صفحة 10 من 13 الأولىالأولى ... 5678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 136 إلى 150 من 183

الموضوع: بلا اتجاه

  1. #136
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    الفصل التاسع عشر



    وصل إلى الرياض الآن... فلمعت أنوارها في عينيه، لحظات... ويخرج من قلب الظلمات إلى الأنوار التي مسحت معنى الليل في هذه المدينة التي لا تنام كثيرا ً.



    لم يكن مستعدا ً لدخولها، فركن سيارته في محطة على طرفها، ونزل يجر قدميه إلى دورة المياه المتوارية خلف محل ( بنشر) قذر... حيث الهباب والزيوت يغطيان كل شيء، صدمته العفونة حالما دخل وكادت قدمه تزل على الأرضية التي أسودت مما تراكم عليها، فدار على عقبيه وفر، قصد البقالة الكالحة الضيقة، وسحب علبة ماء باردة، نقد البائع ثمنها، ثم خرج... واقفا ً إلى جانب سيارته، دلق الماء على وجهه غير عابئ بثيابه، وارتجف من البرودة التي تخللت عظامه، شرب شيئا ً مما بقي في العلبة، ثم جذب بضعة مناديل بعجل فتمزقت بين يديه... مسح وجهه بلا اهتمام، ثم عاد إلى مقعده... وربض هناك.



    في عينيه تلمع أنوار الرياض من خلف زجاج السيارة المتسخ... رياض... يا رياض... كم فيك ِ من الحيوات؟ كم يتقلب تحت سقوفك الآن من بر وفاجر، كم تخفي جدرانك ِ من باك ٍ وضاحك، يا رياض... كم فتاة فيك الآن غارقة في الحلم؟ كم شاب فيك غارق في التيه؟؟ وكم فيك ِ من شاك ٍ يتوجع؟ وروحا ً تقبض؟ كم يقضى بين جنباتك ِ الآن من الأفعال؟ وكم يدبج من الأقوال؟ كم كلمة حب تخالط هوائك ِ؟ كم صفعة ترن في ميادينك؟ يا رياض... لم َ نحبك ِ حتى لا نكاد نخرج منك ِ؟ لم نكرهك ِ حد الفرار منك ِ؟ ما الذي فيك ِ عن غيرك؟ يا رياض... يا عجماء... كم لسانا ً لك ِ؟ يا شلا... كم يدا ً فيك ِ... كم قلبا ً؟ أيتها المدينة التي بلا قلب.



    رأى حمد نفسه وقد انفصل عن الواقع في تلك المحطة التي بلا اسم... فصار كطائر كبير، وطار يجوب شوارع الرياض، يراها تحت عينيه، يرى السيارات التي تطوي طرقها... بلا هدف، يرى الناس الذين يدبون في أرجائها، يرى ما في البيوت كأن الحجب قد زالت عن عينيه... فصار يرى كل شيء، وعيناه تبحثان... عن امرأة... تنتظر... رجلا ً طويلا ً على خده أثر قديم.



    * * *



    عاد إلى البيت بوجه غير الذي خرج به، عاد يطوي بين جنبيه حكايات، ومشاهد وأصوات، يطوي آلاما ً... أحزانا ً، عاد وقد ذاق المعرفة حتى ود أنه لم يعرف... لم يجرب... لم يسمع.



    سلم على أهله بخفوت... وأجاب على أسئلتهم، وتبسم في وجوههم حتى آلمه فكه، ثم لاذ بغرفته، ألقى عنه ملابسه التي التصقت بجسده، ليغوص في بركة الماء الدافئ التي ملأت البانيو... وهناك حيث لا يسمع إلا صوت فيضان الماء وتساقطه على الأرض... هناك أراح رأسه على الحافة... وأغمض عينيه تاركا ً بخار الماء يتسلل إلى أنفه... والذكريات تتحدر عليه كتحدر صخور الأعالي.



    * * *



    تردد كثيرا ً... وهل هذا مستغرب؟ لن نقف هنا طويلا ً، مر حمد بالدورة الطويلة من الوساوس والهواجس التي يمر بها دوما ً قبل اتخاذ قرار، ثم قر عزمه في النهاية على قبول الدعوة والسفر إلى الشرقية لملاقاة سعد، لا يعلم لم َ؟ ولكن كان لديه نوعا ً من الحدس بأن هذا اللقاء سيحمل له جديدا ً، فآخر لقاء جمعهما انفجر فيه سعد وأفضى بالكثير، وهذا اللقاء ربما يحمل له أجوبة لأسئلته الكثيرة.



    كان عليه أولا ً أن يكذب، فكيف سيسمح له أهله بالسفر هكذا وحيدا ً ليلقى شخصا ً تعرف عليه في الانترنت؟ سعد بالنسبة لهم لا يعني شيئا ً أكثر من اسم يلفظ، فلذلك قرر أن يوفر على نفسه رواية الحكاية كاملة، وأن يسلك الطريق السهل، أدعى أنه سيسافر مع أصدقائه إياهم، ( شلة البران ) كما تسميهم هيلة، طبعا ً لا بد أن تؤدي أمه دورها الطبيعي في الاعتراض ( وشوله وأنا أمك الواحد يعطل عشان يستريح مهوب عشان يهجهج... إلخ...)، كان يعلم أنها ستضع المسألة في النهاية بين يدي أبوه الذي سيضيق عينيه قليلا ً، ثم سيقول بصوته الحاد ( خير إن شاء الله... انتبه لنفسك... ولا تسرعون بالطريق)، وهذا ما كان... وهكذا وجد نفسه صباح الخميس يطوي الطريق وحيدا ً كما المرة الأولى.



    مرت في ذهنه أطياف الطريق، فسعل وحرك رأسه لتزلق بضعة قطرات من شعره، عبرت جبينه قبل أن تتسلل عبر حاجبيه إلى عينيه، مسح وجهه بقوة داعكا ً عينيه، ثم عاد للوضع السابق، وعادت الذكريات من جديد.



    * * *



    (( أتذكر عندما قلت لك أن الرياض بمثابة ملاذ فكري لي... كان ذلك نصف الحقيقة)).



    * * *



    (( رباه... ما أصعب هذا... حضوري نفسه كان صعبا ً، فما بالك بما يطلبه مني؟)).



    * * *



    (( من يومها لم يعد شيء كما كان... كرهت كل شيء... كرهت الجروح القديمة، أصبحت أحس بالغثيان عندما أرى أثرا ً لجرح قديم)).



    * * *



    (( كم أحتقر ضعفي، استسلامي للألم، وقبلها الأمل، أحتقر مشاعري هذه... كل ما أتمناه هو أني رحلت... عندما حانت اللحظة المناسبة رميت بكل شيء وراء ظهري... ورحلت... ولكني لم أفعل)).



    * * *



    ((عدني مجنونا ً... مهووسا ً... أي شيء يعن لك... ولكن هذه هي الحكاية... بل نصف الحكاية... أما باقيها فسآخذه معي إلى تربتي)).



    * * *



    وصل الخبر كما وصلها في ذلك اليوم البعيد، والآذان ينطلق من المساجد، أو هو يتوهم ذلك، بعد الصلاة أخذه سعد إلى مطعم قريب وهو يعتذر بفراغ البيت لسفر أهله كما أخبره قبلا ً.



