Shakespeare (( وليم شكسبير )) William
بقلم : محمد المصـري
مقدمة :
ماذا يمكننا أن نقول عن شخص مثل وليم شكسبير ؟
لا .. لا إنه ليس كهؤلاء الذين يمكننا أن نصفهم بالكلمات ، فهو بالتأكيد أعظم من ذلك ، يمكننا وصفه بمحامي الإنسانية .. نعم هذا الوصف يروقني كثيراَ و لكن شكسبير لا يمكننا اختصاره فقط في شخص مدافع فقط عن الإنسان ، فهو أيضاَ يجلده و يجرده من غطاء المبادئ الزائف ، إذن يمكننا أن نطلق عليه محامي الإنسانية وجلادها .. نعم صحيح ولكن حتى هذا غير صحيخ فشكسبير لم يتوقف فقط عند الإنسان (( و إن كان هو المحور غالباَ )) فشكسبير تجده يتكلم عن كل شئ ، الإنس و الجن .. الواقع و الخيال ، تجده يأخذك من أعلى قمم الواقعية إلى عالم أخر مختلف تماماَ لن تجده سوى بين صفحات وليم شكسبير و في مسرحه بل الأهم من كل ما سبق أنك تجده في أغلب مسرحياته الأحاسيس الإنسانية جنباَ إلى أبطاله ، تجده بارعاَ و عبقرياَ في وصف مشاعر الإنسان في لحظات حياته المختلفة .. الغيرة و تبرير الخطأ (( عطيل )) .. صراع الإنسان بين الخير و الشر بداخله و مدى دماره النفسي إذا حاول تغيير القدر (( ماكبث )) .. مشاعر الحقد والظلم والنفاق والخديعة (( الملك لير )) .. مشاعر التفرقة و الإضطهاد (( تاجر البندقية )) .. مشاعر الحب و التضحية (( روميو و جولييت ، أنطونيو و كليوبترا )) .. مشاعر السماحة و الغفران (( العاصفة )) .. مشاعر جلد الذات و إنعدام الهدف و السلوك العدواني و الهلاوس النفسية ، التغير والحب ورغبة الإنتقام (( هاملت )) ، بل و حتى في مسرحياته الهزلية الخفيفة (( الليلة الثانية عشر ، كما تهواه ، جعجعة بلا طحن )) تجده مشغولاَ دائماَ بالقدر والمستقبل وغدر الإنسان .. و لهذا فنحن لا نستطيع إستخلاص عبقرية وليم شكسبير في عبارة واحدة و لكن فضلاَ عن ذلك نستطيع إختصاره هو وليس عبقريته بعبارة واحدة :(( أعظم شاعر مسرحي في تاريخ الأدب العالمي ))
شكسبير في سطور (( حياته )) :
* على الرغم من شهره وليم شكسبير وذيع صيته في أنحاء المعمورة إلا أن الجزء الخاص بحياته مازال غير معروف منه حتى ألان سوى القليل و أغلب المعلومات المتناثرة حول حياته أختلف حولها الكثير من النقاد و المهتمين ولكن على أيه حال هناك خيوط عريضة لحياته مؤكدة في جميع المراجع كما أن هناك أمور لا يعرف أحد عنها شيئاَ إضافة إلى المختلف عليه بينهم .. ولا شك أن هذا الغموض و هذا الإختلاف قد أدى بالبعض إلى استنتاجات غريبة و شائعات كثيرة تفتقر إلى المنطقية و الدليل منها أن وليم شكسبير مجرد إسم مستعار للورد باكون و هناك من قال أنه الإيرل سايكس وهما شخصيتان عامتان ساعدوا شكسبير ووقفوا إلى جانبه كتقليد متبع في ذلك الزمان و الذي كان يقضي بأن كل رجل من رجال الصفوة له شاعر يدعمه ويشمله برعايته ، وبالطبع هذا كلام غريب وغير منطقي لأن كلا الشخصيتين ماتتا في مطلع القرن السابع عشر وهى الفترة التي كتب فيها شكسبير أروع مسرحياته ، بل أن التضارب في المعلومات أدى للبعض لأن يذهب بخياله الجامح إلى أبعد من ذلك ورأى أن الشاعر الكبير كريستوفر مارلو قد اختفى عن الحياة العامة مصطنعاَ قصة وفاته إلى جانب اصطناعه لاسم يكتب به وهو وليم شكسبير .. ولكن كل هذه الأمور لا تعني لنا شيئاَ فالثابت هو أن شكسبير شخص من لحم ودم ، له تاريخ وحياة وأبناء وحتى إن كان هذا كله يكتنفه الغموض إلا أنه موجود .
