مشكور مشكور مشكور ^^
مشكور مشكور مشكور ^^
NO THING
فنجان قهوة
الفاتنات الأديبات
كنت اتصور أن عبارة “الأدب النسائي” حكر علينا نحن العرب، فنحن لم نسمع عن ناقد يصنف كتابات الأخوات برونتي أو ماري شيلي، زوجة الشاعر شيلي التي ابتكرت شخصية فرانكشتاين، أو سيمون دي بوفوار، أو حتى فرانسواز ساجان في خانة “الأدب النسائي”. وكنت أتصور أن التعبير اقتضته الضرورة، وجذوره تعود إلى ثقافتنا في تدليل المرأة. فقد فوجئت الساحات النقدية في الوطن العربي في الستينات من القرن الماضي بموجة من الفتيات يكتبن قصصا يتحدثن فيها عن حيواتهن العاطفية وعشاقهن بصراحة صادمة، ويكتبن أدبا لا تستطيع مهما بلغ بك التسامح وضعه في خانة الأدب، وبحث النقاد في تراثنا فاكتشفوا فيه عددا من الكتب التي “تدلل” النساء ذوات الميول الأدبية، وتطلق عليهن اسم “النساء الشاعرات”، فادخلوا تعديلا طفيفا على التعبير واستخدموه لوصف كتابات أديباتنا الفاتنات.
ولكن الأديبات الفاتنات اللواتي يتحدث عنهن العالم اليوم لسن عربيات، وإنما صينيات جميلات جدا، ولدن بعد الثورة الثقافية ولم تطالهن عصا العم ماو، وقد حصلن على شيء من الاستقلالية في ظل انفتاح الصين الجديد فهجرن الحديث عن السياسة، وتركن قراهن وانتقلن إلى المدن الكبيرة، مثل شانجهاي وبكين، وعشن بحرية، ثم اتجهن إلى رواية تجاربهن في الحياة الجديدة بصدق، وكأنهن يقدمن إفادات لمركز شرطة، ومن هؤلاء “ويهوي” التي تروي في قصة “طفلة شانجهاي” مأساة امرأة مطلقة حائرة بين قلبين، قلب “تيان تيان” وهو رسام رقيق ولكنه عنّين، وقلب “مارك” العشيق الألماني. وويهوي تمتلك موقعا على الانترنت، وهي تصف إحدى المدن الصينية في الثمانينات في إحدى قصصها بأنها “ماخور تجريبي للرأسمالية''. وقد منعت الرقابة الصينية قصة “طفلة شانجهاي” ووصفتها بأنها “عمل ذو مستوى منحط” مملوء بمقاطع مخلة بالحياء، ويروج للأفكار العدمية لمفهوم من الحياة المبتذلة والمنحطة” ولكن المنع لم يؤد إلا إلى تنشيط مبيعات القصة بشكل سري.
ومن الأديبات الفاتنات “ميان ميان” التي تعيش في مدينة كبيرة هي شانجهاي، ولم تأت من الريف، وشقتها في شنجهاي مزينة بملصق كبير لمارلين مونرو، وقد نشرت قصة بعنوان “السكاكر الصينية” تروي فيها قصة ضياع طالبة في المرحلة الثانوية بعد انتحار زميلها في المدرسة، الذي يتعاطى المخدرات، ويجرها إلى هذا العالم، وهي تقول: إن قصتها المقبلة ستتمحور حول العلاقات بين الرجال والنساء، وحول مخدر الاكتساسي الذي يفتك ب “الأجيال الكيميائية من الشباب”، والكتابة عن المخدرات ربما تدخل في باب الكتابات الهادفة ولكن ليس إذا كانت في إطار قصة جنسية.
ومن الأديبات الفاتنات “زهاو بو” من شانجهاي، التي تصف في قصتها “بسكويت مشكل” العلاقات بين امرأة مطلقة ترفض أن تعيش حياة عادية، وتبحث عن الحب مع رجل غاو، ومع فتاة تجد متعتها في التحريض على الخيانة، وتوزع المؤلفة كتابها مصحوبا بقرص كمبيوتر يحتوي على موسيقا حالمة، وهنالك أيضا زهو ويننج التي نشرت قصة بعنوان “زهرة الفردوس” تتحدث فيها عن عاشق تائه وتصف نفسها بالقول “أنا الوحيدة التي أعرف أن الجسد الأكثر حرية”. ووي وي، وزهو جيرو ولينباي وجيودان وجيزي التي نشرت كتابا يصف علاقة عاطفية بين امرأتين، القاسم المشترك بينهن هو أنهن جميعاً جميلات ومثيرات.وكان الله في عون الرفاق الصينيين، إذ إن وجود عدد من الكاتبات يعد على أصابع اليد الواحدة يكتبن أدبا نسائيا أثار عواصف لها أول وليس لها آخر عندنا، فكيف إذا كن بهذا العدد، وهذا الجمال؟!
أبو خلدون
فنجان قهوة
فوضى قضائية
كتاب طريف صدر في الولايات المتحدة مؤخرا بعنوان “فوضى في المحاكم الأمريكية”. والفوضى ليس سببها، فقط، قضاة أمريكا الذين يحكمون وفق أهوائهم ويميزون بين المتهمين حسب اللون والمركز الاجتماعي والانتماء السياسي، وإنما سببها المحامون، وشهودهم.
والمحامون الأمريكيون من اكثر المحامين في العالم غباء وجشعا وعدم إخلاص لأخلاقيات المهنة، مما أتاح لهم تكوين ثروات طائلة، ولعل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يستطيع المحامي فيها أن يتحول إلى مليونير خلال فترة وجيزة من ممارسته المهنة، ومنذ منتصف القرن الماضي تحدث ايليا أبو ماضي في إحدى قصائده عن محام أمريكي يظهر في إحدى الصور وهو يضع يده في جيبه، فقال له أبو ماضي ساخرا، ما معناه: “ليس من عادتك وضع يدك في جيبك، والصورة ستكون أصدق تعبيرا لو وضعت هذه اليد في جيوب الآخرين”. ويتندر الأمريكيون على محاميهم بالقول: “إن المحامي شخص يساعدك على الحصول على حقك من الآخرين، لكي يأخذه هو لنفسه”. وكتاب “فوضى في المحاكم الأمريكية” يتضمن “لقطات” من مرافعات المحامين واستجوابهم للشهود في المحاكم، منقولة بالنص، ومن ذلك أن المحامي سأل أحد الشهود: “ابنك الأصغر، الذي يبلغ الحادية والعشرين من العمر، كم عمره؟ فأجاب الشاهد: “لقد قلتها أنت، إنه في الحادية والعشرين” وعاد المحامي يسأل: “للمتهمة ثلاثة أولاد، أليس كذلك؟” فقال الشاهد: “نعم” وقال المحامي: “وكم عدد الذكور بينهم” فقال الشاهد: “ليس بينهم أي ذكر” فقال المحامي: “وهل بينهم أية أنثى”؟ وفي إحدى الجلسات، تأمل المحامي صورة للمتهم مع بعض أصدقائه جرى تقديمها للمحكمة بين أدلة الإثبات وسأله: “هل كنت موجودا عندما التقطت هذه الصورة؟” فلم يجد المتهم أمامه إلا أن يرد بالقول: “أرجو أن تعيد السؤال من فضلك!”. واستجواب أخصائيي الطب الشرعي أثناء تقديم إفاداتهم فيه الكثير من المواقف الطريفة، ومثال على ذلك: سأل المحامي أحد الأطباء: “كم عملية تشريح أجريت لجثث موتى؟” فقال الطبيب الشرعي: “كل عمليات التشريح تجرى لجثث موتى” وفي جلسة أخرى قال المحامي: “هل تتذكر متى أجريت عملية تشريح الجثة؟” فقال الطبيب: “بدأت العملية في الساعة الثامنة والنصف مساء” فقال المحامي: “هل كان الضحية ميتا في ذلك الحين؟” فقال الطبيب: “أبدا، فقد كان يجلس على الطاولة ينظر إلي باستغراب، ويسألني لماذا أشرّح جثته؟”.
