تتفق معه أو تختلف.. لكن أبدا لا يمكن أن تختلف عليه
تؤيد موقفه أو تختلف مع رأيه.. لكن أبدا لا يمكن أن تشك في صدقه
النبلاء.. هو عنوانهم
الأوفياء.. هو صديقهم
المنافقون.. هو عدوهم
.......
منصات التتويج.. صعد إليها
قلوب الجماهير.. عاش فيها
أهات الإعجاب.. استولي عليها
.......
خطوات المجد بإصرار.. مشاها
عناوين الفشل بتحدي.. محاها
جدار القيم بعزيمة.. بناها
.......
القلعة الحمراء.. عشقها
في قلبه.. اسكنها
عمره كله.. وهبها
.......
شروط الاستسلام للألم.. رفضها
مفردات اليأس من القاموس.. حذفها
مشاعر الإحباط من الخدمة.. رفعها
.......
بأخلاق الفرسان.. عاش حياته
بعصا المايسترو.. قاد ناديه
بحروف عزة النفس.. كتب تاريخه
.......
صالح القيادة.. عرفناه
سليم الغرض.. عهدناه
الفارس النبيل.. افتقدناه
صلاح منتصر
لم يشاهد ملايين المصريين المعاصرين صالح سليم وهو يلعب, فقد ظهر صالح ولمع واشتهر وتغنت الجماهير باسمه قبل أن يظهر التليفزيون في مصر وتنقل عدساته مباريات الكرة وتوثق بالصورة وعلي مر السنين تاريخ كل لاعب.. بالنسبة لصالح فقد ظهر لأول مرة في الملاعب عام48 ولمع واشتهر في الخمسينات, وعندما اقترب نجمه كلاعب من الغروب جاء التليفزيون وظهرت عدساته في الملاعب ولذلك فإن المباريات القليلة التي ظهر فيها صالح في ذلك الوقت وصورت تليفزيونيا كانت اسوأ مبارياته وتظلمه في نظر الاجيال الجديدة.
ولم تعرف ملاعب الكرة المصرية لاعبا اختلف عليه الجمهور والنقاد مثل صالح سليم, ففي منتصف الستينات وكان قد تجاوز الخامسة والثلاثين بدا أن مستواه أصبح أقل كثيرا من مستوي المايسترو العظيم الذي كان يقود فريقه بلمسات ساحرة من قدميه واشارات حاسمة من يديه ونظرات مفزعة من عينيه لزملائه الذين يتكاسلون او يخطئون.. وبهذه القيادة حقق لناديه بطولة الدوري لعشر سنوات متتالية ولكن الجمهور اختلف علي صالح.. الاقلية تطالبه بالاعتزال, والاكثرية تري أن مجرد وجوده في الملعب حتي ولو لم يحرز هدفا يكفي.. وبسبب قوة شخصيته لم يجرؤ اداري أو مدرب في النادي الاهلي علي مطالبته بالاعتزال.. وفي اكتوبر65 كتب الناقد العظيم نجيب المستكاوي كلمة في الاهرام طالب فيها صالح سليم ان يعتزل من أجل ماضيه ومستقبل الاهلي. وذهبت وقتها الي صالح سليم واجريت معه حديثا احتل صفحة كاملة في الاهرام وكانت أول مرة في وقتها تخصص فيها مثل هذه المساحة للاعب. وقال لي صالح يومها ان بقاءه في الملعب مرتبط بحاجة النادي اليه, وان مصلحة النادي أهم من مصلحته الشخصية, ولهذا سيختار الوقت المناسب الذي يعتزل فيه ولا تتأثر مصلحة النادي وشعرت يومها باقتراب صالح سليم من النزول في محطة النهاية كلاعب وكتبت مقدمة للحديث قلت فيها: مع أطول رواية علي مسرح الكرة سوف يمضي ـ ربما ـ وقت طويل قبل ان يطفو فوق سطح الكرة المصرية لاعب يشد عواطف الجماهير ويحصل علي ماحصل عليه صالح سليم من حب وشعبية. ان اللاعب الذي يتغني باسمه جمهور النادي الاهلي أصبح اليوم اشبه بالعلم ترفعه طليعة الزاحفين أملا في التقدم وتأبي حتي في أوقات الانسحاب ان يسقط من يدها وهي التي فتحت عينها علي حبه ورؤيته..
