بسم الله الرحمن الرحيم
واضح من عنوان الموضوع أنه دعوة إلى تشغيل الكتلة الهلامية في رؤوسنا المسماة بالمخ.
بإمكانكَ عزيزي القارئ / بإمكانكِ عزيزتي القارئة
عدم الخوض في الموضوع ، والاكتفاء بالعنوان باعتبارها نصيحة هامة يقولها جميع الناس ، خاصة من يظن نفسه [فهماناً] في أمرٍ ما.
(هل أنا من تلك الفئة؟ إن شاء الله لا).
ما علينا ، يسترعي انتباهي بعض المواضيع ، وبعض الإشاعات التي تنتشر ، وبعض الأمور الأخرى. أستغرب دوماً كيف انتشرت ، ولم يصدقها الناس.
المشكلة أن الكثيرين منا ، حين يرون كلاماً مكتوباً كثيراً ، أو مستندات ، أو مواقع إنترنت ، أو شخصاً يتكلم بثقة ، فإنهم يصدقونه. والمشكلة هي أن بعض تلك الشائعات - أحياناً - دينية - أو تبدو بأنها دينية - ولست أدري حقاً لم قد ينشر شخص إشاعات كتلك... كيف تنشئ كذبة مبرراً ذلك بإظهار إعجاز أو مصداقية للدين؟ من طلب ذلك؟ ومن زعم أن الدين الإسلامي يحتاج إلى مصداقية؟!
سأضرب بعض الأمثلة ، أرجو أن يوضح الموضوع منها. لعل بعضكم يعرف بعض تلك الإشاعات ، ولعل لبعضها هدف واضح ، والبعض الآخر ليس له هدف واضح ولا أدري لم نشأ أصلاً!
والآن طبعاً ، مع ظهور الإنترنت عموماً ، والمنتديات العربية والمجموعات (الجروبات) العربية خصوصاً ، صارت تلك الإشاعات سهلة النشر والتداول. منها ما هو قديم ويتكرر دوماً ، ومنها ما هو جديد. مصادر الإشاعات سابقاً كانت المجلات والجرائد وبعض النساء ، لكن يبدو أن المنتديات والمجموعات التي تتداول كل شيء عن طريق البريد الإلكتروني قد طغت على الأساليب القديمة.
على أية حال ، من الأمثلة التي وددت أن أطرحها:
المثال الأول: زيت الذرة يسبب السرطان.
رأيي الشخصي: هذه المقولة انتشرت عن طريق البريد الإلكتروني ، ربما نشرتها بعض شركات زيت الذرة بسبب إقبال الناس في تلك الفترة على شراء زيت النخيل ؛ بسبب رخص سعره.
ومن ناحية صحية: كل شيء في الحياة يسبب السرطان ، وكل ما لا يسبب السرطان يسبب السرطان.
المثال الثاني: في سلسلة قصصية معروفة: هاري بوتر ، ظهرت إشاعة أن الكاتبة جعلت مدير المدرسة شاذاً جنسياً. طبعاً ظهر أن كل ذلك محض افتراء.
المثال الثالث: رسائل يرسلها الناس ، تنشط لفترة ثم تخبو فترة أخرى ، كانت تصلني منذ ما يزيد عن سنوات عشر ، ولا تزال تصلني مرتين كل عام تقريباً. مفاد تلك الرسائل أن مايكروسوفت ضاقت ذرعاً من كثرة مستخدمي الهوتميل ، وتريد إغلاق الحسابات البريدية غير المستخدمة , وحتى تثبت أن بريدك يعمل ، عليك إرسال تلك الرسالة إلى عشرة أشخاص على الأقل في حسابك ، وإن كنت لا تصدق راجع موقع msn الرئيسي.
رأيي الشخصي: لست أدري لم ينتشر شيء كذلك ، وحين يقرأ معظمنا [راجع الموقع الفلاني] فإنه يصدق ويجزع ، ويظن أن الأمر صحيح ، ويبدأ بإزعاج غيره.
المثال الرابع: كل عامين تقريباً يتداول الناس أمراً يخص شركة البيبسي: أن باحثاً مصرياً ذهب وحلل المحتويات ووجد المادة الفلانية ، وهذه المادة تستخرج من الخنزير. هذه المقولة تنتشر نفسها بالحرف كل فترة!
رأيي الشخصي: قد تكون شركات منافسة هي من نشرت تلك الإشاعة. في كللللللللللل مرة منذ ما يقارب السنوات العشر ، حين تصلني على بريدي الإلكتروني أو أقرؤها في أحد المنتديات ويتداولها الناس ، الكلام نفسه! باحث مصري ذهب حديثاً و.....إلخ
في كل مرة يذهب الباحث حديثاً؟!
ثم ، اتضح أن تلك المادة التي يتكلم عنها هي مادة حيوانية عموماً ، ليست بالضرورة مستخرجة من أمعاء الخنزير
المثال الخامس: إشاعة عن شركة كادبوري أنها تضع مواداً ضارة في منتجاتها المصدرة إلى الشرق الأوسط.
رأيي الشخصي: كادبوري كانت منتجاتها دوماً باهظة الثمن ، حتى جاء موزع في مصر وصارت توزع على الدول المجاورة بأسعار عادية نسبياً. لعل ذلك لم يعجب موزعاً آخر (دون ذكر أمثلة) فأصدر تلك الشائعة.
المثال السادس: في عرض تلفازي في برنامج ما ، جاءت مجموعة ومعها قطعة بلاستيكية على شكل مغناطيس. لم يكن هدف البرنامج هو النصب أو الاحتيال ، ولكن شيئاً على غرار (شوفوا يا ناس كيف الخداع سهل) أو شيئاً ما عن دحض الأكاذيب والخرافات. (لم أشاهد تلك الحلقة ولا أعرف البرنامج ، لكنني قرأت عنه)
المهم ، كانوا يقولون للناس أن ذلك المغناطيس الكبير هو نظام علاجي جديد يشفي الآلام. جربوه على امرأة عجوز كانت تشتكي من آلام في يدها ، والعجيب أن المرأة قالت أن الألم زال ، وهي تريد شراء ذلك النظام العلاجي (رغم أن المغناطيس كان قطعة من البلاستيك فقط!)
رأيي الشخصي: من السهل خداع بعض البشر حقاً.
المثال السابع: فيما يخص بعض القوى الخارقة ، الParapsychology والTelekinetics ، بداية: لا أريد أن يقلب الموضوع إلى نقاش عن هذين الموضوعين!
من حركات الفئة الثانية (الTelekinetics ) الشهيرة هي إمكانيتهم لجعل ورقة على شكل مروحة تدور ، بإحاطتها بيده فقط دون لمسها.
التفسير: قرأت موقعاً يعارض الTelekinetics ، وكان الكاتب يقول أنه لا يملك أي قوى خارقة ، ومع ذلك تمكن من عمل تلك الحركة ، وكتب الطريقة ، وصور فيديو وضعه في موقعه. للأسف الموقع ضاع من عندي ، لكن الطريقة تعتمد بشكل رئيسي على التحكم في مجرى الهواء ، وشكل الورقة يساعد على تحركها. ليس للأمر أي علاقة بقوى خارقة.
ولكل من يدعي أن لديه قوى خارقة ، أنا أدله على طريقة يكسب فيها مليون دولار (حقيقة لا كذباً). لا يكلفه الأمر سوى تذكرة السفر إلى كندا. طبعاً ، السفر إلى هناك مكلف ، لكن كل التكاليف تهون مقابل المليون دولار.
الأمثلة التي أود إيرادها الآن حساسة لأنها دينية:
المثال الأول: منذ بضع سنوات ، انتشر بين الناس مسلسل بوكيمون ، وظهرت له صور ، وألعاب ، وحتى يقال أن بعض محلات الذهب صارت تبيع حلياً تحتوي على بعض من شخصياتهم.
ظهرت إشاعة على غرار: بيكاتشو تعني: أنا يهودي
تشارماندر تعني: أنا أحب اليهود
وأشياء مشابهة.
وأيضاً ظهرت فتوى أن مسلسل بوكيمون [حرام] (والظاهر أنها إشاعة لفتوى ، فلم أسمع عن شيخٍ بالاسم! كل ما كان يقال أنها فتوى ، دون اسم!)
رأيي الشخصي: لا حول ولا قوة إلا بالله.. لم الاستخفاف بعقول الناس؟ إذا اعتبرنا أن اشتهار المسلسل الكرتوني ذاك مفسدة ، فهل تحاول إزالة المفسدة بنشر كذبة؟
المثال الثاني: مجموعة من الصور انتشرت كثيراً ، منها: صور شجر يقول سبحان الله ، وصورة لمخلوق قيل أنه فتاة عمانية سخرت من الدين فمسخها الله إلى قرد ، وصورة لما قيل أنه جني أو شبح في أحد البيوت. لا أذكر بقية المجموعة.