    كان مطعما ً فاخرا ً... يقع في الطابق الثاني لعمارة جديدة ذات إطلالة على البحر، فتح لهما الباب عاملا ً فلبينيا ً بابتسامة دافئة، وارتقيا درجا ً حلزونيا ً... التفت عليه نباتات متسلقة... تساءل حمد أهي طبيعية؟ لمسها فبدت ذات ملمس غريب، كان المطعم باردا ً من الداخل، وذو ألوان قاتمة، ربما أضفت عليه كآبة لا معنى لها رغم الفخامة التي تتبدى في كل تفصيلة فيه.



    انتحيا ركنا ً منه، ليجاورا الزجاج الملون بالأزرق، حيث ترتمي الأمواج تحت أقدامهما، كانا أول زبونين لهذا اليوم، على المائدة بينهما المغطاة بغطاء أحمر تناثرت أدوات المائدة، وشمعدان ضخم يحمل شموعا ً سكرية اللون، فكر حمد بسخرية أن هذا كاد يصير موعدا ً غراميا ً، لم يعد باقيا ً إلا أن يمسك سعد بيده وأن ينظر في عينيه ليقول ( حمد... أنا بحبك)، كادت تفلت منه ضحكة لهذا الخاطر السخيف.



    جاءهما نادل عربي طويل القامة، طلب سعد منه عصيرا ً ذا اسم غريب، ونظر لحمد الذي تردد ثم طلب عصير برتقال، قال سعد وهو يشير لمجموعة طاولات توسطت المكان:



    - غداءنا سيكون من هذا البوفيه المفتوح، قم خل نشوف وش السلطات اللي عندهم.



    نهضا وقصدا طاولة على الطرف، تراصت عليها أطباق من السلاطة والمقبلات، مضى سعد يملأ صحنه بخبرة وتذوق، فيما كان حمد حائرا ً كان من نوع الناس الذين لا يجيدون التعامل مع البوفيه، تحيره الاختيارات الكثيرة، ويستحي أن يملأ صحنه، ولذلك يخرج دائما ً من هذه البوفيهات جائعا ً.



    عادا إلى طاولتهما بصحن مليء، قال سعد وهو يدير شوكته في الصحن ليقتنص شطر زيتونة فارة:



    - وش الأخبار؟ وش أخبار روايتك؟ ما كتبت الفصل الثالث؟



    - ولا حرف.



    - ههههه... ليه؟



    - انشغلت بالامتحانات وبعدها بالرواية الجديدة، يعني خل الأمور تستقر... وبعدين أفكر بالكتابة.



    - أممممم ( هذه كانت من سعد الذي كان قد حشا فمه بخس مغطى بجبن غريب الشكل).



    * * *



    تحرك حمد قليلا ً... فعاد صوت الماء المتساقط يتردد وسط سكون الحمام، التقط نفسا ً عميقا ً ثم غاص في الماء بعينين مفتوحتين، في أذنيه أصبح الهواء محجوزا ً في جيب هوائي بين الطبلة والصيوان، فبدت الأصوات مضخمة... كأنها أصوات الذكرى.



    ظل يحدق عبر الماء إلى السقف الذي بدا مترقرقا ً، أحس بانفصال عن العالم، أصبح كل شيء مجرد ذكرى، أغمض عينيه، وأحس كأنه ضائع في الفراغ، ضاق به النفس فأخرج رأسه من الماء، وأراحه على يده المنصوبة وهو ما يزال مغمض العينين.



    بعد المطعم الفاخر والأكلات البحرية التي أغرقه فيها سعد، والحلوى التي أصر على تذوقها، خرجا يتهاديان بالشبع والانتعاش، وقصدا منزل سعد... ما زال كل شيء على حاله، الممر الضيق ذو الحجارة بلون الرمل، الحديقتان، النخلة اليتيمة، حتى الكرسيان ما زالا هناك.



    قصدا وكر سعد مباشرة، حيث كتبه ومكتبه، تركه سعد وهو يرحب به بكلمات سريعة وغاب داخل البيت، وقف حمد يجيل عينيه في الكتب، ويتأمل المكتب الصغير والكراسي الأنيقة.



    عم ماذا تكلما في ما تبقى من العصر؟ لا يذكر الآن، كانت مجموعة مواضيع مترابطة، من المنتدى إلى الرواية إلى بعض القضايا الفكرية، وكانت الراية حينها بيد سعد، ولكن التفاصيل غابت عن ذهنه الآن، كل ما يذكره أنهما ظلا يتحدثان ويرشفان الشاي الذي صنعه سعد حتى أذان العصر.



    أما ذلك العصر فكان جميلا ً، اصطحبه سعد إلى الشاطئ حيث استأجرا مركبا ً بحريا ً، بدا أن سعد يعرف صاحبه، انطلق بهما المركب إلى عرض البحر في المسار المرسوم له، وهما جالسان على كرسيين وضعا في مقدمة المركب، يتأملان صفحة الماء التي تنشق تحتهما في رفق، ويتحدثان حتى مل الحديث منهما.



    عادا على هدي أنوار الشاطئ المتلألئة عندما حل الظلام ، حدث حمد نفسه حينما حط على الشاطئ بأنها أجمل رحلة مر بها قطعا ً، صليا المغرب ثم انطلقا يتمشيان في شوارع المدينة المزدحمة، كان الحديث قد انعقد بينهما وفاض حتى صارت المواضيع المشتركة والمفتوحة بينهما بالعشرات، تحدثا في كل شيء وأي شيء، وكان الوقت هو آخر ما يسألان عنه.



    * * *



    لا يذكر متى حدث ذلك؟ ولا كيف حدث؟ ربما كانت الساعة قد جاوزت الحادية عشرة والنصف حينها، كل ما يذكره هو أنهما كانا جالسين على رمال الشاطئ البيضاء وتحتهما سجادة صغيرة، والهواء يهب عليلا ًَ جميلا ً، محملا ً برطوبة خفيفة، تجعل ملمس كل شيء زلقا ً، والبحر هادئ... رفيق بأمواجه وبالرمال عند قدميهما، وكان السكون يكمل ما تبقى من اللوحة ليخلق جوا ً آخر... جو البوح.



    كان سعد يتكلم حينها في أمر ما... ثم صمت وأطلق نظره للبحر وقال:



    - أتعلم؟ لقد قلت لهذا البحر ما لم أقله لمخلوق أبدا ً... لو كان لهذا البحر لسان لحكى لك قصتي... كنت آتي هنا كثيرا ً... آتي وأجلس على الأرض مباشرة... أدفن قدمي في الرمل... وأظل أتحدث كمجنون... كانت تمر الساعات... وأن أهمس له بكل شيء وأي شيء... لم يصم أذنيه ولم يتأفف... عندما فعل الآخرون... رويت له كل شيء... آلامي... أحزاني... سجلت فيه يوميات حبي، وحكاية انهياره، كان صديقا ًَ حانيا ً، استمع لي صابرا ً... وعندما انتهيت... تقبلني بكل أخطائي... ضمني بذراعيه... بأمواجه... وغسل بملوحته ملوحة الدمع الذي بقي في محاجري.



    سكت قليلا ً ومضى يقلب وجهه في صفحة السماء كأنه يبحث عن شيء ما، فيما كان حمد صامتا ً تعتري بدنه ارتجافه قوية، وفي جوفه يتردد هتاف ( رباه... لقد دنت لحظة الحقيقة... لحظة المعرفة... لحظة الإجابة على الأسئلة... سيفيض سعد كموج مكتسح).



