الرسم بالنكهة الكورية
يمثل الرسم الكوري نوعا من الانجاز الثقافي ومطابقا للابداع الخلاق والاحساس الجمالي لدى الشعب الكوري.
وقد تطور الرسم الكروي بشكل مطرد وبانتظام خلال تاريخه الطويل ومنذ فترة الممالك الثلاث (57 قبل الميلاد- 668 ميلاديا) حتى العصور الحديثة.
ومن أشهر الرسومات الموجودة من عصر الممالك الثلاث تلك الموجودة على جدران مجرات الدفن الاربع وسقوفها، حيث كانت رسومات مملكة كوكوريو، تتميز بالحركة والنشاط في حين كانت رسومات شيلا تتميز بنوع من التأمل والهدوء. وقد تطور فن شير بعد فترة الممالك الثلاث الموحدة في القرن السابع الميلادي.
وفي خلال فترة حكم مملكة كوريو(918-1392) أزدهرت الرسومات بأنواعها المختلفة، وتحمل في طياتها التقاليد الفنية لدولة شيلا الموحدة التي كانت علامة للعصر الذهبي لفن الرسم. وقد أبدع فنانو هذه الحقبة برسومات على جدارن المعابد وبرسومات بوذا، مؤرخين بذلك البوذية الكورية وازدهارها.
وفي أثناء الفترة الأولى من حكم مملكة تشوسون (1392-1910)، هناك اعتقاد سائد بأن النبلاء لا يمارسون أنشطة الرسم. فقد كانوا يمارسون الرسم كنوع من التسلية والاستمتاع بوقت الفراغ في حين أبدع الرسامون الحكوميون بالاعمال الفنية.
وغالبا ما كانت رسومات المحترفين تركز على الطبيعة حيث كانت هذه الرسومات المفضلة لدى الطبقات النبيلة. وفي القرن الثامن عشر، بدأت رسومات الرسامين تعكس الحياة اليومية للشعب الكوري وذلك بسبب تأثير حركات الدراسات العملية، والتي تبعت ظهور التشير الكاثوليكي وما قدمته أوربا من علوم وتكنولوجية الى كوريا والكوريين. وقد شكلت الرسومات التي تعبر عن الافكار الدنيوية مؤشرا جديدا في الفن الكوري عرف باسم " المفهوم الجديد للرسم ".
وكانت رسومات كيم هونغ - دو تقدم ملامح عن حياة الفلاحين والرسامين والطبقة العليا والراهبان. وتميزت هذه الرسومات بتجانسها من خلال تقديم صورة عن الحياة الكورية التقليدية. أما لوحات الفنانين المجهولين فكانت اقل اتقانا من رسومات الرسامين الكونفوشيوسين.المختصين وقد تعاملت هذه الرسومات مع حياة العامة من الكوريين وأمالهم وأحلامهم وتميزت هذه الرسومات بالالوان الصارخة وقلة القيود والتعقيدات.
ومع بداية الاحتلال الياباني لكوريا في عام 1910، ساد أسلوب الرسم الزيتي الغربي وبدأ يلقى بظلاله على أساليب الرسم الكورية. وسرعان ما أصبح الأسلوب المفضل للرسم. وبعد تحرر كوريا من وطأة الاستعمار الياباني في عام 1945 قام عدد من الرسامين الكوريين باحياء فنون الرسم الكوري التقليدي. فقد درس عدد كبير من الرسامين الكوريين هذا الفن في أوربا والولايات المتحدة ثم عادوا الى أوطانهم، ولعبوا دورا هاما في ادخال اتجاهات وأساليب الفن المعاصر الجديدة الى كوريا.
ومنذ بداية الخمسينات أدت المعاهد التعليمية الحكومية والمعارض والمتاحف القومية دورا مهماً في تطوير فن الرسم الكوري. وتميزت المعارض القومية بغلبة الطابع الرسمي والاكاديمي عليها وبذلك كانت تميل الى عرض لوحات المدرسة الواقعية.
واستأنف صغار الفنانين الكوريين ابداعاتهم الفنية من أجل خلق فن جديد يتلائم مع العصر الجديد. ومنذ أواخر الستينات، بدأت الرسومات الكورية تغير اتجاهاتها الى الاتجاه الهندسي والنزعات البصرية. وركزت مجموعة أخرى من الفنانين على نقل توحد الانسان مع الطبيعة.
وكانت رسومات الثمانينات هي انعكاسا لمرحلة المدنية التي مرت بها كوريا في السبعينات، فخلال هذه التغييرات الاجتماعية التي مرت بها كوريا. ومنذ ذلك الوقت، بدأ الاهتمام بمرحلة المدنية وما بعدها.
وفي عام 1995، اقيم بينالي كونغ - جو في مدينة كوانغ-جو، مما وفر فرصة كبيرة للفنانين الكوريين للاجتماع في مكان واحد مع أكبر فناني العالم. وكان من أكثر المعارض الفنية جاذبية معرض فنان الفيديو بيك نام- جون.
ويتم تدريس فن الرسم الكوري التقليدي وفن الرسم الغربي في كوريا. مما يساعد على إفراز واحد من المجتمعات الفنية المتعددة الجوانب في العالم. ويوجد العديد من الفنانين الكوريين، الذين يعملون في المراكز الفنية في ينويورك وباريس وغيرها من مراكز الفن المعاصر في العالم.