وفي استجواب آخر، سأل المحامي الطبيب: “قبل البدء بعملية التشريح، هل قست النبض؟” فرد الطبيب بالنفي، فسأله المحامي: وهل قست ضغط الدم؟، فرد الطبيب بالنفي أيضا، واستطرد المحامي قائلا: وهل فحصت التنفس؟ فقال الطبيب: “لا”، فقال المحامي، وكأنما اكتشف جوهرة ثمينة: “مادمت لم تفعل هذه الأشياء، وكان من المفروض أن تفعلها، فإن هنالك احتمالا أن الضحية كان لا يزال على قيد الحياة عندما بدأت بتشريح جثته” فرد الطبيب بالنفي القاطع فقال المحامي: “وما الذي يجعلك واثقا إلى هذه الدرجة”؟ فقال الطبيب: “لقد كان دماغه خارج جسمه وقد وضع في وعاء أغلق بإحكام على مكتبي” فقال المحامي: “ورغم هذا، هنالك احتمال أن الضحية كان على قيد الحياة” فقال الطبيب: “ربما كان على قيد الحياة كما تقول، ويمارس مهنة المحاماة” وهذه السخرية المرة من المحامين نجدها في أكثر من مكان في الكتاب، ومن ذلك أن محام قال للطبيب الشرعي، أثناء استجوابه: “أليس صحيحا أن الشخص الذي يموت أثناء النوم لا يدرك أنه مات إلا في صباح اليوم التالي؟” فرد عليه الطبيب بسؤال قال فيه: “أريد أن أسألك أولا: هل اجتزت الاختبار الذي تجريه نقابة المحامين للمحامين الذي يرغبون في ممارسة المهنة؟”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التوائم المتشابهة
حياة التوائم المتشابهة فيها الكثير من الجوانب الطريفة، ولكنها تثير الضيق، لأنها تلغي الفردية، وتعامل التوأم باعتبارهما شخصاً واحداً. وكثيرا ما يشعر أحد التوائم إن وجوده لا يعني شيئا دون وجود توأمه إلى جانبه، ففي كل مكان يوجد فيه بمفرده، يظنه الناس توأمه، وعندما يصحح لهم ظنونهم تنهال عليه الأسئلة عن توأمه، وكأن الناس يصرون على تذكيره أنه وتوأمه شخص واحد لا يجوز انفصال أحدهما عن الآخر ولو لبضع دقائق.
وعندما كنا في المدرسة الابتدائية كان معنا في الصف توأم متشابه إلى حد معجز، يصعب تمييز أحدهما عن الآخر إلا إذا كشف الإثنان عن ذراعيهما، إذ إنك ستكتشف حينها أن أحدهما أصيب بجرح في ساعده ترك أثرا ربما ليساعد الناس على تمييزه عن توأمه، وكان هذا التوأم يشيع جواً من الطرافة في المدرسة، فقد كانا يرتديان الزي نفسه، ويسرحان شعريهما بنفس الطريقة، ولم يكن الأساتذة والطلاب يميزون بينهما، وكان ضياع التمييز هذا سببا للكثير من المفارقات، فقد كان أحدهما يرتكب مخالفة سلوكية فيعاقب الآخر، وحتى في المنزل كان أحدهما يأخذ مصروف المدرسة من والده، ويعود بعد قليل ويزعم أنه “الآخر” ويأخذ المصروف ثانية ويذهب، وبعد دقائق يأتي الآخر ليفاجأ بالأمر، وباتهامه بالكذب.
وأشهر توأم متشابه في الولايات المتحدة حاليا هما جينا بوش وباربرا بوش، وقد أثارتا الكثير من العواصف في البيت الأبيض بتصرفاتهما، وسببتا الكثير من وجع الرأس لوالديهما بسبب إدمانهما المشروبات الكحولية، وإذا كان المسؤولون في كتاب جينيس يبحثون عن مادة لكتابهما، فإننا نقول لهما أن جينا وباربرا هما أول توأم تدخلان البيت الأبيض، إذ لم يسبق لأي رئيس أمريكي، على حد علمي، أن دخل البيت الأبيض وبرفقته توأم.
وفي الوسط الفني في أمريكا، هنالك الشقيقتان ماري وأشلي أولسون، اللتان بدأتا تعانيان من مشكلة التشابه بين التوائم على ما يبدو، فقررت إحداهما صبغ شعرها باللون الأحمر، واستغلت الماكياج لكي تبدو مختلفة ولو بعض الشيء عن شقيقتها. كما إنهما انفصلتا، فنيا، عن بعضهما، بعد استمرارهما في تقديم أعمال مشتركة لفترة طويلة، ويقول أحد أصدقائهما: “بعد أن عاشتا طوال السنوات الماضية متشابهتين في كل شيء، قررتا أن تكونا مختلفتين، حتى في التفاصيل الصغيرة، مما يدفع الكثيرين إلى التساؤل: “ماذا حدث بالضبط” وتجيب أشلي على هذا السؤال بالقول: “أشعر أحيانا إنني لا أعني شيئا للآخرين، فكل من يراني يسألني: “كيف حال ماري”، وتردد ماري كلاما مشابها وتقول إن كل من يراها يسألها عن شقيقتها التوأم.
والتوأم في التاسعة عشرة من العمر حاليا، وهما دائرة الضوء منذ السنة الأولى من عمرهما، وقد شاركتا في عدد لا يحصى من المسلسلات التلفزيونية باسم “التوأم أولسون”، ولكن مدير أعمالهما أعلن أنهما تخلتا كليا عن هذا الاسم، وستظهران في المسلسلات باسميهما فقط، كما توقفتا عن السفر، في المناسبات، مع بعضهما البعض، وفي إجازة عيد الميلاد الماضي وصلت أشلي لزيارة والديها في منزلهما في كاليفورنيا قبل توأمها ماري بيومين، وحتى في المناسبات التي تتطلب منهما السفر لتصوير مشاهد خارجية لبعض الأعمال الفنية، فإنهما لا تسافران معا، وإنما تسافر أحداهما قبل الأخرى ولو ببضع ساعات.
