صفحة 40 من 66 الأولىالأولى ... 153035363738394041424344455065 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 586 إلى 600 من 982

الموضوع: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ المولود الجديد ೋ ಢ

  1. #586
    التسجيل
    11-07-2009
    المشاركات
    206

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ الكـــــذب ೋ ಢ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
    مساكم الله بالخير والرضى ..
    اسف على الغياب الطويل بسبب امراض وكسل واشغال ..

    اتينا لموضوع حساس ومهم ..
    قل منا من لم يكذب في حياته ..
    سواء كان مجبورا ام متعمدا ..
    الله يغفر لنا ..
    نأتي لحكمه ..

    الكذب شرعا حرام ومن صفات المنافقين ودنيويا عادة سيئة ولا يتفنن فيها إلا الضعاف
    والكذب في الحرب مباح وفي الصلح ايضا مباح ..
    ولكن ..
    لايكذب الا المنافق والضعيف ..
    صحيح بعض الناس يضغط عليهم ويجبرون على الكذب ولا احلل بل لانه في لحظة ضعف اضطر للكذب ..
    اي شخص يكذب اعرف عنه انه منافق او ضعيف
    القوي لايكذب وقوي الايمان لايعرف الكذب بل سمع عنه ..


    اكره الكذابين واتمنى خنقهم ..
    خصوصا لو كان شخص ثقة فكذب علي وغير نظري في شخص ما ..
    اتمنى ان اخنقه حتى ارى الاحمرار في عينه والدموع ثم اتركه ..
    ثم اذا ارتاح اعود واخنقه حتى ارى الاحمرار في عينيه والدموع ثم اتركه ..
    الى ان يقول ان الكذب حرام ...


    في حديث قيل عنه انه ضعيف وقيل ايضا انه موضوع اي كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ..
    وهو يتناقل بين الناس ..
    الحديث سوئل الرسول صلى الله عليه وسلم هل يزني المسلم فقال صلى الله عليه وسلم نعم ثم سؤل هل يسرق فقال نعم ثم سؤل هل يكذب فقال لا .. (هي سؤل ولا سؤئل ولا سئل !!!!)
    كنت ساضعه على انه حديث صحيح ولكن لله الحمد عند البحث وقعت عيناي على انه ضعيف ومرة قيل مكذوب ..


    اسف على القصور ..

    سي يا

  2. #587
    التسجيل
    02-04-2011
    المشاركات
    222

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ الكـــــذب ೋ ಢ

    و عليكم السلام

    و لكن في كل انسان ضمير يا اخي الكريم و نحنا ان وجدنا انسانا سيئ يجب ان لا نكرهه
    بل نعطيه فرصة و يجب ان نحاول ان نغيره و نذكره دائما بالاخرة لان تذكير العاصي بها يخيفه
    وعسى يتوب و ربنا يغفر له خطاياه و تنقلب سيئاته حسنات و نحن يجب نحاول ان نجذبه الينا بالاحسان اليه ولكن يجب ان نحذر ان يصير العكس
    (اي ان نحذر ننجذب اليه )و نصير مثله و العياذ بالله و نحن نعرف ان لكل شيء طبقات و درجات و مراحل فيجب علينا ان نعطي غيرنا فرص
    يا اخوتي و اخواتي لان للكذب ايضن طبقات و مراحل و درجات في في فرصة انك تغير الكاذب فبعض الكذابين يكونون حاطين ببالهم ان الله لن يغفر لهم بعد المعصية
    فيستمرون في الكذب و يستمرون في المعصية و يقولن لانفسهم ,,ان الله لن يغفر لي بعد هذه الخطيئة ,, مثلا و هذا اكبر خطأ ان الواحد يكون يائس
    لانها تعتبر احد وساوس الشيطان و تعتبر بداية لطريق الانحراف ومثلما نعرف نهايته سيئة و الانسان ذو الايمان الضعيف سريع الاستسلام للشيطان
    و هذا كله بسبب ضعف الايمان .

    -----

    وهذه من اسباب ضعف الايمان جبتها من احد المنتديات================

    1) الإبتعاد عن الاجواء الإيمانيه فتره طويلة: وهذه من أسباب ضعف الإيمان في النفس.
    2)الإبتعاد عن القدوه الصالحة: فعندما يتعلم المسلم على يدي رجل صالح تجده يجمع بين العلم والعمل الصالحين ويكون إيمانه قوي اما إذا إبتعد فتره من الزمن فيشعر بقسوة في قلبه.
    3) الإبتعاد عن طلب العلم الشرعي وقرائة كتب السلف والكتب الإيمانية التي تحيي القلب.
    4)وجود الإنسان في وسط يعج بالمعاصي: والمقصود بالمعاصي هو البرامج الفاسقه والأغاني الماجنه والإختلاط المحرم بين الرجال والنساء ونذكر امثلة على هذه المعاصي برنامج سوبر ستارالذي يتهافت عليه الناس لمشاهدته ولمتابعه اخبار المشاركين به ولا ننسى ايضا برنامج ستاراكاديمي الذي يسكن في منزل واحد مجموعة من الفتيان والفتيات التي لا تربطهن ولا اي علاقه أسرية والطامة الكبرى هي ان الفتيات والفتيان الملتزمين يشاهدون مثل هذه البرامج الفاسقة وغيرها ولا ننسى ايضا المسلسلات المدبلجة التي تسيل لأجل بطله المسلسل انهر من دموع النساء.
    5)الإغراق في الإنشغال بالدنيا حتى يصبح القلب عبداً لها: وهذا السبب شائع في هذه الأيام التي عم فيها الطمع المادي والجشع في الإزدياد من الدنيا الفانية فقد قال الرسول (صلى الله عليه وسلم):"تعس عبد الدينار وعبد الدرهم".
    6)الإنشغال بالمال والزوجه والاولاد: {واعلموا انما اموالكم وأولادكم فتنه} إن الكثير من الناس ينجر وراء الزوجه في المحرمات وينشغل بالاولاد ويترك طاعه الله تعالى وقد قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم ):"الأولاد محزنه مجبنه مجهله مبخله" وليس المقصود من هذا أن يترك الإنسان الزواج والاولاد إنما المقصود التحذير من الإنشغال معهم بالمحرمات.واما بالنسبة لفتنه المال فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم):"إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال" ولذلك حث صلوات الله عليه المسلمين على اخذ كفايتهم من المال دون توسع يشغل عن ذكر الله.
    7)طول الامل: قال علي كرم الله وجهه:"إن أخوف ما اخاف عليكم إتباع الهوى وطول الامل فأما إتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الامل فينسي الاخرة".

    8 )الإفراط في الأكل والنوم والسهر والكلام والخلطة:إن بسبب كثرة الأكل يبلد الذهن ويشل الجسم عن طاعه الله ويغذي مجاري الشيطان للسيطره على الإنسان وكما قيل" من اكل كثيراً شرب كثيراً، فنام كثيراً وخسر اجراً كبيراً" فالإكثار في الكلام يقسي القلب والإكثار من المخالطة تحول بين الإنسان وبين محاسبة نفسه وكثرة الضحك تقتل مادة الحياة في القلب فيموت . قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):"لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب". لذلك إذا لم نملأ وقتنا بطاعة الله ينتج لدينا قلوب صدأه لا تنفع فيها زواجر القرآن ولا مواعظ الإيمان.
    -----

    الحل لكل من يريد ان يجدد إيمانه فما يلي ذكر لعدد من الوسائل الشرعية التي بواسطتها يمكن للمسلم ان يجدد إيمانه ويزيل قسوة قلبه بعد التوكل على الله:


    1) تدبر القرآن العظيم.

    2) إستشعار عظمة الله عز وجل ومعرفة اسمائه وصفاته .التدبر فيها وفهم معانيها وإستقرار هذا الشعور في القلب
    3) طلب العلم الشرعي: وهو العلم الذي يؤدي تعلمه إلى خشية الله وزيادة الإيمان به

    4) لزوم حلقات الذكر: وهويؤدي إلى زيادة الإيمان لانه في مثل هذه الحلقات يذكر الله تعالى كثيرا ويُطلب منه الرحمة دائماً
    5) الإستكثار من الاعمال الصالحة وملء الوقت بها: ويجب مراعاة عدة إمور في مسألة الأعمال الصالحه:
    *المسارعه إليها
    *الإستمرار عليها
    *عدم إملال النفس منها:اي عدم تكرار نفس الأعمال كل يوم
    *إستدراك ما فات منها: اي عندما يفوتك اي عمل صالح عوضه بآخر
    *رجاء القبول مع خوف عدم القبول:ان تتمنى من الله ان يقبل عملك الصالح هذا مع خوفك من عدم قبوله
    6) التنويع في العبادات: يمكن إستغلال التنوع في العبادات التي فرضها علينا الله بعلاج ضعف الإيمان والإستكثار من العبادات التي تكون احب إلى القلب وإلى النفس مع المحافظة على الفرائض والواجبات التي امر بها الله.
    7)الخوف من سوء الخاتمة: لأن هذا الخوف يدفع المسلم إلى الطاعة وتجديد الإيمان
    8)الإكثار من ذكر الموت, فتذكر الموت يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي ومن اعظم ما يذكر بالموت زيارة القبور لذلك امر الرسول (صلى الله عليه و سلم ) بزيارتها
    9)تذكر منازل الاخره: المقصود انه مما يزيد الإيمان العلم بمشاهد القيامة.
    10)التفاعل مع الايات الكونية:اي التفكر في خلق الله
    11)ذكر الله تعالى: وهو شفاء القلوب ودواؤها عند إعتلالها وهو روح الأعمال الصالحة ومرضاة للرحمن مطردة للشيطان.
    12)مناجاة الله والإنكسار بين يديه عز وجل: كلما كان العبد اكثر ذلة وخضوعا كلما كان إلى الله اقرب لهذا قال الرسول (صلى الله عليه و سلم ):"أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاكثروا من الدعاء"
    13)قصر الأمل: وهذا الأمر مهم جداً في تجديد الإيمان،قد قال بعض السلف لرجل صل بنا الظهر، فقال الرجل:إن صليت بكم الظهر لم إصل بكم العصر،فقال: وكأنك تؤمل ان تعيش للعصر.نعوذ بالله من طول الامل.
    14)التفكر في حقارة الدنيا حتى يزول التعلق بها من قلب العبد.
    15)تعظيم حرمات الله
    16)الولاء والبراء:اي موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين. وذلك لأنه إذا كان القلب قد تعلق بأعداء الله فيكون ضعيف جداً ويجرد من الولاء لله
    17)إن للتواضع دور فعال في تجديد الإيمان وجلاء القلب الصدأ الكبر:لان التواضع في الكلام والمظهر دال على التواضع القلب لله
    18 )اعمال القلوب:مثل محبة الله،الخوف من الله،ورجائه،حسن الظن به، التوكل عليه وغير هذا الكثير.
    19)محاسبة النفس: فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا"فلا بد ان يكون لكل مسلم وقت ليحاسب نفسه فيه
    20)وفي الختام .. آخر وسيله للعلاج من ضعف الإيمان هو دعاء الله عز وجل وهو من اقوى الأسباب.