وتوالت السنوات وانتقل صالح من موقع اللاعب الي موقع القائد والرئيس للنادي كله.. وبفضل مجرد وجوده وتأثيره سواء كان في مصر او خارجها استطاع رئاسة النادي20 سنة.. ومات صالح كما يموت كل البشر, ولكنه بقي العلم.
المستشار: محمد أبو علم
أعرف صالح سليم لأكثر من ستين عاما.. كلانا ابن من أبناء المدرسة العظيمة السعيدية.. كنت أسبقه طبعا لكننا كنا نلتقي في حفلات الخريجين.. كان نجمه قد بدأ يسطع منذ الصغر فتي ذكيا وفنانا ماهرا، ثم التقينا في النادي الأهلي حيث لعب في الفريق الأول عام 1950 وأنا أصبحت عضوا بمجلس إدارة النادي سنة .1952
كان الود متصلا وكنت أناديه دائما 'بالغزال'.. وكان يسعده هذا النداء.. شكوت له يوما إحدي الشخصيات الجشعة فقال لا عليك أنا أعرفها منذ زمان؟؟!! ثم قام أحد أطباء العيون بإجراء جراحة لي وله.. وبوظ الرجل عينينا فاتحدت شكوانا وكدنا نصير بعين واحدة لولا انه تدارك الأمر في لندن وأنا لحقت نفسي في 'اتوا' عاصمة كندا لتبقي عينانا تري علي قدر المستطاع..
وأستأذنكم في وقفة شكر لكل من صديقي العزيز فاروق سيف النصر وزير العدل والدكتور المحترم عاطف صدقي رئيس مجلس الوزراء وقتذاك..
ثم كنت أري صالح تقريبا كل يوم يذهب بكلبه إلي النادي ليفسحه فيلتف الأعضاء والعمال بالغزال.. وتلتف كلاب النادي حول كلبه الوحش الجميل.
ثم علم يوما ان كلبتي أنجبت عشرة صغار فطلب اثنين منها فخشيت من فلسفة وجهل وسوء نية بعض زملائه الذين يحبونه نفاقا فاشترطت عليه ألا يحضر إلا ومعه طبيب بيطري ليري بنفسه انها كلاب 'وولف' صحيح من نوع البلاك جاكت الألماني.. فحضر ومعه الدكتور المنوفي صديقه وهو طبيب بيطري وعاين الكلاب وفحصها ووافق عليها ولكنه طلب ان تبقي تحت رعاية أمها لمدة شهر ونصف.. ثم حددنا موعدا لاستلامها فحضر صالح ومعه الدكتور في الموعد بالضبط دون ان أذكره به..
في هذه الأثناء كان قد غضب علي الكابتن أحمد شوبير لمجرد انه احتج علي خطأ زملائه المدافعين أمامه حتي كاد الخصم ان يحرز هدفا وكانت كل جريمة شوبير انه جعل يخبط الأرض بعصبية خوفا من الهزيمة ومع ان خطأ زملائه لم يترتب عليه أي هدف ولكنه احساس شوبير الشديد بالمسئولية.. المسئولية عن النادي الأهلي الكبير.
أقول انه في هذه الآونة حضر المغفور له صالح ليأخذ الكلبين.. فدعوته علي فنجان قهوة وكان لابد ان نتكلم عن قضية شوبير وان ظلما سوف يقع عليه..
هنا قلت له: ياكابتن بعد اذنك هل تذكر ما صدر منك وأنت تلعب إحدي المباريات ومعك المدافع ميمي عبدالحميد الذي أخطأ خطأ يسيرا فانهلت عليه بالضرب في الملعب وهو لاعب مثلك.. أيهما أشد؟.. ما فعلته أنت أم ضرب شوبير الأرض بيديه؟؟
فرد قائلا بسماحة وبسرعة.. أنا آسف سوف أنهي هذا الموضوع فورا..
وفي الصباح وجدنا الصحف تقول نقلا عن شوبير ان أحد أعضاء النادي تدخل لفض النزاع وصافي يالبن!!
