" فائدة رقم 4 "
عن أبي هريرة ؛ عبدالرحمن بن صخر - رضي الله عنه – قال :
" قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، ولا إلى صوركم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ) أخرجه مسلم في البر والصلة رقم : 33 .
هذه الرواية ذكرها المصنف الإمام النووي رحمه الله ، وهي في مسلم وغيره ، ولكن دون زيادة " .. وأعمالكم " التي وردت في رواية مسلم أيضاً وغيره .
وقـد عـلـق الشيخ الألباني رحمه الله على هذه الزيادة فقال :
~ وهذه الزيادة هامه جداً ، لأن كثيراَ من الناس سيفهمون الحديث بدونها فهما خاطئاَ ، فإذا أنات أمرتهم بما أمرهم به الشرع الحكيم ، من مثل:
" إعفاء اللحية ، وترك التشبه بالكفار ، ونحو ذلك من التكاليف الشرعية "
أجابوك بأن العمده على ما في القلب واحتجوا على زعمهم بهذا الحديث ، دون أن يعلموا بهذه الزيادة الصحيحة الداله على أن الله – تبارك وتعالى – ينظر أيضاَ إلى أعمالهم ، فإذا كانت صالحه قبلها الله ، وإلا ردها عليهم .
كـما تدل على ذلك عديد من النصوص ؛ كقوله – صلى الله عليه وسلم - :
" من أحذث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " .
والحقيقة : أنه لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال ، ولا صلاح الأعمال إلا بصلاح القلوب ،
وقد بين ذلك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أجمل بيان في حديث النعمان بن بشير :
" .. ألا وإن في الجسد مضغة ؛ إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب " .
وحديثه الأخر :
" لتسوُن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " أي : بين قلوبكم .
وقوله – صلى الله عليه وسلم - :
" إن الله جميل يحب الجمال " وهـو وارد في الجمال المادي المشروع خلافاً لظن الكثيرين .
وإذا عرفت هذا ؛ فمن أفحش الخطأ الذي رأيته في هذا الكتاب [ رياض الصالحين ] في جميع نسخه المخطوطة والمطبوعة التي وقفت عليها : أن الزيادة المذكورة التي استدركها المصنف – رحمه الله تعالى – في الحديث ( 1587 ) لكن قلمه أو قلم كاتبه قد انحرف بها ، فوضعها في مكان مفسد للمعنى ، فوقعت فيه هكذا :
" ولا إلى صوركم وأعمالكم ، ولكن ينظر .. " وانطلى ذلك على جميع الطابعين والمصححين والمعلقين ، ولا أستثني من ذلك مصححي الطبعة المنبرية المكية ولا غيرها ، بل لقد انطلى أمرها على الشارح ابن علاّن نفسه ، فشرح الحديث على القلب فقال ( 4/ 406 ) :
" أي أنه تعالى لا يرتب الثواب على كبر الجسم وحسن الصورة ، وكثرة العمل " .
وهذا الشرحمما لا يخفى بطلانه ؛ لأنه . مع منافاته للحديث نصه الصحيح – معارض للنصوص الكثيرة من الكتاب والسنة الداله على أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحه – كثرة وقلة – من ذلك قوله تعالى - :
" وَلِكُلّ ٍ دَرَجاتٌ مّـِمَّا عَمِلُواْ " [ الأنعام :132 ] .
وقوله في الحديث القدسي :
" ... يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرا ؛ً فليحمدالله ... " .
وكيف يعقل أن لا ينظر الله إلى العمل كالأجساد والصور وهو الأساس في دخول الجنة بعد الإيمان ؛ كما قال تعالى :
" ادخُلـُوا الجَنَّـةَ بـِمَا كـُنـْتـُم تـَعْـمَلونَ " [ النحل : 32 ] .
فتأمل كم يبعد التقليد أهله عن الصواب ، ويلقي بهم في واد سحيق !
وما ذلك إلا لإعراضهم عن دراسة السنة في أمهات كتبها المعتمدة ، والله المستعان . [ ص : 23-24 ] .
يتبع بإذن الله ....
وأرجو عدم الرد حتى انتهي من الفوائد ...