    مضت ثوان ٍ... ولم يخيب سعد ظنه.



    - كنت طفلا ً... أحمل قلب طفل... جسد طفل... ملامح طفل... ومشاعر عاشق... وكانت هي ملاكا ً... جنة إنسانية... جمالا ً خالصا ً... قلبا ً خالصا ً... كانت كل ما تغنى به الشعراء... كانت القصيدة التي لم ولن يكتبها أحد... لأنه أعجز من ذلك... كانت الوردة التي تبقى عندما يحط الخريف بقية الورود... كانت حلم الطفولة الطاهر الذي لم تدنسه رغبة أو مصلحة.



    - كنت طفلا ً... يبكي عشقا ً عندما كان بقية الأطفال يبكون ألعابا ً... أو حلوى... كنت طفلا ً... يرسم وجهها كل يوم على حواشي كتبه... وعلى بياض دفاتره... على صعيد الرمل الذي تسويه يده الصغيرة... وعلى صفحة الحساء الذي لا يعجبه عله يكسبه حلاوة وقبولا ً.



    - كنت طفلا ً... اكتشف المعاني في ابتسامتها... لمعة عينيها... ضحكتها... عندما كان بقية الأطفال يكتشفون الأشياء حولهم.



    - كنت طفلا ً... تعلم صياغة الحب في السن التي يتعلم فيها أترابه صياغة اللفظ... تعلم التفكير في السن التي يلقن فيها أقرانه التدبير.



    - كنت طفلا ً... ولكنها لم تكن كذلك.



    - كانت تدرج في الوقت الذي كنت لا أحسن فيه الجلوس... كانت تزهو بملابسها وأنوثتها في الوقت الذي كنت فيه أتلقى كلماتي الأولى... وكانت قد بدأت بالشرود والهيام في الوقت الذي كنت فيه أتأتي الكلام.



    - كانت جارتي... لا يفصل بيننا إلا جدار... وأحلام صغيرة... وكنت أزورهم مع أمي... بقلب متوثب... وأجلس هناك في الطرف... أرقبها... أرقب بسماتها ورنين ضحكاتها الصافية... وأنتظر الوقت الذي تسحبني فيه من يدي إلى غرفتها... لتمنحني شوكولاتة... ومجلة ملونة... وقبلة صغيرة على خدي.



    - كنت أعود في كل مرة... بحب برئ صغير... وأوراق مدسوسة بين ثيابي... قد دونت عليها بخطي الوليد... ما أحسبه أبيات شعرية... كنت أكتبها بخلاصة العاطفة في... فتتلقفها هي بإعجاب وتقرأها بابتسامة... ثم تتناول وجهي بين راحتيها... وتتأمل عيني وهي تردد ( الله ما أحلاك... إذا كبرت بتصير شاعر كبير).



    - كنت طفلا ً... ولم يكن أحد يعبأ بأحلام الطفولة... أو يلقي لها بالا ً... وكان حبا ً... أكبر من قياس قلبي... وأحلامي... وكانت عاطفة... أتعثر فيها بثوب العشق الطويل... في ذلك الدرب الموحش.



    - ثم كبرت قليلا ً... أدركت ذلك عندما طردتني أمي... وهي تسحب أختي إلى بيتهم... ( عيب عليك... خلاص أنت صرت رجل وصارن الحريم يتغطن عنك... يالله لا تلحقني وإلا ترى بعلم أبوك).



    - لا أريد أن أكون رجلا ً... رباه... لم أستعد لذلك... لا أعرف كيف أعيش بين الرجال... عمرا ً عشته بين النساء... لا أريد أن أتركها... لا أريد أن أبتعد عنها... لا أريد أن لا أعود أرى ابتسامتها... وأسمع ضحكتها.



    - ذلك اليوم الكئيب... وجدت في ظلام غرفتي ملاذا ً... وبكيت... بكيت كل شيء... الطفولة الموءودة... والرجولة الوليدة... بكيت قصائد الحب التي لم أكتبها... وكلماته التي لم أقلها... بكيت الحرمان والفقد... وبكيت أني لم أخبرها بقلبي.



    - كنت طفلا ً وظللت كذلك في ثياب الرجال... أغذي نفسي بالوهم كل يوم... حتى جاء اليوم الذي تداس فيه الأماني والأحلام الغبية... اليوم الذي ترتع فيه الآلام في مرابع طفولتي وشبابي.



    - زفت إلى آخر... بكل بساطة... هكذا... أحلامي... كل شيء جميل ربطته بها... صار بين يدي آخر.



    - ومضيت مسحوبا ً من أبي وأخوتي إلى هناك... كان الكل فرحا ً... يضحكون... ويتكلمون... فيما كنت أنا أذوي في ركن... ويد أخي بدر على يدي... كان هو الوحيد الذي عاش حكايتي... كما عشت أنا حكايته... هو الوحيد الذي كنت أحكي له بانطلاق وقائع حبي... وأحلامي المجنونة... هو الوحيد الذي كنت أتبادل معه الحكايات كما نتبادل الملابس والأشياء... لم يلمني يوما ً على جنوني... تقبلني كما أنا.



    - جلست في ذلك الحفل صامتا ً... ذاهلا ً... انكفأت إلى الداخل... لأعالج نفسي... ولكنهم لم يتركوني... جذبتني يد أخي الأكبر من ركني ويده الأخرى تدفع إلي ( دلة ضخمة)... رباه... ما أصعب هذا... حضوري نفسه كان صعبا ً، فما بالك بما يطلبه مني؟



    - ثم رأيت العريس... طويلا ً... كأنه يشرف على الجمع من عل ِ... على خده أثر جرح قديم... ندبة صغيرة... متجللا ً ببشت أسود... يبتسم ويصافح الناس في هدوء.



    - من يومها لم يعد شيء كما كان... كرهت كل شيء... كرهت حفلات الزواج... كرهت الجروح القديمة، أصبحت أحس بالغثيان عندما أرى أثرا ً لجرح قديم... تساءلت في وقفتي تلك... هل ستمر يدها على هذه الندبة؟ هل ستلصق خدها بها؟ كدت أسقط... وضعت الدلة على أقرب شيء بارز... وفررت.



    - كم أحتقر ضعفي، استسلامي للألم، وقبلها الأمل، أحتقر مشاعري هذه... كل ما أتمناه هو أني رحلت... عندما حانت اللحظة المناسبة رميت بكل شيء وراء ظهري... ورحلت... ولكني لم أفعل.



    - ثم مات بدر... قطفت روحه سيارة مسرعة... في أرض أخرى... سيارة اقتحمت سيارته على حين غفلة... وحطمت صدره الذي طوى حبه... وحكايتي.



    - عندما وقفت على قبره... أيقنت أن كل شيء دفن هناك... كل ما تبقى لي ذهب معه... كل اللحظات الجميلة... أيقنت أني فقدت قلبا ً مفتوحا ً لي... قلبا ً أودعت فيه كل شيء... وفكرت أنا أخطو خارج المقبرة... أن أجزاء كبيرة مني دفنت هناك.



    - أتذكر عندما قلت لك أن الرياض بمثابة ملاذ فكري لي؟ أتذكر؟ كان ذلك نصف الحقيقة... هي ملاذ عاطفي أيضا ً... ما يجذبني للرياض هو أنها فيها... انتقلت إلى هنا لتعيش مع زوجها... لذا آتي إلى هنا لأتنفس أنا وإياها هواء ً واحدا ً... آتي إلى هنا كلما أشرفت على اليأس... لا أعرف في أي حي هي... ولا أريد أن أعرف... لقد تقبلت الرياض كاملة من أجلها.



