السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
=
=
=
 
كنت أظن أن الشخص لا يتغير , و لكن و كما يقول الطنطاوي في ذكرياته يمر الإنسان بأشخاص كثر في حياته 
يحملون اسمه و ملامحه , تتغير أفكارهم و نظرتهم إلى الحياة و لو بشكل سطحي , و اليوم نرى مئات من 
الأشخاص الذين نظن بأنهم لا يتغيرون , و لكن و في النهاية تغيروا كما تغير قبلهم , المؤسف و المبكي أن 
أغلبهم تغيروا إلى الأسوأ !
 
 
 
نظرتي سوداوية ؟ نعم أعلم ! و لطالما تجادلت مع نفسي و حاولت أن أقنعها و لكنها تأبى أن تنظر إلى الحياة 
بألوانها الزاهية , و لكنني حالما ألقي بنظرة خاطفة للدنيا لا أرى سوى غيوم من السوداوية و المنحدرات 
السحيقة , لا أرى سوى انحدار يتبعه انحدار , ليس دينيا فقط أو سياسيا فقط و لكن أيضا أخلاقيا و اجتماعيا و اقتصاديا ..
 
 
 
نعيش في زمننا هذا أشد فترات الجاهلية سوادا و عتمة , على الرغم مما وصل إليه العلم الحديث , الأخلاق في الحضيض 
أصبحت الحضارة تعني المال و العلم و في الدول المتخلفة المظاهر , كثيرا ما نقابل أصناف من الناس 
تعتبر نفسها آية في التحضر على الرغم من أسلوبها السخيف في التعامل , التعامل مع الخدم , مع 
المعلمين , مع الأكبر سنا .. فبعد أن كنا نرى الأم تشجع أبنائها على طاعة المعلمين أصبحنا نراها تحرض على 
الرد عليهم و تقف دائما مع أبنائها ملقنة بذلك  إياهم درسا سيئا في الأخلاق !
 
 
 
لا أقول أن السابقين كانوا يعيشون في مجتمع مثالي_ فالمجتمع المثالي في الدنيا من سابع المستحيلات _ و لكنهم 
كانوا يعيبون على المسيء و لا يرتضون منه خلقا سيئا و الآن أصبح الجميع يدافع عنه تحت شعار 
الحرية ! حرية جعلت حياة البشر كحياة البهائم إن لم تكن أسوأ !  حرية أصبحت في نظر الكثيرين حجة مقنعة 
لفعل العديد من الشنائع و الفظائع ! مسحت الخطوط الحمراء في زمننا هذا و إذا مسحت الخطوط الحمراء فقولوا 
جميعا على الأخلاق السلام . كلما حاولت أن تقنع أحدا برأي الشرع  رد عليك بأن كل شخص ( حر في نفسه ) فتصمت ثم  يحسب أنه بهذا  أخرسك !
أحيانا تملك الحجة و لكنك لا تملك طريقة للتعبير عنها , فقد تخرسك جرأة الرد أو هول المصيبة أو في أكثر الأحيان الحـــــزن !
 
 
 
 
و عندما أعود فأرى نفسي أشعر بخوف شديد عليها ! أخشى من أن أتحول تدريجيا دونما أشعر إلى شخص 
مثلهم , و كيف لا أخاف و القلوب بين إصبعين يقلبهما الله حيث شاء !! أشعر في بعض الأحيان بغربة كئيبة و 
خوف مرعب , أخاف من نفسي أن تنقلب علي فأحس بعدها بغربة مع نفسي , فهي ليست أنا و أنا لا أحبها , 
أخشى أن أكون مسخا لما يريد إعلامنا الموقر أن أكون عليه , أخشى أن أراني بعد حين إنسان آخر يحمل 
اسمي و جلدي و ملامحي و صوتي و مشيتي و جلستي و ابتسامتي و ضحكتي و حزني و بكائي و نظرتي و 
حمضي النووي و لكنها و رغم كل هذا و ذاك ليست أنا , ليست أنا التي أريدها ,
 تقول كلمات الطنطاوي : ( نحن في تبدل مستمر, كل يوم يموت فيّ شخص, و يولد شخص جديد, و الميت أنا, و المولود أنا, خلايا جسدي تتجدد كلها كل بضع سنوات حتى لا يبقى منها شيء مما كان), 
و لكن شيخنا_ رحمه الله_ تبدلت خلاياه و أفكاره _ كجذور_ بقيت كما هي ! أما أنا !! ؟
قد لا أثق في نفسي كثيرا و لكنني أثق في ربي و أساله أن يثبتني إن كنت على حق و 
يهديني إن كنت على غير ذلك , و أسال الله الهداية و الرحمة لمن قال آمين !
 
 
 
عودوا إلى أنفسكم, انظروا إليها , تأملوها , حللوها , فإن لمستم فيها تغيرا للأسوأ فحاسبوها و عودوا بها إلى 
جذورها , و الحلال بين و الحرام بين , لستم في حاجة لمن يدلكم عليه ما دمتم تقرأون كتاب الله و سنة نبيه , 
فإن لم تقرأوها فعودوا إليها و لتقرأوها بقلوبكم و عقولكم  و لتجعلوا الله عليكم شهيدا ,,
 
 
 
 
كل شخص يتغير , الطفل يكبر و المراهق يصبح أكثر تعقلا و الشيخ يصبح أكثر تخوفا و هذه سنة ثابتة من 
سنن الحياة, لكن لكل شيء ميزان و مقدار و لولا هذه الموازين لسادت الفوضى , و التغير كما كل الأشياء له 
مقدار معين و حدود واضحة, الأفكار مثلا , قد تعتقد في طريقة تعليم معينة اعتقادا معينا و لكنك قد تغيره بعد 
أن ترى أسلوب أكثر تطورا و أكثر جدوى و لكن الحجاب _ كمثال_ حد يجب و يجب أن تقف عنده , فلا تحلل 
سفورا بعد أن كنت تحرمه , أو أن تتهاون فيه الفتاة بعد أن كانت تلتزم به , و هذا النوع من التغير هو ما 
أخشاه و أخافه , و هو ما أرى الناس يمارسونه تحت شعار زائف و جميل  ( حرية الأفكار ) ,,
 
 
 
 
لا أدري إن كنت وفقت في عرض فكرة تؤرقني و تقلقني و تدور في ذهني منذ زمن بنجاح أم لا ..
أسأل الله لي و لكم  التوفيق و السداد في كل خطوة نخطوها ..,,
.
.
.
. 
Another Moon