مـقدمــــــــــــة
اعزائى ..مازالت المعتقدات البالية تؤثر على عقول الناس الى اليوم..بعضهم وليس الكل
طبعا، الفروق والمظاهر الاجتماعية بينهم بصرف النظر عن كون الانسانناجح فى حياته العلميةاو العملية ، فالبعض ينظر هذه النظرة التقليدية..هذا ابن من..؟ وهذه ابنة من ..؟ وربما احداث هذه القصة حدثت بشكل آخر..وهوعندما قرأت ذات يوم خبرا فى احدى الصحف ان سيدة يابانية تجاوزت الثامنين من عمرها تزوجت واقيم حفل زفافها على حب عمرها الطويل لرجل فى السادسة والثامنين من عمره وسط فرح احفاد الزوجين.. فقد نشئت قصة حب بينهما منذ اكثر من ستين عاما لكنه لم يكلل بالزواج لإعتراض اهل العروس على مكانة العريس اجتماعيا والتى لاتناسبهم .. ومرت السنون . تزوجت هذه السيدة من رجل آخر وتزوج هذا الرجل من سيدة اخرى وتمر اعوام كثيرة يرحل فيها زوج السيدة وزوجة هذا الرجل ويتقابلا صدفة فيجترو زكريات حبهم الخالد ..ويقرروا الزواج فى هذا العمر فى تحدى منهم لإرادة زمن واهل واراهم الثرى وياللاقدار من حكم.... هكذا انطلقت الشرارة الاولى لفكرة هذه القصة مع تغيير الاحداث والاماكن وتركت خيالى ان يصورها كما يشاء.. وسيتم نشرها فى هذه الصفحة على اجزاء وللحقيقة لا اعرف الى كم جزء ستنتهى عليه .. ربما اثنين او ثلاث او اكثر فحتى كتابة هذه السطور لم انتهى منهابعد ..واعذرونى على طول هذه المقدمة واتمنى ان تجد القصة الترحيب الذى لاقته قصتى السابقه( القلوب لاتعرف جنسيات) .. .. .. اترككم مع القصة ..
كيــــــــــــــــــــن
جميع الحقوق محفوظة ـ A.A.E
*****************************
" ولم ينطفئ حـبـَك "
(الجزء الأول)..
لم يعى منذ متى بدأ هذا الحب . ولكنه وجد نفسه دائما يتوق الى رؤيتها وكلامها وابتسامتها الساحرة التى تبعث فى نفسه الراحة .. ولم يعى ان هذا الحب مستحيل او محكوما عليه بالإعدام.. ربما لأنه كان صغيرا وقتها فى العقد الأول من عمره وهى بنت الثمانية ربيعا.. او لم يكن يعى اين مكانه بالتحديد من المجتمع وهو ابن حارس العمارة التى تسكُنها هى مع عائلتها فى احدى شُققها الفخمة،، هذه الفتاة الصغيرة التى تضج ملامحها بالبراءة والهدوء والجمال وهو يرتاح دائما عندما ينظر لهذه البراءة وهذا الهدوء وهذا الجمال.. ويمرحون ويلعبون دائما امام بهو العمارة او فى ردهة الطابق التى تسكن به ولا يشعرون للحظة واحدة من هو ومن هى .. وهى مريم ابنة المهندس عبد الحليم النجدى والمرشح بقوة لرئاسة مجلس ادارة احدى شركات الحكومة الكبرى،، وهو يحيى جابر مسلم ابن جابر مسلم حارس العمارة التى يقطنها عبد الحليم النجدى.. لكن البراءة لا تعترف بهذه الفروق وهذه المسميات.. ولايزالوا يلعبون يمرحون..ينسوا معا الوقت والأهل والفروق ويذبوا ويهيموا فى ملكوت من البراءة اللانهائية.. وتمر اعـــــــــوام يرسم فيها الزمن خطوطا رائعة الجمال فوق وجه مريم وتلتحق بالجامعة