    - عدني مجنونا ً... مهووسا ً... أي شيء يعن لك... ولكن هذه هي الحكاية... بل نصف الحكاية... أما الباقي فسآخذه معي إلى تربتي.



    * * *



    " هذه هي الحكاية إذن يا سعد... هذه هي الحكاية"، همس بها حمد لنفسه وهو يملأ يديه بالماء ثم يفرغه على رأسه، ويمسح وجهه بقوة، كأنما ليطرد هواجسه.



    " كل شيء أصبح واضحا ً الآن... ( صفحات حب تذروها الرياح)... كانت أنت... كانت حكايتك... كنت خالد... بعجزه... بألمه... بحبه الصامت... وهي كانت نورا بحضورها الطاغي وقوتها... كانت تلك حكاية الحب... ولكن بإطار مختلف... لقد بحثت عن التطابق فلذا لم أفهم شيئا ً... عددتها قصة أخرى... ولكن الآن... لا... كل شيء واضح... ولكنك منحت خالد ما لم تمنحه لنفسك... القدرة على اتخاذ القرار... القدرة على الرحيل... عندما لم تقوى أنت على الصراخ... أنا راحل... عجبا ً... كيف عميت عن هذا؟ كيف؟ لقد بحثت عن صورتين متطابقتين في اللوحة... وغفلت عن الصورة المشتتة".



    " ولكن لم َ تخبرني بهذا كله؟ لم َ؟ حرام عليك يا سعد... لا أظن أني سأقوى على حمل هذا؟ آه... ليتني ما لقيتك... ليتني ما عرفت... ليتني مضيت في مسارب الحياة ولم تتقاطع طرقنا... ما أثقل المعرفة".



    " هذه نصف الحكاية... وهناك بقية... ربما ستفضي لي بها يوما ً... ولكن لا... لا أريد أن أسمع شيئا ً... سأبتغي كرسفا ً أحشي به أذني... أو سأضع أصابعي فيهما... لأخرس كل الأصوات في دواخلي... ولأنعم ولو قليلا ً بالسكينة... بالصمت".



    " والآن عدت من هناك... كيف تجاوزت تلك الليلة؟ كيف نمتها؟ كيف أمضيت نهار الذي تلاها؟ وماذا بقي لي منه؟ سعد... الذي انبجس أمامي البارحة كجرح ملتهب... هو ذاته الذي أوقظني للجمعة ضاحكا ً... كأنه ما قال... وكأني ما سمعت".



    مسح حمد رأسه بقوة بمنشفة كبيرة تركت بعض خيوطها على شعره ووجهه، ثم لف جسده بالروب، وعاد إلى العالم.



    * * * * * * * * *



  2. #137
    التسجيل
    22-08-2005
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    168

    مشاركة: بلا اتجاه

    شكرا لك على التكملة
    الفصل دى رووعة








  3. #138
    التسجيل
    03-07-2005
    المشاركات
    12

    مشاركة: بلا اتجاه




    السلام عليكم ورحمة الله و بركااااااااته

    صباح الطاعه



    لـــــــ رائعة ،،

    أنا راحل

    المعنونة بـــ بلا اتجاه ..



    جزء بسيط هادئ يحمل في زواياها بوادر العواصف

    ولكن أي نوع من العواصف ؟؟

    القادم كفيل بالتوضيح ..



    سعد

    جزء من شخصيته بانت بوضوح و طغت

    القياديه ,,

    فقد فرض رأيه و استطاع اقناع الآخرين

    فهل سيستمر الأمر برأيه بكل شيء ؟؟

    إن استمر أعتقد لن تكون الجماعة لها يد سوى الاسم فقط ..

    كان عليه أن لايمحي مجهود مجروحه ببساسطه

    فهو يفتقر للاسلوب الامثل لاقناع صاحب الشأن

    دون ايذاء له و تسفيه لمجهوده ..

    رأيه بالجزء كان محبطا فقد كان باستطاعته أن يحمل الجزء الاول لبعض من فكرة مجروحه

    دون اعدا لها ..



    مجروحه

    سلبيه لم تتحمل قراءات سعد بكلماتها

    ففضلت الانسحاب والابتعاد

    لما؟

    اتوقع انها تكره المواجهات حتى وان كانت من حقها

    او انها لا تملك ردا على سعد

    لما اكتفت ببث سخطها لحمد

    هل يفيدها ذلك؟

    أم مجرد رغبه بمشاركته لها ؟



    الليل

    شخصيه مازالت على الهامش

    هل سيكون لها معنى ؟؟



    حمد

    أخطأ و الحظ حالفه بعدم ملاحظة سعد للأمر

    و قد وضح الجزء شيء من شخصيته فهو مستمع جيد

    للآخرين ..

    هل سيقف بصف مجروحه؟

    هل نزعة هالة الاعجاب عن سعد

    لتكون ممزوجة بمعرفته لمجروحه ؟؟

    أي مروان منه أم أن الأمر بان واضحا لموت تلك الصداقه ..




    عذرا للتو رأيت الجزء الجديد و هذه قراءاتي الجزء السابق


    تحياتي
    عندما تسكن الأخلاق أقلامنا
    و يسكت الحياء جنوننا
    حينها فقط نفخر بحروف كلمــــــــاتنا ...

    << أنا في كل يومٍ أودع راحلاً كريماً يحملُ قطعةً من نفسي , و حزمة من ذكرياتي ,وماالحياةإلامجموع الذكريات >>

  4. #139
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    بنت مصر



    أهلا ً وسهلا ً بك أختي... ومرور كريم.



  5. #140
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    فارسة القلم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    أهلا ً وسهلا ً... مساء الخير.



    قراءة جميلة للجزء الفائت... وتساؤلات نالت كل فرد من الأبطال... سعد... يحمل الفصل الجديد الكثير عنه... هل قرأته؟ حمد... الفصول القادمة تحمل له أشياء كثيرة، مجروحة كذلك... مروان... أمممم... دعيها لوقتها... أما الليل فلا أظن أن له دورا ً كبيرا ً.



    مرور جميل... والفصول القادمة تحمل الكثير... عسى أن تعجبك ِ.



  6. #141
    التسجيل
    03-07-2005
    المشاركات
    12

    مشاركة: بلا اتجاه

    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..



    قراءات في الجزء التاسع عشر

    لرائعة أنا راحل



    بلا اتجــ ه ــا ..



    كما توقعت كان هدوءا ما قبل العاصفه

    و لكن لم يخطر ببالي بأن العاصفه ستصيب حمد بمقتل ..



    سعد ..

    صدمة أقل ما يقال في حق ذاك الانفجار الذي أرساه على موانئ حمد ..

    سابقا كنت أظن بأن هذا النوع من الحب أكثر ضحاياه من الفتيات ولكن الأمر بدا لي كصدمه حين عرفت بأن الفتيه لم يسلموا من هذا الحب !!

    أيمكن أن يكون حبا أم مجرد اعجاب أصابه التفريط ؟؟

    ...