    اللهم نسألك بأسماءك الحسنى وصفاتك العلى أن تجدد الإيمان في قلوبنا،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق

    والعصيان وإجعلنا من الراشدين،سبحانك ربي رب العزة عما يصفون



    الشيء الوحيد اللي ابي اقوله هو انه اذا وجدنا انسانا عاصي يجب ان نحاول تغييره فنحن لا نريد لغيرنا العذاب و التعب من شيء بل يجب علينا ان نحاول تقوية ايمانه و ادخاله معنا الجنه
    و ان اعترف الكذب بالحقيقة فانا اعتبره قوي و شجاع معترف بالحق لان الاعتراف بالحق فضيلة







    معا يا اخوتي و اخواتي يجب ان نتعاون في نشر الخير و محاربة كل من يحارب ديننا
    واسفة اراشي اذا طلعت من الموضوع شوي بس في مواضيع تجر مواضيع و اكرر اسفي



















    التعديل الأخير تم بواسطة Jia ; 18-06-2011 الساعة 12:11 PM


    *
    ,,
    الحمدلله


  3. #588
    الصورة الرمزية Arashi
    Arashi غير متصل مراقبة عامة على الفئات العامة

    •.¸.•Dragon of Heaven龍•.¸.•

    التسجيل
    16-01-2006
    الدولة
    DoHa
    المشاركات
    8,755

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ






    نرحّب بكم في قضيّة الأسبوع وبناءاً على طلب الأعضاء


    حسن الخُلُق



    تكلمنا في معظم القضايا السابقة عن صفات سيّئة مثل الغيبة والنميمة والكذب والسحر والاسراف...
    هذه المرّة سنتطرّق إلى مكارم الأخلاق والتي من خلالها نتجنّب سوء الخُلُق









    مكارم الأخلاق


    وهي كثيرة ومنها:

    الصدق - العقل - الحلم - الاخلاص - العفو -.....الخ


    هذه بعض الأمثلة ويوجد الكثير لكننا سنترك المجال لكم لاختيار الأخلاق التي تودّون مناقشتها








    تصاميم معبّرة












    شكراً Akihiko على الصور









    فليبدأ النقاش

    02 : 11 :11


    المزيد من الرعب في الجزء الثاني


  4. #589
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ


    السلام عليكم
    موضوع حلو وقلت رأيي فيه من قبل
    حاليا انا ماقدر ابطل عيوني بنام ههههههههههه
    ان شاء الله باجر ادلو بدلوي
    تصبحون على خير

  5. #590
    Judge Balthier غير متصل عضو مميز في منتديات البلاي ستيشن
    التسجيل
    03-07-2010
    المشاركات
    1,496

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ

    اظن ان الصورة هذه مناسبة للموضوع


  6. #591
    التسجيل
    21-07-2010
    الدولة
    KŜA
    المشاركات
    685

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ

    موضوع جميل جدا اروش
    وقصتكي تأثرت فيها صراحة
    ولي رجعة بهذا الموضوع

  7. #592
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

    الصدق:
    مما لاشك فيه أن أعظم زينة يتزين بها المرء في حياته بعد الإيمان هي زينة الصدق، فالصدق أساس الإيمان كما إن الكذب أساس النفاق ،فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر. الصدق..

    الصدق في الظاهر والباطن :
    الصدق بمعناه الضيق مطابقة منطوق اللسان للحقيقة ، وبمعناه الأعم مطابقة الظاهر للباطن ، فالصادق مع الله ومع الناس ظاهره كباطنه ، ولذلك ذُكر المنافق في الصورة المقابلة للصادق ، قال تعالى : (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِين..َ)الآية (الأحزاب/24) .

    لا صدق إلا بإخلاص :
    والصدق التزام بالعهد ، كقوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)(الأحزاب/23) ، والصدق نفسه بجميع معانيه يحتاج إلى إخلاص لله عز وجل ، وعمل بميثاق الله في عنق كل مسلم ، قال تعالى : (وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )(الأحزاب/7 ، 8) ، فإذا كان أهل الصدق سيُسألون ، فيكف يكون السؤال والحساب لأهل الكذب والنفاق ؟
    والصدق من الأخلاق الأساسية التي يتفرع عنها غيرها ، يقول الحارث المحاسبي : " واعلم - رحمك الله - أن الصدق والإخلاص : أصل كل حال ، فمن الصدق يتشعب الصبر ، والقناعة ، والزهد ، والرضا ، والأنس ، وعن الإخلاص يتشعب اليقين ، والخوف ، والمحبة ، والإجلال والحياء ، والتعظيم ، فالصدق في ثلاثة أشياء لا تتم إلا به : صدق القلب بالإيمان تحقيقـًا ، وصدق النية في الأعمال ، وصدق اللفظ في الكلام " .

    الصدق مرتبط بالإيمان :
    ولما للصدق من رابطة قوية بالإيمان ، فقد جوّز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقع من المؤمن ما لا يُحمد من الصفات ، غير أنه نفى أن يكون المؤمن مظنه الوقوع في الكذب ؛ لاستبعاد ذلك منه ، وقد سأل الصحابة فقالوا: (يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال : " نعم " ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال : نعم ، قيل له : أيكون المؤمن كذَّابـًا ؟ قال : " لا " ))(رواه الإمام مالك) .

    قد يجانب الصدق من يحدث بكل ما سمع :
    والأصل في اللسان الحفظ والصون ؛ لأن زلاته كثيرة ، وشرّه وبيل ، فالحذر منه والاحتياط في استعماله أتقى وأورع ، فإذا وجدت الرجل لا يبالي ، ويكثر الكلام ، فاعلم أنه على خطر عظيم ، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((كفى بالمرء كذبـًا أن يحدث بكل ما سمع))(رواه مسلم) ؛ لأن كثرة الكلام مظنة الوقوع في الكذب ، باختراع ما لم يحدث ، حين لا يجد كلامـًا ، أو ينقل خبر كاذب - وهو يعلم - فيكون أحد الكذَّابين .

    يُنال الصدق بالتحري :
    وكل خلق جميل يمكن اكتسابه بالاعتياد عليه ، والحرص على التزامه ، وتحري العمل به ، حتى يصل صاحبه إلى المراتب العالية ، يرتقي من واحدة إلى الأعلى منها بحسن خلقه ، ولذلك يقول - صلى الله عليه وسلم - : ((عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ، ويتحرى الصدق ، حتى يُكتب عند الله صدِّيقا)) ، وكذلك شأن الكاذب في السقوط إلى أن يختم له بالكذب : ((وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ، ويتحرى الكذب ، حتى يُكتب عند الله كذَّابا))(رواه البخاري ومسلم) .

    الصدق = الطمأنينة والثبات :
    ومن آثار الصدق ثبات القدم ، وقوة القلب ، ووضوح البيان ، مما يوحي إلى السامع بالاطمئنان ، ومن علامات الكذب الذبذبة ، واللجلجة ، والارتباك ، والتناقض ، مما يوقع السامع بالشك وعدم الارتياح ، ولذلك : ((… فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة))(رواه الترمذي) كما جاء في الحديث .

    الصدق نجاة وخير:
    وعاقبة الصدق خير - وإن توقع المتكلم شرًا - قال تعالى : (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ)(محمد/21) ، وفي قصة توبة كعب بن مالك يقول كعب بعد أن نزلت توبة الله على الثلاثة الذين خلفوا : " يا رسول الله إن الله تعالى إنما أنجاني بالصدق ، وإن من توبتي أن لا أحدّث إلا صدقـًا ما بقيت " ، ويقول كذلك : " فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط ، بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون كذبته ، فأهلك كما هلك الذين كذبوا … "(رواه البخاري) .
    وروى ابن الجوزي في مناقب أحمد أنه قيل له : " كيف تخلصت من سيف المعتصم وسوط الواثق ؟ فقال : لو وُضِع الصدق على جرح لبرأ " .
    ويوم القيامة يقال للناس : ( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم)(المائدة/119) .

    الصادق جريء :
    والصدق يدعو صاحبه للجرأة والشجاعة ؛ لأنه ثابت لا يتلون ، ولأنه واثق لا يتردد ، ولذلك جاء في أحد تعريفات الصدق : القول بالحق في مواطن الهلكة ، وعبر عن ذلك الجنيد بقوله : حقيقة الصدق : أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب .

    لا تكثر من المعاريض :
    ولكي تكون حياتك كلها صدقـًا ، ولتحشر مع الصديقين فاجعل مدخلك صدقـًا ، ومخرجك صدقـًا ، وليكن لسانك لسان صدق ، لعل الله يرزقك قدم صدق ، ومقعد صدق ، ولا تترك فرصة للشيطان ليستدرجك بالاستكثار من المعاريض ، فالصدق صراحة ووضوح ، والميل عنه التواء وزيغ ، وحال المؤمن الصدق ، و(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون)(النحل/105) .

    درر من أقوال الصالحين والعلماء في الصدق:
    قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

    من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث ، من إذا حدثهم صدقهم ، وإذا ائتمنوه لم يخنهم ، وإذا وعدهم وفى لهم ، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم ، وتظهر له معونتهم ".
    أنشد محمود الوراق:
    اصدق حديثك إن في الصـ ـق الخلاص من الدنس
    ودع الكــذوب لشــأنه خير مـن الكـذب الخرس

    وقيل للقمان الحكيم:
    ألست عبد بني فلان؟ قال بلى. قيل: فما بلغ بك ما أرى؟ قال: تقوى الله عز وجل ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك مالا يعنيني.
    وقال بعضهم :
    من لم يؤد الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت.قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق.
    فنسأل الله الكريم أن يرزقنا الصدق وأن ينزلنا منازل الصديقين.



  8. #593
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ



    العقل

    العقل أعظم هبة من الخالق للمخلوق، فهو الفارق بين الإنسان والبهيمة، وبقدر غزارته وجودته يختلف الناس، فالعاقل كبير القدر عظيم الخطر، جليل الشأن، تلمحه العيون، وتشيعه القلوب. وقليل العقل سفيه طائش، حقير تافه، سخيف أحمق. يعرف العاقل بقراءة العواقب، وصدق الظن، ونضوج الفكرة، وصحة الظن، وسلامة الدليل، وحسن الاختيار، وبراعة الرد، والوقوف عند الشبهة، والحمية من الريب، والصيانة من التهم. والعاقل متدرع من الأزمات برأي كالصبح إذا تنفس، ومتحصن في المهالك بفكر كسنا البرق الصادق. والعاقل الفطن الموفق من قبل نصح الناصح بأخصر عبارة وعرف الحق واتبعه بأدنى إشارة.
    والعاقل من لا يتلذذ إلا بالأمور النفسانية الباقية والغبي عن حقائق أحوال المحسوسات وإيذانها باللذات يجعل عينه على ما زين من الأرض بصنوف الزينة ووشح به من زخارف البهجة التي تطرب الحيوان غير الناطق فيلعب فيها ويتمرغ في لينها وتأخذه الأريحية من روائحها.