حياة ويل في سطور :
ـــ ولد وليم شكسبير في بلده ستراتفورد أون أفون بإنجلترا في أبريل من عام 1564
ـــ إتفق معظم المحللين على أن أباه هو جون شكسبير و إتفقوا أيضاَ على كونه كتوسط الحال ولكن في أى مهنة فهذا غير معروف ، فهناك من قال أنه يدبغ الجلود وأخرون قالوا بإنه كان يصنع القفازات ويتاجر بالصوف وقلة رأت أنه كان يعمل بالزراعة .. والمتفق عليه أنه متوسط الحال ليس من الأغنياء ولا المعدمين
ـــ كانت والدته هي السيدة ماري شكسبير ووليم هو الثالث أو الرابع من خمسة أبناء هم أبناء ماري وجون
ـــ بشكل أكيد غير معروف كيف بني في نفس شكسبير حب المسرح ولكن المعروف عن القرى الصغيرة مثل ستراتفورد فرق مسرحية صغيرة للغاية تحتفل في بعض الأحيان وهذه الطفولة هي التي بنت في شكسبير حب المسرح أو بمعني الأصح البذرة الأولى الصغيرة التي رواها فيما بعد بإنتقاله إلى لندن خصوصاَ إذا علمنا أن شكسبير لم يحب المدرسة يوماَ بسبب الأسلوب المتعسف و الحاد حينذاك
ـــ في نحو عام 1582 تزوج الفتى الشاب من سيدة تكبره بنحو ثماني سنوات (( 18 عاماَ ، 26 عاماَ )) كانت تدعى آن هاثاواي وهي سيدة جميلة من قرية مجاورة وقد عاشا مع أبيه وأمه كما كانت العادة في هذا الزمان
ـــ المعتقد أن العلاقة بين ويل و آن علاقة جامدة فاترة يصيبها الجمود ولكنه مع ذلك أنجب منها ثلاثة أبناء بنتاَ أسماها سوزانا وتوءمين هما ولد يدعى هامنت وبنت تدعى جودييث ، مات الغلام صغيراَ أما البنتان فقد عاشتا وتزوجتا وظلتا معمرتين مع أمهما بعد وفاه ويل بسنوات
ـــ لا أعرف و لا يعرف أحد الكثير عن حياة وليم شكسبير العاطفية فربما هذه الحياة الخاصة من أكبر معالم الغموض في حياة شكسبير ولم يستطع أي شخص الوصول إلى حب في حياته ، ربما لأنه غير موجود وربما لأن الكاتب العظيم رغب في أن يكون هذا الجزء سراَ في حياته لا نعرف عنه شيئاَ حتى ألان ولكن ومن خلال مسرحياته نرى أن الشعر يؤمن إيماناَ تاماَ بالحب من أول نظره فلم يتعمق في أي علاقة حب عرضها من خلال كتبه حتى (( روميو و جولييت )) وربما تعمق قليلاَ في رائعته (( أنطونيو و كليوباترا ))
ـــ وتأتي أهم مرحلة في حياة وليم شكسبير وهي تلك التي إنتقل فيها من ستراتفورد للعيش في لندن ، لا توجد أي معلومات مؤكدة عن هذه الفترة من حياة ويل ، لا يوجد أحد يعرف ولو قليلاَ وبشكل جدي كيف ولماذا إنتقل إلى هناك ، هناك بعض التناثرات حول سرقه غزال من سيد من سادات ستراتفورد أدت إلى هربه و أمور من هذا القبيل التي تعزي إنتقاله إلى جريمة ولكن كل هذا يفتقر إلى ما يجعلنا نؤخذه بشكل جدي و لكن المؤكد فقط أنها أهم مرحلة في حياة شكسبير لأنها عززت حبه للمسرح والكتابة
ـــ إنتقل شكسبير إلى لندن عام 1585 أي أنه كان في الحادية والعشرين من العمر و المعتقد أن شكسبير تدرجت علاقته بالمسرح تدريجياَ من سائساَ للجياد إلى مذكراَ الممثلين بمواعيد أدوارهم ثم ملقناَ ثم كاتباَ مسرحياَ كوميدياَ وممثلاَ ثم كاتب تراجيديا مفطرة للقلوب
ـــ ربما بدأ وليم شكسبير بالكتابة المسرحية في فريق اللورد تشامبرلين عام 1592 من خلال الكتابات الكوميدية الخفيفة
ـــ حاول شكسبير كثيراَ أن يثور على حصره في الجانب الكوميدي فخلال الفترة من (( 1592 و حتى 1596 )) أثرى شكسبير المسرح بعده تراجيديات خلاف مسرحياته الكوميدية ولكن ضغوط الفرق المسرحية كانت كبيرة للغاية فأضطر لهذا السبب أو لغيره أن يترك التراجيديات خلال الفترة من (( 1596 و حتى 1600 ))
ـــ ساهم مع الممثلين المشهورين إدوارد ألن و رتشرد بوربج في إنشاء مسرح الجلوب عام 1599 والذي عرض عليه أغلب مسرحياته فيما بعد والذي إحترق عام 1613 بعد إصرار شكسبير إطلاق مدفعية قوية في مسرحية هنري الثامن فأصابت ركناَ من أركان المسرح وبعد ساعات إحترق كاملة
ـــ كان التحول الحقيقي في حياة شكسبير فيما بعد 1600 ، فبدخول القرن الجديد دخل شكسبير مرحلة النضج والتطور والخلود المسرحي فقدم أهم مسرحياته ويمكننا القول أنه لو تم إلغاء فترة ما قبل 1600 من حياة شكسبير الأدبية لما تأثرت مكانته لدينا ألان كثيراَ
ـــ عام 1612 ترك شكسبير المسرح وإعتزله نهائياَ وعاد إلى بلدته وقريته الأولى ستراتفورد أون أفون تاركاَ لندن بعد أن إشترى أكثر من 100 فدان أرض في ستراتفورد ويقال أنه كان يقرض الناس هناك حتى وفاته
ـــ قام شكسبير في بداية عام 1616 بكتابه وصيته وأوصى بتوزيع أمواله وأراضيه على عائلته وأصدقاؤه وعامة الفقراء من البلدة الأولى ستراتفورد
ـــ وفي الثالث و العشرين من أبريل من نفس العام (( 1616 )) رحل وليم شكسبير عن عالمنا عن عمر يناهز الثانية والخمسين بعد أن أثرى الأدب المسرحي بما يزيد عن 35 مسرحية ما بين كوميدية وتاريخية وتراجيدية ، كانت كفيلة بأن تجعله معنا حتى ألان و بجانبه عباره صغيره تقول : (( أعظم شاعر مسرحي في تاريخ الأدب العالمي ))