    مالذي امتلكه حمد ليجعل سعد يفضي إليه بذاك السر

    الذي لم و لن يعرفه أحد سواه ؟

    أيكون لانه يعيش على أرضها؟

    أم أنه وجد في حمد مستمع جيد و متفهم ومشارك لكل ما يجول بخاطره ؟



    حمد

    دوامة من الأحداث دارت رحاها في ذاكرته

    هدته حد الضياع ..

    فما ألقي على مسامعه كان صدمة لم يستوعبها إلى الآن

    رغم أنه فهم معنى تلك الحكايه التي رسمتها حروف سعد على أسطر

    الشبكه العنكبوتيه و لم تكن سوى حكايته مع اختلاف بسيط



    مالذي سيدور في عقله بعد تلك الأسرار

    التي كانت كثقل ألقيت على كاهله ؟

    هل سيكون هناك أكثر مما استمع إليه أم الأمر توقف إلى هنا ؟؟



    ...



    حكاية سعد هل كانت نقطة بداية للنهايه أم الأمر مجرد بدايه حتى الآن ؟؟

    هل سيكون هناك قرار مصيري يكون الختام لتلك الهموم التي اعتمرت قلب سعد ؟





    تحياتي




    عندما تسكن الأخلاق أقلامنا
    و يسكت الحياء جنوننا
    حينها فقط نفخر بحروف كلمــــــــاتنا ...

    << أنا في كل يومٍ أودع راحلاً كريماً يحملُ قطعةً من نفسي , و حزمة من ذكرياتي ,وماالحياةإلامجموع الذكريات >>

  7. #142
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    فارسة القلم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    أهلا ً وسهلا ً بك ِ هنا.



    قراءة للفصل التاسع عشر... أسئلة وتساؤلات... بعض هذه الأسئلة وهي التي تهمني مثل ( لم باح سعد بسره لحمد؟ ) ستجدينه في الفصل القادم بإذن الله... غدا ً.



    زيارة عطرة ومرور جميل.



    دمت ِ بخير.



  8. #143
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    الفصل العشرون



    كان قد لبس ثيابه عندما طرق الباب برفق... ولجت هيلة بعد الاستئذان... راقبته وهو يصلح حال شعره، ثم قالت:



    - سلامات؟ شكلك تعبان مرة.



    - الله يسلمك... لا ما فيه شيء... بس ما نمت زين أمس.



    - ههههه، هذا أنتم يالشباب إذا سافرتوا خلاص تنسون النوم... تحاولون تبقون ساهرين لأطول مدة ممكنة... ما أدري وشلون تستمتعون؟



    - أووووه... بدأت الدكتورة هيلة بالفلسفة... الدكتورة هيلة الأخصائية في السلوك والبنية النفسية والفسيولوجية لمرحلة ما بعد المراهقة وعميدة جامعة عين شمس وعضو الجمعية الأمريكية للكراث.



    - هاه... هاه... هاه... سبحان الله... يا ثقل دمك... ما تنبلع ولا تنهضم أبد... المهم أبوي يبيك... رح له في الصومعة.



    - خير إن شاء الله.



    " أبي؟" ماذا يريد؟ غريبة؟ أحس بخوف يداخله... هل علم بسفري وحيدا ً؟ لا... لا يمكن، كنت قد سلمت عليه وقبلت رأسه حال دخولي لو كان يعرف لقال شيئا ً، أو تبينته في وجهه، لا... هذا شيء طارئ.



    ارتاح لهذا الخاطر، فأكمل تنسيق شعره، ثم نزل إلى مكتب والده، طرق الباب ودخل بذات الرهبة التي تجتاحه كلما دخل، الرهبة التي رافقته منذ الصغر.



    كان أبوه لغزا ً... بابا ً مغلقا ً، معتزل دوما ً، يقضي في هذا المكتب جل يومه، هذا الرجل هو نفسه الذي يطل عليهم ثلاث مرات في الأسبوع من خلال نصف صفحة في جريدة يومية، يخوض فيها معارك فكرية حامية مع البعض، ويطرح فيها قضايا عويصة، تذكر اليوم الذي حاول فيه قراءة مقال لأبيه، أحس بالنشوة حينها عندما لمس السعة المعرفية لدى أبيه وتلك اللغة الغريبة التي ذكرته بكتب التاريخ القديمة، رغم أنه لم يفهم كثيرا ً مما يتناوله من قضايا، كما أنه يذكر اليوم الذي ظهر فيه أبوه لأول مرة في برنامج على إحدى الفضائيات مناقشا ً لموضوع علمي متخصص، مازال يذكر سعادته كلما خاطب المقدم والده ( بيا أبو حمد)، كان يحس حينها بنشوة تردد اسمه في التلفاز بكل هذه البساطة.



    - هلا حمد ( كانت هذه من أبوه ساحبة له من أعماقه).



    - السلام عليكم.



    - وعليكم السلام.



    أشار إلى كرسي يقابل المكتب الضخم، وهو يقول:



    - استرح، كيف كانت رحلتك؟



    - الحمد لله زينة.



    - وكيف ربعك؟ عساهم طيبين؟



    - الحمد لله بخير.



    - الظاهر إن مروان اللي أبوه راعي العقار كان معكم؟



    - ايه.



    تغيرت ملامح أبيه في لحظة، وظهرت نظرة صارمة في عينيه وقال في بطء مخيف:



    - غريب؟ أنا أمس الخميس شفته في ( عثيم الدائري).



    تحلب ريق حمد، وأحس بدوار في رأسه وفراغ في جوفه وشيء يضغط على صدره حتى لا يجعل له متنفسا ً، أنزل رأسه هاربا ً من نظرات والده الذي أكمل بذات الصوت الصارم:



    - مهوب عيب عليك؟ تكذب علي وأنت بهالعمر؟



    لم ينطق حمد بكلمة، غشيه خوف، وأحس كأن عقارب كل الساعات توقفت، وأنه الآن وحيد في هذا الكون، كل شيء تضاءل، كل الأصوات خفتت إلا صوته أبيه القارع:



    - هذي ثقتي فيك؟ الله يخلف.



    سكت قليلا ً ليكبت غضبا ً متأججا ً ثم أكمل بعنف وصرامة:



    - حمد... ارفع رأسك... وقل لي كل شيء، علمني وين كنت ومع من؟ ولو حاولت تكذب علي أو تخفي عني شيء، بعرف وبيكون لي معك تفاهم ثاني.



    انكسر حمد كإناء قديم، وروى مرتجفا ً خائرا ً كل شيء، حكى لأبيه حكايته مع سعد، قراءته لروايته في المنتدى، أحاديثهما في المسينجر، لقاءهما الأول في الشرقية ثم لقاء طريق النهضة ثم سفرته الأخيرة، وكان اهتمام أبو حمد يتزايد، وصار يستوقف حمد ويسأله أسئلة عن بعض التفاصيل، أخبره حمد محرجا ً بحكاية سعد وحبه، بالرواية الجماعية التي تجمعهم، الشيء الوحيد الذي استبقاه حمد لنفسه ولم يقوى على إخبار أبيه به هو مجروحة وعلاقته بها، كان يتجاوز هذه النقطة ولا يجعل الحديث يقوده إليها.



