عاشراً : يوم الفرقان يوم التقى الجمعان
:
غزوة بدر الكبرى ....هي تلكم الغزوة العظيمة التي وقعت بين الحق والباطل ، في يوم الفرقان ، وهو السابع عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ من شرف هذه الغزوة وعظم شأنها ، أن سمى الله يومها يوم الفرقان لأنه سبحانه فرق فيه بين الحق والباطل : " ... وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ". ( الأنفال : 41 )
كان جيش المشركين فيه أضعاف جيش المؤمنين عدداً وعدة ، ألف مشرك مقابل 300 مسلم ... سبعون فرس مقابل فرسين اثنين للمسلمين .... كل المقاييس العملية تؤكد هزيمة المسلمين - فئة قليلة بسلاح قليل - إلا أن المعركة انتهت بنصر مؤزر للحق وهزيمة منكرة للباطل ، وكافأ الله فيها المؤمنين على صدقهم وثباتهم ، وجازى الكافرين على عتوهم وكفرهم ، ولقى صناديدهم مصرعهم ، وعلى رأسهم أبو جهل .
وبهذه النتيجة تبين للجميع أن الحق مع محمد - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه إذ كيف ينتصر الأقلون المستضعفون على الأكثرين المتجبرين ؟ يقول الله سبحانه وتعالى ممتناً ومذكراً : " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ " بقلة العدد والسلاح : " فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ". ( آل عمران : 123 )
ومما يزيد من روعة هذا النصر انه جاء نتيجة نبوءة سابقة أعلنها النبي عن ربه وهو في مكة إذ يقول في الآية : 44 من سورة القمر المكية : (( أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ ، سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )) .
نزل هذا الوعد الإلهي عندما كان مشركي قريش يسرحون في اوج قدرتهم , بينما كان المسلمون مستضعفين يشكلون قله قليلة بينهم ، إلا أن الوعد كان جازماًُ بأن هؤلاء المشركين الذين يفتخرون بقدرتهم وشوكتهم وجمعهم سيهزمون ويولون الأدبار .. يقولون : نحن جماعة قوية متحدة و منتصرة : (( أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ )) , إلا ان القرآن يعقب على ذلك مباشرة بقوله : (( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ )) .
ان من المسلم له هو عدم امكان حصول التوقع والحدس بالانتصار السريع للمسلمين وكسر شوكة أعداء الإسلام في ذلك الزمان إذ كيف سينتصر المستضعفون الأقلون عدداً وعدة على الاكثرين المتجبرين؟ حتى أن عمر بن الخطاب كان يقول في نفسه بعد نزول هذه الآيات :
أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟
إلا انه لم تمر فترة قصيرة من الزمن حتى هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة ووجهوا ضربة قوية ومباغته إلى نحور الأعداء في أول اصطدام من نوعه مع الأعداء في ساحة معركة بدر ، في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة .
الحادي عشر : لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم
:
يقول الله سبحانه وتعالى : " لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [الأنفال:63].
يعلم القاصي والداني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى قوم كانت حميتهم شديدة وأنفتهم عظيمة ... عرفوا بالعصبية والانطواء على الضغينة من أدنى شيء حتى لو أن رجلاً من قبيلة لطم لطمة واحدة قاتل عنه أهل قبيلته حتى يدركوا ثأرهم لا يكاد يأتلف منهم قلبان ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وآمنوا به واتبعوه انقلبت تلك الحالة فائتلفت قلوبهم واستجمعت كلمتهم وزالت حمية الجاهلية من قلوبهم وأبدلت تلك الضغائن والتحاسد بالمودة والمحبة لله وفي الله واتفقوا على الطاعة وصاروا أنصاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعواناً يقاتلون عنه ويحمونه وهم الأوس والخزرج وكانت بينهم في الجاهلية حروب عظيمة ومعاداة شديدة ثم زالت تلك الحروب وحصلت المحبة والألفة وهذا مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل ... ولا يتيسر لنبي كاذب .. وصار ذلك معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرة باهرة دالة على صدقه ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : " يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي وعالة فأغناكم الله بي " .