وحياة التوائم طريفة بالفعل، وقد يبدو من الغريب أن تكون عقدة كل منهما هي: توأمه.
أبو خلدون
فنجان قهوة
بشر آليّون
في أوائل السبعينات، أنتجت هوليوود مسلسلا تلفزيونيا طريفا يقوم ببطولته بشر آليون يشبهون البشر في الشكل تماما، حتى في التفاصيل الدقيقة، وهم يسمعون ويرون ويتكلمون ويتصرفون كالبشر، ولكنهم أكثر ذكاء من البشر، ويمتلكون قدرات لا يمتلكها البشر مصدرها علبة صغيرة موجودة في ظهورهم تحتوي على عدد كبير جدا من شرائح الكمبيوتر. وفي حلقة من حلقات المسلسل يشعر أحد هؤلاء أن حرارة الشمس ارتفعت وأصبحت فوق ما يحتمله جسمه، فيركز قليلا، وإذا به وسط غابة ظليلة تقيه من أشعة الشمس، وكم كان طريفا أن نرى أحدهم يصرخ ويستغيث على الشاشة، وقد سقط على الأرض غير قادر على تحريك رجليه، ليأتي أحد زملائه من البشر الآليين ويفتح الصندوق الصغير المثبت في ظهره ليكتشف أن سلكا صغيرا يصل شريحتين من الشرائح الكمبيوترية قد انقطع، فيزول الألم على الفور، وينهض (الرجل) عن الأرض، وكأن شيئا لم يكن.
شيء أشبه بالرسوم المتحركة، ولكن العلماء يقولون: إن هذا النوع من الروبوتات سينتشر على نطاق واسع بيننا قبل نهاية هذا القرن، وأن التكنولوجيا ستتمكن من ابتكار كائنات تشبهنا في الشكل والحركة تماما، بحيث لا يمكن تمييزها عن البشر العاديين، ولكن هذه الكائنات لا تملك قلبا ينبض، ولا دماء تجري في العروق، ولا رئتين تتنفس بهما، وإنما مجموعة أسلاك كهربائية وشرائح كمبيوتر مغلفة بغلاف مصنوع في المختبرات يشبه الجسم البشري في الشكل واللون والخصائص الخارجية تماما، ولكن عقلها يعمل بالكمبيوتر، وهي قادرة على العيش تحت الماء وفي ظل ظروف مناخية غير محتملة، وعضلاتها المصنوعة من الفايبر قوية جدا، والواحد منها لا يموت إلا إذا حدث تلف كامل في الأسلاك في جسمه. ويطلق العلماء على هذا النوع من البشر اسم “السيبورجيون”، ويقولون: إن ولادة هذا الجيل من الكائنات الآلية بات وشيكا، وقبل نهاية هذا القرن لن يكون غريبا أن تكتشف أن جارك واحد منهم.
والخطوات الأولى في انتاج السيبورج بدأت حاليا، فالمختبرات العالمية تتسابق لإنتاج أطراف اصطناعية تشبه الأطراف العادية في كل شيء وتقوم بعمل مماثل للعمل الذي تقوم به، وفي شركة “إي بي إم” يسعى المهندسون إلى صنع كمبيوتر على نمط العقل البشري، وقد تمكن هؤلاء من صنع شرائح كمبيوترية تزرع في الجسم وترتبط بالعقل، وتساعد المشلولين على الحركة.
ويبدو أن هذه الكائنات الآلية ستغير مفهوم العالم عن البشر، وفي كتاب صدر حديثا في الولايات المتحدة يقول مؤلف الكتاب جيمس هيوز: إنه لن يكون كافيا، في المستقبل، تعريف الكائن البشري بأنه شخص ذو كيان ووعي بالذات ويتمتع بمعدل معين من الذكاء، إذ إن هذه الصفات ستكون متوفرة في الروبوتات. بل إن بوادر التحرك نحو انتاج السيبورج بدأت تتجلى في الفن، فهنالك فنان يدعى ستيلارك يستخدم التكنولوجيا لنقل الإمكانات البشرية إلى الروبوتات، ومن بين مشاريعه إنتاج يد ثالثة يسيطر عليها “عقل” من مكان بعيد، عن طريق الانترنت، كما أن هذا الفنان يضع على جسمه كمية كبيرة من الأجهزة والأسلاك لتنشيط موجات دماغه، وتقوية عضلاته، وتحسين نبضه وتدفق الدم في جسمه، ومع تفاعل جسمه مع المؤثرات الخارجية يطلق شحنات كهربائية غريبة.
ويقول جيمس هيوز: إنه ينبغي تكييف عادات وتقاليد وقوانين شعوب العالم لقبول الإنسان السيبورجي على الأرض، ومثال على ذلك: ستضطر الدول إلى تغيير دساتيرها بحيث تضمن حقوق “الآلات الذكية والحيوانات” إلى جانب ضمانها لحقوق الإنسان. ويضيف: “إن إنسان السيبورج له حقوق أيضا، ولذلك ينبغي توسيع مفهوم كلمة “بشر” إذ إن السيبورجي سيعتبر نفسه متحدرا من سلالة بشرية”.
وعندما تنتهي من قراءة الكتاب تكتشف أن العلماء والمفكرين في الولايات المتحدة يعيشون أسرى عقلية الرسوم المتحركة وأفلام هوليوود التي قد تشيع البهجة في النفس، ولكنها لا تصنع حضارة، ولا تساهم في إنقاذ البشرية من التحديات التي تواجهها.
أبو خلدون
فنجان قهوة
طفلة تهدد الإمبراطورية اليابانية
في اليابان طفلة لا تزال في الثانية من العمر، ومع ذلك فإنها تشكل تهديدا خطيرا للنظام الأمبراطوري يفوق التهديد الذي شكله الجنرال ماك آرثر عام ،1945 عندما رسا بسفينته العسكرية في مواجهة الساحل الياباني واشترط أن يخرج الأمبراطور هيروهيتو من قصره، ويأتي إلى السفينة لتوقيع اتفاقية استسلام اليابان دون قيد أو شرط. والامبراطور الياباني لم يخرج من قصره طوال عمره، بل إن اليابانيين لا يذكرون أنهم رأوه ولو من بعيد في حديقة القصر، إذ إن تقاليد بلاد الشمس تحيطه بهالة من القداسة، وتقول الأساطير اليابانية إن أول أمبراطور حكم اليابان عام 660 قبل الميلاد، وهو الأمبراطور جيمو، يتحدر مباشرة من أماتيراسو، وثن الشمس التي كان اليابانيون يعبدونها، وهم يعتبرون امبراطورهم مبعوث العناية الإلهية لرعايتهم وتحسين أوضاعهم، ولذلك فإنه عندما خرج من القصر وذهب لمقابلة ماك آرثر ظل اليابانيون ينتحبون إلى حين عودته إلى قصره. وبعد الحرب عملت الولايات المتحدة على إزالة الهالة التي تحيط بالأمبراطور وفرضت على اليابانيين معاملته وكأنه واحد منهم.