    تراجع أبوه في مقعده وظل يحدق فيه صامتا ً، بينما أسبل حمد عينيه في خجل وجعل يحدق في الأرض، في النهاية قال أبوه:



    - الحمد لله... كانت في بالي أفكار أسوأ، طبعا ً أرجو أن هذا ما يبعث في نفسك الارتياح، فأنت أخطأت ويجب أن تكون خجلا ً من حالك، لكن أنت الآن متعب... رح نم وقبل أن تفعل أحضر لي رواية صاحبك هذا، ورده على القراء، ورسالتك له ورسالته إليك، أريد هذه الأشياء مطبوعة لأطلع عليها الليلة، وغدا ً في مثل هذا الوقت، تأتي لي وسأخبرك برأيي في كل ما حدث إن شاء الله... زين؟



    - ابشر يبه.



    - يا الله... توكل على الله... وأتمنى قبل ما تنام إنك تفكر بقدر خيبة أملي فيك، أنا الذي كنت أتوقع أنك صادق معي بكل الأحوال، نظرتي لك تغيرت كثيرا ً هذه الليلة... سلبا ً وإيجابا ً.



    نهض حمد وخرج من المكتب وهو لا تكاد تحمله قدماه، " واااوك... يا ربيه ما هذا الموقف؟ لا أستطيع التنفس ولا أكف عن الارتجاف... آه يا قلبي، أصعب موقف مر بي في حياتي كلها".



    * * *



    عندما نهض في الصباح، لم يدر ِ كيف نام؟ عندما استلقى على الفراش فرت مخه حكاية سعد... غضبة أبيه... التساؤلات التي طالته عن مقصود أبيه من الإطلاع على كتابات سعد؟ وماذا سيقول له الليلة؟ بدا له أن أبوه تقبل الموضوع بهدوء، كان قد توقع غضبا ً هادرا ً، تصرفا ً عنيفا ً، ولكن هذا الهدوء؟ الله يستر.



    مضى نهاره كأسوأ ما يكون، لم يذهب إلى أصدقائه الذي يجتمعون في الاستراحة من بعد مغرب كل يوم، لم يحس برغبة في مجاوزة البيت، ولا الفراش، كان ذهنه يحمل كل شيء... كل الأسئلة... من سعد إلى والده... من الفتاة التي كانت تمهر سعد الشوكولا والقبلات... إلى والده وهو يكب على الأوراق قارئا ً... هل سيهزأ به؟ هل سينظر له نظرة الكبار للصغار؟ قال البارحة أنه سيخبرني برأيه اليوم... الله يعين... يارب يعدي هاليوم على خير.



    عندما اقتربت الساعة من التاسعة والنصف مساء ً دفع نفسا ً وأقداما ً مترددة إلى مكتب أبيه، ودخل بضعف الخوف وبأضعاف الرهبة، دخل مرتجفا ً كمبلول في عرض الزمهرير.



    كان أبوه جالسا ً بذات الوضعية التي تبرز في ذهن حمد عندما يأتي ذكر أبيه كصورة ذهنية دائمة له، بين يديه لفيف من الأوراق، قد بانت فيها خطوط وهوامش بالقلم الأزرق.



    رفع رأسه ببطء، ونظر لحمد وأشار إلى الكرسي المشئوم إياه الذي تدحرجت عليه بالأمس حكايات حمد، جلس حمد ووضع يديه في حجره منتظرا ً، سحب أبوه أوراقا ً من الركام أمامه، وقال وهو يرتبها:



    - فكرت بما قلته لي بالأمس، وقرأت ما أعطيتني، تبقت لدي الآن بعض الأسئلة لأكون فكرة كاملة عن الموضوع.



    ثم سأله بعض الأسئلة التي بدت غريبة لحمد ولكنه أجاب عليها كلها، فألقى أبوه الأوراق على المكتب، وتراجع في مقعده وهو يفرك عينيه بعدما خلع نظارته السميكة، مرت لحظة صمت ثم استأنف قائلا ً:



    - في البداية... أظنك فكرت بمقدار الألم الذي سببه لي معرفة أن أبني، يسافر إلى مدينة أخرى بدون حتى أن يخبرني، هذا التصرف غير المسئول منك، قد يبدو لك بسيطا ً، ولكن تخيل أنه حدث لك شيء لا قدر الله فكيف سأعرف بمكانك لأتدخل، لأقف بجانبك، عموما ً... أتمنى أن يكون ما مضى درس لك، وأن لا تعود لمثل ذلك مرة أخرى.



    - بالأمس... نظرت إلى ما فعلته كأي شيء في الدنيا يحمل جانبا ً مشرقا ً، تجاوزا ً لكذبك وسفرك بلا إذن، وتهورك الكبير في لقاء إنسان لا تعرفه، وتحمسك الكبير الذي أتمنى أن لو وجهته وجهة تنفعك... أقول تجاوزا ً لهذه الأشياء التي تكون الجانب المظلم للحكاية، فهناك جانب مشرق يتمثل في اهتمامك وبدأ خروجك من مرحلة السكون إلى مرحلة الحركة.



    - فالإنسان يا بني تتنازعه أشياء كثيرة في حياته، وهذه الأشياء تنقله بين أطوار الحركة والسكون، فهناك الإنسان ذو الطبيعة الساكنة وهو - بدون الدخول في مطولات - الذي لا يتغير، بمعنى تظل صفاته وأخلاقه كما هي لافتقاده لقيمتين مهمتين الأولى هي النقد الذاتي الذي يولد الرغبة في التغيير والتطوير للذات، والقيمة الثانية المعرفة والعقل الذي يوازن به بين الحلول الناتجة من عملية النقد الذاتي، لأن الحلول التي تبعثها عملية النقد الذاتي قد لا تتناسب مع المرحلة أو مع قدرات الإنسان نفسه، فتخرج الإنسان من السكون إلى ما هو أسوأ، أنت يا بني بدأت في الخروج من هذا السكون الذي يرتع فيه أقرانك وخلانك، وهذه تحسب لك.



    - مما قلته أنت بالأمس ومما قرأته أنا هنا ( وأشار بيده إلى الأوراق) فقد خرجت بنظرية تفسر الغوامض التي لفت حكايتك، والتي مر بها عقلك سمحا ً.



    - بداية... سأقوم الآن باستعراض الوقائع التي بين يدي مدللا ً على ومشيرا ً إلى ما جذب انتباهي وفي النهاية سأخرج برؤية يسندها العقل ولكنها تفتقر إلى الإثبات.



    - دعنا في البداية نتناول علاقتك بسعد وندرسها بهدوء ونحاول إكمال النواقص فيها، ولا أريدك أن تغفل هنا عن شيئين... الأول أن تتعلم كيف تفكر وكيف تستقري الأحداث التي تمر بك، كيف تفهم تصرفات الناس من حولك، وهذا يساعدك كثيرا ً في اتخاذ قراراتك، والأمر الثاني هو وضع ما تعلمته وما استخرجته موضع التنفيذ، بحيث تكون عالما ً عاملا ً بما تعلم... اتفقنا؟



    - على بركة الله.



    - لنبدأ ولنجمع القطع المتناثرة، لنكون منها صرحا ً، في البداية دخلت أنت ذاك المنتدى فوجدت فيه كاتب أعجبك... أليس كذلك؟ ماذا فعلت؟ كتبت له رسالة قلت فيها ( بحث بين الأوراق ثم أستل ورقة قرأ منها) ايه... " كل ما يشغل فكري هو كيف أصوغ حروفي لك" و" مبدع أنت يا سيدي، لا يتأبى عليك حرف ولا يجمح بك تعبير، وتنسال أحرفك إلى قلبي، سيدي وجدتك ما بين كل حرف وحرف" و أيضا ً " لكم وددت أن أكون بطلا ً من أبطالك، أسير على هدي حروفك، وعندما انتهيت وقفت وتمنيت أن أعرفك، أن أحدثك، أن يسمح قلبك الذي صاغ حرفك بي كتلميذ لقلمك"، هذه كلماتك أنت وقد خططتها أنا للاستدلال عليها وللرجوع لها، بعد هذا جاءك الرد، ورددت أنت عليه، ثم بنيت علاقة بينكما، بناء ً على هذا... أليس كذلك؟



    - نعم.