    والعاقل من يفكر في المواقف التي تجابهه، فيستثمر علمه وتجربته وما وصله من هدي إلهي في الموازنة والترجيح؛ ليصل إلى قرار حكيم يناسب الموقف الذي هو فيه، فيختار ما أداه إليه عقله وتجربته وفهمه لأحكام دينه حلا وحرمة وجوازاً وغير ذلك.

    والعاقل من إذا رجع إلى نفسه وعقله أدنى رجوع عرف افتقاره إلى الخالق ـ تعالى ـ في تكوينه وبقائه وتقلبه في أحواله كلها، وإذا نظر إلى الخلائق علم فقرهم كلهم إلى الخالق في كل شيء؛ فقراء إليه في الخلق والإيجاد، وفي البقاء والرزق والإمداد، وفقراء إليه في جلب المنافع ودفع المضار. وعرف أنه منهم، وحاجته لا تقل عن حاجتهم.

    والعاقل من إذا تأمل في المخلوقات التي تولد كل يوم، من إنسان وحيوان، وتفكر في كل ما يحدث في الوجود من رياح وأمطار، وليل ونهار، وما يجري في كل حين من حركات منتظمة للشمس والقمر والنجوم والكواكب، إذا تأمل العاقل في هذا فإنه يجزم بأن هذا كله ليس من صنع العدم، وإنما هو من صنع الخالق الموجود سبحانه وتعالى.

    والعاقل هو الفطن المتغافل عن الزلات وسقطات اللسان إذا لم يترتب على ذلك مفاسد. وقد قال ـ عز وجل ـ في صفات عباد الرحمن: «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا» سورة الفرقان . أية {63}

    أما ضعيف العقل فكلامه قبل رأيه، وفعله قبل تصوره، وهو من حمقه في ظلمات، ومن سفهه في ضلالات، يحفظ غير ما يسمع، ويفهم غير ما يحفظ، ويقول غير ما يعتقد، يقدم المؤخر، ويؤخر المقدم، الكبار في عين وهمه مصغرة، والتوافه في جفن كراه مضخمة، يُحجم وقت الإقدام، ويقدم وقت الإحجام. «وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ» سورة المنافقون , أية 4 .


  9. #594
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ



    الحلم

    هو من أشرف الأخلاق، وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العِرض وراحة الجسد، واكتساب الحمد.
    وقال صلى الله عليه وسلم: "من حَلَم ساد، ومن تفهّم ازداد".
    وروى محمد بن الحارث الهلالي أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
    يا محمد، إني أتيتك بمكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة.... "خذ العفو، وامر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين" الأعراف (199).
    وروى سفيان بن عيينة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية قال: "يا جبريل، ما هذا؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالِمَ. ثم عاد جبريل وقال: يا محمد: إن ربك يأمرك:
    أ - أن تصل من قطعك - ب- وتعطي من حرمك، ج- وتعفو عمن ظلمك".
    وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حاثّاً على الحلم مشجعاً عليه:
    "أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم (وهو برثن بن الحارث) كان إذا خرج من منزله قال: اللهم إني تصدّقت بعرضي على عبادك".
    كما أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن مكانة الحليم عند ربه فقال:
    "إنّ الله يحب الحليم الحيي، ويبغض الفاحش البذيّ".
    والحديث جملتان متزنتان موزونتان لن تجد مثلهما في توضيح المراد وقوة السداد.
    وقال علي رضي الله عنه في نصرة الحليم: "أول عِوض الحليم عن حلمه أنّ الناس أنصاره.
    وقال بعض البلغاء: ما ذبَّ عن الأعراض كالصفح والإعراض.
    وقال أديب أريب: من غرس شجرة الحلم اجتنى ثمرة السلم.
    ولله درُّ الشاعر إذ قال:
    أحبُّ مـكارمَ الأخلاق جَهدي *** وأكـره أن أَعـيب وأن أُعابا
    وأصفح عن سِباب الناس حِلماً *** وشرُّ اللناس من يهوى السبابا
    ومـن هـاب الرجـال تهيّبوه *** ومـن حقّر الرجالَ فلن يُهابا
    وقال الماوردي في كتابه أدب الدنيا والدين:
    وحدُّ الحلم ضبط النفس عند هيجان الغضب، وهذا يكون عن باعث وسبب، وأسباب الحلم الباعثة على ضبط النفس عشرة:
    أولها: الرحمة للجاهلين، وذلك من خيرٍ يوافق رقة، والمطلوب رحمة الناس، والأوكد من جهل منهم حتى يعلم.
    قال أبو الدرداء رضي الله عنه لرجل أسمعه كلاماً:
    " يا هذا لا تغرقنَّ في سبنا، ودع للصلح موضعاً، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله عزّ وجلّ فيه.
    وشتم رجل الشعبي فقال:
    إن كنتُ كما قلتَ فغفر الله لي، وإن لم أكن كما قلتَ فغفر الله لك.
    واغتاظت عائشة رضي الله عنها من خادم لها، ثم رجعت إلى نفسها فقالت: "لله درُّ التقوى، ما أعظمها. وتناست..
    واشترى رجل من أهل دمشق قطيفة فلم تعجبه، فحلف ليضربنَّ بها رأس الأمير معاوية، فأتاه وأخبره بما حلف، فقال معاوية الحليم: "أوفِ بنذرك وليرفقِ الشيخُ بالشيخ.
    ثانيها: القدرة على الانتصار وهذا ناتج عن سعة الصدر والثقة بالنفس، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
    "وإذا قدرتَ على عدوّك فاجعل العفو شكراً للقدرة عليه.
    وقال حكيم فأصاب: ليس من الكرم عقوبة من لا يمتنع من سطوتك.
    وقال أحد البلغاء درّة من الدرر، أحسنُ المكارم:
    أ - عفو المقتدر، ب- وَجودُ المفتقر.
    ثالثها: الترفّع عن مجاراة المخطئ، وهذا يدل على شرف النفس، وعلو الهمة، فقد قالت الحكماء: شرف النفس أن تحمل المكاره كما تحمل المكارم.
    وقد قيل: إن الله تعالى سمى يحيى عليه السلام سيداً لحلمه.
    ولله در الشاعر الذكي حين قال معبراً عن الفكرة خير تعبير:
    لا يبلغ المجد أقوامٌ وإن كرُموا *** حتى يَذلوا –وإن عزّوا- لأقوام
    ويُشتَموا فترى الألوان مسفرةً *** لا صفـحَ ذلٍّ ولكنْ صفحَ أحلام
    رابعها: الاستهانة بالمسيء لا عن كبر وإعجاب بالنفس، إنما هو نأي عن منافس لا يساويك قدراً.
    حكي عن مصعب بن الزبير أنه لما ولي العراق جلس يوماً لعطاء الجند وأمر مناديه أين عمرو بن جرموز –وهو الذي قتل أباه الزبير- فقيل له: أيها الأمير إنه قد تباعد في الأرض، فقال: أو يظنّ الجاهل أني أقيده بأبي عبد الله، فليظهر آمناً ليأخذ عطاءه وافراً، لكن البعض عدَّ ذلك مستحسن الكبر.
    - وقال أحدهم في المعنى ذاته:
    أو كلما طنَّ الذباب طردتُه *** إنّ الذباب إذاً عليَّ كريمُ
    وأكثرَ رجلٌ من سبّ الأحنف –وهذا سارت الركبان بذكر حلمه- وهو لا يجيبه، فقال: والله ما منعه من جوابي إلا هواني عليه.
    ومثله ابن هبيرة فقد أسمعه رجل ما ساءه، فأعرض عنه، فقال الرجل له: إياك أعني. فقال ابن هبيرة: وعنك أُعرض.
    وقال الشاعر عمرو بن علي أبياته المشهورة:
    إذا نطق السفيه فـلا تجبه *** فخـير مـن إجابته السكوتُ
    سكتُّ عن السفيه فظنّ أني *** عييت عن الجواب وما عييتُ
    خامسها: الاستحياء من جزاء الجواب، وهذا من صيانة النفس، وكمال المروءة.
    قال أحد الحكماء موضحاً هذا: احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته.
    وقال بعض الأدباء: ما أفحشَ حليمٌ، ولا أوحشَ كريم.
    أما لقيط بن زرارة الشاعر فقد أعلن أنه لا يحب الفحش ولا يجاري فيه أصحابه.
    وقل لبني سعد فمالي وما لكم *** ترقّون مني ما استطعت وأُعتِقُ
    أغـرَّكمو أنـي بأحسن شيمة *** بصيرٌ، وأنـي بالفواحش أطرق
    وإن تك قـد ساببتني فقهرتني *** هنيئاً، مريئاً، أنت بالفحش أحذَقُ
    سادسها: التفضّل على المسيء وتآلفه، واستيعابه.
    وقصة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع الأعرابي الذي أعطاه الرسول فلم يرض لزعمه أنه قليل فغضب الصحابة منه لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه إلى بيته وأجزل له حتى رضي وأمره أن يعلن أمام الصحابة أنه رضي، وقرّت عينه فبعد أن قال: ما أوفيت وما أجزيت قال: لقد أجزيت وأوفيت فجزاك الله من كريم خيراً، فكان قوله صلى الله عليه وسلم سبباً في دخول الأعرابي الإسلام.
    وهذا الإسكندر قيل له: إن فلاناً وفلاناً ينقصانك ويثلبانك فلو عاقبتهما. فقال: هما بعد العقوبة أعذر في تنقصي وثلبي، فكان هذا تفضلاً منه وتآلفاً.