هكذا كان المرحوم صالح عنيفا قوي الشخصية مهابا ومحترما ولكنه في الوقت ذاته كان صافي القلب ودودا.. تعرفه وتراه وهو يروض كلبه وحوله عمال نادي الجزيرة يحلل معهم نتائج الأهلي وغيره من الأندية فتشعر انه رجل أصيل متواضع محبوب.
علي مدي اثنين وستين سنة لم يدخل جيبه مليم واحد من النادي الأهلي بل كان هو الذي يدفع من جيبه وكان المرحوم والده يدفع كذلك.
وقتها كان هناك لاعب ظريف يدعي وفاة حماته كل شهرين ثلاثة فنسأله فيقول كانت حماتي بالحلال.. ولكن الدكتور سليم كان إذا سمعه يعطيه من جيبه أكثر مما يعطيه مجلس الإدارة!!!
هذا اللاعب العظيم لازال حيا شفاه الله وكان هو وصالح دعامتين من دعائم النصر في النادي الأهلي قل ان تجود الملاعب بمثلهما..
الكاتب : حامد عز الدين
كان ذلك منذ نحو 18 سنه أو يزيد لما رتب لي الكابتن عبد المجيد نعمان أستاذ الأخلاق الصحفية الراحل موعدا لأجراء حوار صحفي مع المايسترو الخالد صالح سليم .. في اليوم السابق على الحوار أجرى الكابتن نعمان محادثة هاتفيه فهمت منها أن المايسترو يسأل عن هذا الصحفي الذي سيجري معه الحوار.. أفاض الكابتن نعمان في الحديث مؤكدا للمايسترو أن الصحفي المقصود مصدر ثقة .. في صبيحة اليوم التالي ذهبت متأخرا قليلا عن الموعد الذي كان في العاشرة صباحا بربع الساعة .
.. كان المكان في المكتب الخاص للمايسترو الذي عرفت انه وصل إليه قبل الموعد بنصف ساعة .. دخلت إليه ولم أكن قبلها قد فعلت .. لم أكن قد جهزت شيئا للحوار بالمرة لكنني كنت مرتبكا ببعض الشيء.. طلب لي شيئا ثم نظر تجاهي يشجعني على بدء الحوار .. وجدتني أقول له : صالح سليم أنت رجل مغرور هذا الاتهام يحاصرك دوما وأنت لا ترد عليه .. ما تعليقك ؟ .. اعتدل في جلسته وتهللت أساريره بوضوح وقال : أذن فقد صدق نعمان وسيكون الكلام مفيدا .. هات ما عندك من مبررات الاتهام .. قلت : أنت لا تلقي بالسلام على الجالسين في مدخل النادي الاجتماعي عندما تدخل كل مساء وقد رأيت ذلك بنفسي رغم أنهم من قدامى الأعضاء في النادي .. أنت ترفض إجراء الأحاديث الصحفية بل ووصل الأمر بك إلى أنك رفضت حتى الإدلاء بتصريح صحفي لدى وصولك ذات مرة من الخارج وقلت للصحفي الذي سألك هل تعرف إلى من تتحدث .. أنت أحرجت مذيعا تليفزيونيا ذات يوم على الهواء مباشرة ورفضت الرد على أسئلته ولم تعره اهتماما .. اعتقدت بما قلت أنني وضعت صالح سليم في حرج لكني لاحظت عليه هدوءا غريبا وابتسامة لم تفارقه .. وبدأ المايسترو يرد وهو يركز على كلماته : كل الوقائع التي ذكرتها صحيحة تماما لكن المصيبة هي أنها ناقصة .. فأنا لا ألقي بالتحية لدى دخولي إلى النادي في المساء لسبب بسيط وهو ما أرجو منك أن لا تذكره فالسبب هو أن الإضاءة في بوابة النادي ساطعة مقارنة بالا ناره الداخلية ولأنني أجريت اكثر من جراحة في عيني فإنني لا أتتبين بوضوح ما إذا كان هناك أحد يجلس هناك وأخشى أن ألقي بالسلام ولا يكون هناك أحد فيقول الناس عني إني أعمى لا يرى فأفضل الدخول بسرعة وفي صمت ولو سمحت لا تنشر هذا السؤال ولا رده لأنني لا أحب نظرة الشفقة في عيون الناس .. وبالنسبة لواقعة رفضي الإدلاء بتصريح لصحفي قابلني في مطار القاهرة فان السبب وراءها هو أنني لا أحب الحديث في الفاضي والمليان كما أنني لا أحب الخوض في ما لاعلاقة لي به والصحفي الشاب كان يطلب مني التعليق على تغيير وزاري فسألته : هل تعرفني جيدا إنني مجرد رئيس ناد رياضي يمكن أن أعلق على أمر في هذا الشأن لكن لا يمكنني أن أتخطى حدودي في ما لا أفهم .. والواقعة الثالثة هي أن المذيع التليفزيوني جاءني بمجرد وصولي إلى ملعب الكرة الطائرة لمتابعة مباراة للأهلي أمام الزمالك وكانت منقولة على الهواء يطلب مني الموافقة على الحديث معه عن ما سأقدمه للنادي الأهلي وذلك كان بعد يوم واحد فقط من نجاحي في الانتخابات على الرئاسة فشكرته جدا وطلبت منه إرجاء هذا الموضوع لأنه لم يكن لدي أي شئ جديد أولا وثانيا لأن المجلس الجديد الذي أرأسه لم يكن قد عقد اجتماعا واحدا وقتذاك وبالتالي فأنا لا أعرف شيئا أقوله ويبدو أن المذيع لم يصدق كلامي وفوجئت به يعود إلى حاملا ميكروفونه ويقول لي نحن على الهواء ونريد سبقا تليفزيونيا فنظرت إليه وقلت له أنه ليس لدي ما أقوله فإذا به يكرر السؤال في محاولة لإحراجي فصممت على موقفي .. وتواصل الحوار وبعد نشره فوجئت بالمايسترو يتصل بي ويشكر لي أمانتي في نقل ما قال وسعادته بالحوار .. وعلى ما أتذكر فقد أجريت مع المايسترو بعدها أكثر من ستة حوارات عرفته من خلالها جيدا .. أما أعجبها فكان حوارا من نوع خاص لا يمكن أن أنساه مطلقا .. كنت وقتها في منحة دراسية في باريس ولم يكن المايسترو رئيسا للنادي الأهلي في الدورة التي رفض خوض الانتخابات فيها ونزلت في إجازة قصيرة وذهبت إلى النادي الأهلي وجلست إليه في أمسية صيفية وسط مجموعة كبيرة جدا من محبيه وبعد فترة سألني وما أخبار باريس وأين تسكن ولماذا لا تعطيني رقم هاتفك هناك فقد أزورك إذا سمحت الظروف .. أعطيته رقم الهاتف وأنا لا أظن مطلقا أن المايسترو يمكن أن يفعلها .. وبعد نحو الشهرين فوجئت صباح أحد أيام السبت بجرس التليفون يرن رفعت السماعة أسأل عن المتحدث وأذا بي أسمع صوت صالح سليم .. ظننت في البداية أن أحد الأصدقاء يداعبني لمعرفته بمدى حبي لصالح سليم ولكن المايسترو أكد لي أنه صالح سليم فعلا .. " حمدا لله على سلامتك يا مايسترو .. قل لي أين أنت حتى أحضر إليك على وجه السرعة .. رد علي بأنه فقط يريد التأكد من العنوان .. قلت : لا يمكن يا مايسترو .. فحسم النقاش .. فقلت له : إذن سأنتظرك أمام باب البيت .. كانت الشقة الصغيرة جدا التي أسكنها متواضعة ولا يليق بي أن أستقبله فيها لذلك فقد سارعت بالاستعداد للنزول .. لكن بعد نصف ساعة فقط وجدت طرقا على الباب فتحت لأجد صالح سليم أمامي .. المكان غير مرتب والمفاجأة أربكتني وعقدت لساني .. " ألن تسمح لي بالدخول " .. قالها المايسترو وهو يهم بإزاحتي وبدأ وبسرعة يبدي إعجابه بالمكان ويقول أن الكبار فقط هم الذين يملكون مثله في باريس ,انه منذ سنوات طويلة كان يسكن في نفس الشارع في عرفة واحدة يشاركه فيها اثنان من أصدقائه .. ولاحظ استمرار ارتباكي فقال ألن تصنع لنا بعض القهوة ؟؟ .. قلت : يمكننا تناولها في مقهى جميل قريب .. قال : لا أنا أريد أن نتناولها هنا فقد لمحت موقدا صغيرا جميلا وماكينة صنع القهوة .. أنساني المايسترو أنني أتعامل مع المايسترو ونزلنا بعدها في جولة طويلة جدا في شوارع العاصمة الفرنسية حتى المساء . . وبعد انتهاء الجولة أخذنا سيارة أجرة وطلبت من المايسترو أن أوصله أولا فرفض في البداية ووافق بعد إلحاحي .. ولأنه كان ينزل في حي من الأحياء الراقية جدا فانه اختار مكانا بعيدا وقال لي انه يسكن قريبا منه وأنه يفضل أن يتمشى قليلا ولم أعرف سوى بعدها بيومين أين كان المايسترو ينزل لكنه كان حريصا على أن لا يجعلني أشعر بأي إحراج لو عرفت أين ينزل هو !!! وقد نشرت تفاصيل هذا الحوار بالصور بعدها في محبو بتي مجلة " الأهلي " .. الذكريات تتقاطر أمام عيني .. أتذكر انتخابات العام 1992 وكنت وقتها كذلك أعمل في دولة قطر وقررت النزول ومعي أسرتي للمشاركة في الانتخابات .. وفيما كنت في الطائرة لفت نظري غلاف مجلة " الأهرام الرياضي " وكان عبارة عن جملة واحدة جعلت أصابتني بالفزع .. " يسقط صالح سليم " .. أمسكت المجلة بسرعة لأعرف أسباب ذلك الغلاف الغريب .. وقرأت واحدا من أجمل الموضوعات الصحفية عن صالح سليم بدا كاتبه الدكتور ياسر أيوب وكأنه شارب صالح سليم شربا .. لم أكن أعرف الدكتور ياسر وقتها .. لكنني أعجبت به أيما إعجاب فقد قال عن المايسترو كل شئ في أسلوب صحفي أخاذ .. في المساء كنت مع المايسترو وكان السؤال الأول الذي وجهته إليه عن الدكتور ياسر أيوب وأنني أتمنى أن أتعرف عليه في أسرع وقت .. وكم كان رد المايسترو مفاجئا : لو رأيته اشكره على ما كتب فأنا لم ألتق به قط .. لكنه يعرف عنك يا مايسترو كل شئ .. قال : أنا لا أدري فعلا من أين جاء بما جاء به من معلومات لكن أشكره نيابة عني .. ورحت أبحث عن الدكتور ياسر حتى عثرت عليه بأدبه الجم وهدوئه وهنأته على المقال الرائع جدا وعبرت عن دهشتي من أنه لم يلتق المايسترو من قبل وأخذته من يده ودخلت به وسط جموع حاشده من أعضاء الأهلي كانت تحيط بالمايسترو وقدمته إليه .. وكنا وقتها في الليلة السابقة على الانتخابات .. وكانت سعادتي كبيرة بالدكتور ياسر الذي عرفت أنه سأل العشرات وقرا الكثير وتابع المايسترو من بعيد حتى كتب ذلك الموضوع الرائع ولم يسع مطلقا حتى للجلوس إليه ليسمع منه شيئا قبل الكتابة .. وكم كبر في عيني .. تذكرت ذلك وغيره كثير من المواقف ورأيت أن أكتبها في هذا العدد الخاص عن المايسترو الخالد حتى أقدم للذين لم يعرفوا صالح سليم وبصورة عملية بعضا من جوانب هذه الشخصية الفريدة في سماتها .. التي جعلتني ذات يوم أقول له : يا مايسترو أنت متطرف في النموذجية في زمن لا يصلح فيه هذا التطرف .. أن ما عندي كثير كثير لكني أعلم أنه قليل مقارنة بما لدى الكثيرين الذين عايشوا المايسترو عن قرب .. بل لعلي لا أبالغ مطلقا عندما أقول انهم محظوظون جدا هؤلاء الذين عاشوا عصر صالح سليم الذي كان فعلا وبدون أدنى مبالغة هو " الصالح السليم " على حد وصف الراحل الغالي الكابتن عبد المجيد نعمان .. رحمهما الله وجعل الجنة مثواهما
صالح سليم.. عصرا تاريخيا للأهلي
كتب ـ عزالدين الكلاوي
بغياب صالح سليم الذي فاضت روحه إلي بارئها أمس الأول يكون قد انتهي عصر من تميز الادارة الرياضية التاريخية للنادي الاهلي حيث قاده عبر مايقرب من20 عاما إلي انتصارات وانجازات قلما تتكرر لناد واحد في مثل هذا الوقت.
