هل نزلت الملائكة على الصديقة الزهراء(ع)؟
ولكي يتضح الجواب عن هذا السؤال لا بد ان نطرح اسئلة اخرى ونحاول الاجابة عليها من باب المقدمة وهذه الاسئلة هي:
1- مامعنى ان يكون الرسول والنبي حجة لله؟
2- هل كل حجة لله لابد ان يكون نبياً او رسولا؟
3- هل يمكن ان ان تتنزل الملائكة على غير النبي؟
اما السؤال الاول فنقول في جوابه:
ان الحجة تعني البرهان والبينة والدليل على حقيقة معينة فيقع هذا المعنى صفة لشيئ او لفعل او لقول فمثلا يقال وحدة الكون وانتظامه حجة ودليل على وحدانية خالق هذا الكون وكذلك عدم الاختلاف في ايات القرآن حجة ودليل على كون هذا القرآن من الله وليس من البشر وعدم قدرة النمرود على الاتيان بالشمس من المغرب دليل وحجة على عدم كونه الها وهذا قسم من الحجج والادلة يمكن ان نطلق عليه الحجج والادلة العقلية وهناك قسم اخر يمكن ان نسميه بالادلة والحجج السمعية ويقصد منها ما يسمع ويرى من النبي فكل ما يسمع منه فهو حق لاريب فيه وكل ما يرى منه فهو عدل اذا غضب غضب الله واذا رضي رضى الله فبهذا اللحاظ يقال للنبي انه حجة الله ودليله وبرهانه
لذا قيل لله على الانسان حجتان ظاهرية وباطنية والظاهرية هي الرسول او النبي والباطنية هي العقل او قيل هناك رسولان الرسول الظاهري والرسول الباطني
اما السؤال الثاني فنقول في جوابه:
انه لم يدل دليل من عقل او سمع ان حجة الله لابد ان يكون نبياً او رسولاً وخصوصا ان القرآن الكريم اشار الى مقامات عدد من الاشخاص الذين هم حجج من حجج الله كالعبد الصالح الذي رافقه موسى(_ع) والذي قيل انه الخضر وكذلك لقمان الحكيم الذي اتآه الله الحكمه وذي القرنين الذي مكنه الله في الارض واتآه من كل شيئ سبباً واصف بن برخيا وهو من اصحاب سليمان والذي جلب عرش بلقيس باقل من طرفة عين وكان عنده علم من الكتاب والصديقة مريم(ع) التي اصطفاها الله وطهرها كما اصطفى ادم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران
ومن هنا يظهر كما انه لا دليل لدينا على ان حجة الله لابد ان يكون نبياً كذلك يمكن ان نقول ان الدليل قائم على وجودهم كالصديقة مريم (ع) التي لاشك ولا ريب في انها حجة من حجج الله مع انها ليست من الانبياء قطعا
ونقول في جواب السؤال الثالث:
ان من رزقه الله قدرةً لفهم كتابه الذي هو تبيان لكل شيئ ولسان عربي مبين سوف يجد الجواب على هذا السؤال واضحاً لان القرآن قد اشار الى قضية نزول الملائكة على مريم(ع) في عدة آيات
ففي سورة ال عمران آية42قال تعالى:واذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العلمين
وفي الاية التي بعدها قال تعالىعلى لسان الملائكة: يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين
وفي نفس السورة اية45 قال تعالى: اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والاخرة ومن المقربين
وفي سورة مريم الايات16-26 قال تعالى: واذكر في الكتاب مريم اذ انتبذت من اهلها مكاناً شرقياً*فاتخذت من دونهم حجاباً فارسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا ً*قالت اني اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقياً*قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاماً زكياً*قالت انى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم اك بغياً* قال كذلك قال ربك هو عليّ هين ولنجعله اية للناس ورحمةً منا وكان امراً مقضياً*فحملته فانتبذت به مكانا ًقصيّاً*فاجاءها المخاض الىجذع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً*فناداها من تحتها الا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً*وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا*فكلي واشربي وقري عينا فاما ترين نت البشر احدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا
وهذه الايات كما ترى واضحة جدا في الدلالة على المطلوب وهو ان الملائكة قد نزلت على مريم بل ان بعض الايات اشارت الى ان مريم(ع) قد كلمت الله بالوحي وبلا واسطة رسول
قال تعالى في سورة ال عمران اية47: قالت ربي انى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء اذا قضى امراً فانما يقول له كن فيكون
وهي المرتبة الاولى من مراتب تكلم الله مع البشر والتي قد اشار اليها تعالى في سورة الشورى اية51: ما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا
فاذا اتضح ذلك والتفتنا الى ان مريم(ع) ليست من الانبياء يثبت ان الملائكة يمكن ان تتنزل على حجج الله وان لم يكونوا انبياء بل انهم يمكن ان تحصل لهم المرتبة الاولى من مراتب التكليم كما حصل لمريم(ع)
وبذلك يتضح ان الفرق بين الانبياء وحجج الله هو في العموم والخصوص فكل نبي هو حجة لله وليس كل حجة لله يكون نبيا
فاذا اتضح ذلك كله نرجع الى اصل السؤال الذي طرحناه في بداية البحث وهو:
هل نزلت الملائكة على فاطمة ؟
والجواب انه لا مانع من ذلك اذا دل عليه دليل وهي حجة من حجج الله
ان قلت ما الدليل على انها حجة من حجج الله؟
اقول الدليل هو روايات كثيرة تنقلها كتب الروايات عند اهل السنة فضلا عن الشيعة
(منها): ما رواه ابن حنبل والبيهقي والحاكم وغيرهم :فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها....
و(منها): ما رواه مسلم والبيهقي وغيرهم:انما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما اذاها
و(منها): ما رواه البخاري والنسائي والبغوي وغيرهم: فاطمة بضعة مني فمن اغضبها اغضبني
و(منها) ما رواه الحاكم والطبراني وابن الاثير وغيرهم : ان الله عز وجل يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها
وغير هذه الروايات كثير جدا لم نذكرها للاختصار اضافة الى اية التطهير واية النذر واية المباهلة وغيرها من الرويات فمن يحصل له اطمئنان بان فاطمة حجة من حجج الله زدناه ما يشاء
فاذا كانت فاطمة حجة من حجج الله وان حجج الله لا مانع من نزول الملائكة عليهم كما نزلت على مريم فاذا وردتنا روايات في ذلك فينبغي ان لا نستوحش منها وننكرها فنبوء بغضب من الله فينطبق علينا قوله تعالى: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به من علم
هذا ما او اصلني اليه الدليل فمن عرض له اشكال فليذكره ولا يستعجل بالانكار بلا حجة وان كنت اعلم انك لا تسطيع معي صبرا