    وقد حكي عن الأحنف ابن قيس أنه قال: ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره ثلاث خصال:
    أ – إن كان أعلى مني عرفتُ له قدره.
    ب – وإن كان دوني رفعتُ قدري عنه.
    جـ - وإن كان نظيري تفضلت عليه.
    وأخذه الخليل فنظمه شعراً وأحسنَ فقال:
    سألزم نفسي الصفح عن كل مذنب *** وإن كثُـرتْ منه إلـيَّ الجرائمُ
    فـما الـناس إلا واحـد من ثلاثة *** شريف ومشروف ومثـل مقاوم
    فـأما الـذي فـوقي فأعرف قدره *** وأتـبع فـيه الحقّ والحقُّ لازم
    وأمـا الـذي دوني فـأحـلم دائباً *** أصون به عرضي وإن لام لائم
    وأمـا الـذي مثلي فإن زلّ أو هفا *** تفضّلتُ، إن الفضل بالفخر حاكم
    سابعها: قطع دابر الخصام، وهذا من الحزم.فقد حكي أن رجلاً قال لضرار بن القعقاع، والله لو قلتَ واحدةً لسمعت عشراً، فقال ضرار: والله لو قلتَ عشراً ما سمعتَ واحدة.
    قال أحمد الحكماء: في إعراضك صونُ أعراضك، ولله درّه من حكيم!
    وقال أحد الشعراء:
    قل ما بدا لك من زور ومن كذب *** حِلمي أصمُّ، وأذني غيرُ صماء
    وسأل علي رضي الله عنه عامرَ بن مرّة الزهري:
    - من أحمقُ الناس؟
    قال: مَنْ ظنَّ أنه أعقلُ الناس.
    قال: صدقتَ، فمَنْ أعقلُ الناس؟
    قال: من لم يتجاوز الصمتَ في عقوبة الجهال.
    وقال هذا المعنى أحد الشعراء:
    وفي الحلم ردعٌ للسفيه عن الأذى *** وفي الخَرق إغراء فلا تك أخرقا
    فتـندمَ إذا لا ينفـَعَنْـكَ ندامـةٌ *** كما ندم المغبون لما تـفـرّقـا
    ثامنها: الخوف من العقوبة على الجواب، وهذا من ضعف النفس، لا من الحلم. وربما أوجبه الرأيُ، واقتضاه الحزم.
    وقد قيل: الحلم حجاب الآفات. والرفق في التعامل مع الأخرق حلم ونجاة.
    تاسعها: الرعاية ليدٍ سالفة، وحرمة لازمة، وهذا من الوفاء، وحُسنِ العهد، وكمال المروءة، وقد قيل: أكرمُ الشِّيَم أرعاها للذمم. وقد قال الشاعر فأحسن:
    إن الوفاء على الكريم فريضـة *** واللؤم مقرون بذي الإخـلاف
    وترى الكريم لمن يعاشر منصفاً *** وترى اللئيم مجانب الإنصاف
    وقال غيره فأجاد:
    إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَه *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمرَّدا
    عاشرها: المكر وتوقُّع الفرص الخفيّة، وهذا من المكر والدهاء. وقد قيل: من ظهر غضبه، قلَّ كيدُه.
    وقال أحد الحكماء: غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله.
    وقال أحدهم: إذا سكتَّ عن اللئيم ضيَّعتَ عليه فرصته.
    قال أحد الشعراء:
    ولَلْكفُّ عن شتم اللئيم تكرّماً *** أضرُّ له من شتمه حين يُشتَمُ
    وعلى الرغم من أن الحلم فضل كله إلا أنَّ بعض ما ذكر يدخل في باب الذلِّ ولئن كان تملُّكُ النفس أن تغضب وأن تهيج حسناً إن عدم الغضب حين يسمع الإنسان ما يُغضب، يعتبر من ذل النفس وقلّة الحميّة، وقد قالت الحكماء:
    ثلاثة لا يُعرفون إلا في ثلاثة مواطن:
    أ – لا يُعرف الجواد إلا في العسرة
    ب – ولا يعرف الشجاع إلا في الحرب
    ج – ولا يعرف الحليم إلا في الغضب
    قال أحد الشعراء:
    ليست الأحلام في حال الرضا *** إنما الأحلام في حال الغضب
    وقال شاعر آخر:
    مَنْ يدّعِ الحِلم أغضِبْه لتعرفه *** لا يُعرف الحِلْمُ إلا ساعة الغضب
    ولعلَّ من المقبول أن يجتمع في قوم ذوو أحلام وجهال، فقد يكمل بعضهم بعضاً، وقد أنشد النابغة الجعدي أمام النبي صلى الله عليه وسلم:
    ولا خير في حلم إذا لم يكن له *** بوادرُ تحمي صفْوَه أن يُكدَّرا
    ولا خيرَ في جهل إذا لم يكن له *** حليم إذا ما أوردَ الأمرَ أصدرا
    فلم ينكر صلى الله عليه وسلم قوله عليه.
    ومن فقد الغضب في الأشياء المغضِبة حتى استوى حالتاه قبل الإغضاب وبعده، فقد عدم من فضائل النفس الشجاعة، والأنفة والحميّة والغيرة والأخذ بالثأر لأنها خصال مركبة من الغضب، فإذا عدمها الإنسان هان بها، ولم يكن لباقي فضائله في النفوس موضع، ولا لوفور حلمه في القلوب موقع.
    قال المنصور: إذا كان الحلم مفسدة كان العفو مَعْجَزَة
    وقال أحدهم: العفو يفسد من اللئيم بقدْر إصلاحه من الكريم.
    وقال عمرو بن العاص: أكرموا سفهاءكم فإنهم يقونكم العار والشنار، واتفق معه مصعب بن الزبير حين قال: ما قلَّ سفهاءُ قوم إذا ذلّوا.
    وفي هذا قال أبو تمام الطائي:
    والحربُ تركب رأسها في مشهدٍ *** عَدْلُ السفيه به بألف حليم
    وليس هذا القول إغراءً بالغضب والانقياد إليه، بل دعوة إلى التوازن بين الحلم والغضب على أن يكون الحلم قائداً وله المبادرة. قال الشاعر:
    إذا أنت جاريتَ السفيه كما جرى *** فأنت سفيه مثله غيرُ ذي حلم
    ولا تعضبَنْ عرض السفيه وداره *** بحِلم، فإن أعيا عليك فبالصرم
    فيرجوك تارات ويخشاك تـارة *** ويأخذ فيما بين ذلك بالحـزم
    فإن لم تجد بدّاً من الجهل فاستعن *** عليه بجهّال فذاك من العـزم
    ومن عَزَب عنه الحلم فاتقاد لغضبه ضلَّ عنه وجه الصواب فيه، وضعف رأيه عن خبرة أسبابه ودواعيه حتى يصير بليد الرأي، ضعيف الفهم، مقطوع الحجة، قليل الحيلة، وقد يكون صاحب حقٍّ فيضيعه بغضبه مع ما يناله من أثر الغضب في جسمه ونفسه حتى يصير أضرَّ عليه مما غضب له. وقد قال أحد الحكماء: مَنْ كثر شططه، كثر غلطه.
    وروي أن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه:
    - ما الذي يباعدني من غضب الله عزّ وجل؟ قال: أن لا تغضب.
    وروي أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حسن الخلق وكرر السؤال، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تغضب وكرر الجواب.
    قال أحد الأدباء: مَنْ ردَّ غضبَه هدَّ مَنْ أغضبه.
    فينبغي لذي اللب السويّ، والحزم القويّ أن يتلقى قوّة الغضب بحلمه فيصدّها، ويقابل عوادي شرته بحزمه فيردّها، ليحظى بانجلاء الحَيرَة ويسعد بحميد العاقبة.
    قال أحد الأدباء: في إغضائك راحة لأعضائك.
    الفرق بين الحزن والغضب:
    قال الماوردي: (سبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن دونها، وسبب الحزن هجوم ما تكرهه النفس ممن فوقها).
    (والغضب يتحرك من داخل الجسد إلى خارجه، والحزن يتحرك من خارج الجسد إلى داخله)
    (وبذلك قتل الحزن صاحبه لكمونه، ولم يقتل الغضب صاحبه لبروزه).
    (فنتجَ عن الحزن المرض والأسقام فأفضى إلى الموت. ونتج عن الغضب السطوة والانتقام فأفضى إلى التهديد والثأر)
    فهذا فرق ما بين الغضب والحزن.

    بعض ما يسكِّن الغضب:
    إن لتسكين الغضب إذا هجم أسباباً يستعان بها منها:
    أولاً: أن يذكر اللهَ عزّ وجل، فيدعوه ذلك إلى الخوف منه ثم إلى الطاعة، ثم إلى الأدب، ثم يستغفر الله تعالى فيزول الغضب، قال الله تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت} قال عكرمة: يعني إذا غضبت.
    وقال الله تعالى: {وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله} ومعنى قوله: ينزغنّك: أي يغضبنّك فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم: يسمع بجهل مَن جَهِل، ويعلم بما يذهب عنك الغضب.
    وذكر أن في التوراة: يا ابن آدم اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب، فلا أمحقك فيمن أمحق.
    وحكي أن بعض الحكماء قال: من ذكر قدرة الله لم يستعمل قدرته في ظلم العباد.
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم مَنْ في السماء".
    وقال أحد المذنبين لهارون الرشيد: يا أمير المؤمنين أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك، وبالذي هو أقدر على عقابك منك على عقابي لما عفوت عني، فعفا عنه لما ذكر قدرة الله تعالى.
    وروى البيهقي عن أنس رضي الله عنه: أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القسوة، فقال: "أطّلع في القبور، واعتبر بالنّشور".
    وعلى هذا قال الفاروق عمر رضي الله: من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير.
    ثانياً: أن ينتقل عن الحالة التي هو فيها إلى حالة غيرها فيزول عنه الغضب.
    وهذا ما فعله معاوية حين غضب وهو يخطب فنزل وتوضأ ثم عاد وأخبر أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الغضب نار تطفئه الماء..
    وكذلك فعل المأمون حين شعر بالغضب أو بدرت منه بادرة الحدّة والانفعال. وقالت الفرس: إذا غضب القائم فليجلس، وإذا غضب الجالس فليقم.
    ثالثاً: أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم، ومذمّة الانتقام، فقد كتب أبرويز إلى ابنه شيرويه: إن كلمة منك تسفك دماً، وأخرى تحقن دماً، وإن نفاذ أمرك مع كلامك، فاحترس في غضبك أن تخطئ، ومن لونك أن يتغير، ومن جسدك أن يرتجف، فإن الملوك تعاقب قدرة، وتعفو حلماً.
    ولله در القائل: الغضب على من لا تملك عجز، وعلى من تملك لؤم.
    وقال أحد البلغاء: إنَّ غضباً يعقبه اعتذار، عجز وسفه.
    وقد قلت ناصحاً:
    لا تـغضبـنَّ وتعـتذرْ *** لـكـنْ تَحَـلّمْ وادّكـِرْ
    غضبٌ يؤول إلى اعتذا *** ر منك ضعف فافتكـرْ
    رابعاً: أن يتنبّه الغاضب سريعاً إلى ثواب العفو، وحسن الصفح، فيقهر نفسه رغبة في الجزاء والثواب، وحذراً من استحقاق الذمّ والعقاب.
    روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
    ينادي مناد يوم القيامة، مَنْ له أجر على الله عزّ وجل فليقم، فيقوم العافون عن الناس، ثم تلا: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله".
    وقال رجاء بن حَيَوَة لعبد الملك بن مروان حين انتصر على بعض الثائرين:
    إن الله قد أعطاك ما تحب من الظفر، فأعط الله ما يحب من العفو.
    وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "الخير ثلاث خصال، فمن كنَّ فيه فقد استكمل الإيمان: أ – من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.
    ب – وإذا غضب لم يخرجه غضبه من حق.
    ج – وإذا قدر عفا.
    وأسمع رجل عمر بن عبد العزيز كلاماً، فقال عمر: أردتَ أن يستفزني الشيطان لعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً، انصرف رحمك الله.
    خامساً: أن يذكر حب الناس له إن لم يغضب، فيرغب في تأليفهم وثنائهم عليه وعلى هذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "ما ازداد أحد بعفوٍ إلا عزاً" وقال: "إنّ الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف، ومالا يعطي على ما سواه".
    وقد مدح صلى الله عليه وسلم أشجَّ عبد القيس حين قال له: "إنَّ فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة".
    وتأمّل معي رحمك الله هذه الآية الرائعة: "ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" وهاتين الآيتين الدالتين على مغانم الحلم والبعد عن الغضب. "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم، وما يلقّاها إلا الذين صبروا، وما يلقّاها إلا ذو حظ عظيم".
    أما الآية التي هم أمُّ الباب، وخلاصته فقوله تعالى: "خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين".
    وقال أحد البلغاء: ليس من عادة الكرام سرعةُ الانتقام، ولا من شروط الكرم إزالةُ النعم.


  10. #595
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ



    الاخلاص

    إرتبط قبولُ الأعمال بالنية الخالصة لله الله سواءٌ أكان ذلك في الاعتقاد، أم في العبادة وسائر الأعمال وهذا يتطلب من المسلم أن يكون صادقاً في عقيدته، مخلصاً فيها، فينقيها من الشرك والرياء والنفاق.

    فأن أعظم الأصول المهمة في دين الإسلام هو تحقيق الإخلاص لله تعالى في كل العبادات، والابتعاد والحذر عن كل ما يضاد الإخلاص وينافيه، كالرياء والسمعة والعجب ونحو ذلك. ورحم الله احد العلماء إذ يقول: "وددت أنه لو كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلّا، فانه ما أُتىَ على كثير من الناس إلا من تضيع ذلك". أ.هـ

    أهمية أعمال القلوب:
    إنّ تعريف الإيمان عند أهل السنة هو:
    (إقرار باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان).
    ويُعَدُّ الإخلاص أهم أعمال القلوب المندرجة في تعريف الإيمان، وأعظمها قدراً وشأناً، بل إن أعمال القلوب عموماً آكد وأهم من أعمال الجوارح، ويكفي أنّ العمل القلبي هو الفرق بين الإيمان والكفر، فالساجد لله والساجد للصنم كلاهما قام بالعمل نفسه، لكن القصد يختلف، وبناء عليه آمن هذا وكفر هذا.
    يقول شيخ الإسلام رحمه الله في بيان أهمية أعمال القلوب: "وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين، مثل محبته لله ورسوله، والتوكل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له، وما يتبع ذلك". أ.هـ
    فأقول: "هذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق باتفاق أئمة الدين، والناس فيها على ثلاث درجات: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات.
    فالظالم لنفسه: العاصي بترك مأمور أو فعل محظور.
    والمقتصد: المؤدي للواجبات، والتارك للمحرمات.
    والسابق بالخيرات: المتقرّب بما يقدر عليه من فعل واجب ومستحب، والتارك للمحرم والمكروه.
    وإن كان كل من المقتصد والسابق قد يكون له ذنوب تُمحى عنه؛ إما بتوبة والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإما بحسنات ماحيه، وإما بمصائب مكفرة، وإما بغير ذلك". أ.هـ (1).
    ويقول ابن القيم رحمه الله: "أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبع ومكملة، وإنّ النيّة بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء، الذي إذا فارق الروح ماتت، فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح". أ.هـ (2) وقال شيخ الإسلام: "والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسّط عمل القلب، فإن القلب ملكٌ، والأعضاء جنوده، فإذا خبث خبثت جنوده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنّ في الجسد مضغة... الحديث". أ.هـ (3)

    تعريف الإخلاص:
    قال العز بن عبد السلام : "الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده، لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني، ولا دفع ضرر دنيوي". أ.هـ(4).
    قال سهل بن عبد الله: "الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة". أ.هـ
    وقيل: "هو تفريغ القلب لله" أي: صرف الانشغال عمّا سواه، وهذا كمال الإخلاص لله تعالى (5).
    وقيل: "الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين".
    ويقول الهروي: "الإخلاص تصفية العمل من كل شوب".
    ويقول بعضهم: "المخلص هو: الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله".
    سئل التستري: "أي شيء أشد على النفس؟! قال: "الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب".
    ويقول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئاً أشد عليّ من نيتي؛ إنها تتقلبُ عليّ". (6) ومدار الإخلاص في كتاب اللغة على الصفاء والتميز عن الأشواب التي تخالط الشيء يقال: هذا الشيء خالص لك: أي لا يشاركك فيه غيرك والخالص من الألوان عندهم ما صفا ونصع. ويقولون خالصة في العشرة: صافاه (7).

    منزلة الإخلاص:
    الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء).
    وقوله: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ).
    قال الفضيل بن عياض في هذه الآية: "أخلصه وأصوبه". قيل: "يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟" قال: أن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم تقبل وإذا صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً؛ والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة". أ.هـ(8).
    قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) يقول شيخ الإسلام: "الناس لهم في هذه الآية ثلاثة أقوال: طرفان ووسط.
    فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يتقبل الله إلا من اتقى الكبائر، وعندهم صاحب الكبيرة لا يقبل منه حسنة بحال.
    والمرجئة يقولون: من اتقى الشرك.
    والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتقاه في ذلك العمل، ففعله كما أمر به خالصاً لوجه الله تعالى".(9)

    الإخلاص سبب لعظم الجزاء مع قله العمل:
    وقد دلّ على ذلك نصوص النبوية ومنها:

    1. عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل هذا، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟! أظلمك كتبتي الحافظون؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟! فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم. فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟! فقال: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم الله شيء".(10)

    2. وحديث المرأة التي سقت الكلب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به".(11)

    3. وحديث الرجل الذي أماط الأذى عن الطريق، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له".(12)

    يقول شيخ الإسلام معلقاً على حديث البطاقة: "فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخص، وإلّا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا اله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة". أ.هـ (13) ويقول أيضاً حول حديث المرأة التي سقت الكلب والرجل الذي أماط الأذى عن الطريق: "فهذه سقت الكلب بإيمان خالص كان في قلبها فغُفِرَ لها، و إلا ليس كل بغي سقت كلباً يُغفر لها، وكذلك هذا الذي نحّى غصن الشوك عن الطريق فعله إذ ذاك بإيمان خالص وإخلاص قائم بقلبه فغفر له بذلك.
    فإن الإيمان يتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص"(14). والإخلاص رتبة الثلاثة الذين خلفوا.
    وفي السنن عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: "إن العبد لينصرف من صلاته ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، حتى قال: إلا عشرها".
    وقال ابن عباس: "ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها".
    و في الحديث: "رب صائم حظه من صيامه العطش ورب قائم حظه من قيامه السهر".
    وقيل لبعض السلف: "الحاج كثير" فقال: "الداج كثير، والحاج قليل". أ. هـ(15) فالمَحْوُ والتكفير يقع بما يتقبل من الأعمال، وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم، فالسعيد منهم من تكتب له نصفها، وهم يفعلون السيئات كثيراً، فلهذا يكفر بما يتقبل من الصلوات الخمس شيء، وبما يتقبل من الجمعة شيء، وبما يتقبل من صيام رمضان شيء آخر، وكذلك سائر الأعمال(16).
    وحديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها؟! قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت؛ ولكنك قاتلت ليُقال: جرئ، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
    ورجل تعلّم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها فقال: فما عملت؟! قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت القرآن. قال: كذبت، ولكن تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال قاري، فقد قيل. ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.
    ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من صنوف المال، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها. قال: فما عملت بها؟! قال: ما تركت من سيبل يحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جوا، فقد قيل. ثم أمر به على وجهه حتى أُلقي في النار". [رواه مسلم].

    درجات الإخلاص:
    الدرجة الأولى:
    إخراج رؤية العمل عن العمل، والخلاص عن طلب العوض عن العمل، والنزول عن الرضى بالعمل.
    فالأولى: يشاهد منة الله تعالى وتوفيقه له على هذا العمل: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ).
    الثانية: ليعلم إنه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوض.
    الثالثة: مطالعته عيوبه وآفاته وتقصيره فيه.

    الدرجة الثانية:
    الخجل من العمل مع بذل المجهود حيث لا يرى العمل صالحا لله مع بذل المجهود (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ). فالمؤمن جمع إحساناً في مخافة، وسوء ظن بنفسه.

    الدرجة الثالثة:
    إخلاص العمل بالخلاص من العمل، إلا بنور العلم، فيحكمه في العمل حتى لا يقع في البدعة.(17)

    ثمار الإخلاص:
    لا بد من أمرين هامين عظيمين أن تتوفرا في كل عمل وإلا لم يقبل:
    1- أن يكون صاحبه قد قصد به وجه الله تعالى.
    2- أن يكون موافقا لما شرعه الله تعالى في كتابه أو بينه رسوله في سنته.
    فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحاً ولا مقبولاً، ويدل على هذا قوله تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: " وهذان ركنا العمل المتقبل؛ لا بد أن يكون خالصًا لله، صواباً على شريعة رسول الله". أ.هـ

    ولهذا من ثمار الإخلاص:
    1- تفريج الكربات ( قصة الثلاثة – قصة عكرمة – قصة أصحاب الكهف).
    2- الانتصار: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).(18)
    3- العصمة من الشيطان: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).(19) (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ). (20)
    4- نيل شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "قلت يا رسول الله؛ من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟! فقال: لقد ظننت يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث. أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصاً من قِبَل نفسه".
    5- مغفرة الذنوب ونيل الرضوان: كما في حديث البطاقة، والمرأة البغي التي سقت الكلب، والرجل الذي أزاح الشجرة من الطريق.

    السلف والإخلاص:
    قصة يوسف عليه السلام (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).(21) وقصة موسى عليه السلام: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً). (22) قال أبو سليمان الداراني: "طوبى لمن صحت له خطوة واحدة، لا يريد بها إلا الله تعالى".
    وقال بعض السلف: "من سلم له في عمره لحظة واحدة خالصة لله تعالى نجا".
    ولما مات على بن الحسن وجدوه يعول مائة بيت في المدينة.
    وقيل لحمدون بن أحمد: "ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا، قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام، ونجاة النفوس، ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق".
    وقال رجل التميم الداري رضي الله عنه: "ما صلاتك بالليل ؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في سرّ أحب إلى من أن أصلي الليل كله، ثم أقصّه على الناس".
    وقال أيوب السختياني: "ما صدق عبد قط فأحب الشهرة".
    وقال بعض السلف: "إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية، حتى في أكلي وشربي ونومي ودخولي الخلاء".
    وقال الحسن: كان الرجل يكون عنده زوار فيقوم من الليل يصلي ولا يعلم به زواره وكانوا يجتهدون في الدعاء ولا يسمع لهم صوتا.
    "وكان الرجل ينام مع امرأته على وسادة فيبكي طول ليلته وهي لا تشعر".
    قال الفضيل بن عياض: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
    قال الشافعي رحمه الله: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن إلا ينسب إلى منه شيء".
    عن سفيان قال: "أخبرتني مرية الربيع بن خثيم قالت: "كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه".
    وقال جبير بن نفير: "سمعت أبا الدرداء وهو في آخر صلاته وقد فرغ من التشهد يتعوذ بالله من النفاق، فكرر التعوذ منه، فقلت: مالك يا أبا الدرداء أنت والنفاق؟! فقال: دعنا عنك، دعنا عنك، فوالله، أنّ الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الوحدة فيخلع منه".
    وقال بشر الحافي: "لأن اطلب الدنيا بمزمار أحب إلى من أن اطلبها بالدين".
    وعن يحي بن أبي كثير قال: "تعملوا النية، فإنها ابلغ من العمل".
    ولهذا فإنّ إخفاء العبادة وتحقيق الإخلاص يحتاج إلى صبر.
    وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن الصبر على الطاعة ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
    1- صبر قبل الطاعة.
    2- صبر في الطاعة.
    3- صبر بعد الطاعة "المن، العجب، السمعة".
    قال ابن عقيل: "كان أبو إسحاق الفيروز بادي لا يخرج شيئاً إلى فقير إلا أحضر النية، ولا يتكلم في مسألة إلا قدم الاستعانة بالله وإخلاص القصد في نصرة الحق دون التزيين والتحسين للخلق. ولا صنف مسألة إلا بعد أن صلى ركعتين فلا حرج أن شاع سمه واشتهرت تصانيفه شرقاً وغرباً، وهذه بركات الإخلاص". (23) وللعلامة محمد الأمين الشنقيطي قصة تتعلق بصلاح القصد والنيّة، إذ أن له تآليف عديدة،/ ومنها منظومة في أنساب العرب، وقد ألّفها قبل البلوغ يقول في أولها:

    في ذكر أنساب بني عدنان سميته بخالص الجمان

    لكنه - رحمه الله - بعد أن بلغ سن الرشد قام بدفن هذه المنظومة، معللاً أنه كان قد نظمها على نية التفوّق على الأقران، وقد لامه بعض مشايخه على ذلك، وقالوا له: "كان من الممكن تحويل النية وتحسينها".
    وقد نقل عنه العلامة بكر أبو زيد أنه قال: "إنما ألفته للتفوق به على الأقران، فدفنته لأن تلك كانت نيتي، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصححت النية ولم أدفنه".(24) يقول العلامة محمد بن إبراهيم يثني على الشنقيطي: "ملئ علماً من رأسه حتى أخمص قدميه".
    وقال عنه بكر أبو زيد:"لو كان في هذا الزمان أحد يستحق أن يسمى شيخ لكان هو" (25).
    ولأن إخلاص النيّات أمر عظيم فقد قال أيوب السختياني: "تخليص النيات على العمال أشد عليهم من جميع الأعمال".
    ومما أثر عن الفاروق رضي الله عنه انه كتب إلى أبي موسى الأشعري: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس".

    شعر:
    إذا السر والإعلان في المؤمن استوي فقد عز الدارين واستوجب الثنـاء
    فان خـالف الإعلان ســرا فما له على سعيد فضل سوى الكد والعنا


    يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه على أن إلا ينسب إلى منه شيء".
    وقال: "ما ناظرت أحدا قط على الغلبة، وددت إذا ناظرت أحداً أن يظهر الحق على يديه".
    وقال: "ما كلمت أحداً إلا وددت أن يسدّد ويعان ويكون عليه رعاية من الله وحفظه".
    إنّ هذا الكلمات من هذا الإمام تدل على الإخلاص الذين كان يتحلى به، وتلك علامة من علامات المخلصين: أنهم لا يعملون لأنفسهم، بل مرادهم رضا ربهم، ويودون أن يكفيهم غيهم تعليم الحق وإظهاره، وعندما ما يحاورون لا يكون غاية همهم أن يغلبوا الخصم، بل مرادهم ظهور الحق، ويتمنوا أن يظهر الله الحق على يد الذي يناظرونه.
    والمخلص لا يبالي لو خرج له كل قدر في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عز وجل، ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله (26)

    أمور يجب التنبيه عنها في مسألة الإخلاص:
    1- قصد النعيم الأخروي: بالغ بعض العباد في تجريد القصد إلى الله والتقرب إليه حتى عدوا طلب الثواب الأخروي الذي وعد الله به عباده الصالحين قادحاً في الإخلاص، وهم وإن لم يقولوا ببطلان الأعمال التي قصد أصحابها الثواب الأخروي إلا أنهم كرهوا للناس العمل على هذا النحو، ووصفوا العامل رجاء حظ أخروي بالرعونة، وسموه بأجير السوء.
    يقول أحد مشاهير الصوفية: "الإخلاص إلا يريد على عمله عوضاً في الدراين ولا حظاً من الملكين".
    ورابعة العدوية – إن صح عنها – تقول: "ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً في جنته، فأكون كأجير السوء، بل عبدته حباً له وشوقا إليه".
    وعدّ الهروي الرجاء أضعف منازل المريدين.
    وهذا بعيد عما جاءت به نصوص الكتاب والسنة، فقد وصف الله سادات المؤمنين بأنهم كانوا يعبدون الله خائفين راجين: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). وقال تعالى يصف عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً).
    وخليل الرحمن إبراهيم يقول في دعائه: (وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
    وقد وصف الله نعيم الجنة في سورة المطففين، ثم حث على التنافس والتسابق في طلبة فقال: (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).
    فكيف يمكن إطلاق هذا القول وقد ثبت أن دين الله تعالى كله دعوة إلى العباد كي يطلبوا الجنة ويهربوا من النار، وأن سادة المؤمنين من الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء كلهم يطلبون الجنة ويخافون النار.
    أبعد هذا يستقيم قول من زعم أن الذي يعبد الله طلباً للجنة وخوفاً من النار كأجير السوء، أو أن ذلك أضعف مراتب المريدين".(27)

    ما يتوهم انه رياء وشرك وليس كذلك:
    1- حمد الناس للرجل على عمل الخير، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟! قال: تلك عاجل بشرى المؤمنين".
    2- التحدث عن المعاصي لو أن الله يكره ظهور المعاصي ويحب ستره في الحديث: "من ارتكب شيئاً من هذا القاذورات فليستتر بستر الله عز وجل".
    3- ترك الطاعات خوفا من الرياء لأن ذلك من مكائد الشيطان قال إبراهيم النخعي: "إذا أتاك الشيطان وأنت في صلاة فقال: إنك مراءٍ، فزدها طولاً".
    4- نشاط العبد بالعبادة عند رؤية العابدين: قال المقدسي: "يبيت الرجل مع المتهجدين فيصلون أكثر الليل وعادته قيام ساعة فيوافقهم، أو يصومون ولولاهم ما انبعث هذا النشاط، فربما ظن ظان أنّ هذا رياء وليس كذلك على الإطلاق، بل فيه تفضيل، وهو أن كل مؤمن يرغب في عبادة الله تعالى ولكن تعوقه العوائق وتستهويه الغفلة فربما كانت مشاهدة الغير سبباً لزوال الغفلة". ثم قال: "ويختبر أمره بأن يمثل القوم في مكان لا يراهم ولا يرونه، فان رأي نفسه تسخو بالتعبد فهو لله، وان لم يسخ كان سخاؤها عندهم رياء وقس على هذا"(28) و لا ينبغي أن يؤيس نفسه من الإخلاص بأن يقول: إنما يقدر على الإخلاص الأقوياء وأنا من المخلصين، فيترك المجاهدة في تحصيل الإخلاص لأن المخلط إلى ذلك أحوج(29).
    5- عدم التحدث بالذنوب وكتمانها: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف سترة الله". [متفق عليه].
    6- اكتساب العبد لشهرة من غير طلبها وترك العمل خوفا أن يكون شركا، قال الفضيل بن عياض: "ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل من اجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منه".(30) قال النووي معلقا على كلام الفضيل: "ومعنى كلامه رحمه الله أن من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراه الناس فهو مراء لأنه ترك العمل لأجل الناس إما لو تركها ليصليها في الخلوة فهذا مستحب إلا أن تكون فريضة أو زكاة واجبة أو يكون عالما يقتدى به فالجهر بالعبادة في ذلك أفضل".(31)
    7- أن يكون قصده إخفاء الطاعة والإخلاص لله ولكن لما اطلع عليه الخلق علم أن الله أظهر الجميل من أحواله فيسر بحسن صنع الله وستره المعصية فيكون فرحه بذلك لا بحمد الناس ومدحهم وتعظيمهم في زاد مسلم عن أبي ذر قال: "قيل يا رسول الله يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟! فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن". (32) يقول ابن تيمية رحمه الله: "ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى أو قيام ليل أو غير ذلك فانه يصليه حيث كان ولا ينبغي له أن يدع ورده المشروع لأجل كونه بين الناس إذا علم الله من قلبه انه يفعله سراً لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الإخلاص. إلى أن قال: "ومن نهى عن أمر مشروع بمجرد زعمه إن ذلك رياء فنهيه مردود عليه من وجوه:
    1- إن الأعمال المشروعة لا ينهى عنها خوفا من الرياء بل يؤمر بها وبالإخلاص فيها.
    2- إن الإنكار إنما يقع على ما أنكرته الشريعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أومر أن أنقب قلوب الناس ولا اشق بطونهم".
    3- إن تسويغ مثل هذا يفضي إلى أن أهل الشرك والفساد ينكرون على أهل الخير والدين إذ رأوا من يظهر أمراً مشروعاً قالوا: "هذا مراءٍ". فيترك أهل الصدق إظهار الأمور المشروعة حذراً من لمزهم فيتعطّل الخير.
    4- إنّ مثل هذا من شعائر المنافقين وهو الطعن على من يظهر الأعمال المشروعة (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ)".(33) ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنّ الرياء ينقسم باعتبار إبطال العبادة إلى قسمين:
    الأول: أن يكون في أصل العبادة، فهذا عمله باطل مردود.
    الثاني: أن يكون طارئا على العبادة فهذا القسم ينقسم إلى أمرين:
    الأول: أن يدافعه فهذا لا يضره.
    الثاني: أن يسترسل معه فلا يخلو من حالين:
    • الأول: أن يكون أخر العبادة مبنيّاً على أوله كالصلاة فالعابدة باطلة.
    • الثاني: أن يكون آخر العبادة منفصلا عنها كالصدقة فما كان خالص قبل وما أشرك فيه رد.(34)

    أمور خفية:
    الرياء جلي وخفي.
    فالجلي: هو الذي يبعث على العمل ويحمل عليه.
    والخفي: مثل الرياء الذي لا يبعث على العمل لمجرده، لكن يخفف العمل الذي أريد به وجه الله تعالى، كالذي يعتاد التهجد كل ليلة ويثقل عليه، فإذا نزل عنده ضيف نشط له وسهل عليه.
    وأخفي من ذلك ما لا يؤثر في العمل ولا في التسهيل، وأجلي علاماته أنه يسر باطلاع الناس على طاعته، فرب عبد مخلص يخلص العمل ولا يقصد الرياء بل يكرهه، لكن إذا اطلع الناس عليه سره ذلك وارتاح له، وروّح ذلك عن قلبه شدة العبادة، فهذا السرور يدل على رياء خفي.
    ومتى لم يكن وجود العبادة كعدمه في كل ما يتعلق بالخلق لم يكن خالياً عن شوب خفي من الرياء.(35) الرياء هي الطاعة التي يظهرها الفاعل كي يراها الناس.(36)

    من دقائق الرياء وخفاياه:
    قد يخسر الإنسان عمله بسبب انعدام الإخلاص، وذلك أمّا بالرياء والشهرة والشرف والسمعة والعجب.

    الرياء:
    هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس، فيحمدوا صاحبها، فهو يقصد التعظيم والمدح والرغبة أو الرهبة فيمن يرائيه.

    أما السمعة:
    فهي العمل لأجل سماع الناس (فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسمعة تتعلق بحاسة السمع).

    وأما العجب:
    فهو قرين الرياء، وقد فرّق بينهما شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "الرياء من باب الإشراك بالخلق، والعجب من باب الإشراك بالنفس".(37)

    هنا ثلاث أمور دقيقة للرياء على النحو التالي:
    o أولها: ما ذكره أبو حامد الغزالي في أحبائه حيث قال أثناء ذكره للرياء الخفي: "وأخفى من ذلك أن يختفي (العاقل بالطاعة) بحيث لا يريد الاطلاع ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه مع ذلك إذا رأى الناس أحب أن يبدأوه بالسلام وأن يقابلوه بالبشاشة والتوقير، وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه كأنه يتقاضى الاحترام مع الطاعة التي أخفاها، ولو لم يفعل ذلك ما استبعد تقصير الناس في حقه".(38) o ثانيها: أن يجعل الإخلاص وسيلة لا غاية وقصداً لأحد المطالب الدنيوية "كالحكمة - كالكرامة - كالحوائج الدنيوية".
    o ثالثها: ما أشار إليه ابن رجب بقوله: "وها هنا نكته دقيقة وهي أن يذم الإنسان نفسه بين الناس يريد بذلك أن يرى الناس أنه يتواضع عن نفسه ويرتفع بذلك عنهم ويمدحونها به، وهذا من دقائق أبواب الرياء وقد نبه السلف الصالح"، قال مطرف بن عبد الله ابن الشخير: "كفى بالنفس إطراء أن تذمّها على الملأ كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه". [شرح حديث ما ذئبان جائعان].(39) الصبر على الطاعة ثلاثة أنواع:
    صبر قبل الطاعة - وصبر أثناء الطاعة – صبر بعد الطاعة.
    o رابعها: ربما كره الرياء ولكنه عندما يتذكر أعماله ويثني عليه لم يقابل ذلك بالكراهية، بل يشعر بالسرور، ويشعر أنّ ذلك روح عنه شيئاً من عناء العبادة فهذا نوع دقيق من أنواع الشرك الخفي.(40)

    كيف يتحقق الإخلاص؟! (أو: أمور تعين على تحقيق الإخلاص):
    أ‌. أن يعلم المكلف يقيناً بأنّه عبد محض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيده عوضاً ولا أجراً، إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فما يناله من سيده من الأجر والثواب تفضل منه وإحسان إليه، ولا معاوضة.
    ب‌. مشاهدته مِنَّه الله عليه وفضله وتوفيقه، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو، وكل خير فهو مجرد فضل الله ومنته.
    ت‌. مطالعته عيوبه وآفاته وتقصيره منه وما فيه من حظ النفس ونصيب الشيطان، فقلّ عمل من الأعمال إلا وللشيطان فيه نصيب وإن قل، وللنفس فيه حظ، سئل صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في صلاته؟! فقال: "هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد". فإذا كان هذا التفات طرفه فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله؟!(41) ث‌. تذكير النفس بما أمر الله به من إصلاح القلب وإخلاصه، وحرمان المرائي من التوفيق.
    ج‌. الخوف من مقت الله تعالى، إذا اطلع على قلبه وهو منطوٍ على الرياء.
    ح‌. الإكثار من العبادات غير المشاهدة وإخفاؤها، كقيام الليل، وصدقة السر والبكاء خالياً من خشية الله.
    خ‌. تحقيق تعظيم الله، وذلك بتحقيق التوحيد والتعبّد لله بأسمائه الحسنى وصفاته "العلي العظيم – العليم – الرزاق – الخالق".
    د‌. أن يشعر أنه عبد محض لله تعالى.
    ذ‌. معرفة أسماء الله وصفاته وتعظيم الله.
    ر‌. تذكر الموت وأهواله.
    ز‌. الإكثار من الأعمال المخفية.
    س‌. أن يرد الرياء بالاقتداء.
    ش‌. أن يعلم عاقبة الرياء.
    ص‌. الإلحاح على الله بالدعاء، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء والإلحاح على الله.
    ض‌. تدبر القرآن.
    ط‌. التخلص من حظوظ النفس، فانه لا يجتمع الإخلاص في القلب وحب المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلّا كما يجتمع الماء والنار، فإذا أردت الإخلاص فاقبل على الطمع فاذبحه بسكين اليأس، وقم على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، حينئذ فقط يسهل عليك الإخلاص، والطمع يسهل ذبحه باليقين أنه ليس من شيء تطمع فيه إلا وبيد الله خزائنه، لا يملكها غيره.
    ظ‌. المجاهدة: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
    فالمطلوب منك بذل الجهد في دفع خواطر الرياء وعدم الركون إليها، وكلّما أولى لا بد من قياسها حتى تصل إلى المرحلة التي قال الله تعالى فيها (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ). وهي المرحلة التي تكون النفس فيها مطمئنة بطاعة الله، ساكنة إليها لا تخالجها الشكوك الأثيمة.
    ع‌. إخفاء الطاعات وعدم التحدّث بها.
    غ‌. عدم الاكتراث بالناس.
    ف‌. الخوف من الشرك بنوعيه.
    ق‌. الدعاء بكفارة الرياء. ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس اتقوا هذا الشرك فانه أخفى من دبيب النمل. قالوا: وكيف نتقيه؟! قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه".
    ك‌. تعاهد النفس بالوعظ ومجالس الذكر ومصاحبة أهل الإخلاص.
    ل‌. تذكّر عظم نعمة الله سبحانه على المرء وشكرها، ونسبتها إلى مسببها، والاعتراف بها ظاهراً وباطناً.
    م‌. اعتياد الطاعات بحيث تصير جزءاً لا يتجزأ من حياة المرء.


  11. #596
    التسجيل
    03-09-2005
    الدولة
    KSA - Khobar
    المشاركات
    3,852

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ

    هههههه اراشي قصتج صار لي مثلها بالضبط ,, انا ما كنت ابي اتكلم قصتي علشان كذا انا ما جبت لها طاري ..
    المهم انتهى الموضوع القديم ومشكورين لكل من ادلى بدلوه ..

    لي رجعه للموضوع الجديد .. ان شاء الله

  12. #597
    التسجيل
    24-07-2010
    الدولة
    .•°Kuwaitـﬗـالكويت°•.
    المشاركات
    6,925

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ



    العفو

    أكثر ما يتعرض الواحد منا لمواقف ..يختبر فيها صبره وتسامحه

    والتسامح يحتاج إلى قوة داخلية

    خير الكلام في هذه الخصله ..

    •كلام: الله تعالى
    •كلام: النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه
    •مواقف: السلف الصالح رضي الله عنهم في ذلك


    التعريف:
    مفهوم التسامح بحقوق الإنسان ، وقيمة التسامح تتعلق بمجموعة من الحقوق التي تميز أي نظام دمقراطي مثل السماح بالتعبير عن الرأي و التنظيم و مساواة الجميع أمام القانون, والرفق بأسرى الحرب ، واحترام أو قبول رأي الاقلية.قال الله تعالى بسم الله الرحمان الرحيم "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (الأعراف 199). والتسامح ممارسة يمكن أن تكون على مستوى الأفراد والجماعات والدول ، وهو مبدأ ينبثق عنه الاستعداد للسماح بالتعبير عن الأفكار والمصالح التي تتعارض مع أفكارنا ومصالحنا. ويمكن تعريف التسامح بأنه: الاحترام و القبول والتقدير للتنوع الثقافي ولأشكال التعبير والصفات الإنسانية المختلفة. إن هذا التعريف للتسامح يعني قبل كل شيء اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوقهم وحراتهم الأساسية المعترف بها علمياً. وممارسة التسامح لا تتعارض مع احترام حقوق الإنسان ولا تعني قبل الظلم الاجتماعي أو تخلي المرء عن حقوقه ومعتقداته أو التهاون بشانها.


    أثر التسامح في العلاقات الإنسانية
    إن المجتمع الإنساني ينطوي على درجةً كبيرة من التباين والتوحد في الوقت نفسه, يتجلى التباين في العدد الكبير من الأعراق و الأجناس و الأديان و القوميات التي تحمل قيماً ومعتقدات تؤدي إلى ثقافات مختلفة, ويتجلى التوحد في أن كل أعضاء هذه الجمعيات يشتركون في كونهم يسعون للعيش بكرامة وسلام وتحقيق طموحاتهم ومصالحهم وعلى ذلك, فإن ما يجمع الناس هو أكثر مما يفرقهم, ولكن لماذا العنف والصراع و الحقد والكراهية التي يشهدها العالم اليوم ؟! وفي العصر الحالي فإن احتكاك المجتمعات بعضها ببعض وتشابك المصالح بينها نتيجة لثورة الاتصلات و المعلومات و المواصلات جعل من التسامح و التعايش و الاتصال و الحوار المفتوح ضرورات لا بد منها لتحقيق مصالح المجتمعات جميعها.إن العالم بحاجة إلى التسامح.


    أشكال التسامح ووسائله:

    للتسامح عدة أشكال تتعلق بالعلاقات الاجتماعة بين الأفراد و الجماعات و العلاقات بين الدولة وأبرزها ما يأتي:

    التسامح الديني
    قال الله تعالى: إن الذين امنوا و الذين هادوا و الصابئين والنصارى من ءامن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون سورة المائدة آية(69)


    التسامح في المعاملات
    قال الله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون سورة المؤمنون: آية(96)


    التسامح العرقي
    قال رسول الكريم في خطبة حجة الوداع:إن أباكم واحدٌ, كلكم لآدم وآدم من تراب, إن أكرمكم عند الله أتقاكم, ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى. من خطبةِ حجة الوداع.


    التسامح الثقافي
    لكل مجتمع ثقافة التي من حقه أن يعتز ويحاول نشرها.


    وسائل التسامح:
    * الحوار العقلاني الهادف
    * التهدئة.
    * احترام حرية الآخرين.
    * رحابة الصدر.
    * إعطاء الأولوية للمصلحة العامة.
    * التعليم و التثقيف.


    الخصلهـ الاولى: كلام الله

    قال تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}(199) سورة الأعراف

    قال تعالى {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}(85) سورة الحجر

    قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور

    قال تعالى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران

    قال تعالى {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }(43)سورة الشورى.

    قال تعالى : { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }


    الخصلهـ الثانيهـ : من السنة:

    -عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى. رواه مسلم.


    - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه.

    -وعن أنس رضي الله عنه قال (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء). متفق عليه.


    الخصلهـ الثالثهـ: عن السلف الصالح فأخبارهم في ذلك رائعة

    ومن أخبارهم في ذلك:

    قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: بلغنا أن الله تعالى يأمر منادياً يوم القيامة فينادي: من كان له عند الله شيء فليقم فيقوم أهل العفو فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس.

    طأطئ لكلمة السوء*

    قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إذا سمعت الكلمة تؤذيك فطأطئ لها حتى تتخطاك"

    عيوبنا أكثر*

    خرج علي بن الحسين يوماً من المسجد فسبَّه رجل، فقام الناس إليه، فقال: دعوه، ثم أقبل عليه فقال: ما ستر الله عنك من عيوبنا..ألك حاجة نعينك عليها؟ فاستحيا الرجل، فألقى إليه خميصةً كانت عليه، وأمر له بألف درهم.

    هكذا المعاتبة

    كتب رجل إلى صديق له بلغه أنه وقع فيه:

    لئن ساءني أن نلتني بمساءةٍ لقد سرّني أني خطرت ببالكَ

    اطلب لأخيك المعاذير

    قال إبراهيم بن أدهم: "اطلب لأخيك المعاذير من سبعين باباً، فإن لم تجد له عذراً، فاعذره أنت".

    يدعو لسارقه

    سرق للربيع بن خثيم فرس، فقال أهل مجلسه: ادع الله على سارقه، فقال: بل أدعو الله له، اللهم إن كان غنيًّا فأقبل بقلبه، وإن كان فقيراً فأغنه.

    ((هذه القصة من قصص التسامح.. والعفو عند المقدرة.. ولا يدرك ذلك إلا الرجال الذين على قدر من المعرفة ورزانة العقل وهذه القصة رواها الأستاذ والرواي إبراهيم اليوسف ــ أمد الله في عمر ــ من صاحبها الذي جرت له حيث يقول الشاعر إبراهيم رحيل عقل العنزي إنه كان يمزح معه أحد أصدقائه وكان في يده بندقية وكان يعبث بها فخرجت منها رصاصة طائشة وأصابت إبراهيم في رجله فوقف صديقه خائفاً وأصابه الذعر من هول هذه المفاجأة فأذا بصديقه إبراهيم يقبل عليه بابتسامة حانية متناسياً الذي الألم الذي حل به وأشار إليه يطمئنه ويهون عليه الأمر وبينما هو يفغل ذلك عرض عليه صديقه راجياً كل الحلول قائلاً لو تريدني أذهب إلى الشرطة وأسلم نفسي أنا مستعد لذلك فرد عليه إبراهيم يطمئنه لاتتوقع شيئاً من هذا فلا شيء حدث وذكره بالتسامح والصداقة وحقوقها بين الرجال .. وعاد إبراهيم إلى منزله ولما علم الناس توافدوا عليه وأخذوا يحرضونه عليه ويدفعونه إلى إلحاق الأذى بصديقه إلا انه رفض ذلك وذكر هؤلاء بأهمية التسامح وأنه من مكارم الأخلاق ومن شيم العرب))

    .......................

    الحمدالله إنتهيت من نقل أفضل ماقيل عن حسن الخلق وخصاله
    ولي عودة ان شاء الله للمناقشة ان وجدت او التحدث بتجارب شخصية وبعض القصص .



  13. #598
    نعومة الأحساس غير متصل عضوة مميزة في منتدى الخواطر والنثر
    التسجيل
    24-06-2009
    الدولة
    عالم الخيال
    المشاركات
    2,841

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ

    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

    مشاء الله موضوع حلو كثير والكلام فيه ماينتهي


    بكتب شي بسيط حتى أسجل مشاركه بالموضوع


    قال الرسول صلى الله عليه وسلم " حب لأخيك الؤمن ما تحب لنفسك "

    من هذا الحديث لو أنه كل مؤمن يحب لأخو مثل الي يحب له كان الدنيا بخير مافيها حسد ور غيره وكره ولا حقد و...الخ

    لو كل مؤمن يعامل أخوه لمثل مايحب الناس تعامله

    لكان التعامل راقي ومافيه تقصير أو جفاف

    هذا ما أحظرني في هذا الوقت وكتبته إن شاء الله لي عودة مرة آخرى للموضوع


  14. #599
    التسجيل
    17-02-2006
    الدولة
    Q-T-R
    المشاركات
    2,101

    رد: قضية الاسبوع ҉ಢ ೋ حسن الخُلُق ೋ ಢ


    يعطيج العافيه رش رش ^^

    ويعطيك العافيه هارت بيت السموحه بس ألقيت نظره عالسريع لان طويل وماقدرت اقراه كله ^^

    الموضوع كبير ومب عارفه من وين ابدأ O.o

    بالنسبه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " حب لأخيك ماتحبه لنفسك "

    في ناس للاسف ممم مادري يعني يا ان هم انانيين وهمهم نفسهم او ماعندهن حاسيه بنفسهم مادري شلون !! بس مثلا

    يصير موقف مثل هاي ان وحده اعرفها كله تبي الناس تسمع لها لما تتكلم لو شوي غيرو الموضوع تقوم وتزعل او لو صار ان بالخطأ محد انتبه لكلامها تمد البوز

    وتقول محد يسمع لي .. حساسه عالاخر ... وهي لما تنفرد فيها بالحجي ماتسمع الا نفسها وماتهتم باللي انت تقوله وعادي تطنشك عشان تسمع غيرك !!





  15. #600
    )(FanTasy)( غير متصل سـبحـان الله وبـحـمـده
    الفائز الاول بمسابقة اليوم المميز
    التسجيل
    07-10-2009
    الدولة
    in my lovely home .. Kuwait
    المشاركات
    2,082

    Thumbs up شــًـكــــــرًا

    وعـلـيـك ِ الـسـّـلام ورحـمـة الله وبـركــاتــه

    رسـولنـا الكــريــم
    - صــلـى الله عـلـيـه وعـلـى آلـه وصحـبـه وسـلــّم - بـُعـِثَ لـيـُتـمــم مكــارم الأخـــلاق ..

    فـلا يـوجـد عـلـى وجـه الأرض اطــلاقــًا شـخـص مـثـل لـطــف وأدب واحـســان ونقــاء مـحــمــد
    .. فـيستـلـزمـنــا -بصفتنــا مـسـلمــيـن- أنـ نـقـــتـد بـأفـعــالـه وحـسـن تعــامــله ..

    فـفـي زمـانـنـا عـنـدمــا تكـثـر المـسـاوئ فـي التعــامــل مـع الآخــريــن ويـحــتــضــر الأدب العـام ويشتـهــر الكــلام البــذيء عـلـى ألسنــة الكـثــير يـبـدأ البعـض بالقاء المـســامـع

    لـدكــتـور نـفسـانـي فــلان والأخــذ بأقــوال غـربي أو عــربي فــلان وينـســى مــا قـــدّمــه رسـول الله
    -عـلـيـه الـصـلاة والســلام - مــن آداب التعــامل مـع النــاس ..

    نـعـم
    ، لـم يحــرّم رسـولنــا الكــريـم الاستمــاع وتعـلــم كـل مـا هـو مـفيـد مـِنْ غـيره أو مـِنْ غـير المـسلمــين .. لكــن خـســارة كـبيرة عـندمــا يتجــاهــل المـســلم

    أقــوال وأفــعـــال رسـولنـا الكــريــم ثـم يـتــجــه لغـيـره
    .. إذ لـا يـوجـد أي فـعـل أو كـلمـــة ألقــاهـا كــانت سـلبيــة أبـــدًا .. وهـذا مـن عظـمـتــه وحكـمـتـه .. فـأين نـحـن عـنـه ؟؟

    ومـِنْ حـُســن التـعـامــل مـَعَ النــاس قــاطــبــة
    - لـا نـُمـيـّز فيـهـا ولـا نـُفـرّق إلــا العـــدو - فـيـها مـِنَ الحكـمـة ومـِنَ الفـائـدة الـشــيء الثمــيـــن ..

    لـربمــا نـفـتـقــد الأسـلوب الحـَسَــن والنـيـة الصـافيـة الطـيـبــة والتـعـامـل الـراقـي كمـا فـي زمـن النـبي
    .. لكـنـنــا إلـى الآن يهـمـنــا فـي المجــالس والمــدارس والأمـــاكن العـامــة أدب الشــخص ..

    كــثيــرًا مــا سمــعــتً
    : ((فــلان شــلونــه مــن رجـــال ؟؟)) والقصــد دائـمــًا لـا يـذهـب إلـى شجــاعــة أو جمــال أو مـا يملكـه مـن مــال .. إنــمــا إلــى أخــلاق الـرجــل نـفـسـه وتعـامــله ..

    فــتـجــد الكـلمـة الطـيــبــة تـسبـق أسمــه عـنـدمــا يــُذكــر فـي المجــالس
    .. وتـجـد لـه هـيــبــة واحتــرام كــبيــر لــدى الكــثــير .. ومــا فـعـلــه هـذا الـرجــل هـو حـسن خـلقــه وزيـنـة أدبــه .

    ونـقـطـة أخـيـرة
    : رأيـت أشـخــاص يتـغــيـر تعـامــلـهــم إلـى تعــامل ســيّء عـنـدمــا يـواجـهـوا شـخـص غـير مــُسلم .. وهـذا لأنـــه غــير مــُسلم .. هـذا فـعـل خــاطئ .. فـعـلى المـسلم بالظــاهــر لـا بالانتــمــاءات

    يقــولُ الله جــلَّ فـي عــُلاه
    : ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) .

    شـكــرًا جــزيـــلا ً أخــتـي Arashi
    .. سـاحــة حـواريـة هــادفــة وممـتـعــة ^_^

    وشكــرًا لكـَ أخــي وصــديقـي HeartBeat عـلـى مـا تـكــتــبـه أو تـنـقـله لنـــا

    وشكـرًا أخــي Akihiko عـلـى الأحــاديـث الشـريفـة التـي رفـعـتـهــا

    وفـقـكـم الله جمـيعــًا
    .

صفحة 40 من 66 الأولىالأولى ... 153035363738394041424344455065 ... الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •