك الظمأ على بعد مسافة ميل ،
قد يقتلك العطش قبل أن تأتي تلك الآبار ؛
بل قد لاتشرب لأن الدلو التي تلقى فيها غير موجودة ،
فإذا اردت الشرب فلا بد من الحضور عند حافة البئر ، ثم تلقي الدلو ، ثم تجذب حتى
تشرب .
هل انتبهت لما انقدح في نفسك - كما انقدح في نفوس السامعين له - من تفضيل الداعية على العالم ؟
فإذا أراد أحدهم أن يجلس لطلب العلم تذكر تلك القصة ، فأراد أن يكون سحابة لا أن
يكون بئراً من الآبار .
وحتى لا اجعلك في حيرةٍ من هذه القصة ، فلا بد من بيان زيفها ، فأقول وبالله التوفيق
:
اعلم - أرشدني الله وإياك لكل خير وحق - أن السحاب لا ينبت إلا كلأ البهائم غالباً
، ولا ينبت إلا الكلأ الموسمي ، بل إنه إن نزل بارضٍ سبخة أو نزل في غير وقته لم
ينفع ، وقد يكون في ذلك السحاب الدمار والهلاك .
بخلاف مياه الآبار فإنه يسقى منها ، ويزرع ، والمنطقة التي فيها آبار تكون الحياة
فيها مستقرة غالباً ، لأن أهلها سيزرعون ، ومن ثم سيسقون ، ومن ثم سيحصدون ، وهكذا
، ولأن الآبار ينتفع منها القاطن والعابر سواء لأنفسهم ، أو لدوابهم ، أو لزروعهم
، او للتزود منها عن طريق حملها معهم في قربهم وآنيتهم .
ولأن الآبار كلما نُزِح منها حَسُنْ ماؤها ، وصفي لونها ، وطاب ريحها ، فهل فطنت
للفرق ؟.
ولا يرد على ماقلت : تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم مابعثه الله به من الهدى والعلم
بالغيث ، لأن ماجاء به هو من عند الله ، وهو دينه الذي ارتضاه للناس كافة ، فهو خيرٌ
وحقٌ محض وغيثٌ نافع ، بخلاف غيث تلك الجماعة ، فإنه خليطٌ من الحق والباطل ، والخير
والشر ، بل باطله وشره والجهل الذي فيه أكثر وأعظم من الحق والخير الذي فيه ، فشتان
ما بين الغيثين : غيث الوحي وغيث أولئك .
وإليك - ايضاً - قصةٌ أخرى ، لعلك تزداد بهم بصيرة :
يقول أحدهم - بحضور المبتدئين - لرجل يريد طلب العلم الشرعي : إلى أين تذهب يا فلان
؟ .
قال له الآخر : سأذهب لطلب العلم .
فيجيبه الأول : لماذا ؟ .
فيقول الآخر : لأعرف الحلال من الحرام .
فيقول الأول : سبحان الله ، أنت لا تعرف الحلال من الحرام ؟!
ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " .
سبحان الله !
إلى الآن لاتعرف الحلال من الحرام ، وكثير من الدواب يعرف ذلك ؟!
ألا ترى إلى القطة حينما تضع طعامك في مكان ثم تذهب عنه ثم تعود إليه بعد حين ،
فترى القطة تأكل منه ، فإنها ما إن تراك إلا وتهرب ، بخلاف ما إذا جلست على مائدة
طعامك ، ثم وضعت لها بجوارك شيئاً من الطعام ، فإنها ستأتي حتى تأكله عندك .
فالأولى علمت أنها وقعت في الحرام ، فلذا هربت منك ، والثانية علمت انها وقعت في
حلال ولذا أكلت معك . يا أخي العقول المؤمنة تميز بين الحلال والحرام ، " استفت قلبك
وإن أفتاك المفتون " .
فيا أخي : هل يرضيك هذا التمثيل وهذه النظرة ؟!!
أقول : إذا كانت الحيوانات تعلم الحلال من الحرام - كما يزعمه هؤلاء - فلا حاجة
إذاً للبشرية من إرسال الرسل وإنزال الكتب .
يتبع000000000