اتضح في النهاية أن بعض تلك الصور كذب ، والبعض الآخر ملعوب فيه ببرنامج الفوتوشوب ، وصورة الفتاة تحديداً كانت صورة لقرد عادي (أو لعله مشوه) في حديقة حيوان ، وليست فتاة مشوهة!
المثال الثالث: أحد المشايخ - الذي لن أذكر اسمه - يوجد بينه وبين كثيرٍ من العلماء كثيرٌ من الخلاف. ذلك أمر عادي ، الأمر غير العادي هو أن بعض المتطرفين نشرواً كلاماً غريباً عنه!
أنا لا أحب ذلك الشيخ الذي أتحدث عنه ، لكن ذلك لا ينفي استغرابي للكلام المكتوب (أو المصاغ!)
وجدت ضمن قائمة بحثي مجموعة (عرفت فيما بعد أنهم متطرفون حقاً) وقد كتبوا قائمة كبيرة بما من المفترض أنها فتاوى عجيبة لذلك الشيخ.
قرأت ثلاثة منها بالتفصيل ، اثنتان من الممكن أن يقولهما شخص ضال ، أو نصاب مثلاً يدعي العلم.
لكن إحداها لفتت نظري ، كان أصحاب الموقع يعترضون أن الشيخ أباح السحر عن طريق تلك الفتوى:
- سائل في المجلة الفلانية: وجدت ضمن أغراض والدي المتوفى تعويذة ، قرأتها فظهرت لي جنية جميلة مع وصيفاتها ، وهي تريد الزواج منه وتمنعه من الزواج من البشريات.
- جواب الشيخ: لا داعي للزواج ، لقد أحسنت بممارسة السحر ، مارس السحر الآخر وتزوج من الجنية.
(أو شيء من هذا القبيل)
رأيي الشخصي: هههههههههههههههههههههههههه!
حلوة حلوة حلوة!
لم أنقل النص المكتوب حرفياً ؛ لكن الكلام لا يبدو البتة أنه كلام يصدر عن شيخ ، ولا حتى عن نصّاب يدعي بأنه شيخ!
ثم إن السحر لا يمارس بقراءة تعويذة! حتى يأتيك الجن ويقوموا بخدمتك ، عليك القيام بأشياء أقبح من الكفر ذاته.
أمر آخر 1 : المجلة المكتوبة هي مجلة قديمة ، ولست أدري إن كانت لا تزال تصدر. ثم إن عامة الناس إذا قرؤوا [ورد في المجلة الفلانية العدد الفلاني في العام كذا وكذا أن....] لن يتأكدوا ، وحتى إن أحب أحد التأكد.. من منا يستطيع الوصول إلى مجلة قديمة (ربما بطل صدورها) إلى عدد تم إصداره منذ ما يزيد عن السنوات العشر؟
أمر آخر 2 : من عنده فكرة عن ذلك الشيخ وعن المثال الذي طرحته ، ويستطيع أن يحضر لي تلك التعويذة ، فليحضرها!
زواج حسن ، وصفقة جيدة!
لا مهر ، لا عرس ، لا شبكة ، لا احتفالات ، لا مناسبات ، لا نكد ، لا جواز سفر ، لا تابعية ولا إقامة ، لا إذن سفر ولا تأشيرة خروج وعودة ، لا إزعاجات ، ولا خذني عند أهلي ، ولا عازمة بنت أختي ولا معزومة عند صديقاتي
ولا يقولن أحدكم / ولا تقولن إحداكن:
ذلك اجتهاد علماء.
كلا! بل ذلك محض نصب واحتيال ، واستخفاف بعقولنا وعقولكم!
ما أرجو أنه يستفاد من الموضوع:
1. لا تصدق كل شيء.
2. تأكد دوماً من أي أمر قبل أن تصدقه ، أو أن تخبر به غيرك.
3. لا تغتر ولا تهتم بالناس ، ولا تقل أن الكل يصدقه ، وتأكد بنفسك.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
"لا يكن أحدكم إمعة ، يقول إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساؤوا أسأت ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ".
4. تعلم ، وفي أي مجال مفيد (ليس بالضرورة العلوم الشرعية) ؛ فالتعلم من المفترض أن يعلمك كيف تشغل عقلك.
بالتوفيق ، ولست آسفاً على الإطالة.