النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قصة إغواء سعيد

  1. #1
    التسجيل
    03-02-2008
    المشاركات
    9

    Post قصة إغواء سعيد

    خرج من بينه باتجاه عمله ، مشى في الطريق الذي تعود أن يمشي فيه كل يوم ، توجه نحو الموقف الذي يقصده كل صباح ، يبعد هذا الموقف عن بيته خمس دقائق مشيا على الأقدام ، و يقع في منطقة مكتظة تعج بالناس ، توجه إلى هناك و هو يحاول أن يشغل باله بأي شيء يسلي به نفسه .
    شبابه الغض و رجولته الواضحة لا تخفى على أحد ، أحيانا يفكر كيف سيتزوج ، فهو آنفا ما يريد ذلك خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه المغريات و شاعت فيه الضغوطات ، حيث تيسر الزنا و صعب الزواج ، و كل مرة ينتهي به التفكير في أمر الزواج بأنه لن يفكر فيه مرة أخرى ، و أنه سيحاول أن يسعى لأن يتزوج ان استطاع ، فضيق ذات اليد و غلاء الأسعار لم يحولا دون الزواج فقط بل جعلا حتى التفكير فيه أمرا غير معقول ، و على الرغم من تجنبه التفكير في الزواج إلا أنه غالبا ما يناقش نفسه بأسئلة تدور حول موضوع الزواج ، فهو يسأل نفسه أحيانا : ما صفات الزوجة المثالية التي تستحق أن أتزوج بها ؟ و ما الصفات الجسدية التي يجب أن تتمتع بها فتاة أحلامي ؟ و زوجتي المستقبلية هل أجعل معيار قبولها و رفضها جمالها أم أخلاقها و تربيتها ؟ و ما الأفضل للزواج الأخلاق و التربية أم الجمال ؟ أو بالأحرى أيهما أكثر تحقيقا للغرض من الزواج ؟ .
    و هكذا يظل يسأل نفسه مثل هذه الأسئلة و هو في الطريق ذاهب إلى العمل ، مع أنه يعلم أنه ليس لديه إلى زواج من سبيل ، و أنه لو أراد الزنا لناله بأسهل الطرق و متى شاء ، خاصة في هذه الأوقات التي توسعت فيها مدينته و كثر فيها المغتربون الذين لا يأبهون لحلال أو حرام .
    يمضي قدما في طريقه نحو الموقف ، ينظر إلى الرائح و الغادي و هو ماش في الطريق ، و يجول بنظره في الأنحاء .
    كلا يا سعيد ، غض بصرك فالله مطلع عليك ، كفاك تنظر يمينا و شمالا ، ماذا تحاول أن تكسب من وراء ذلك ؟!.
    لكن سعيدا لا يأبه كثيرا لنداء عقله ، بل يفكر في نفسه أنه ربما رأى فتاة جميلة ، وربما أعجبت به ، ولم لا ؟ فهو وسيم و ذكي ، فهوٍ في الحقيقة يبحث عن المعجبات به ، المعجبات بجماله ، من تظن أنه مميز عن غيره ، ليس ليصاحبهن أو يرتكب إثما معهن ، ولكن يريد فقط أن يعرف مدى الجاذبية التي يتمتع بها ، يريد أن يبرهن لنفسه أنه لو كان مثل بقية الشباب ممن يصاحبون و يزنون لكان حصل على أي فتاة يريدها، مجرد بطولة هوليودية و تفكير نرجسي ، لكنه بينه و بين نفسه عازم كل العزم على أن لا يرتكب تلك المعصية الشنيعة التي نهى الله و رسوله عنها ، صحيح أنه ينمى أحيانا لو يختلي بليل بإحدى الفتيات ، لكن معاذ الله أن يفعل ذلك .
    يتابع سيره إلى الموقف ، يلوح له الموقف من بعيد ، يستمر بخطوه مقتربا ، و عندما يصل إلى هناك ، يحصل الأمر الذي كان يخشى منه أشد الخشية أن يحصل ، ويخاف منه أشد الخوف ، يحصل الأمر الذي كان يدعو ربه أن ينجيه منه ، و يتمنى بينه و بين نفسه الأمارة بالسوء أن يحدث .
    ما إن يصل إلى الموقف حتى تقع عيناه على أجمل مخلوقة رآها في حياته ، فتاة أحلامه التي طالما تمنى أن يجتمع بها ، تنخطف أنفاسه و يتسمر في مكانه ، نظره متعلق بها و هي واقفة تنتظر السرفيس ، يا إلهي ما هذا الجمال !، ماهذه البشرة ! ماهذا اللون ! العيون الزرقاء و الشعر الأسود ، الزينة الخفيفة المتقنة التي أفسحت مجالا لإبداع خلقها أن يظهر ، أم هذا الجسم المنقوش نقشا كما يتمناه أن يكون ، الله أكبر ما هذا الحسن الفتان ؟!.