وتتخصص فى دراسة البيزنس بالجامعة الامريكية ،، وبالرغم من اُمية جابر مسلم إلا انه يعلم جيدا ما قدر التعليم ولا يفوت هذه الفرصة على ابنائه يحيى وخديجة ،، ويظهر على يحيى تفوق ملحوظ فى الدراسة حتى انـه كان من العشر الاوائل فى المرحلة الثانوية.. ويلتحق بكلية العلوم لدراسة الفيزياء .. إن كلية العلوم كانت بالنسبة له حُلما بدأ عندما قرأ بالصدفة وهو فى المرحلة الاعدادية كتابا عن إنجازات انيشتين وعبقريته العلمية فأصيب بعدها بحالة من الولع بهذا العالم الفذ ................ ويشب حبا عفيفا طاهراً بينهم.. ويُمنى يحيى نفسه بمستقبل افضل ويبدأ برسم هذا المستقبل من السنة الاولى فى دراسته الجامعية فيتفوق فيها حتى انه كل عام كان ينجح بتقدير امتياز .. وتنتهى دراسته الجامعية محققا فيها نصراً عظيما فقد كان اول دفعته.. وتم تعيينه معيداً بالكلية لمدة عام تم ترشيحه بعدها الى بعثة امريكا لنيل الدكتوراه على نفقة الدولة ..وتفرح به عائلته الصغيرة وسكان العمارة، إن معظمهم يعتبر يحيى كإبنا لهم .. لما عُرف عنه من دماثة الخُلق وحلاوة اللسان ونبوغه حتى ان الكثير توقعوا انه سيكون له شأنا فى المستقبل..ان تفوقه العلمى يؤهله لذلك ، ويسعد الحبيبان يحيى ومريم بهذا النجاح وهذا الحب ويتفقان على اعلان الخطوبة قبل السفر للبعثه.. انه الأن مؤهل ان يخطبها رسميا فشهادته فى يده واحلامه تتجسد فى خطى ثابتة وواثقة والمستقبل يفتح له بابا مُشرقا وحبيبته معه تبادله حب الطفولة والصبا والشباب.. وكان عليه ان يُفاتح والدها رسميا، وعلاقته مع والدها وزكرياته وتاريخه معه يُشجعانه على ان يفاتحه فى طلب ابنته مريم.. لقد كان دائما يراه بشوشا مبتسما كثير المزاح سواء معه او مع والده..... ..... ويصعد يحيى مع والده الى الطابق الثالث حيث يقطن المهندس عبدالحليم النجدى .. وبعد مقدمة حرص فيها ان لا تكون طويلة فاتحه فى موضوع خطبته لمريم و فجاءة يتحول وجه المهندس عبد الحليم ..الوجه الذى دائما كان يراه بشوشا طيباً هادئا الى بركان ثائر.. بركان يقذف بالحمم وقال له فى صوت اشبه بالصراخ وهو ينظر له نظرة قوية كلها تحد واحتقار:
- قد جُن جنونك يا يحيى.. انسيت من انت وابن من ...........؟ ام ان المعاملة الطيبة التى كنا نعاملك بها جعلتك تقفز فوق خيالاتك لتأتى اليوم تطلب يد إبنتى.. أنسيت من هى مريم..؟ .. واستطرد وهو ينظر الى جابر فى احتقار:
- ماذا جرى فى الدنيا يا جابر إن كان ابنك اغرته شهادته وتصور بها انه وصل الى درجة ان يطلب مريم .. ماذا اغراك انت لتوافقه على جنونه..
ووقف جابر وهو يعتذر له فى ادب اعتذاراً مبالغا فيه وهو يحنى ظهره حتى يكاد وجهه يلامس ركبتيه وكأنه ارتكب جُرما فى حق المهندس عبد الحليم.. حتى قاطعه يحيى وهو يقول لوالد مريم فى هدوء يوارى غضب:
- استاذ عبد الحليم .. إن كان ابى هو حارس العمارة التى تسكن فيها سيادتك فهذا ليس يعيبه بل يشرفه.. ان هذا الرجل كان يخدم هذه العمارة منذ اكثر من عشرين سنة بإخلاص وامانة وسيرته الطيبة يعلمها الجميع .. وان كنت انا ابن هذا الرجل حارس العمارة فهذا شئ لايعيبنى بل يشرفنى .. ان هذا الرجل علمنى حتى وصلت الى ان اكون معيداً فى الجامعة وتُرشحنى الى بعثتها لنيل الدكتوراه .. وإن كنت قد جئت اليوم لأطلب يد ابنتك.. فليس لأن شهادتى العلمية اغرتنى بذلك ..بل لأنى ابن هذا الرجل الشريف المكافح الذى تعرفه انت جيدا يا استاذ عبد الحليم .
ثم ان الله لا يفرق بين عبداً وآخر إلا بتقواه وعمله فى الدنيا.. لا بأن هذا رئيس مجلس ادارة وهذا حارس عمارة ، كلهم سواسية امام الخالق،، ولعل هذا الرجل الذى صرخت فى وجهه الأن هو اقرب الى الله من اصحاب ملايين يبجلهم المجتمع بينما قلوبهم مليئة بالحقد والسواد.. اسف يا استاذ عبد الحليم على تجرأى وجنونى........ واعتذر جابر مرة اخرى بطريقته المبالغ فيها وكأنه يستجدى من والد مريم الصفح عن هذا الخطأ الجسيم الذى اقترفه
ولم ينطفئ حبك .
وذهب وراء يحيى ..... وكانت مريم فى غرفتها تسمع هذا الحوار بينهم حتى نهايته.. والقت بنفسها فوق الفراش تبكى بكل قطعة فيها بعد ما خرجا بكاءاً يُمزقها ويُغير الدنيا فى عينيها
إن يحيى لم يكن مجرد شابا تعرفت عليه واحبته.. انه طفولتها وصباها .. شبابها وزكرياتها كلها ..انها احيانا تشعر انه يسكن تحت جلدها ويسرى فى دمها.. انها تتذكرانه لم يمر يوما عليها منذ تعلمت الكلام لم تنطق فيه اسم يحيى .. ولم يخطر على بالها يوما تلك الفروق والمعتقدات الباليه التى اثارها والدها فى نقاشه معه .. ثم ان المجتمع عندما ينظرلأى إنسان اليوم ينظر لنجاحه هو لوضعه هو لا لوضع والده.. ثم ما ذنب يحيى إن كان والده حارس عماره ،،انه لم يختار حياة اهله ولكنه قادر ان يختار حياته هو ومستقبله هو ..ومستنقبله يؤهله لحياة افضل .. حياة ناجحة يحترمها المجتمع ويشير اليها بالنجاح والإحترام والدولة بذاتها اعترفت بهذا النجاح وانفقت من مالها لتدعيمه بمنحُِِِِِِِِِه بعثة لأمريكا لنيل الدكتوراه.. ماذنبه اذن حتى يرفضه ابوها.. ؟ ماذا يستطيع ان يفعل اكثر من ذلك ليكسب احترام الناس.. وعادت تبكى وتلقى بزجاجات العطر واى شئ يقابلها من ادوات التجميل على الأرض فى عصبية .. حتى جفت دموعها ولم تعد عيناها تحمل دموعا تبكيها .. وخرجت الى والدها وهى تقول له فى تحد
- ابى ... كان عليك ان تأخذ رأيى قبل اصدار حكمك
فنظر لها الأب فى دهشة وهو يقول
- وماذا كان رأيك.....؟
وبنفس التحدى قالت
- رأيى انى لن اتزوج احد غير يحيى
فقال ابوها فى هدوء مفتعل
- يا مريم.. انا ابوك وادرى بمصلحتك ومن حقى ان ارفض من لا اراه فى مصلحتك
وقالت وقد بدأت عينيها تملؤهما غشاء من الدموع
- من حقك يا ابى.... ومن حقى انا ايضا ان اختار ان لا اتزوج غير يحيى
ونفذ صبره وقد علا صوته قليلا وهو يقول
- ما هذا الاصرار يا بنت .. قلت لكى لن تتزوجى من ابن جابر
فقالت وهى تبكى
- اسمه يحيى يا والدى ، ، وجرت من امامه الى غرفتها والقت بنفسها على السرير مرة اخرى وهى تئن كالعصفور الجريح