    - حسنا ً... بعد هذا التقيت به في المسينجر، أليس كذلك؟ ودعاك حينها للانضمام إلى كتابة الرواية الجماعية؟ هل كان هذا قبل أم بعد أول مشاركة لك في المنتدى؟



    - قبل.



    - ألم يبرز سؤال في ذهنك... على ماذا أتكئ هو في ذلك؟ ألم تتساءل لم َ يقوم شخص دقيق، مهووس بالدقة كما تصفه ويصف نفسه، بضم شخص لا يعرفه إلى مجموعة كهذه؟



    - فكرت فيها وقتها، بس مع الوقت نسيتها.



    - لا... لا يجب أن تنسى، دعنا نكمل وسنرى، بعدها ذهبت إلى الشرقية لزيارته للمرة الأولى... سؤال لم َ دعاك لذلك؟ هو إنسان منعزل مبتعد عن الناس... يا ترى لماذا يخطو خطوة تخالف طبيعته؟ لاحظ أنه سحبك من مدينة أخرى... لم َ فعل هذا؟ هل تساءلت؟



    - ايه... بس ما لقيت إجابة.



    - الإجابة موجودة ولكنها تحتاج إلى تفكير أعمق... المهم دعنا ننتقل إلى محطة تالية... جاء هو إلى هنا وبقي معك وقتا ً قصيرا ً، ماذا فعل حينها حدثك كما قلت عن وحدته ثم استعرض ثقافته أمامك ورحل، هنا نتساءل... لم َ فعل ذلك؟ بم كان يفكر حينها؟ قبل الانتقال إلى مرحلة أخرى دعني أسألك... ما الذي خلفه ذلك اللقاء فيك ناحية سعد؟ بمعنى كيف نظرت إلى سعد حينها؟



    - حسيت بألم من أجله.



    - والاستعراض الثقافي الذي قام فيه... ماذا أثار فيك؟



    - أعجبتني ثقافته ومعرفته.



    - جميل، الآن ننتقل إلى اللقاء الأخير... أما تساءلت عن السبب الذي يجعل سعد يفضي لك بكل هذا الكم من المشاعر؟



    - فكرت.



    - وطلعت بأيش؟



    - يمكن يشوف فيني شيء من أخوه بدر... يعني ممكن إني أذكره به.



    - لا... ليس هذا السبب... تسألني كيف جزمت بذلك؟ لأن هذا لا يفسر لم َ أخبرك عن الرواية الجماعية قبل حتى أن يلتقي بك.



    سحب والده ورقة دون عليها بعض الأفكار وأكمل:



    - دعنا الآن ننظر إلى خلاصة استعراضنا لعلاقتك بسعد، ونحدد التساؤلات التي تحتاج إلى أجوبة.



    - أولا ً لم َ دعاك بدون حتى أن يقرأ لك إلى مجموعته؟ ثانيا ً... لم َ أستعرض ثقافته أمامك ولم أخبرك بوحدته؟ وثالثا ً... لم خطا الخطوة الكبرى وأخبرك بمشاعره الداخلية وحبه الذي لم يخبر به حسب زعمه إلا أخوه الراحل... حصرنا أسألتنا... لنفتش الآن عن الأجوبة في دراسة جديدة وقراءة أخرى ولكن هذه المرة لشخصية سعد.



    - أولا ً... لنتعرف على سعد، من هو؟ هو شاب في العشرينات من عمره، قارئ ومطلع، كما أنه كاتب ذو أسلوب رشيق لا يمكن إنكار هذا، هذه القراءة وهذا الإطلاع، تفصل المرء عن مجتمعه مع الوقت، وتنمي لديه اهتمامات لا توجد لدى الإنسان العادي، هذه القراءة توسع الفجوة بسرعة وباستمرار بين المثقف والإنسان العادي، ولشاب في هذا السن وبمثل نفسية سعد، هذه الفجوة يردمها للأسف الغرور والعجب بالنفس، وهو عجب بالمناسبة لا يسلم منه إلا من رحم ربي، دعنا الآن نكمل الصورة سعد نشأ على نظرات الإعجاب من أبيه... أمه... أخوته... وخصوصا ً أخوه الذي توفي... والمصاب بداء العجب بالمناسبة يحتاج دوما ً إلى من يغذي هذا الطبع فيه وبشكل متواصل، يحتاج إلى من يمتدحه دوما ً، ويبحث عن نظرات الإعجاب لدى الجميع.



    - صاحبك مصاب بهذا الداء دون أن يدري، لنحاول الإجابة عن تساؤلاتنا من هذا المنطلق، السؤال الأول لم َ دعاك حتى بدون أن يقرأ لك؟ لأنك غذيت فيه ذلك الشعور برسالتك أتحب أن أعيد عليك كلماتك فيها؟ (كل ما يشغل فكري هو كيف أصوغ حروفي لك) و( مبدع أنت يا سيدي) و (لكم وددت أن أكون بطلا ً من أبطالك، أسير على هدي حروفك، وعندما انتهيت وقفت وتمنيت أن أعرفك، أن أحدثك، أن يسمح قلبك الذي صاغ حرفك بي كتلميذ لقلمك) هذه الرسالة لها فعل السحر في قلب امتلأ غرورا ً... وفي نفس معجبة... لقد وجد فيك سعد شيئا ً أفتقده منذ زمن.



    - ثانيا ً... لم أستعرض ثقافته أمامك؟ ببساطة حتى يجذب نظرك أكثر، حتى يزيد منسوب إعجابك به، لاحظ هنا أن هذا الاستعراض جاء بعد نقص ذلك المنسوب عندما تركك ورحل في المسينجر... بعدما أحس بانتقادك لطريقة تعامله المتعالية مع القراء.



    - ثالثا ً... لم عرض حكاية حبه لك بذلك الشكل وبالمناسبة أنا لا أكذبه في هذه الحكاية، الكل يا بني يمر بأحلام الطفولة والمراهقة، ثم يكبر فتصير ذكرى، ولكن لا يعقل لعقل مثل عقله وفكر مثل فكره، أن يظل معلقا ً بمثل هذا الحب، لا يمكن... صاحبك هنا كان يريد أن ينقل إليك شعور هو أنه رغم قوته وصراحته الظاهرية فهو يحمل قلبا ً محبا ً، يريد أن يشعرك بأن خلف ابتسامته ألم، يريد أن يزيد الهالة التي أحطتها به أنت منذ البداية وهجا ً، بمعنى أن يريدك أن تنظر له على أنه ذكي، قوي، وكذلك محب ورومانسي.



    - أرجو أن لا يمثل ما قلته لك الآن صدمة، أعلم أنك تفكر بأن هذا استغلال لمشاعرك من أجل رغبة مريضة، ولكن الأفضل هو أن تستفيد من هذا الدرس، أن تتعلم إعمال عقلك دوما ً وعدم قبول الأمور التي ترد إليك كما هي بلا تساؤل أو فهم، وأعلم أن صاحبك قد لا يشعر بعلته ولا يدري بها، تبقت الآن بعض التساؤلات التي مرت بذهني، واهتديت إلى تفسيرها بعد حين.