الثاني عشر : علامات الساعة
:
وإخبار محمد - صلى الله عليه وسلم - بغيب علامات الساعة قبل 1400 عام ، التي لم تظهر أماراتها إلا في زماننا ، يشهد له بصدق الرسالة ، كما يشهد بأن الساعة حق. وستلاحظ - أخي القارىء - كيف ان الحديث عن هذه العلامات قد ورد على سبيل الجزم والقطع ، لا الظن والحدس .
ومن العلامات التي ظهرت ما يلي : 1 - كثرة الكتابة :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { إن بين يدي الساعة ـ وذكر منها ـ ظهور القلم } [ رواه أحمد ح (3860) ، والبخاري في الأدب المفرد ح (1049)، وصححه الحاكم (4/110)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (647). ]
وعن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن من أشراط الساعة : أن يكثر التجار ، ويظهر القلم } [ رواه ابو داود الطيالسي في مسنده ] 2 - تطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان :
ومن هذه الأخبار العجيبة الباهرة إخباره صلى الله عليه وسلم بتطاول هذا الصنف من الناس في البنيان ، ففي صحيح مسلم بعد أن سُأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة، قال صلى الله عليه وسلم : { .. أن ترى الحفاة العراة العالةَ رِعاء الشاء يتطاولون في البنيان } أي أنهم سيتركون هذا الذي هو لهم، ويتجهون للتطاول في البنيان .3 – زخرفة البيوت :
روى البخاري في الادب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : { لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشُّونها وشي المراحيل.} ومعنى « يوشونها » ينقشونها ويصبغونها بأنواع الالوان المختلفة كما تنقش الثياب والفرش ومعنى: « المراحيل » الثياب المنقوشة بنقوش تشبه رحال الابل.4 – تقارب الزمان و الاسواق :
قال رسول صلى الله عليه وسلم : { لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة } [ رواه أحمد واسناده صحيح على شرط مسلم ]
وقال صلى الله عليه وسلم : { لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج، قيل وما الهرج، قال : القتل. } [ رواه الإمام أحمد ، ورواته ثقات ].
ان تقارب الزمان المذكور في الحديث يفسر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسبب اختراع الطائرات والسيارة والإذاعة وما إلى ذلك والله أعلم .
وأما تقارب الأسواق ، فقد جاء تفسيره في حديث ضعيف بأنه كسادها وقلة أرباحها ، والظاهر – والله أعلم – أن تقارب الأسواق إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض بسبب وسائل النقل والكتابة السريعة التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها ، فلا يكون تغيير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار في جميع أرجاء الأرض ، ويذهب التاجر في السيارات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة أيام ، فيقضي حاجته منها ، ثم يرجع في يوم أو بعض يوم ، ويذهب في الطائرات إلى أسواق المدائن التي تبعد عنه مسيرة شهر فأكثر ، فيقضي حاجته منها ، ويرجع في يوم أو بعض يوم . [ أشراط الساعة - يوسف الوابل - بتصرف ]
ولو طبقت – أخي القارىء - ما في هذا الحديث من تقارب الزمان وتقارب الأسواق لوجدته مطابقاً لما في الإنترنت خصوصاً إذا علمنا أن بعض المواقع تحوي (300 ألف) سلعة تستطيع أن تطلع عليها جميعاً بمجرد كتابة عنوان ذلك الموقع والاتصال عليه .5 – فشو التجارة :
روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة، حتى تشارك المرأة زوجها في التجارة }.6 - تسمية الخمور بغير اسمها :
قال صلى الله عليه وسلم : { ليستحلن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها } [ رواه أحمد والنسائي وابن ماجة ] وقد صدق الصادق المصدوق فقد أطلق على الخمر أسماء كثيرة كالعرق ونحوه ، و تسمى في زماننا بالمشروبات الروحية !!
وقد سمعنا عن من يشرب الخمر ويقول هذه بيرة ليست خمراً ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 7 – المرأة تنكح وسط الطريق :
قال عليه الصلاة والسلام : { لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلاً } [ رواه الحاكم عن ابي هريرة ].
وهذا الأمر مشاهد في أمريكا وأوروبا أعاذنا الله من ذلك . وقال عليه الصلاة والسلام : { لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق } . [ رواه الطبراني عن ابن عمر ] 8 - ظهور أمراء يقولون ولا ينكر عليهم أحد :
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : { تكون أمراء يقولون ولا يرد عليهم يتهافتون في النار يتبع بعضهم بعضاً } [ رواه أبو يعلى والطبراني عن معاوية : وهو في صحيح الجامع رقم (2990) ، والصحيحة (1790) ] 9 - ظهور الكاسيات العاريات المائلات المميلات :
كان هناك بعض الصعوبة في فهم حالة النساء اللائي وصفهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهنّ سيخرُجن في آخر هذه الأمة، وأنهنّ كاسيات عاريات. وقد يحتار الإنسان ، كيف تكون المرأة كاسية ، و عارية في آنٍ واحد حتى رأينا ذلك في زمننا، فللمرأة كساء ، ولكنه ضيق أو شفاف يصف الجسم ، ويظهره ( أولها الملابس الكثيرة ، و لكنها تفصّلها قصيرة ) أو تكون لابسة كاسية في بعض الأماكن، متعرية في أماكن أخرى . و هن أيضاً مائلات مميلات ، وقد اكتمل الميل عن طريق المستقيم، والتمايل بالأجساد ، حتى وضعوا لهن في أحذيتهن كعوباً عالية ، لاستكمال الميل في الأجسام ، و هنّ بهذا الميل مميلات لكثير من الشباب مضلات لهم بفتنتهن المعروضة...
و رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة : أي كأسنمة الجمال المائلة . وهذا ما نشاهده في زماننا ، مصدقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كشف الله له هذا الغيب ، قبل ألف و أربعمائة عام ، فقال عليه و على آله الصلاة والسلام : { صِنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس – الذين يعتدون ظلماً على الناس فيضربونهم بالسياط [19] – و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلون الجنة ، و لا يجدون ريحها } [ رواه أحمد ومسلم.]10 - انتشار التعامل بالربا :
قال عليه الصلاة و السلام : { ليأتينّ على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا ، فمن لم يأكله أصابه من غباره } [ رواه النسائي وأبو داود ، وابن ماجه . ]
قال السندي متحدثاً عن هذه البلية : " هو زماننا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم". [ حاشية السندي على النسائي (7/243).]
وهو في زماننا أظهر وأبين، فقد أضحت البنوك الربوية ملاذاً يحفظ الناس فيه من الضياع أموالهم، بل ينالون منها رواتبهم وحقوقهم، وعن طريقها يدفعون أثمان بضائعهم وغيره، فإنا لله وإنا إليه راجعون. 11 – تعطيل السيف من الجهاد :
رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { من أشراط الساعة سوء الجوار ، و قطيعة الأرحام ، و أن يعطل السيف من الجهاد } [ رواه ابن مردويه عن أبي هريرة و أبو نعيم في تاريخ أصبهان ]12 – ترك الأذان على الضعفاء :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إنه سيأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم } [ رواه ابن ابي حاتم ] .
وقد حدث فمن الذي يؤذن سوى الضعفاء بين القوم الآن ؟ وهي ظاهرة منتشرة بالخليج ..
وبعد : فهذا قليل من كثير ، مما أخبر به رسول ربنا - صلى الله عليه وسلم - قبل ألف وأربعمائة عام ، يشهد بصدق نبوته ، وبأنه نذير لنا وبشير بين يدي عذاب شديد ، فكما رأينا علامات الساعة اليوم فسنرى الساعة غداً ، لأن المُخبر بها واحد ، وهو الصادق المصدوق ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم . [ من كتاب الايمان - مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت ]
الثالث عشر : دليل الإلزام
:
نريد أن نسأل اليهود : كيف آمنتم برسولكم موسى عليه السلام ؟
فإن قالوا : بسبب معجزاته ، أو أخلاقه ، أو تشريعه ، أو تأييد الله له ونصرته ، أو استجابة دعائه ، أو عدم رغبته في المصلحة الذاتية ، أو غير ذلك من الأدلة .
قلنا : كل ما ذكرتموه هو موجود في النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك النصارى نسألهم هل هم يؤمنون بنبوة موسى عليه السلام ؟، فإن الجواب سيكون :نعم . قلنا: كيف استدللتم على نبوته ؟ . فإن قالوا: لأنه قد ذكره لنا عيسى.
قلنا : هل هناك دليل آخر؟ .
إن قالوا : لا يوجد دليل آخر على نبوة موسى عليه السلام . قلنا: إذن أنتم صَحَّحْتم مذهب مَن كفر بموسى عليه السلام من قومه ؛ حيث إن موسى عليه السلام لم يأت بدليل على رسالته ، ولم ينزل عيسى عليه السلام في ذلك الوقت ، وأثبتم لمن آمن به أنه آمن بغير بينة ولا علم ولا دليل ، وأن رسالة موسى علقت عن التصحيح قرونا متطاولة حتى بعث الله عيسى عليه السلام .
فإن قالوا : نعم، هناك أدلة أخرى على رسالة موسى عليه السلام.
قلنا : كل دليل استدللتم به على نبوة موسى عليه السلام هو موجود في محمد صلى الله عليه وسلم.
فلا حجة إذن لرجل يهودي أو نصراني لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن صدق الله إذ يقول :
{ وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ. } [ الأعراف : 198 ] [20]
الرابع عشر : قالوا عنه صلى الله عليه وسلم
:
-
السير تشارلس ارمان البريطاني المتوفي 1940 : " لم تنتج بلاد العرب قبله ولا بعده فرداً أثر في مجموع تاريخ العالم ..". [21]- المستر جون ديفد لبوت مستشرق بريطاني توفي 1902 : " هل بالإمكان إنكار فضل محمد نبي العرب الذي قام بإصلاحات غريبة وعظيمة ، فكانت خالدة لبلاده ، فقد جعل أهلها يعبدون الله ، ويهجرون عبادة الاصنام، وهو الذي منع قتل الموءودة ، وحرم شرب الخمر ، وفعل الميسر ، وترك لأمته مبدأ لا يزال، وعليه يعمل الملايين ". [22]
- الفرنسي لوزن في كتابه الله والسماء، توفي 1937 : " ليس محمد نبي العرب وحدهم ، بل هو أفضل نبي قال بوحدانية الله ، وان دين موسى وإن كان من الأديان التي أساسها الوحدانية إلا أنه كان قومياً محضاً ، وخاصاً ببني إسرائيل ، وأما محمد فقد أعلنه لعموم البشرية في أنحاء المسكونة..". [23]
- كارل ماركس الالماني المتوفى 1883 : " إن الرجل العربي الذي أدرك خطايا المسيحية واليهودية ، وقام بمهمة لا تخلو من الخطر بين أقوام مشركين ، يعبدون الأصنام ، يدعوهم إلى التوحيد ، ويزرع فيهم أبدية الروح ، ليس من حقه أن يُعد بين صفوف رجال التاريخ العظام فقط ، بل جدير بنا أن نعترف بنبوته ، وأنه رسول السماء إلى الأرض ". [24]
- راما كريشنا راو : " لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلاً ". [25]
- لامارتان : " لقد كان فيلسوفاً وخطيباً ورسولاً ومشرعاً ومحارباً ومجدداً للعقائد العقلانية ومؤسساً لعشرين إمبراطورية أرضية ، وإمبراطورية روحية واحدة . إذا التـفتـنا إلى كل المستويات التي يمكن أن تقاس بها العظمة الإنسانية فإننا نتساءل بحق هل يوجد من هو أعظم منه ؟ [26]
أخي القارىء
:
قلي بربك .... أيمكن لرجل أن يغامر و يزعم أنه نبي و يؤمن بجميع الأنبياء من قبله من أول آدم مرورا بموسى و عيسى عليهما السلام و يجعل الكفر بواحد منهم كالكفر بالجميع ثم يتحدى أهل الكتاب من اليهود و النصارى الموجودين في عهده – بل إلى قيام الساعة – و يناقشهم في أخص أمور دينهم بل و يفضحهم و يواجههم بتحريفهم لكتب أنبيائهم حتى أنه لما هاجر توجه إلى أحد معاقل اليهود في الجزيرة العربية و هي يثرب -و كان يمكنه أن يهاجر إلى أرض ليس بها أهل كتاب؟ ما الذي دعاه إلى ذلك لو كان من الكاذبين؟
قل لي بربك .... لو كان هذا الدين من عند نفسه و ليس من عند الله فما حاجته للإيمان بالأنبياء السابقين و يدخل في هذه المواجهات مع اليهود و النصارى بل و يعلن أن إلـهه و إلـههم واحد و لكنهم هم الذين غيروا شريعته و بدلوا و حرفوا. [27
].
الخامس عشر : التمييز بين الصادق من الكاذب فيم دون دعوى النبوة فكيف بدعوى النبوة ؟
!
لاشك أن التميز بين الصادق من الكاذب له طرق كثيرة في غير دعوى النبوة ، فكيف بدعوى النبوة التي هي أشرف العلوم وأشرف الأعمال ، لذلك استدلّ النجاشي ملك الحبشة على صحة نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآمن به بعد أن سألهم عما يخبر به، واستقرأهم القرآن فقرؤوه عليه ، فقال : " إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ".
ان سيرته صلى الله عليه وسلم هي من أعظم الدلائل على صدقه ، فمن يقرأها متجرداً عن الهوى سيعرف أنها ليست سيرة كاهن ولا شاعر ولا كذاب ولا مجنون ولا سيرة ملك من طلاب الدنيا.
كان عليه الصلاة والسلام أبعد ما يكون عن سيرة الملوك وعيشة الملوك وحياة الملوك، كان يعيش على البساطة والتواضع وحينما دخل عليه رجل فارتعد هيبة له صلى الله عليه وسلم فقال له عليه الصلاة والسلام:"هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ ".
ما كان ملكاً، كان يأكل ما تيسر له ويلبس ما تيسر له وقالت زوجه عائشة :" إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلالِ ثُمَّ الْهِلالِ ثَلاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ. فقال لها ابن أختها عروة : يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتْ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ".
وقال أصحابه : " مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ ثَلاثًا تِبَاعًا مِنْ خُبْزِ الْبُرِّ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا ".
تقول عائشة : "كَانَ فِرَاشُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي يَنَامُ عَلَيْهِ أَدَمًا - جلد - حَشْوُهُ لِيفٌ". ودخل عليه ذات مرة عمر بن الخطاب وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال له عمر : يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أَوْثَرَ من هذا فقال صلى الله عليه وسلم : " مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا."
نعم - أخي القارىء - الدنيا ليست دار مقر وإنما هي دار مفر، الارتحال عنها ضروري وسريع وقريب. [28]
حاصل الأدلة
:
ان الأدلة السابقة إذا ضمت إلى بعضها حصل من مجموعها
قوة يقين عظيمة بصدقه صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
هذا وبالله التوفيق لى ولكم ونتمنى ان نكون وصلنا ولو قليلا ً
لموضوع جيد يستحق القراءة وان يكون بمستوى جيد للافاده
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم فى الله الفقير له
أبـوخــالد