حقاً ياوسام.. لقد كتبت فأبدعت..
كلام جميل حقاً ، لم أقرأ مثله منذ زمن بعيد..
بس من جد مالك داعي! ليش ماقلت لي على الماسنجر أو برسالة خاصة أمر على الموضوع؟
لازم تتغلى يعني
أرخيت ساعدي مرتمياً على الكرسي الخشبي قُريب الشرفة المطلة على شارعنا القديم
نستنتج من ذلك ، أن عندكم كرسي في البيت. وأن عندك ساعد في يدك..
دعك من هذا الكلام..
وسام.. حقاً.. لم يخب ظني بك يوماً.. إحساسك المرهف ، ما شاء الله.. فائق الحدود..
أنت شخص طيب.. إنسان رائع.. فنان..
ولأقول لك الحقيقة.. أنت من الأشخاص الذين يحيرونني أحياناً.. أو دعني أقل ، لا يحيرونني.. بل يثيرون دهشتي..
زهرة بيضاء جميلة, تشعرني بالنقاء ..
إنسابت قطرات المطر على أوراقها في نعومة و راحت تقطر من جديد
قطرات عذبة , براقة و صغيرة,
توالت الواحدة تلو الأخرى في تناغم منتظم
ياله من إيقاع مدروس.. كيف تفعل زهرة بيضاء تائهة كل هذا؟
حقاً.. منظر بسيط ربما.. لكنه جميل.. جميل جداً...
ربما من الصعب أن تتأمله بوجود الآخرين ، وتحتاج إلى حالة من الصفاء لتفكر فيه.. منظر ساحر ، بل وربما يريح الأعصاب أيضاً..
أفكر.. أحياناً أمور بسيطة كهذه ، قد يراها المرء جميلة.. وربما أكون مبالغاً إن قلت ، إنها قد تجعله يرغب في الحياة..
انسياب القطرات من بتلات زهرة صغيرة..
شقشقة عصفور..
حمامة تطير في السماء الصافية.. لاتدري.. هل هي تسعى ، أم تبحث عن طعام لصغارها؟
ألتقطت قلم و لوح و رحت أرسم ذاك المنظر اللطيف..
إلهام ٌ جميل يشعرني بالمتعة ,
راح القلم ينساب على الورقة كإنسياب القطرات على الزهرة,
ينسجم في إيقاع موزون و القطرات,
ما أجملها طبيعة و ما أحلاها لحظة,
بيضاء شفافة مملوؤة بالبراءة
عذبة , لا تملها أبدا ً
معك حق..
لو كنت مكانك.. صدقني ، لتمنيت أن هذه اللحظة لن تنتهي أبداً.. أو لو أني مت خلالها.. إن شعرت بشعورك الشفاف ذلك.. عالم آخر ، لا أحد فيه.. سوى ما تفكر به..
كم هي بسيطة تلك الصورة
لا أفهم لم قد تحمل فتى مثلي على أجنحتها
لتطير بي في عالم خيال ساحر كله نقاء؟
كيف تفعل هذا مع شاب قد أثقل كاهله بمختلف أمور الحياة؟
كيف تجعل من الصامت كاتبا ً و فنانا ً
يحاول جاهدا ً تجسيد لوحة عابرة كتلك؟
عجبت لما أراه و ما أشعر به..
هناك أسئلة ليس لها جواب وسام..
لاتفكر كثيراً في هذا الموضوع ، فلن تزداد إلا حيرة على حيرة.. هي في النهاية زهرة بيضاء وقطرات من الماء..
ليس كل شيء كما يبدو.. هذه الزهرة ، وهذا الماء.. وأشياء أخرى.. كلها مجتمعة تصنع ذلك العالم اللذيذ..
كيف؟ ولماذا؟
لا تبحث كثيراً عن الجواب..
جبت لقلمي كيف يبرع حين يرسم أحلامي..!
مبدع حقيقي و عاجز!
نعم عاجز.. بالرغم من إبداعه,
يرسم الصور و يخط الحروف و يبقى عاجزا ً
لايجيد رسم خيال متقن
لا يجيد كتابة كلمة معبرة
يساهم في رسم لوحة و لا يحسن تجسيدها
عجبا ً..
مهما برع قلمك.. فهو عاجز عن الأمر الرابع.. الأمر الخفي..
حتى لو رسمت طولاً ، وعرضاً ، وارتفاعاً... يبقى أمر رابع خفي..
أمر ، هو الذي يضيف الجمال إلى كل شيء..
هو الذي يجعل العصفور يفكر..
والزهرة تعيش لتصبح بيضاء..
هو الذي يجعلك تحب شخصاً قبيحاً وتكره شخصاً جميلاً..
هو الذي يحدث الفرق بين الجثة والحي..
الروح..
قلمك يجسد الوردة.. ويجسد القطرة.. ويجسد المحيط.. وبعض المؤثرات..
لكنك مهما برعت ، فلن تجسد الروح أبداً...
يذهلني عقلي كيف يأتي بكل تلك الكلمات ليعبر عن زهرة بيضاء تحت المطر؟
ماهذة الزهرة؟
لم هي مهمة هكذا؟
لأي شي أكتب فيها شعرا ً و أرسم لها منظرا ً؟
لأنك طاهر.. نقي.. شفاف.. ربما أكثر من قطرات المياه الصغيرة المنسابة بنعومة..
أهي الزهرة حقاً؟ أم هو الخيال؟ أم أنه المطر؟
أم أنها القطرات و إيقاعها؟؟
لست أدري..
أين يكمن سر الإلهام المفاجئ
لست أدري..
لا..
ليس عقلك..
وليست الزهرة..
وليس الخيال..
وليس المطر..
وليست القطرات ولا إيقاعها..
بل هو أنت.. وكل هذه الأمور مجمتعة معاً ، في تلك اللحظة بالذات...
لست الوحيد الذي رأى زهرة يبللها المطر
و لست الوحيد الذي يمسك قلم منذ الصغر
لست الأول.. ولست الأخير..
قديماً.. قال شكسبير:
إن العالم كله مسرحية كبيرة ، والناس كلهم ممثلون على خشبتها..
لقد فكر أناس قبلك بهذا الأمر ولا شك.. وسيفكر أناس في المستقبل أيضاً..
الفرق هنا ، أن هناك شخصاً نعرف أنه يفكر الآن.. هو أنت
قد يكون ما أسمع حقيقة
"يعيش في جوف كل إنسان, طفل صغير"
هناك طفل صغير يلعب في داخلي
يرسم صورا ً و يكتب حروفا ً
يلعب لعبة الصغار بأسلوب الكبار
يحرك كل حواسي و يستغل جميع إمكانياتي
ليلعب!
اذا ً فتلك براعة طفل صغير
قد أمسك بجميع الخيوط و راح يصنع نسيجا ً من خيال
يعقد الأطراف سويا في تناغم و كأنه يعزف على قيثارة
يعزف و يعزف حتى يتم الصورة كاملة
لتغدو لوحة فنية قد رسمها قلم..
صحيح..
يعيش في جوف كل إنسان طفل صغير..
ومهما كبر الإنسان تبقى منه أجزاء من الطفولة..
ربما هي التي تبرر طيشه..
أو نقاوة أحاسيسه..
أو إحساسه المرهف..
إن الأطفال في بعض الأمور ، أكثر وأعمق إحساساً من الكبار..
صحيح.. حين يكبر الإنسان هو يكتسب أموراً ، ويصبح (عادة) أكثر وعياً.. لكنه يفقد أموراً أخرى أيضاً لا يدركها.....
وسام.. لست أدري ماذا أقول..
لست أملك براعة من شكروك ، ولا أستطيع الكتابة مثل صديقك بلاك دريم مان..
لكن يجب أن تعرف.. لقد أذهلتني حقاً..
خاطرتك هذه ، من أروع ما قرأت.. من الصعب أن أصف لك شعوري..
تابع.. بانتظار المزيد منك