قال أحدهم: أنا لا أتابع أخبار المسلمين.
قلت: ولم؟! قال: لا أستطيع؛ لأن تأثري بذلك يسبب لي ضغطاً وهماً لازماً يقعدُ بي عن كثير من الأمور.
قلت : في تصوري أن ذلك على خلاف السبيل؛ لأن قدوتنا صلى الله عليه وسلم كان بصيراً بواقعه بما فيه من مرارة الأسى والحزن على الأحوال التي جرت له ولصحابته ، وعند التأمل لما جرى لهم , فمنهم من يعذب وهو يراه، وآخرون يهاجرون حفاظاً لدينهم، ومنهم من يقتل ومنهم ومنهم.
فهل واجه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقلب ثابت وصابر وتفائل أم أنه تغافل أو تعامى عن ذلك؟!.
وهذا هو التاريخ لايزال يخبرنا بقصص مآسي المسلمين وتنوع العداء للمنهج السلفي وظهور رؤوس المنافقين،وتسلط الأعداء من كل مكان , فانظر مثلاً في عهد الإمام أحمد وفتنة خلق القرآن، وما جرى فيها من مداهنات ومجاملات ومع ذلك وقف الإمام ورد البدعة بعلمه وعمله وصبره حتى أصابه في سبيل ذلك " السجن والجلد " فأي قلب كان يملك؟!.
وتمر الصفحات حتى تقف بنا على حياة شيخ الإسلام ابن تيمية الذي امتلأ عصره بالبدع والمنافقين فهذه بدع الرافضة والجهمية والفلاسفة والصوفية والأشاعرة وغيرها من بدع الضلال وفرق الانحراف.
ومع قوة أثر هذه المذاهب وعظيم خطرها على منهج السلف إلا أن ابن تيمية وقف لها مجاهداً بقلمه وعلمه وعمله، فكتب " منهاج السنة " رداً على الرافضة وكتب " درء التعارض" رداً على الفلاسفة والمناطقة، وكتب " الجواب الصحيح " رداً على النصارى.
وعند التأمل لباقي تاريخنا المشرق نجد أن من منهج العلماء الراسخين " التصدي " لكل ضال والرد على كل منحرف وإفحام كل منافق كذاب مع الالتزام بأصول التعامل مع المخالف التي جاءت في الكتاب والسنة.
فيا من أعرض عن دراسة واقعة عُد واعلم أن صبرك وثباتك في هذا الباب نحن بحاجة إليه؛ لأن بيانك وجهادك يوقف الزحف الليبرالي والعلماني والمنافق، ويجلِّي الصف ممن تشبه بأهل العلم أو الدعوة ولكنه في " صف النفاق " وهو يعلم أو لا يعلم.
فيا صاحبنا هذا هو الواقع فلنقرأه ولنتبصر في سبل العلاج ولنهدأ قليلاً مهما عظم البلاء واشتد الخطب وربنا يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ))[محمد:7].
