و لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد توالت الأحداث سريعة خلال أيام (في آخر شعبان و أول رمضان) على أرض (أفغانستان) ، حيث حصل تراجع واضح لـ(طالبان) المجاهدين – حفظهم الله ووقاهم شر الأعادي – مع تقدم أعدائهم من المنافقين والمرتزقة الشماليين تحت مظلة الصليبيين، وأحب أن أذكر أخواني بهذه المناسبة بأمور :
الأمر الأول :
أن كثيراً من المسلمين يستعجل النصر ، وهذه طبيعة البشر ، ولكن سنة الله سبحانه في خلقه ماضية ، والناظر للقرآن – مع استقراء التاريخ وحروب الأنبياء والصالحين – يعلم يقيناً أنه لن يكون نصر إلا بعد مراحل من الابتلاء ، كما قال تعالى (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) ، وقال تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) .
الأمر الثاني :
أن من سنن الله سبحانه وتعالى تمحيص الصفوف قبل النصر ، فلا يحصل إلا على يد الصفوة من عباده ، فإن تتابع النصر وسرعته يجعل كثيراً من الناس على اختلافهم في الصدق والإيمان في صف الغالب ، لذلك يبتلي الله عباده أولاً حتى تتميز الصفوف ، ولا يكون في صفوف المجاهدين إلا أهل الصدق والثبات – وهم الذين ينصرهم الله بعد ذلك – كما صار هذا الأمر في غزوة (أحد) ، فإن المسلمين لما نصرهم الله في غزوة (بدر) دخل كثير من الناس في (المدينة) الإسلام – ومنهم المنافقون – فجعل الله سبحانه (أحداً) بعد هذه الغزوة للتمحيص كما قال تعالى بعد هذه الغزوة ( وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا منكم) ، فظهر المنافقون بعد هذه الغزوة ، وكما حصل لطالوت وجنوده لما قال لمن معه (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم) ، فتمحص الصف بهذا الابتلاء ، ثم كان هذا (القليل) هو المنتصر على (جالوت) وجنوده .
ولما دخل الناس في دين الله أفواجاً في (جزيرة العرب) في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الله قد أعد المسلمين لحمل هذه الرسالة إلى جميع الأمم ، كان لا بد من تمحيصهم قبل بداية نشرهم للإسلام وقتالهم فارس والروم ، فكان موت النبي صلى الله عليه وسلم هو الامتحان الذي أظهر الصادق في دينه من الكاذب ، فظهرت جماعات المرتدين الذين قاتلهم المسلمون ، فخلصت بذلك صفوفهم ، وحصلت الفتوحات العظيمة بعد ذلك .
الأمر الثالث :
إن ظهور بعض آثار الهزيمة على المجاهدين – قبل نصر الله لهم – يظهر حقائق المنافقين والمتربصين بالدين ، كما حصل في غزوة الأحزاب لما حوصر المسلمون من كل جانب قال المنافقون (ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً) ، وكما قال الآخرون (غر هؤلاء دينهم) ، والمتتبع لمقالات وتصريحات بعض الصحفيين بعد الأحداث الأخيرة وشماتتهم بالمجاهدين واستهزائهم بهم يرى أنهم قد شابهوا سلفهم المنافقين في (غزوة الأحزاب) .
الأمر الرابع :
أن سنة الله سبحانه قد جرت مع عباده المجاهدين – إذا صدقوا معه – أن ينصرهم إذا اشتد البلاء عليهم ، كما قال تعالى واصفاً لحال الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه في (الأحزاب) : (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً) ، ثم أنزل الله نصره عليهم كما قال (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) ، وكما قال تعالى (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا) .
الأمر الخامس :
أن الحق لا يتوقف على (شخص) يموت بموته ، فإن الشيطان صاح في المسلمين في (غزوة أحد) : ألا إن محمداً قد قتل ، فحصل بعض الخبط في صفوف المسلمين ، فأنزل الله تعالى قوله (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) ، فلم ينكر الله سبحانه أن يموت محمد صلى الله عليه وسلم أو يقتل ، بل أنكر الارتداد على الأعقاب بعد ذلك . لذلك فالواجب على المسلمين التمعن في هذه الآية ليعرفوا أن (الحق) ليس معلقاً برجل – مهما كان فضله – إذا مات أو قتل ذهب الحق معه ، أو ظهر اليأس يعده .
وأخيراً :
أسأل الله تعالى أن ينصر (طالبان) ، وأن يعلي راية الإسلام ، وأن يخذل (أمريكا) وأحلافها ، وأن يرينا فيهم عجائب قدرته ، ون يجعلهم وأموالهم وأسلحتهم غنيمة للمسلمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}