وشارك صالح سليم وقاد ناديه كلاعب اداري ورئيس للحصول علي52 بطولة متنوعة دوري وكأس وبطولات عربية وافريقية وسوبر وكانت قمة الانجاز في العام الماضي باحراز بطولتي افريقيا للاندية الابطال وكأس السوبر الافريقية واخيرا, الحصول علي لقب نادي القرن في القارة السمراء.
وليست القيمة الحقيقة لصالح سليم فقط هي هذه البطولات, وانما في صناعة البنيان الكبير والقاعدة الضخمة التي انطلقت منها هذه البطولات وكل ذلك تم ارساؤه علي مباديء وقيم تربوية واخلاقية ورياضية فريدة لاتعرف المبدأ الميكيافيلي الغاية تبرر الوسيلة ولاتتنازل عن المبدأ مقابل النجومية واحراز البطولة ولاتعرف إحناء هامة النادي العملاق من اجل ترضية لاعب او الاحتفاظ بولائه في ظل عصر تنعدم فيه أو تكاد قيم الاخلاص والولاء لغير المادة..
كان صالح سليم يعيش بالاهلي عصرا من الماضي الجميل العامر بالقيم والمباديء وكان حزمه وقوة شخصيته ومواقفه الحاسمة حصنا للاهلي من الامراض التي اصابت الرياضة المصرية في العقدين الاخيرين, وجعلت قلعة الاهلي واحدة من أهم قلاع الرياضة والمباديء الرياضية في مصر والوطن العربي وافريقيا بل والعالم أجمع.
ولأنه بشر غير معصوم فقد كان لصالح سليم اخطاؤه وهفواته, ولكنها ابدا لم تمس ناديه ولم تكن علي حسابه انتقاصا من قدره, ولهذا كله فان صالح سليم كان مدرسة في الادارة الرياضية يستحق ان تتم دراسة معالمها بعناية والخروج بنظم وقواعد وحقائق نحن أشد مانكون احتياجا لها دعما للبنية الرياضية المصرية والادارة الرياضية التي تحتاج جهدا كبيرا لاصلاحها
حسن المستكاوي
الكابتن صالح !
هو إنسان محترم.. هذا هو صالح سليم باختصار, ودعكم من اللاعب, والنجم, والإداري, والشجاعة, والجرأة, وعدم النفاق, والصراحة, والوضوح, فقد كان محترما لأنه يملك كل هذا, وأكثر منه, فعنده الشخصية القوية, والكاريزما التي لا تشتري, ولا تصنع خصيصا لأحد, مهما يحاول.
صالح سليم الذي عرفته لاعبا في الستينيات, وعرفته أكثر مع نهاية السبعينيات كان متواضعا, بسيطا, وجادا, وصارما أيضا, لكن في الحق, سواء حقه, أو حق النادي الأهلي, وهو لا يجامل في ذلك, ولا يعرف الحل الوسط, أو كلمات من نوع: كبر دماغك.. ومشي حالك, وسط مجتمع يري في ذلك منهج حياة, كان صالح سليم يبدو في بعض الأحيان ديكتاتورا لأنه لا يتنازل عما يراه الصواب, لاسيما عند هؤلاء الذين يعشقون الإمساك بالعصا من الوسط!
وكان الكابتن صالح سليم خفيف الظل فبعد فوزه برئاسة الأهلي عام1992 قابله الفنان عادل إمام, وقال له مداعبا: مبروك يا فنان, فرد عليه صالح سليم مداعبا أيضا: أهلا كابتن مصر!
كان أيضا بتكوينه تجسيدا للكبرياء, فسألته مرة: لماذا لا تحضر مباريات الأهلي؟
فأجاب قائلا: لسببين: أولهما أن أي وزير يدخل حتي باب المقصورة بسيارته, بينما يمنع رئيس الأهلي, وهذا لا أقبله, وثانيهما أنني مصاب في عيني, ولا أستطيع رؤية اللاعبين في الملعب, فهل أجلس وبجواري من يلقنني الأسماء؟!
لا حول ولا قوة إلا بالله.. الموت هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الحياة.
هل رحل الكابتن صالح سليم, وقد كان دائما موجودا, وجزءا من النادي الأهلي, هل رحل حقا أم أنه سافر إلي مكان ما.. إلي دار اليقين؟
أحمد بهجت
صالح سليم
تسفر معادن الناس عن حقيقتها حين تقترب من الموت, وكثيرا ما يحس الناس بالهلع والرعب حين يعرفون من تشخيص المرض أن ستار النهاية يوشك أن ينسدل علي الحياة.
وقليل من الناس من يواجه الموقف بشجاعة وإيمان, وقد كان صالح سليم واحدا من هذه القلة..
وقد واجه مرضه الخبيث بقلب شجاع, ومضي يعمل حتي ليمكن القول إنه مات وغبار الطريق علي قدميه.
عرف الناس صالح سليم في مجال من أحب المجالات إليهم, وهو مجال كرة القدم.
في البدايات الأولي كانت الكرة الشراب تكفي لممارسة الهواية في الشارع أو الحارة.. وفي مدرسة السعيدية الثانوية اكتشفوا مواهبه في لعب الكرة, وفي الخمسينيات والستينيات صار من ألمع نجوم الكرة.
وعلي مدي60 عاما ارتبط اسمه بالنادي الأهلي.. في البداية كان لاعبا للكرة, ثم صار مديرا لها بعد اعتزاله اللعب.. ثم أصبح عضوا في مجلس إدارة النادي.. ثم صار رئيسا للنادي.
* كلاعب للكرة كان فنانا وصانع ألعاب كما يقولون.. وكانوا يسمونه ساحر الملاعب, وكانوا يسمونه المايسترو.. فهو لا يكاد ينزل إلي الملعب حتي يتغير اللعب ويشتعل الجمهور بهذا الحماس الذي لا تعرفه غير رياضة كرة القدم.
* كمدير كان رقيقا, حيث تجب الرقة, وحازما حيث ينبغي الحزم, وكان كما نقول في كلماتنا العامية حقانيا وعادلا.. يعرف الحق وما ينبغي له من مشقة العمل.
* كإنسان كان نموذجا للإنسانية والدماثة والتواضع والأخلاق العالية.
* كفنان اشترك في ثلاثة أفلام لعب في أحدها دورا صغيرا, ولعب دور البطولة في الفيلمين الأخرين.. ولم يكن له حظ في هذه الأفلام, ولم يكن يحب أن يراها حين يعاود التليفزيون إذاعتها بعد ذلك.
دخل النادي الأهلي وعمره14 سنة.. وارتبط مصيره بمصير النادي, كما ارتبط مصير النادي به أيضا.
بسبب فضائله في عالم الرياضة والإدارة والفن.. تحول صالح سليم إلي رمز, بعد أن كان نجما.. وها هو النجم ينطفيء وإن كان الرمز قادرا علي الإشعاع.. رحم الله صالح سليم إبراهيــم حجــازي
عشرات الآلاف الذين خرجوا لوداع الكابتن صالح سليم, تركوا لنا رسالة ليست جديدة لكنها فقط منسية.. تقول:
حب الشعب.. هو أعظم منحة لمخلوق من الخالق, وهو التكريم الأعظم للإنسان في حياته وبعد مماته.
الشخصيات العظيمة هي التي تصنع الأحداث.. وصعب أن تتحول يوما إلي ردود أفعال لأحداث.
ليس كل من لعب كرة قدم نجما, وكل نجم ليس بالضرورة محترما.. لكن المؤكد أن أي نجم لن يكون صالح سليم.
مثاليات وقيم ومبادئ ومواقف وانتماء ورجولة وصلابة وكبرياء وشموخ صالح سليم.. هي التي صنعت نجوميته وحفرت في قلوب الناس حبه
http://www.el-ahly.com/saleh.htm