    و في تلك الأثناء كانت هذه الفتاة تتلفت يمينا و شمالا في محاولة للبحث عن سيارة قادمة ، فوقعت عيناها عليه أيضا،
    و حينها فرغ الموقف من الناس بينها و بينه ، و توقف كل شيء عن الحركة و الدوران ، و خشعت الأصوات و آال كل شيء الى السكون :
    - هو :
    هو واقف مسمر في مكانه ، يغص بريقه فلا يكاد يسيغه ، يحاول الحراك فلا يستطيع ، لم تعد أعضائه تطيعه منذ الآن ، كل جسمه يحدق بها ، تفكيره مشلول منصب عليها و حدها ، هي كل ما يتمناه في هذه اللحظة ، هي كل مايهواه في هذه الساعة ، عينه لا تريد أن تنظر إلى غيرها ، يده لا تريد أن تلمس سواها ، ورجله لا تريد أن تمشي إلا إليها ، أعضائه كلها تناديه ، تناشده ، تتوسل إليه أن يذهب إليها و يجتمع بها ، يعود إليه القليل من رشده فيبدأ بتحليل الموقف :
    كم أحب أن أكون مع هذه الفتاة البديعة الحسن ! ، ياإلهي كم هو محظوظ أبوها و أخوها ، لكن الآن الفرصة مواتية لأن أكون صاحبا لها ، لكن هل هي ستقبل بذلك ؟ نعم سترحب بذلك أشد الترحيب ، فواضح من نظراتها و ابتسامتها أنها تعلقت بي و بادلتني نفس الشعور الذي أكنه لها ، و أنها ستستجيب لأقل إشارة مني لها ، أريد أن أذهب إلى العمل سأتأخر ، لكن قدماي تأبيان الإطاعة ، وجسمي يرفض الحراك إلا صوبها ، لقد تعرضت لكثير من الإغراءات و المحاولات من غيرها ، لكن هذا أخطر موقف إغراء واجهته حتى الآن ، لاحول ولا قوة إلا بالله ماذا سأفعل ؟
    هل أذهب إليها و أقول لها كم هي جميلة ، و أخبرها أنني تعلقت بها و أشعر بأني أعرفها منذ الأزل ، و أني مستعد للموت من أجلها ؟ لماذا لا أحاول الذهاب إليها و التعرف عليها فكل الظروف مواتية ، فهي تريدني و أنا أريدها بالإضافة إلى أني شاب و غريب في هذه الأنحاء ؟ ! هل أفعل ذلك و سنرى لاحقا ما ستؤول إليه الأمور ؟؟!!
    - هي :
    هي واقفة في مكانها تنتظر السرفيس ليقلها إلى جامعتها ، تتلفت يمنة و يسرة لترى إن كان هناك سرفيس يلوح في الأفق قادم باتجاه موقفها ، تحين منها التفافة عابرة فتراه واقفا في مكانه يحدق بها ، تنظر إليه جيدا ، فتقع عياناها على أجمل مخلوق راته عيناها ، ما شاء الله ما هذا الوجه الجميل الذي ينضح بالرجولة و الجمال ،تبتسم شفتاها بالرغم منها ، ما هذا الجسم المتناسق الفتان ، ما هذه العيون الكبيرة التي تزين وجهه ، تقول لنفسها : لم أر شخصا بجماله من قبل ، أجل إنه ينظر إلي لقد أعجب بي ، أريده أن يأتي و يكلمني ،تنظر إلى الأرض و تبتسم فرحا بأنه يريدها ، تعاود النظر إليه مرة أخرى ، تريده أن يأتي، تريد أن تكلمه ، تنتظره بكل شغف ، تنتظر منه أن يخطو إليها و يكلمها .
    - نعود إليه هو :
    مازال مسمرا في مكانه يفكر أن يذهب إليها و يتعرف عليها ، فجأة صوت خافت في رأسه يقوى شيئا فشيئا و يتضح شيئا فشيئا يقول له : اتق الله ، تذكر نار الآخرة و عقوبة الزنا ، ماذا ستقول لربك يوم العرض ، ماذا ستقول لنبيك حين تلقاه ، أترضى ذلك لأختك أو أحد محارمك ؟ اتق الله و اذهب إلى عملك و انسى ما حصل الآن .
    هنا يبدأ جسمه بإطاعته ، يستطيع الآن و للحظات فقط ريثما يخفت هذا الصوت اللذي في رأسه أن يحرك جسمه و يذهب ، و متى ما قام بالخطوة الأولى تبعتها خطوات ، هيا يا سعيد تحرك ، فكر افعل شيئا تنقذ به نفسك .
    و فجأة يقف سرفيس أمامه لينقذه من هذا الموقف العصيب ، فقفز مسرعا داخله واندس بين الركاب و أشاح نظره عنها ليبتعد به السرفيس من هذا المكان و ينقذه مما قد هم به .
    يلتفت نحوها للمرة الأخيرة يحاول أن يرى ردة فعلها فيلاحظ عليها الغضب و الأنزعاج ، يبتسم و يشيح بنظره بعيدا فرحا بنصره الجديد ، وفرحا بأن الله قد أعانه و جنبه معصيته .




    بقلم : تختخ السوري

  2. #2
    الصورة الرمزية رفعت خالد
    رفعت خالد غير متصل عضو قدير ومراقب سابق
    قصصي متميز
    متهم يرجو العفو من الملك
    التسجيل
    22-12-2004
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    966

    رد: قصة إغواء سعيد

    السلام عليكم و رحمة الله..

    مشهد يعالج الواقع فعلا.. فهذا حال الشباب و لا حول و لا قوة إلا بالله إلا أني أؤاخذك على شيء واحد فقط..

    كيف تصف قوام الفتاة و مشاعر الفتى و هو يلتهمها بعينيه ؟.. ثم يقول لنفسه بعد هذا اتق الله.. ألا ترى أن في ذلك غواية للقارء حتى ؟..

    أعلم أن نيتك حسنة لكن لو تغاضيت عن كل ذلك الوصف لكان أطهر لبال القارئ.

    و شكرا.

  3. #3
    التسجيل
    03-02-2008
    المشاركات
    9

    رد: قصة إغواء سعيد

    السلام عليكم و رحمة الله
    اخي رفعت خالد اشكر لك على ردك البناء و صراحتك و اشكر لك ايضا انك الوحيد الذي عبرتني في هذا المنتدى و كلفت خاطرك بالرد علي ، فلقد نشرت هذه القصة في غير منتدى و قام المشرف بتثبيت القصة في القسم ، واظنني لذلك لن ارجع لهذا المنتدى و لن اشارك به مرة اخرى
    اما بالنسبة لوصف قوام المراة فانا معك في هذه النقطة ، و لقد حاولت عند كتابتها تجنب الوصف المباشر و المغري ما استطعت ، لكن وجدتني مضطرا لذلك لاتمام حبكة القصة
    شكرا لك من جديد و الى اللقاء

  4. #4
    التسجيل
    03-01-2005
    المشاركات
    1,964

    رد: قصة إغواء سعيد

    أي ان الضرورة الأدبية هي التي دفعته الى هذا ..!
    هه خالد و شخصيا لا أرى فيها ما تراه , فلو لم يصف تلك المشاعر لما كانت القصة بجودة السبك هذه , جميلة هي , وبسيطة و مشهد واقعي فعلي للبعض وليس الجميع !
    أحببتها , وستجدها في دفتر المفضلة الى ان نرشح أعمالا جديدة للتمييز ..
    وسموحة منك بالمناسبة
    دمت

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •