و علي أن أسعى ، و ليــــــــــس علي إدراك النجاح**
يقول ابن حزم : (لا تنصح على شرط القبول و لا تشفع على شرط الإجابة و لا تهب على شرط الإثابة , لكن على سبيل استعمال الفضل و تأدية ما عليك من النصيحة و الشفاعة و بذل المعروف..) ..
جميل أن تجد لحديثك صدى ، و لكن الأجمل منه أن تشعر بلذة الإخلاص ، و احتساب الأجر في ذلك عند الله ، و الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، أكرم الخلق على الله ، قيل لـــــه : ( إن عليك إلا البلاغ ) ، و رمي بأبي هو و أمي بالسحر ، و الجنون ، و الكذب ، فهل تقاعس عن الدعوة ؟ لا ، لأنه علم علما راسخا ثابتا يقينا ، أن منهجه حق ، و أن الحق قادم ليزهق كل باطل !! أما نحن ، فيكفي أن يقال للواحد منا ( موسوس ) حتى يلقي السلاح و يرفع الرايات البيضاء بانهزامية عجيبة ..
إن مما يشكو منه الكثير من المصلحين و الدعاة في صحوتنا المباركة ، قصر النفس ، فالعجلة في قطف الثمار كما يقول العلامة سلمان العودة و نتائجها لا تتناسب مع الصبر الذي يجب أن يتحلى به الداعية .. ( و كم من داعية تخلى عن موقع من المواقع ظانا أنه ليس له أثر ، فلما تخلى بان فقده و ظهرت مكانته ، فكان كما قيل :
سيذكرني قومي إذا جد جدهم ****و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
و على الداعية ألا يستعجل النتائج و الثمرات ، بل يسعى و يعتمد على الله تعالى ، و يدرك أنه بمنطق التجربة المقطوع بها من الناحية التاريخية ، و من الناحية الواقعية ، أن أي جهد صحيح يبذل في الأمة يكون له ثمرة ، إذ _ و ركز على هذه الجملة _ إذ لم يقع في هذه الأمة أن أحدا دعا فلم يستجب له ، أو نصح فلم ينتصح بأمره و نهيه أحد ، أو عالما جلس للتعليم فلم يقعد إليه أحد ، إلا أن يؤتى من قبل نفسه _ و تفكر في هذه الجملة أيضا أيها الفاضل _ ) إلى أن قال : ( و هذه الحقيقة التاريخية الواقعية ، التي تثبت أن كل جهد له ثمرة هي أيضا حقيقة شرعية : " فمن يعمل من الصالحات و هو مؤمن فلا كفران لسعيه ، و إنا لكاتبون " ، و قال : " ليجزي الله الصادقين بصدقهم ".. فكل عمل له جزاء ، و كل داع له اتباع ) ا . هـ .من كتابه ( من أخلاق الداعية ) .
و بعد ، فأرجو أن تفكر مليا في الأمر ، و لو فعل كل داعية كما فعلت يا أخي ، فمن سيبقى ؟ أهل العلمنة و الحداثة و التغريب ، يجلبون بخيلهم و رجلهم ، و نحن إن شاء الله المتحرون للحق ، ما بالنا نتقاعس و نكسل ؟
و عليك أخي بالدعاء ، فالله الله فيه من قلب مخلص مفتقر ..و اقرأ كذلك في الإخلاص و تتبع أخوال السلف في ذلك ..
أسأل الله أن يوفقك و ينفع بك ، و يجعلك من مفاتيح الخير ، و مباركا أينما كنت ( و هذه الدعاء بالمناسبة يلازمه باستمرار أحد الدعاة في مدينة الرس ، و لهذا الداعية أثر كبير و نفع عميم في مختلف العالم الإسلامي، فتأملوا ! ) .
خاتمة : علي طلاب العز من مستقره *** و لا ذنب لي إن عارضتني المقادر
وتنبه !!!!!!!!!!! لا تكن من أولئك الذين إذا أبصروا نصف الزجاجة ملآن ، اشتكوا من أن نصفها فارغ