والطفلة التي تهدد الإمبراطورية اليابانية ليست بعيدة عن العائلة المالكة، إنها واحدة منها، وهي الأميرة أيكو، الابنة الوحيدة لولي العهد الياباني الأمير ناروهيتو وزوجته الأميرة ماساكو. وبحكم كونها الابنة الوحيدة، فإنها سترث والدها ذات يوم، وتجلس على عرش اليابان من بعده.
والمشكلة هي أن أيكو أنثى، ومنذ ما يزيد على 2600 سنة هي عمر السلالة الحاكمة حاليا في اليابان، كان الحكم يذهب من الأب إلى ابنه، لا إلى ابنته، باستثناء بعض الفترات التي وصلت فيها المرأة الى الحكم ولكنها لم تمارسه بشكل فعلي. يضاف إلى ذلك أن والدة أيكو من عامة الشعب، وقد جرت التقاليد ان يكون الإمبراطور من أب وأم ملكيين، وعدم توفر هذا الشرط يشكل خطرا كبيرا يهدد كل الأسس التي قامت عليها التقاليد والديانة في اليابان، وإذا وصلت أيكو إلى العرش وتزوجت رجلا من عامة الشعب، فإن ابنها لن يكون من السلالة الملكية، لا من جهة الأم ولا من جهة الأب، الأمر الذي يعتبر ثورة كبيرة بالنسبة لليابانيين.
ووالدا الأميرة أيكو، ولي العهد الأمير ناروهيتو (45 سنة) وزوجته الأميرة ماساكو (41 سنة) فعلا الكثير لتحديث التقاليد الإمبراطورية في اليابان، وتسعى الحكومة حاليا لإلغاء قانون يمنع النساء من الوصول إلى العرش. ومع ذلك فإنه إذا وصلت أيكو إلى العرش فإنها لن تكون أول أمراة تحمل لقب امبراطورة في اليابان، فقد سبقها إلى ذلك ثماني نساء آخرهن الأمبراطورة جاساكوراماشي التي تنازلت عن العرش لابن شقيقها عام 1771 ولكن ذلك كان قبل صدور القانون الذي يمنع النساء من الوصول إلى الحكم. فقد صدر القانون عام ،1947 وقبل ذلك لم يشعر اليابانيون بضرورة إصدار قانون من هذا النوع، إذ إن العرف كان يقوم مقام القانون.
ويقول المراقبون: إن الحكومة اليابانية، تسير على حبل مشدود، فقد أحدث ولي العهد صدمة في اليابان عندما أعلن أنه سيتزوج أمرأة من عامة الشعب، وبعد الزواج بدأت الصحف اليابانية تتحدث عن اهتمامه بالعناية بابنته أيكو، وتربيتها، وهو ما يعتبره اليابانيون من عمل المرأة، وقد أحدث بعمله هذا الذي قبله اليابانيون في البداية على مضض، تغييرا في حياة العائلات اليابانية، إذ إن الكثيرين حذوا حذوه، ولكن، هل اليابانيون على استعداد للذهاب الى ما هو أبعد من ذلك؟ هذا ما سيكشفه لنا المستقبل.
أبو خلدون
شكرً أخي على الموضوع
ولكن شئ غريب جدًا أن تحكم عائلة واحدة 2600 سنة متواصلة
يبقى حسني مبارك عندنا مش غلطان في أنه يعطي الحكم لإبنه جمال
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة KILDON
أهلا وسهلا يا طيب.
ومعاك كل الحق في حسني... الرجل ماشي على العادات والتقاليد تمام!
فنجان قهوة
الأقلية اللبنانية في أمريكا
عندما اشتد أوار الحرب اللبنانية عام 1975 كتب سياسي أمريكي بارز غاب عني اسمه، مقالا في النيويورك تايمز طالب فيه بفتح باب الهجرة أمام اللبنانيين والفلسطينيين، وبرر مطالبته بالقول: “إن الإرث الحضاري لدى هؤلاء سيحدث نقلة في المجتمع الأمريكي شبيهة بالنقلة التي أحدثها المهاجرون الأوروبيون في حياة الهنود الحمر قبل قرنين من الزمن”.
والجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة محدودة الحرية في الحركة لأن لعنة “اسرائيل” تطاردها رغم أن الكثيرين من أفرادها حققوا نجاحا كبيرا، وفي وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) 100 عالم من أصل عربي لعل أشهرهم فاروق الباز، من أصل مصري، وعصام سعيد النمر، من أصل فلسطيني، الذي كان قبل وفاته في مايو/أيار 2005 من بين قلة قليلة من العلماء الذين يعطون الإشارة النهائية لإطلاق مركبات الفضاء، ومن بينها أبوللو 11 التي كانت أول مركبة فضائية هبطت على سطح القمر عام ،1969 وعلى سطح القمر الآن حجر صغير من كوكب الأرض مكتوب عليه كلمة “جنين” مسقط رأس العالم عصام النمر، سلمه عصام للرواد قبل دخولهم مركبتهم وطلب منهم وضعه على القمر، كما تحتفظ بلدية جنين بصورة موقعة من قبل رواد أبوللو 11 قدمها الدكتور عصام للبلدية في أول زيارة له للوطن عام 1972.
والجالية اللبنانية في الولايات المتحدة تتمتع بتقدير كل الأوساط، ومن أبرز شخصياتها رالف نادر، الناشط في مجال حماية المستهلك، والمرشح الدائم المستقل للرئاسة الأمريكية، وأكثر الشخصيات شعبية في الولايات المتحدة، وفي الخمسينات والستينات كان اللبناني “مزيد يعقوب” الذي اشتهر باسم داني ثوماس من أشهر ممثلي الكوميديا في العالم، وكانت ابنته مارلو ثوماس من الممثلات الشهيرات، وقد شاركت في مسلسل “تلك الفتاة” الذي انتجته شبكة الأي بي سي التلفزيونية واستمر عرضه من عام 1966 إلى عام ،1971 وفي المجال الإعلامي هنالك “كمال أمين قاسم” الذي اشتهر باسم كاسي قاسم، وكان من أفضل المذيعين ومقدمي البرامج في الولايات المتحدة، وهنالك “نيل صدقة”، مغني البوب وعازف البيانو، والمغني “بول أنكا” الذي عاش في الولايات المتحدة وحقق شهرة واسعة فيها، بينما هو يحمل الجنسية الكندية، والصحافي والكاتب ريموند حنانيا الذي نشر بعد أحداث سبتمبر/أيلول كتابا تحدث فيه عن المضايقات التي يواجهها ذوو الملامح الشرق أوسطية بعنوان “سعيد لأنني أشبه الإرهابيين”. ومن عائلة سنونو اللبنانية وصل جيمس سنونو إلى عضوية مجلس الشيوخ، ووصل آخر إلى منصب نائب الرئيس لشؤون الأمن القومي.
وقائد قوة السنتكوم في الولايات المتحدة من أصل لبناني هو جون أبي زيد، كما أن عائلة جبارة من العائلات الصناعية الكبيرة في الولايات المتحدة وأفرادها يحتلون مناصب بارزة في الدولة. وكان جيمس جباره الذي ينتمي إلى هذه العائلة من كبار ضباط الجيش الأمريكي ومن أبطال الحرب الكورية.
ورغم أن الأقلية اللبنانية مندمجة تماما في المجتمع الأمريكي إلا أنها شديدة الاعتزاز بوطنها، فعندما تعرض هذا الوطن لمحنة عام 1958 تمكنت الأقلية اللبنانية من دفع الجنرال ايزنهاور إلى إرسال قوات المارينز إلى لبنان، والرئيس بوش يأخذ في اعتباره نفوذ الأقلية اللبنانية في بلاده وهو يرسل وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس إلى المنطقة، ولا شك أنه سيغطي يده بأكثر من قفاز حريري قبل ممارسة أي ضغط على لبنان.
أبو خلدون
فنجان قهوة
عشرات الوجوه للمرأة
من بين الأفلام الشهيرة التي أنتجتها هوليوود فيلم بعنوان “7 وجوه لحواء”، ولكن خبراء الماكياج يقولون: إن المرأة لها أكثر من سبعة وجوه، وعندما يتحدثون عن ممثلات السينما في هوليوود بالذات يقولون: إن المرأة لها عشرات الوجوه، بمعنى أن كل ممثلة مشهورة في هوليوود لها وجه هو الوجه الذي وهبه الله لها، وهذا الوجه لا يؤهلها حتى أن تحلم بالحصول على اي دور في أي فيلم، حتى ولو كان دور كومبارس، وهنالك عشرات الوجوه الأخرى التي تظهر فيها الممثلة على الشاشة، أو أمام الجمهور، وهي الوجوه التي تمر عليها أصابع خبراء الماكياج، ومصففي الشعر، ومصممي الأزياء فتعمل عملها فيها، وتحول الممثلة من فتاة عادية، من النوع الذي يمكن أن تعثر في الشارع على العشرات ممن هن أجمل منها، إلى نموذج للجمال.
ويقول المسؤولون في صناعة السينما الأمريكية: إن هنالك ما يشبه التمرد بين الممثلات، بشكل عام، على الفتنة المزيفة، فهن يظهرن في الحفلات الخاصة، وفي منازلهن، وفي جولات التسوق من دون ماكياج، ولا يضعن الماكياج إلا من أجل الظهور أمام الكاميرا، ومن هنا جاء الحديث عن “المرأة ذات الوجهين” في هوليوود. ومثال على ذلك، فإن الممثلة أشلي يود تبدو، من دون ماكياج، وكأنها فلاحة قروية خارجة للتو من العمل في مزرعة لإنتاج القرع، فملابسها عادية، وشعرها غير مرتب، ووجهها خال من أي لمسة ماكياج، بما في ذلك ماكياج العينين، وهذا هو المنظر الذي تبدو به في منزلها، وفي الحفلات الخاصة، وجولات التسوق، أما عندما تقف أمام الكاميرا، فإنها تتحول إلى شيء آخر.
ومن دون الماكياج، لا تبدو جوليا روبرتس مؤهلة لدور “المرأة الفاتنة” الذي جسدته على الشاشة، ولكن لمسات خبراء الماكياج بتكبير حجم الشفتين، وتركيب رموش اصطناعية لها تغير من الصورة كليا، خصوصا وأن فمها أكبر من اللازم، بالنسبة لحجم وجهها.
والذين يرون وينونا رايدر في الطريق العام، يخطر لهم أن هذه الفتاة مشردة، من بنات العصابات، وربما يتصل أحدهم بالشرطة، ويطالب بوضعها في الإصلاحية، لحماية المجتمع منها، فهي تظهر بقميص رجالي واسع، وتضع على رأسها طاقية، وتبدو كالصبي، ولكن الصورة أمام الكاميرا تتغير تماما، والتركيز هنا على نزع القبعة أولا، والدقة في اختيار أحمر الشفاه، والماسكرا، وماكياج العينين.
وساندرا بولوك، بطلة فيلم “سبيد” تبدو من دون الماكياج وكأنها سيدة منزل فقيرة، غلبانة، أرهقتها متطلبات الزوج النكدي، والأولاد، ولذلك يحرص خبراء الماكياج على التركيز على تسريحة الشعر لجعل الوجه يبدو أكثر سعادة.
وعندما تفرد عارضة الأزياء هال باري شعرها، وتلبس النظارات، تتحول من نجمة غلاف تظهر في دعايات أكبر شركات أدوات التجميل، إلى فتاة لا تنشر الصحف صورها إلا في صفحات الحوادث الداخلية، ولكن الماكياج يفعل فعله، ويغير هال باري إلى فتاة أخرى، وهي تقول: إنها تحب السباجيتي، ومن أجمل فساتينها، بنظرها، فستان نقوشه قضبان سباجيتي.
وفي هوليوود، يطلقون على جوينيث بالترو لقب الفتاة المتمردة، فهذه الممثلة التي أدت دور البطولة في فيلم (شكسبير عاشقا) تظهر بملابس لا تدل على ذوق، وحتى الحقيبة التي تحملها، أشبه بالكيس تلفه حول وسطها، أما عندما تظهر أمام الكاميرا، فإن الوضع يتغير، ولذلك فإن الخبراء يقولون: إنها خير من يمثل المرأة ذات الوجهين، وعندما تسألها، تقول: “إنني لا أمانع في الجلوس فترة بين أيدي خبراء الماكياج، لأن الدقائق القليلة التي أمضيها معهم تنقلني من الفقر إلى الغنى، وتحقق لي الشهرة والنجومية”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
طفل يشغل محاكم أمريكا
اليكس هيوز طفل في الثالثة عشرة، ومع ذلك فإنه سيرث، عاجلا أو آجلا، عدة مليارات من الدولارات عن والده الذي توفي عام 2000. ويبدو أن والدته سوزان تريد أن يتم هذا الأمر عاجلا، ولذلك دخلت في معركة قضائية مع الأوصياء على ثروة ابنها واتهمتهم بأنهم يحاولون نفخ جيوبهم على حسابه.
والطفل اليكس هو الوريث الوحيد لثروة والده مارك هيوز، وللشركة التي أنشأها لتسويق علاجات طبيعية لتخفيف الوزن، وكان الوالد قد توفي بسبب جرعة زائدة على الحد من الدواء قبل بلوغه الرابعة والأربعين من العمر، وترك وراءه أربع مطلقات وابنا واحدا من زوجته الثالثة، وتحصل الزوجة حاليا على 10 آلاف دولار في الشهر كمصروف لابنها اليكس، ولكنها تقول إنها بحاجة إلى المزيد لكي توفر لابنها الحياة التي كان يحياها عندما كان والده على قيد الحياة، ولذلك رفعت دعوى قضائية تطالب بنصيب ابنها من الإرث رغم عدم وصوله إلى السن التي حددها الوالد في وصيته، وقالت في دعواها: “إن المبلغ الذي أقبضه حاليا لا يأخذ بعين الاعتبار الحياة التي كان يحياها ابني برعاية والده، فقد كانت حياته تشمل السفر في إجازات إلى المناطق الراقية، والابحار في يخت خاص، وحضور المناسبات التي تتسم بالأبهة”، ولكن المشكلة هي أن الوصية تنص على حصول الابن على الثروة عندما يصل إلى سن الخامسة والثلاثين.
وتقول الأم: إنه عند وصول ابنها إلى الخامسة والثلاثين من العمر تكون الثروة قد تبخرت وذهبت إلى جيوب الأوصياء عليه، الذين يحاولون السيطرة على كل شيء، وكل هدف الأم، كما يقول محاميها، هو أن تمنعهم من ذلك، الأمر الذي يدفع الأوصياء إلى محاربتها ومحاولة تجنبها.
والأم ممثلة، وملكة جمال سابقة، وهي تقول إن الأوصياء اقتطعوا من الثروة خمسة ملايين من الدولارات كأتعاب لهم، و15 مليونا كأتعاب للمحامين والمحاسبين الذين عملوا في حصر الإرث، وتضيف: “لقد حصل الأوصياء على منجم الذهب، بينما حصل ابني على نفايته”.
والأوصياء هم: جاك رينولد، جد الطفل، وكريستوفر بير، مدير الشركة السابق، وكونراد لي، محامي الأب مارك منذ إنشاء الشركة، وفي ردهم على الدعوى التي أقامتها الأم قال هؤلاء إنها تطالب بنصيب الابن من الثروة لكي تنفقه على حفلاتها وحياتها الصاخبة. ويضيفون إن إشرافهم على الثروة لا يحميها فقط وإنما ينميها، وعند وصول الابن إلى العمر الذي حدده والده ستكون الثروة قد زادت بضعة ملايين أخرى. وطالبوا بترتيب جلسة مع الابن لاستمزاج رأيه حول ما يريد أن يفعل، ولكن والدته ترفض ذلك وتصر على الحصول على المال، ويقول الأوصياء إنهم سألوا الخبراء فيما إذا كانت حياة البذخ التي تطالب بها الأم تناسب طفلا في هذا العمر، فرد الخبراء بالنفي، وقد نقلوا هذه المعلومات إلى الأم ولكنها لم تقتنع.
ومحاكم لوس أنجلوس مشغولة بهذه القضية منذ فترة، وستظل مشغولة فترة طويلة أيضا لأن الزوجة ليست من النوع الذي يقر بالهزيمة أولا، ولأن المبلغ الذي تطالب به كبير جدا ثانيا، ولأن الأوصياء لا يريدون التخلي عن منجم الذهب الذي أوقعه الحظ بين أيديهم.
ألم نقل لكم إن المال يفسد الحياة ويتعب الفكر؟
أبو خلدون
فنجان قهوة
حديث بركان ميرابي
الذين يعيشون حياة البساطة، على الطبيعة، بعيدا عن الحياة المادية الحديثة ومتعها الزائفة، يفهمون “لغة الطبيعة” وكلما ازدادوا تفكيرا وتبصرا في ما حولهم، كان الحوار بينهم وبين الطبيعة أكثر وضوحاً، وإذا كان جبران يقول إن “خرير المياه في الجداول يكشف له الكثير من أسرار الكون”، فإن أبو القاسم الشابي الذي مات قبل بلوغه السابعة والثلاثين من العمر يقول إنه عندما كان يتجول في أحضان الطبيعة في جبال وهران كان يستمع إلى “حديث الكائنات” و”أنشودة الحياة”.
وقبل كارثة تسونامي، عرف أبناء إحدى القبائل البدائية في المنطقة أن شيئا خطيرا على وشك الحدوث، فرحلوا إلى الكهوف في الجبال العالية على مقربة منهم، وطالبوا غيرهم بالرحيل ولكن الناس سخروا منهم ولم يستمعوا إليهم، وبعد الكارثة سألهم الناس: “كيف عرفتم أن كارثة على وشك الحدوث”؟ فقالوا: “من الأرض، فقد أصبحت الأرض أكثر خشونة تحت أقدامنا، فأدركنا أن ذلك تحذير لنا بأن شيئا غير عادي سيحدث”. ويروي أستاذ بارز في علم النفس أنه في كل مرة يسافر فيها خارج بلده، يجد قطته الصغيرة بانتظاره في محطة القطارات عندما يعود، وكأن القطة عرفت بموعد عودته فخرجت لاستقباله.
وفي اندونيسيا رجل عجوز يعيش في كوخ صغير عند أقدام جبل ميرابي بجزيرة جافا، ويقول هذا العجوز إنه يستطيع قراءة الأصوات التي تنطلق من البركان عند قمة الجبل، قبل انفجاره، ويرى فيها رسالة للناس تقال بغير كلام. وكثيرا ما حذر هذا العجوز المسؤولين في الحكومة الإندونيسية من مشاكل ستتعرض لها البلاد استنادا إلى قراءته لأصوات البركان قبل الانفجار. وقبل مدة، انفجر البركان بشكل مفاجىء، ويقول العجوز إن قراءته للأصوات التي سبقت الانفجار كشفت رسالة ليست موجهة لإندونيسيا وإنما للولايات المتحدة، وتقول الرسالة إن هذه الدولة ستشهد حربا أهلية دموية خلال السنوات العشر المقبلة تعيد إلى الأذهان الحرب الأهلية التي جرت بين الولايات الشمالية والولايات الجنوبية في الماضي. والعجوز الاندونيسي اسمه امباه مريدجان، وهو لا يتمتع بموهبة الاستبصار وإنما “يقرأ” دلالات انفجار البركان فقط، ويحاول فك شيفرة الرسالة التي تحملها، وهو يقول إن انفجارات هذا البركان كانت تتوافق دائما مع أحداث سياسية مهمة تجري في إندونيسيا أو الخارج، ويقول العجوز إمباه مريدجان إن تجارب الأقدمين كشفت أن البركان، عندما ينفجر، يصدر أصواتا يمكن ان نفهمها، والأصوات التي انطلقت قبل انفجار البركان الأخير تشير إلى أن الأمريكيين فريقان يعيشان تحت علم واحد، وقد انقطع الحوار بينهما وكل فريق يرفض الآخر ويحتقره، ولا يحاول فهمه وملاقاته في منتصف الطريق، يضاف إلى ذلك أن المجتمع الأمريكي أسهم في نشر ثقافة العنف بين أفراده، والشعور العدائي بين الطرفين سيزداد، خصوصا بعد انتخابات الرئاسة المقبلة، إذ إن الفقراء في أمريكا سيشعرون بأن لا ممثل لهم في واشنطن، والشك الذي يراودهم منذ عقود طويلة تجاه الحكومة الفيدرالية سينتهي إلى انتشار أعمال العنف وتدخل الحكومة لإيقاف موجة العنف سيؤدي إلى زيادة حدة المواجهات، وستسيل الكثير من الدماء، الأمر الذي يدفع بعض الولايات الجنوبية إلى إعلان انفصالها عن الاتحاد، فتدفع الحكومة بقواتها لقمع الحركة الانفصالية، مما يؤدي إلى اشتعال حرب أهلية على نطاق واسع.
ونحن نأمل أن يكون حديث العجوز وبركانه خاطئاً هذه المرة، لأننا لا نريد الشر لأحد، ولكن الطريق الذي تسير به أمريكا سينتهي بها إلى هذا المصير، ومن يزرع الشوك لا يحصد إلا ما زرع.
أبو خلدون
فنجان قهوة
التكنولوجيا دمرت المجتمعات
في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، عندما كان التلفزيون لا يزال حديث العهد، كان يحرص على تقديم برامج هادفة وأخلاقية لمشاهديه، وكانت النصيحة التي يقدمها الخبراء للشباب هي: “تابعوا برامج التلفزيون، وستستفيدون الكثير منها”. وفي فرنسا، حاول سارتر استغلال الشاشة الصغيرة لنشر فكره الوجودي، وكان يوصي أنصاره بكتابة مسلسلات وتمثيليات وجودية بطريقة مشوقة وتقديمها على الشاشة، ولكن هذه الفكرة لم تنجح لسبب بسيط هو أن التلفزيون أفرز جيلا أكثر وعيا من أن تخدعه الفلسفة الوجودية. ولعلنا لا نبتعد عن جادة الصواب إذا قلنا إن العامل الرئيسي في انهيار هذه الفلسفة، والفلسفات التي تعطي اهتماما كبيرا للخيال، مثل السوريالية وغيرها من المدارس الفنية والأدبية، يعود إلى انتشار التلفزيون.
الآن، وبعد ما يزيد على أربعة عقود، تغير الوضع إلى حد كبير، فقد بلغ التلفزيون مرحلة الخرف، وفقد النهج الأخلاقي الذي كان يسير عليه، وسلك سبيلا يهدد القيم والأخلاقيات المتعارف عليها، بما في ذلك العلاقات داخل الأسرة، ومستقبل الشباب. ففي أحصائية ميدانية، تبين أن الطالب يقضي ما يقرب من 1100 ساعة أمام التلفزيون كل عام، في مقابل كل 900 ساعة يقضيها على مقاعد الدراسة، وبعد انتشار ثورة الاتصالات دخلت ألعاب الفيديو والانترنيت حلبة المنافسة على الساعات التسعمائة الخاصة بالدراسة، ودخل التلفزيون في منافسة معها محاولاً مخاطبة غرائز الشباب والنوازع الخفية لديهم، وكانت النتيجة أن الطلاب لم يعودوا يجدون أمامهم من الوقت ما يخصصونه للمدرسة. بل إنهم لم يعودوا يجدون ولو بضع ساعات في الاسبوع يجتمعون فيها مع باقي أفراد العائلة ويتبادلون الأحاديث.
وفي مدرسة هيلينا المتوسطة بولاية ألاباما الأمريكية، وضع مدير المدرسة طلابه البالغ عددهم 600 طالب أمام التحدي الكبير: عدم الجلوس أمام التلفزيون، والابتعاد عن ألعاب الفيديو والكمبيوتر لمدة يوم واحد في الشهر، ولم يطلب منهم تمضية هذا اليوم في الدراسة وإنما طالبهم بتمضيته مع عائلاتهم في نزهة، أو في زيارة الأصدقاء أو استقبالهم، وأعطى هذه العملية اسما كوديا هو: “عملية الإطفاء”، وقال لهم: “صدقوني عندما تصلون إلى سن الشيخوخة وتتذكرون ما كان، وما ينبغي أن يكون، لن يقول أحدكم: أتمنى لو أنني أمضيت فترة أطول في مشاهدة التلفزيون وإنما سيقول: أتمنى لو أنني أمضيت فترة أطول مع عائلتي”.
وفي الشهر الأول من العملية، لم يتحمس لها الكثيرون، وشارك فيها 60 طالبا فقط، ولكن هؤلاء تحدثوا إلى زملائهم الطلاب الآخرين عن “المتعة الجديدة” التي لمسوها خلال ذلك اليوم، متعة التواجد في جو عائلي، وفي الشهر الثاني ارتفع العدد إلى النصف، وقال طالب في العاشرة من عمره: “كل أفراد عائلتي قرروا الاشتراك في البرنامج، فقد تناولنا الغداء في الحديقة، ولعبنا الكرة وبعض ألعاب التسلية، وتحدثنا كثيرا، إلى حين حلول الظلام” وقالت والدته: “عندما اتذكر كيف كنا نعود إلى المنزل فلا يتحدث أحدنا إلى الآخر: الأولاد أمام الكمبيوتر أو ألعاب الفيديو، والأب أمام التلفزيون، أشعر بالغصة لأن السعادة الحقيقية كانت تضيع منا دون أن ندري، وأعتقد أننا لن نشاهد التلفزيون بعد اليوم.
وأبرز ما ترتب على انتشار ثورة الاتصالات والقنوات الفضائية هو: أن كل فرد من أفراد العائلة صار له جوه الخاص به، وضاع الجو العائلي الذي كان يضم الجميع، الأمر الذي انتهى بكل فرد، وبالتالي المجتمع بأكملة، إلى الكآبة، والوحدة، والأفكار السوداوية.
ولو بقي التلفزيون على صورته القديمة، ولو حاولنا السيطرة على ثورة الاتصالات بحيث لا نصبح عبيدا لها، لما كان هذا هو الحال.
أبو خلدون
فنجان قهوة
دجاج هوليوود
عندما يلتقي نجوم هوليوود في الحفلات والسهرات هذه الأيام، لا يدور الحديث بينهم عن الأفلام، أو مغامرات بوش، رغم أن هذه المغامرات تشغل تفكير الكثيرين منهم، وإنما يدور حول: “الدجاج”، الدجاج الحي الطبيعي الذي نراه في مزارع الدواجن، وليس دجاج الوجبات السريعة، والتيك أواي، أو الدجاج المشوي. وقبل مدة، نشرت صحيفة الصنداي تايمز البريطانية تحقيقا موسعا قالت فيه أن موجة تربية الدجاج هي أحدث صرعة بين نجوم السينما العالمية، إلى درجة أنه يندر أن تجد واحدا منهم لا يربي دجاجا في فيلته. وقالت الصحيفة في تحقيقها أن ستينج، وجورج كلوني، وأليسيا سلفرستون، وجنيفر أنيستون، وبراد بيت، ووينونا رايدر، وجوليا روبرتس، وجنيفر لوبيز، وسلفستر ستالون وزوجته جنيفر فلافين، وبريتني سبيرز، كل هؤلاء تحولوا إلى عشاق للقأقأة، وحولوا حدائق فيلاتهم إلى معسكرات للدجاج من كل الأنواع.
وتقول الصنداي تايمز أن براد بيت وجنيفر أنيستون يربيان نوعا جيدا من دجاج رود آيلاند، والدجاج الدنماركي، وقد حولا الجزء الأكبر من فيلتهما في سانتا باربرا إلى مزرعة دجاج، أما جورج كلوني فإنه مفتون بالدجاج إلى درجة أنه انضم إلى جمعية لتبادل الحيوانات الأليفة، وهو يعير أعضاء الجمعية الحيوانات الأليفة التي يربيها في منزله، مقابل سماحهم له بتمضية بعض الوقت مع دجاجاتهم. أما ستينج وعضو فرقة الرولينج ستونز رون وود فإنهما اختارا نوعا أكبر حجما هو الديك الرومي، وهما يستعينان بالخبراء لإنتاج فصيلة مميزة من هذه الطيور.
والنجمة التلفزيونية مارثا ستيوارت التي تقدم برنامجا أسبوعيا يتابعه ملايين المشاهدين لا تضع دجاجها في حظيرة، وإنما أنشأت له فندقا خاصا أطلقت عليه اسم “قصر الدجاج”. وتقول الصنداي تايمز إن النجمة السوبر جوليا روبرتس تنشئ حاليا مزرعة للدجاج في فيلتها في نيومكسيكو.
ويشعر علماء الاجتماع بالحيرة في تفسير هذه الظاهرة التي تجتاح هوليوود هذه الأيام، وتميل أكيرا ميزوتا ليبيت إلى الاعتقاد أن الطيور الداجنة تعطي الإنسان إحساسا هو بحاجة إليه بالعودة إلى الطبيعة، في عصر طغت عليه التكنولوجيا، وقالت في كتابها “الحيوان الكهربائي: العودة إلى منطق الحياة البرية”: “هنالك محاولات لا شعورية لدى كل إنسان في الوقت الحاضر لإعادة الارتباط بين جسمه والحياة البرية”، بينما يرى البعض الآخر أن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة هو التباهي، وعندما يربي الممثل طيورا أليفة في فيلته، فإنما يريد أن يتظاهر أمام الناس بالعطف على المخلوقات الضعيفة، أو أن يقول: “إن لدي مساحة واسعة من الأرض في فيلتي، بحيث أنني أستطيع إنشاء مزرعة لتربية الدجاج فيها”. وسواء أكان هذا أو ذاك، فإن هذه الظاهرة تكشف مدى معاناة مشاهير هوليوود من الفراغ، والخواء الكبير في حياتهم.
وينظر بعض أنصار جمعيات الرفق بالحيوان بتوجس إلى هذه الظاهرة، ويتساءلون: “نعرف أن الصرعات في عاصمة السينما لا تستمر طويلا، فماذا سيحدث للدجاجات والطيور الأليفة التي يربيها النجوم في مزارعهم في الوقت الحاضر، عندما يمل هؤلاء هذه الصرعة، ويتجهون إلى صرعة جديدة، وهل تترك هذه الطيور لتنفق دون أن يمد أحد لها يد المساعدة؟”.
أبو خلدون
فنجان قهوة
الإعلام الأمريكي
قبل مدة نشرت جماعة ناطوري كارتا (حراس المعبد) إعلانا مدفوع الأجر في صحيفة النيويورك تايمز توضح فيه موقفها من “إسرائيل” والصهيونية، وتتحدث عن بعض تجاوزاتهما واستهتارهما بالشرعية الدولية، والجرائم التي يرتكبانها ضد المدنيين. والناطوري كارتا لا تعترف ب “إسرائيل” وترى أن الصهيونية العالمية مؤامرة ضد اليهود، وتعتبر منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعياً وحيداً لها، وترفع فوق مكاتبها العلم الفلسطيني لا نجمة داود، ولكنها فوجئت بعد نشر الإعلان إن موقفها تعرض للتشويه، فقد حذفت من الإعلان كل العبارات التي تمس “إسرائيل” بحيث بدت الجماعة وكأنها، على أحسن الفروض، “جماعة معارضة” داخل الجسم “الإسرائيلي” والصهيوني، لا رافضة جملة و تفصيلا لها، واحتجت الجماعة على ذلك وراجعت إدارة الجريدة، فقيل لها إن الجريدة ترفض نشر أية مادة يشتم منها العداء ل “إسرائيل”.
والذين يتابعون الأخبار التي تبثها القنوات التلفزيونية ويشاهدون المجازر التي ترتكبها “إسرائيل” ضد المدنيين في لبنان وغزة لا يعرفون إن هذه المشاهد لا تظهر على شاشات التلفزيونات والصحف الأمريكية، وأذكر أنني ناقشت، في منتصف السبعينات، جوناثان راندل، مراسل الواشنطن بوست في الشرق الأوسط، حول تغطية للحرب الأهلية في لبنان فقال لي إن المواد التي تظهر تحت توقيعه ليست هي المواد التي يرسلها، وإنما المواد التي دخلت مصفاة الرقابة، ففي الأخبار والتعليقات التي تتعلق بالشرق الأوسط و”إسرائيل” هنالك مجموعة قواعد ليس من المسموح تجاوزها لكل العاملين في أجهزة الإعلام في أمريكا هي: إن العرب هم دائما المعتدون، وأن “إسرائيل” تدافع عن نفسها فقط.
وعندما تنفذ المقاومة عملية ضد “إسرائيل” وتوقع بعض القتلى بين جنودها تصف أجهزة الإعلام الأمريكية العملية بالإرهاب، وتفرد مساحات واسعة لتغطيتها، وعندما توجه “إسرائيل” غاراتها الجوية وصواريخها ضد المدنيين العزل في غزة أو لبنان، تتحول القضية من إرهاب إلى دفاع عن النفس، وإذا وصل عدد الضحايا بين المدنيين حداً كبيراً، بحيث يصعب التستر عنه، كما حدث في مجزرة قانا مثلاً، فإن أقصى ما يحدث هو ضرورة “مطالبة كل الأطراف في المنطقة بضبط النفس”.
وحتى الآن، لا تزال “إسرائيل” تحتل أراضي من ثلاث دول عربية، إضافة إلى فلسطين، وعندما يتحرك أحد رجال المقاومة ويأسر جنديا “إسرائيليا” لمبادلته بأسرى من بلده، يصف إعلام أمريكا هذا العمل بالإرهاب، أما عندما تخطف “إسرائيل”، أو تأسر، آلاف الشباب العرب وتضعهم في السجون، تعتبر أجهزة الإعلام ذلك من حقها، حتى لو كان بعض المعتقين من النساء والأطفال، وحتى لو جرى اعتقالهم دون تهمة، فالتهمة جاهزة لدى الإعلاميين الأمريكيين، وهي: ““إن “إسرائيل” اعتقلتهم لأنهم ارهابيون”.
وحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف كلمات تزعج الإعلاميين الأمريكيين وتضايق المسؤولين في السي أن أن وفوكس، عندما تستخدم عنه الحديث عن العرب، أما فيما يتعلق ب “إسرائيل” فإن هذه الكلمات تكتسب بريقا خاصا ويجري التركيز عليها.
وعندما يرد ذكر “حزب الله” في أجهزة الإعلام الأمريكية، تتعبه على الفور عبارة “المدعوم من سوريا وإيران”، ولكننا لم نقرأ أو نسمع من يصف “إسرائيل” بأنها مدعومة من الولايات المتحدة وبريطانيا.
أخطر من ذلك: إن الصحافي أو المؤسسة الإعلامية التي لا تلتزم بكل هذه الأشياء توصف بالعداء للسامية، وتأييد الإرهاب، وإلا فإن حرية الرأي لن تكون ذات معنى.
أبو خلدون