ورأيتهم كانت عيونهم تنطق بالخوف والذعر وأجسادهم ترتجف من البرد
نظرت لهم في شفقه واتجهت صوبهم
طفلة لم تتجاوز العاشرة من العمر مع اخيها الصغير الذي اخذ بالبكاء
فقامت اخته بإحتضانه وهي تنظر لي في خوف
جلست بجانبهم ومسحت على رأس الولد الصغير وقلت لها :
- لا تخافي يا عزيزتي انتم بأمان هنا
وأخرجت من جيب معطفي لوحين من الحلوى كنت قد اخذتهم من متجر مدمر على اطراف المدينة
نظر الطفل الصغير لقطع الحلوى بلهفة فناولته واحد منها
ارتسمت السعادة على وجهه وهو يقضم قطعة الحلوى بسرعة
اما اخته فترددت في اخذ الثانية ولكن جوعها تغلب عليها
وتناولته مني وهي تنظر لاخيها الصغير وقالت :
- شكرا لك يا سيدي فنحن من الامس لم نتناول أي طعام غير رغيف واحد تركه لنا والدي وذهب
وبدأت بالبكاء وتوقفت عن اكل قطعة الحلوى
شعرت بالحزن من اجلهم وقلت لها :
- ولكن اين ذهب والدك وكيف ترككم لوحدكم هنا
مسحت الدموع عن وجها وقالت :
- لقد اخبرنا انه سوف يذهب قريبا من هنا للبحث عن طعام وسوف يعود سريعا ولكنه لم يعد حتى الآن
وهنا انخرطت في بكاء شديد وشاركها اخوها بالبكاء كذلك
هدئت من روعهم وانا اقول :
- لا تخافوا سوف نخرج للبحث عنه هيا تعالوا معي
ترددت الفتاة قليلا ولكنها قامت وامسكت بيد اخيها وتبعتني
خرجنا من الباص ولا تزال نفحات الثلج تتساقط من السماء
نظرت لمعاطفهم الواسعة التي تكاد تخفيهم و قلت للطفل الصغير :
- انا اسمي عادل , هل لي بمعرفة اسمك أيها البطل
بان السرور على وجهه وقال :
- اسمي فارس ونفخ صدره في قوة وهو يرفع ذراعيه كابطال المصارعة
ضحكت اخته وقالت :
- فارس يحب مشاهدة الكرتون ومعجب بشخصية النمر المقنع
جذبها اخوها من معطفها وقال لها :
- هند لا تكشفي شخصيتي الحقيقه فهو لا يعرف اني النمر المقنع
ضحكت بصوت عالي وقلت لفارس :
- لا تقلق يا فارس لن يعرف احد شخصيتك السرية ابدا
نظرت حولي وقلت في نفسي اين نبحث عن والدهم لا يمكن ان يكون قد ابتعد كثيرا عن المكان
وفي البعيد لمحت جسدا ملقى على وجه
نظرت للأطفال وأمرتهم ان لا يتحركوا من مكانهم مهما كان حتى اعود أليهم
كنت خائفا ان تكون تلك الجثة لوالد الطفلين ولا اريد ان يصدموا برؤيته ان كان ميتا
جريت نحوه وعندما اقتربت منه رأيت ان اللون الازرق يكسوا الجسد الملقى
قلبته على ظهره واخذت ابحث عن نبض الحياة فيه
ولكنه كان ميتا ومتجمدا منذ الامس على اكثر تقدير
ورأيتها ملقاة بجانبة
تلك الصورة التي تجمعه مع زوجته وطفليه
هند وفارس
ولم اكد احمل تلك الصورة حتى سمعت صرخة عالية من ورائي
كانت هند تنظر في ذعر لجثة والدها
وارتمت عليه وهي تبكي في شدة
يتبع قريبا...............