    - كان هناك تساؤل في ذهني عندما قلت لي أنه لم يعارض كثيرا ً الرواية الجماعية التي اتفقتم عليها، بدا لي هذا مخالف لشخصيته، فمثله لا يرضى أن يفرض عليه من هو أقل منه شيئا ً، ولكني اهتديت إلى التفسير عندما نظرت إلى قصتكم، أدركت حينها لم َ لم يعارض، أتدري لم َ؟ لأن القصة بكل بساطة هي قصته ولكن من وجه آخر، هي تنويع على روايته، ركز هنا... في قصتكم هناك علاقة حب... وهناك فتاة تحاول الوصول إلى شاب... ولكنها تفشل... سعد سيظل يدور حول هذه المواضيع... العلاقة التي تنتهي بفشل، المحب الذي يحاول الوصول إلى محبوب لا يدري به ويعجز... عقل سعد اللا واعي هو الذي قبل هذه القصة واستأنس بها.



    - سعد يا بني وجد فيك مريدا ً آخر يا بني بعد وفاة مريده الأول، هذا ما خلصت إليه من قراءتي للعلاقة بينكما ومن قراءتي لشخصيته، ورأيت أنت الآن كيف تناسبت الفكرة مع تساؤلاتنا وأجابت عليها جزئيا ً، ولكنها تظل نظرية تفتقد الدليل، هل تعلم كيف تأتي به؟



    - كيف؟



    - الشخصية التي هذه صفاتها تضيق بآراء الآخرين، نقدهم، اعتراضاتهم، لأنها ترى أنها فوق الجميع، حاول لمرة أن تعارضه وبقوة، أن تكون مصرا ً على رأيك وموقفك، أتعلم ما سيحدث حينها؟



    - ماذا؟



    - سينبذك... إن فعل فهذا إثبات لرأيي.



    - وإن لم يفعل؟



    - إن لم يفعل... فالفتى نادر المثال والوجود، ولا أظن أنك واجد صديق كما هو.



    * * * * * * * * *





  9. #144
    التسجيل
    03-07-2005
    المشاركات
    12

    مشاركة: بلا اتجاه

    السلام عليكم و رحمة الله وبركاااااااااته ..



    لرائعــ ة

    بلا اتـــجــ ه ـــا ...



    أقل ما يقال في حق الجزء رائع ممزوج بصدمه ..





    حمد ..

    لماذا لم يخبر والده بحقيقة سفره ؟

    أهو الخوف من الرفض ؟

    فهو ليس بطفل و السفر لن يكون بعيدا فهو في محيط الدوله

    و لو امتلك الشجاعه !!

    إذ هو الخوف الذي استعمره منذ الصغر في علاقته مع والده

    فمازال يرتع حتى بعد أن كبر

    أيمكن أن يكون ذاك العقاب مؤلما حد الأثر الذي لا يندمل ؟

    ليغلف رحلاته بغير الحقيقه ..



    اعتراف نفسي بحجم الخطأ الذي ارتكبه بعلاقته بمجروحه

    كان بارزا باخفاء تلك العلاقه ..

    مالذي جعله يدخل في دهاليز علاقة أشبه بالمسخ ؟؟!

    لا ملامح لها ..



    والد حمد ..

    اعجبت بشخصية والده حتى باسلوبه في حواره

    مع ابنه لم يغضب و يرفع صوته لعلمه بان ابنه لم يعد صغيرا فالصراخ

    و الضرب لا ينفع مع من هو في سنه

    يكفي تلك الكلمات البسيطه لتشعره بحجم الخطأ الذي ارتكبه ..

    اعجبني اهتمامه بكل ما يتعلق بابنه حين طلب الاطلاع على الروايه

    تفسيره لما يمر به سعد

    و تلك الهاله التي اسبغها على نفسه بحروف حمد نفسه ..

    التوضيح الذي ابداه عن شخصية سعد

    و الدلائل التي اثبت بها كلامه

    وضوح الصورة باكتمال امام حمد ..



    ترى

    ما رد الفعل لدى حمد ؟؟

    هل سيتغير سعد أمامه ؟؟

    هل سيكون لحروف والده الأثر الأكبر لمنحى خطر لتلك العلاقه التي جمعته بسعد ؟؟

    هل سيحاول مساعدة سعد و انتشاله من مرضه الذي لا علم له به ؟؟

    أم أن الأمر لن يعدو مجرد كونه بيان و توضيح لمرحلة من مراحل حياته ؟؟



    تحياتي

    فارسة القلم






    عندما تسكن الأخلاق أقلامنا
    و يسكت الحياء جنوننا
    حينها فقط نفخر بحروف كلمــــــــاتنا ...

    << أنا في كل يومٍ أودع راحلاً كريماً يحملُ قطعةً من نفسي , و حزمة من ذكرياتي ,وماالحياةإلامجموع الذكريات >>

  10. #145
    التسجيل
    29-04-2003
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    527

    مشاركة: بلا اتجاه

    سلامي لك أنا راحل...

    سلمت أناملك على كتاباتك الرائعة وأعتذر لك على التأخير وأنا أتابع من جديد
    في إنتظارك..
    رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا


    كن مع الله ولا تبالي

    لاإله إلا الله محمد رسول الله


    أنا على موعد مع الموت متى؟ وأين؟؟

    The Fury

  11. #146
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    فارسة القلم



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



    أهلا ً وسهلا ً بك هنا.



    حمد خشي الأسئلة... خشي تساؤلات والده ووالدته... ولكن كما رأينا كانت الأسئلة أشد.



    علاقة حمد بسعد... لها فصول قادمة... فصول تجلي تشابكاتها، ننتظر فقط ما تجد به الأيام.



    شكرا ً للزيارة الكريمة.



  12. #147
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه



    The Fury



    أهلا ً وسهلا ً بك أخي... شكرا ً لمرورك ولاهتمامك.



  13. #148
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    هل تنتظرون الفصل؟



    لا تفعلوا... لم أكتب منه حتى الآن سوى 4 صفحات... بكل الأسف أخبركم ذلك... فكما تنتظرون هذا اليوم، أنتظره أنا كثيرا ً... ولكن هذا الأسبوع افتقدت أشياء كثيرة لأكتب.



    افتقدت الوقت، المساحة، ربما الإلهام، وأشياء أخرى.



    يوم السبت إن شاء الله قد أكون هنا لأبدأ معكم الأسبوع... ربما الأحد.



    أتمنى أن تعذروني.



    ودمتم بخير جميعا ً.



  14. #149
    التسجيل
    29-04-2003
    الدولة
    Jordan
    المشاركات
    527

    مشاركة: بلا اتجاه

    لاتحاتي أخوي خذ كل الوقت اللي يلزمك

    وتأكد انا في إنتظارك
    سلام
    رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا


    كن مع الله ولا تبالي

    لاإله إلا الله محمد رسول الله


    أنا على موعد مع الموت متى؟ وأين؟؟

    The Fury

  15. #150
    التسجيل
    21-05-2005
    المشاركات
    100

    مشاركة: بلا اتجاه

    The Fury


    شكرا ً لك أخي ودمت بخير.

صفحة 10 من 13 الأولىالأولى ... 5678910111213 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •