فنجان قهوة
هواتف لسلق البيض
أشياء كثيرة قيلت عن الهاتف الخليوي ليس أخطرها أن الموجات التي يطلقها تسبب السرطان، ولكن الشركات المنتجة لهذه الهواتف خففت من أهمية الأبحاث التي تتحدث عن الأضرار، واستعانت بدراسات سريعة لا تتوفر فيها شروط البحث العلمي الكاملة لتقول إن الأشعة التي يطلقها الخليوي ضعيفة بحيث إنها لا تحدث أضرارا على المدى القريب وإنما على المدى البعيد، بعد عقود من الاستخدام المتواصل.
وهذا الأسلوب في الدفاع استخدمته شركات السجائر في الماضي عندما بدأ الحديث عن علاقة التدخين بالسرطان، وعندما ثبتت هذه العلاقة علميا، وجدت الشركات نفسها في الزاوية الحرجة واضطرت إلى وضع تحذير على كل علبة سجائر يقول إن التدخين يضر بالصحة، وإنه سبب رئيسي لأمراض القلب والشرايين والرئة، وهو ما ستفعله شركات الخليوي مستقبلاً.
وحتى الآن ليس هنالك دراسة علمية جدية تثبت أن الخليوي يترك تأثيراً خطيرا في مستخدمه، أو أن له علاقة بالسرطان، كما ليس هنالك دراسة واحدة تنفي هذه العلاقة، والقضية بحاجة إلى بحث، ولكننا نتساءل: عندما تضع على أذنك مصدراً حرارياً ينتج طاقة تعادل الطاقة المطلوبة لسلق بيضة، هل تتأثر أذنك، وبالتالي دماغك بالحرارة التي تصله عن طريق الأذن أم لا. ولك أن تستغرب عندما تعلم أن الطاقة الحرارية التي ينتجها الخليوي (دعك من الإشعاعات) خلال ساعة واحدة من استخدامه تعادل الطاقة اللازمة لسلق بيضة.
وقبل أيام، أجرى المحرر العلمي في صحيفة “البرافدا” أنديه مويسينكو، وزميله فلاديمير لاجوفيسكي، وكلاهما من العلماء، تجربة فريدة كشفت جانبا من أخطار الخليوي، فقد وضعا بيضة في دورق صغير من البورسلان، وعلى كل جانب منها هاتفاً خليوياً، وأجريا مكالمة من الهاتف الأول إلى الهاتف الثاني، وتركا الهاتفين مفتوحين، ثم أدارا شريط تسجيل لكي يلتقط الهاتفان الأصوات التي تنطلق منه ويظل الاتصال بينهما فاعلا. وخلال الدقائق الخمس عشرة الأولى لم يحدث تغيير للبيضة، وبعد 25 دقيقة بدأت قشرة البيضة تسخن، ثم ارتفعت حرارة القشرة إلى حد كبير وأصبحت أكثر صلابة وتحول السائل الزلالي فيها إلى مادة صلبة شبيهة بالمادة التي نحصل عليها عندما نسلقها على النار، أما المح، وهو صفار البيض، فقد ظل على حالته السائلة، وبعد ساعة تشققت قشرة البيضة بفعل الحرارة وأصبحت البيضة كلها مسلوقة وجاهزة للأكل. بمعنى أن الطاقة التي انتجها الخليوي خلال ساعة واحدة كانت كافية لسلق بيضة، ولك أن تتصور ما سيحدث لك إذا أجريت مكالمة بواسطته استمرت ساعة، وهل يستطيع دماغك احتمال هذه الطاقة توجه إليه إشعاعيا.
والأطفال أكثر تأثرا بالإشعاعات التي يطلقها الخليوي من الكبار لأن خلايا الدماغ عندهم لم يكتمل نموها. ولكن المشكلة هي إننا جميعا نعيش في محيط من الإشعاعات، التلفزيون يضخ أشعة، وكل الأجهزة الكهربائية في المنزل، وخصوصا الميكروويف، وحتى عندما تسير في الطريق العام فإن موجة من الأشعة تغلف جسمك كله مصدرها محطات البث الإذاعي والتلفزيوني، قبل ان تصل هذه الموجة إلى جهاز الالتقاط فوق سطح بنايتك وتنتقل إلى جهاز التلفزيون في منزلك.
أبوخلدون