السّلام . .
كثـيرةٌ هي الحـروبُ التي فتكت بالعـراق عاصمةُ (الثقافة الإسـلامية) فلا تـكادُ تخـرجُ من أزمـةٍ إلا فتكـت بها أخرى . . و المضطلعُ على تـأريخِ ( بلاد الرافدين ) يعلمُ أنّ أعظم نكبةٍ أصـيبت بها دولةُ العراق ، سقوطها على يدِ هولاكو و ابن العلقمي **** عام (656 هـ) قالَ ابنُ كثيـر - رحمهُ الله - معـلقاً على هـذهِ المجزرة : "و قـد اختـلفَ في عـددٍ من قُتلَ في بـغداد من المسلمينَ في هذهِ الواقـعة ، فقيلَ ألـفُ ألفٍ و ثمانمائةِ ألف ، و قيل: ألفي ألف " اهـ المصدر = البداية و النهاية بنـاءً على كلامِ ابن كثير يكونُ عددُ القتلى : 2.000.000
و قد ذكرَ المؤرخون أنّ اليهود لم يقتل منهم أحد و لم يحلقهم أدنى ضرر !!********
و مـا حصلَ في عصرنا أثناء سقوط بغداد على يد العلوج الأمـريكان (1424 هـ) لا يقلُ خطراً عن الذي حصل في العصر العباسي هنا.
و اليوم قرأتُ نصاً في غايةِ الأهمية ذكرهُ البرفسور الحمد في ( رسالةِ الفلسفة) يـمكنُ أنّ يكونَ تفسيراً لهذهِ المجازر التي تتكرر بينَ فترةٍ و أخرى في بلادِ الرافدين قالَ و فقهُ الله :
"السـبي البابلي هي المأسأةُ التي يـتذكرها اليهودُ بـحسرةٍ و مـرارة ، و هيَ ما حصلَ لهم عام 603 قبل المـيلاد ، علـى يد الملوكِ البابليين.
و قـد أُثيرَ حولَ هذهِ المسألةِ جدلٌ كبير ، و نسجت خرافاتٌ و أساطير ، و لا تزالُ الدراساتُ عنها إلى يومنا هذا .
و لهذا صار العـراقُ أحد مواطن الفجيعةِ و الحـزن لدى اليهود ؛ فمـنهُ انطلقت القواتُ التي قضت عـلى دولةِ إسرائيل في العـهدِ القديم عهد المـلك الكلداني نبوخذ نصر ، و انتهت حربهُ بواحدةٍ من أكبـر الفـواجعِ في التأريخِ اليهودي ، و هيَ ما أطلقَ عليـهِ مأساةُ ( السبي البابلي ).
ففي عـام 603 قبل الميلاد تولى نيوخذ نصر العـرشَ الكـلداني البابـلي في العـراق ، و في عـهدهِ بلغتِ الـدولةُ أوجـها ، و حـالفَ الملك اليهودي يواقيم إلا أنّ العلاقات بـينهما تدهورت عـندما حالوَ يواقـيم التخلصَ من الحلفِ مع جارهُ القوي ؛ فـجردَ نبوخذ نصر حمـلةً عسـكريةً حـاصرَ فيها القـدس ، و فتحها ، و اقتادَ الملكَ الجديدَ يـهويا كين ، و حاشيتهُ و أركانَ حـكمه و أ شـرافَ دولته إلى بـابل عام 586م قبلَ المـيلاد.
و تـشيرُ بعضُ الروايات التاريخية إلى سبي بابلي لاحق بعدَ محاولـة صديـقا مـلكِ يهودا التمرد على الحـكم الكـلداني مـما أدى إلى تجريد حـملةٍ بابليةٍ أخرى انتهت بحرقٍ هيكل سليمان بن دواد - عليهِ السلام - و القضاء عـلى الدولةِ العـبرية، و سبي حوالي 50 ألف يهودي إلى العراق هم أغـلبيةُ ما تبقى في القدس ، و قد ساقهم الكلدانيون مـكبلين بالحديدِ و الأصفادِ إلى أراضي العراق.
و قد اختُلِفَ كثيراً في هذا السبي - كما مر - و اختلفَ في مدةِ وقوعهِ؛ فقيلَ استمر 70 سنة و قيل 140 سنة.
و تحفلُ الأدبيـاتُ اليـهوديةُ بالكثـير من البـكائيات ، و الذكـرياتِ المريرةِ عن هذهِ المحنة .
و لهذا يشعرُ اليهود أنّ امتلاكَ العراق لأي قوةٍ فائقةٍ يمكنُ أنّ يهددُ أمـنَ إسرائيل ، و ربـما يؤدي إلى تـكرار محنةِ ( السبي البابلي ) من جديـد.
و لـعلَ ما يؤكـدُ ذلكَ ما قالهُ رئـيس الوزراء الإسرائيلي بـعدَ الغارةِ عـلى المُفاعلِ النووي العراقي ؛ حيثُ أعـلن أنهُ لو لم يدمرُ المـفاعل النووي العراقي لحدثت محرقةٌ جديدةٌ في تاريخ الشعب اليهودي .
"و لعلَ هذا يفسرُ سر الهجماتِ المتكررةِ على العراق ، و محاولة تفكيكه و إضعافه"
النص المنقول من رسالةِ الفلسفة تم بتصرفٍ يسير